رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكتشف خبيئة