عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. وسيم السيسي: نعيش زمن الغيبوبة.. والمفكرون مفككون ومشردون

د. وسيم السيسي
د. وسيم السيسي

جمع بين عشقين وعلمين هما: مصر والطب. هو أستاذ مسالك بولية له عدة كتب متخصصة في الطب، وهو كذلك مؤرخ وغواص ماهر في تاريخ وحضارة الفراعنة. هو يذكرنا بابن حزم الذي جمع بين علوم الدين في مؤلفاته الفقهية، وعلوم الدنيا في كتابه «طوق الحمامة» الذي خصصه لفنون الحب.

هذا الحوار مع المفكر الدكتور وسيم السيسي عاشق مصر وعاشق الطب، الذي بلغ في عشقهما حد الوله..

بطاقة شخصية
< أستاذ="" جراحات="" المسالك="">
< حاصل="" علي="" شهادة="" (f.r.c.s)="" من="">
< زميل="" كلية="" الجراحين="" الملكية="">
< حاصل="" علي="" شهادة="" (f.r.c.s)="" من="" الولايات="" المتحدة="">
< زميل="" كلية="" الجراحين="">
< عضو="" في="" الجمعية="" الأمريكية="" لدراسة="" الظواهر="">
< حاصل="" علي="" براءة="" اختراع="" علي="" جهاز="" خاص="" بالمسالك="">
< له="" عملية="" جراحية="" باسمه="" في="" جراحة="">
< أختير="" في="" موسوعة="" (who="" is="" who)="" لإنجازاته="" العلمية="">
< له="" العديد="" من="" المؤلفات="" منها:="" «نظرية="" طبية="" فاحصة="" في="" الحب="" والجنس»،="" «مصر="" التي="" لا="">
< باحث="" في="" علم="">
< أختير="" عام="" 2007="" ضمن="" أفضل="" الشخصيات="" علي="" مستوي="">


< غياب="" الأمن="" الآن="" هو="" ملمح="" أساسي="" للدولة="" المصرية="" ..="" كيف="" تعامل="" الفراعنة="" مع="">
- القانون المصرى كان فى عصر الفراعنة مثالياً فى قواعده، عادلاً فى أحكامه، عالمياً فى مراميه، نقياً فى مبادئه، صافياً فى مواده، بنى على العدل والأخلاق وشتى الفضائل، فكان علامة فارقة فى الحضارة الإنسانية، كما كان دهشة للمؤرخين قاطبة لعظمة هذا القانون وسبقه الحضارى، كان يصاغ فى محكمة العدل المسماة دار حوريس الكبرى، فى عبارات واضحة سليمة ومختصرة، فى صيغة بلاغية وفى منتهى الإتقان! وهذه العبارات منقولة عن د. محمود السقا، ود. محمد أبوسليمة أستاذ القانون بجامعة القاهرة من كتابهما «فلسفة وتاريخ القانون المصرى»، ووجد العلماء نقشاً علي باب قبر الوزير «آمينى» فى بنى حسن مدون عليه: لا توجد أرملة ظلمتها، ولا فلاح طردته، كما لا يوجد بائس أو جائع فى زمنى، لم أرفع العظيم فوق الحقير، وفى السنين المجدبة كنت أقدم الطعام، ولا آخذ الضرائب.
< وماذا="" عن="" العدالة="" الاجتماعية="" التى="" نفتقدها="">
- مصر هي صاحبة أقدم جهاد فى سبيل العدالة الاجتماعية وتوجد حكاية عن أمنمحات الأول «الأسرة 12».. وهو يخاطب كبير الوزراء قائلاً: أعلم أن الوزارة ليست حلوة المذاق ولكن مُرّة! وليس الغرض من الوزارة أن تتخذ من الشعب عبيداً.. بل عامل من تعرفه معاملة من لا تعرفه، والمقرب منك كالبعيد عنك، وأعلم أن احترام الناس لك يأتى من إقامتك للعدل، كما أن التحيز والتمييز يعد تخطياً للعدالة، وطغياناً على الإله!
وإذا عدنا إلى متون الأهرام نجد مكتوبا عليها : لقد خلقت الرياح الأربع ليتنفس بها الإنسان مثل أخيه، ولقد خلقت المياه العظيمة ليستعملها الفقير مثل الغنى، لقد خلقت كل إنسان مثل أخيه، وحرمت عليهم الظلم، ولكن قلوبهم هى التى خالفت وصاياك.
يضاف إلي حكاية الفلاح الفصيح «خون إنبو» مع محافظ وادى النطرون «رئيس بن ميرو»، واللص الكبير وهو موظف عام اسمه «تحوتى ناخت»، وكان ذلك فى عهد الملك «نب كاو رع»، ويشكو الفلاح الفصيح هذا اللص لمحافظ الإقليم فى كلمات بلاغية جميلة، فيعرض الخطاب على الملك، ويأمر الملك بعدم رد المسروقات الآن حتى يكتب لهما أكثر، فكتب 9 رسائل أقتطف منها: لأنك والد اليتيم، وستر من لا أم له، دعنى أضع اسمك فوق كل قانون عادل، إن الحاكم كالميزان، لسانه هو المؤشر العمودي، وقلبه هو المثقال، وشفتاه هما الذراعان.
وجاء أيضاً في سطور إحدي الشكاوي: يجب أن تكون مثلاً أعلى للناس، ولكن المحيط بك كله فاسد، لقد عينك الملك حتى تطارد اللصوص فأصبحت ملاذاً لهم! أقم العدل لرب العدل، تكلم الحق وافعل الحق لأن الإله هو الحق وهو عظيم وقوى ودائم. احذر اقتراب الأبدية.. سأذهب وأشكوك لأنوبيس! حينئذ استدعاه المحافظ ورد له أمواله.. وأبلغه بالقبض على السارق.
< هل="" هناك="" مثال="" ليتضح="">
- كانت مصر هى أول من وضعت مقولة: العدل أساس الملك.. وأن الفرعون يحيا بأعماله العادلة، وكان الملك يقدم تمثالاً لربة العدالة «ماعت» كل سنة، تذكيراً له بأن العدل هو أساس الحكم.. كما كان كل قاض يضع حول عنقه تمثالاً لربة العدالة «ماعت»، وهذه رسالة من أحد ملوك الأسرة ١٢ لأحد وزرائه: «حافظ على القانون واحرص على أن يتم كل شىء طبقاً للقانون، حتى يصل كل شخص إلى حقه». وهذه رسالة أخرى من الملك «خيتى الرابع» أحد ملوك الأسرة العاشرة إلى ابنه ولى العهد: «هدئ من روع الباكى.. لا تجرد أحداً مما يملك.. لا تطرد موظفاً من عمله دون وجه حق.. لا ترفع ابن العظيم على ابن المتواضع.. بل قرب إليك الإنسان حسب كفاءته» كان كل الناس أمام القانون المصرى سواء بسواء.. بينما كان قانون حمورابى (البابلى).. تختلف الأحكام به حسب الطبقة الاجتماعية!!
< وماذا="" عن="">
- كانت المساواة كاملة بين الرجل والمرأة فى القانون المصرى الفرعونى.. كان لها الحق في أن تمتلك الأراضى، العقارات، المنقولات، وأن تتصرف فيها كما تشاء (البيع.. الشراء.. الهبة) كما كان لها إرادتها الكاملة فى اختيار زوج المستقبل أو رفضه دون وصاية من أهلها وذويها، كما تساوت فى حقوق الميراث، الأخت كأخيها على قدم المساواة، وللزوجة حق إرث زوجها بالكامل، كما كان لها الحق فى الدفاع عن حقوقها فى المحاكم، سواء كانت مدعية أو مدعى عليها.
< تؤمن="" بأن="" المسلم ="" والمسيحي="" في="" مصر="" لهما="" طبيعة="" وكيان="" خاص..="" وضح="" لنا="">
- ما أريد أن أقوله هنا أننا شعب واحد.. من الناحية الجغرافية، ونشرب من إناء واحد الا وهو نهر النيل، ومائدة واحدة نتناول منها طعامنا وهي الوادي، ونحن كذلك شعب واحد من الناحية السياسية، ويتجلي ذلك في حكومة لم ينفرط عقدها منذ ٦ آلاف سنة، وكذلك نحن شعب واحد من الناحية البيولوجية وأول من أشار الي ذلك هو فلندر اسبتري حين قال إن المشكلة في مصر ليس في غزوها.. وإنما المشكلة هي في الوصول إليها.. لماذا؟! لأنك نادرا ما تجد شعبا متماثلا في شكله الظاهري، بل في طباعه وأخلاقه ومزاياه، مثل الشعب المصري. وقد ظل هذا القول قائما ومشهورا حتي جاءت السيدة مارجريت كندل وهي عالمة جينيات والتي أجرت دراسة عن ثلاثة شعوب، الألمان باعتبار أن هتلر كان يعلن دائما بأنهم من أنقي الشعوب لأنهم ينتمون الي الجنس الآري، فوجدت أن الجينات مختلفة وأن شعبها متباين تماما ثم البحث الثاني عن اليهود.. وقد فوجئت بأن يهود الاتحاد السوفيتي يحملون نفس فصائل الدم، وجينيات شعب الاتحاد السوفيتي, ويهود انجلترا مثل بقية الشعب الإنجليزي, ويهود أمريكا مثل الأمريكان. إذن مسألة نقاء  العرق اليهودي غير صحيحة، وهذا ما كان قد قاله العقاد منذ فترة طويلة، عندما ذكر أن العرق اليهودي النقي الوحيد متمثل في300 شخص ينتمون الي قبيلة السامرية، وهم من الذين لم يختلطوا بالشعوب الأخري.
< والبحث="">
- لقد أعلنت أن الصدمة التي تلقتها من خلال بحثها الثالث ترتبط بالشعب المصري. إذ أخذت عينات متعددة من أسوان إلي الإسكندرية ومن الصحراء الغربية إلي الشرقية ومن المدن الكبري والقري والكفور والنجوع وعيادات الأطباء ومن المسلمين ومن المسيحيين. فكانت الصدمة الحضارية أن المسلمين والمسيحيين، جيناتهم واحدة في ٧٩٪ من العينات التي أخذتها.
< وما="" معنى="">
- يؤكد ما ذكره «إستامب» من عشرات السنين حين قال انه بالرغم من الغزوات الكثيرة التي مرت علي مصر عبر العصور، إلا انه كان تغيرا في الحكام ولم يكن تغيرا في جنسية مصر لأن البحر المصري الكبير كان يذيب أية جينات وافدة عليه.. إذن ما ذكره استامب وفلندر اسبتري ومارجريت كندل بالنسبة للشعب المصري ومن دور هذا التأكيد العلمي السابع الاشارة إليه.. وهو أننا شعب واحد وتاريخيا وجغرافيا وسياسيا وبيولوجيا. وهذه هي عظمة مصر وسر قوتها.
< وهل="" يعرف="">المصريون هذه الحقائق؟
- طبعا لابد لنا أن نحذف نسبة الـ60٪ الذين لا يقرأون أو حتي اذا ما كانوا يقرأون فهم ينتمون إلي الأمية الوظيفية. بمعني انهم لا يوظفون معرفتهم بالقراءة والكتابة، وبخلاف ذلك فإنني أعتقد أن ١٪ فقط من المصريين من الذين يعرفون فعلا هذه الحقيقة ويدخل في إطار ذلك النخبة المصرية التي كان من الممكن ان تنشرها علي اتساع من خلال وسائل الإعلام.. ولكن للأسف فإنني أري أن هذه النخبة غير مهتمة بما يهدد هذا الوطن، لأن أخطر ما يهدده هو التفسخ والتمزق الذي يودي الي أن نتحول إلي شيع وطوائف. وهذه هي أمنية الصهيونية العالمية وأدواتها الممثلة في أمريكا وإسرائيل.. بدليل أنه ومنذ عشر سنوات نجد أن فولبرايت وهو عضو الكونجرس المسيحي، قال إن اليهود في الولايات المتحدة يسيطرون علي كل ما يسيطر علي العقل والمعدة والغرائز ولم يعد باقيا لدينا إلا ان نغير اسم نيويورك إلي جويورن. وبناء علي هذه المقولة تم إقالته ربما بعد ٣ أو ٤ أشهر فقط، لانه قال كلمة حق. وأيضا بالنسبة لإسرائيل.. فمنذ عشرين عاما مضت أعلن أودي فون ترديدا لما كان قد أعلنه من قبل بن جوريون حول ان قوة إسرائيل ليست في سلاحها النووي ولا في قنابلها الذرية وإنما قوتها تنبع من تفتيت ٣ دول حولها هي مصر وسوريا والعراق علي أسس دينية وطائفية.. وأضاف: أن نجاح إسرائيل لتحقيق  ذلك لا يتوقف علي ذكائنا بقدر ما يعتمد علي غباء الطرف الآخر، وهو يقصد بذلك نحن.. وأننا نري أنهم قد نجحوا في ذلك بالنسبة للعراق ثم الآن سوريا.. وكذلك محاولاتهم مع مصر. وبالتالي أرجو ألا يصل بنا الغباء إلي أن نتفتت ونحقق أغراضهم.
< معنى="" ذلك="" أننا="" نعيش="" فى="">
- بالطبع, ومن أخطر معالمها  أننا لا نعرف أي شيء عن تاريخنا الحقيقي، ودعني أقل لك في هذا السياق عما نسمعه الآن من فتح المعابر بين مصر وغزة لعبور الفلسطينيين الي سيناء.. وأنا اعتبر أن كثرة الخطوة سوف تكون حجة إسرائيلية من أجل أن تأتي وتحتل سيناء مرة أخري.

وعندما نعود لما سجله حاييم وايزمان رئيس الصهيونية في مذكراته، سنجد أنه قال انه ندم عندما رفض صحراء سيناء كمقر لدولة بني إسرائيل، بعدما وافق علي أن تكون فلسطين هي ذلك المكان. لقد قال بالحرف الواحد: ما أشد ندمي أني تركت سيناء ولكن عزائي أنني سآخذ فلسطين التي بها البحر الميت الذي سوف يهب لإسرائيل الحياة.. ولما سألوه المزيد قال ان محتويات البحر الميت من البوتاسيوم والمخصبات الزراعية تصدر للعالم كله وتكفي اسرائيل العمر كله.
< وكيف="">
- هناك عدة وسائل.. أهمها بالمعرفة عن طريق وسائل الإعلام، والتي أشار إليها يوسف إدريس حين قال: أعطوني الإشراف علي التليفزيون لمدة عامين وسوف يكون هناك شعب جديد. وأيضا تشرشل عندما قال: اعطوني جريدة واحدة ناجحة وسأستطيع ان أصنع من أول صعلوك في الطريق بطلا قوميا. عندئذ إذا كنا نستطيع ان نجعل من الصعاليك ابطالا فمن باب أولي ضرورة أن نسلط علي أبطالنا الحقيقيين الأضواء لكي نجعل منهم قدوة للآخرين وثانيا ضرورة إحياء العقلية الجدلية التي اختفت من حياتنا تماما.
وأطلب من وزير التربية والتعليم ضرورة تدريس كتاب نجيب محفوظ «كفاح طيبة» لتلاميذ المدارس لاننا عندما ندرس التاريخ بشكل جيد سوف نعلم أن الهكسوس الذين  كتب عنهم نجيب محفوظ في هذه الرواية سوف يعودون مرة أخري باستخدام ما أسموه بالغزو السلمي. إذن التاريخ يعيد نفسه لأننا لا نتعلم منه.
< إذن="" يأتى="" دور ="" المفكرين..="" فأين="">
- عدد كبير موجود منهم ولكنهم للأسف مفككون ومشردون وليس هناك هدف واحد يجمعهم، إضافة إلي ما كان سائدا بخصوص القهر السياسي من ناحية والشق المادي من ناحية أخري، ثم فقدان الأمل في مستقبل أفضل، وما أراه اليوم هو الاهتمام فقط بمسائل سياسية، وبالتالي لم يصبح لدينا وعي بضرورة ان يكون تفكيرنا علمياً ودعني أقل لك واقعة في هذا السياق اذ تصادف ان سألني الدكتور محمد عناني أستاذ الأدب الإنجليزي وهل من المعقول ان عدد المتطرفين في كلية الآداب  ٨٪ في حين يوجد في كلية الطب لديكم المتطرفون يبلغون 70٪ أو80٪ قلت له: هذا ليس عجيبا ولا استغربه لان لدينا العقلية الأحادية وليس لدينا العقلية الجدلية. بعكس ما هو موجود في كليات الطب في الخارج التي تدرس إلي جانب الطب الأدب والموسيقي من أجل ان يخلق في الطالب هذه العقلية.. وبالتالي فليس لدينا هذه العقلية ومن ثم اصبح لدينا طلاب أحاديو التفكير.
< حتى="" لا="" ننسى="" أنك="" طبيب..="" كيف="" يمكن="" إصلاح="" منظومة="" الطب="" فى="">
- لابد من الاستفادة من تجارب الآخرين، وإنجلترا لها باع كبير فى هذا المجال, ولهذا ينبغى على الحكومة أن تكفل للأطباء حياة كريمة بمرتبات مجزية, ووضع حاجز بين يدى الطبيب وجيب المريض, ووجود منظومة تأمين صحى شاملة.
< حدثنا="" عن="" عظمة="" الأجداد="" فى="">
- الشائع والمعمول به فى مصر وفى كل دول العالم أن القسم (أو ميثاق الشرف الطبى) الذى يؤديه خريجو الطب منسوب إلى أبقراط اليونانى، فى حين يرى علماء (أوروبيون) كثيرون أن صاحب هذا الفضل هو إيمحوتب الطبيب والمهندس والمعمارى المصرى (الأسرة الثالثة حوالى سنة 2800ق.م) مصمم وبانى هرم زوسر. وأنّ دوره فى الطب أظهرته البرديات، التى تم العثور عليها، واكتشفوا أنه أول من وضع ميثاق الشرف لمهنة الطب، خاصة العلاقة بين الطبيب والمريض وأنها سر من الأسرار المقدسة. كما تضمّن هذا الميثاق إلزام الطبيب بأنْ يكتب أنه بعد فحص المريض تبين أن تشخيص حالته تخضع لأحد الاحتمالات التالية:
(1) هذه الحالة أعالجها وأشفيها.
(2) هذه الحالة أعالجها وسأجتهد فى شفائها.
(3) هذه الحالة لا أقدر على علاجها ولا أمل فى شفائها كما ذكر د. سمير يحيى الجمال فى كتابه تاريخ الطب والصيدلة المصرية فى العصر الفرعونى، وكان تدوين هذه الملاحظات يتم قبل إجراء العمليات الجراحية بصفة خاصة.
< وما="" هي="">الأمثلة علي تأثير الفراعنة في الطب اليوناني؟
- يستدل علماء المصريات على تأثر أبقراط بالطب المصرى إلى درجة نقل برديات طبية مصرية نقلا حرفيا بما يلى: ما ذكره الطبيب اليونانى (جالينوس) من أن أبقراط نقل عن مصر طريقة تحضير العقاقير الطبية. كما اعترف جالينوس أنه نقل الكثير مما ورد فى البردية المخصصة لإزالة الآلام مثل عسر البول والبول الدموى (البلهارسيا فيما بعد) وأمراض النساء.
ونقل أبقراط نقلا حرفيا أسلوب التأكد من حمل المرأة وذلك باستخدام لبوس الثوم، حيث اكتشف الطبيب المصرى وجود اتصال بين تجويف المهبل وبقية الجسم، وفق الوصف المذكور فى بردية (كاهون) وتأسست هذه النظرية على أن المادة العطرية فى الثوم تمر من البوق إلى التجويف البريتونى إذا كان البوق سالكا ومنه إلى الرئتين فالتنفس. بل إن جدودنا توصلوا إلى معرفة نوع الجنين بوضع بول الحامل على مقدار من القمح ومقدار من الشعير، فإن نبت القمح كان الجنين ذكرا وإنْ نبت الشعير كان الجنين أنثى. أما إذا لم ينبت كلا النوعين من الحبوب فالنتيجة عدم وجود حمل. وفى دراسة حديثة أجراها د. رشدى عمار أثبت فيها أن أجدادنا توصلوا إلى أنّ بول الحامل يختلف عن بول غير الحامل وعن بول الذكور، بدليل أن الحبوب لا تنبت على بول الذكور ولا على بول غير الحوامل. وفى بردية سميث وصف عملية جراحية فى الفك السفلى من عهد الأسرة الرابعة (1900 2750 ق. م) به ثقب لتصريف صديد خراج تحت الضرس. وقد استخدم جراح الأسنان فى هذه العملية آلات جراحية من البرونز. وقد نقل أبقراط هذه العملية فى كتبه حرفيا. وذكر د. سمير الجمال أن العديد من طلبة اليونان عاشوا فى مصر وأقاموا فى معابدها لدراسة الفلسفة والعلوم والفلك والطب، خاصة فى معبد ممفيس ومعبد مدينة سايس وغيرها ومنهم أبقراط وفيثاغورث وجالينوس وسولون وأفلاطون وأبيقور، غير الرومان أمثال هيكاتيوس والفيلسوف زينون والمسرحى أرستوفان، واكتشف أجدادنا أن الـ(ميتو) أو الأوعية الدموية عامل حيوى للصحة. وفى الشيخوخة يتحول الدم إلى جلطة. ويبدأ المرض يتكون موضعيا ويحرم الدم من قدرته على مساعدة أجزاء الجسم للقيام بوظائفها، وهذا الرأى نقله أبقراط، الذى نقل أيضا أسلوب تنظيف المعدة باستخدام المسهلات والحقن الشرجية، بعد أن اكتشف جدودنا أن الإسراف فى الطعام مرهق للمعدة والأمعاء والكليتين والقلب على النحو الوارد تفصيلا فى بردية تشتربيتى وبردية إيبرس وهذه الشروح الطبية نقلها أبقراط حرفيا. أما عن بردية كارلسبرج الطبية المحفوظة بجامعة كوبنهاجن بالدنمارك ويرجع تاريخها إلى الأسرتين 19 و20 وبها وصفات عن أمراض النساء والعيون، فقد نقل أبقراط ما ورد فيها نقلاحرفيا فى مؤلفاته الطبية التى تسربت إلى التراث الشعبى فى إنجلترا فى القرن 12م وفى ألمانيا فى القرن 17م.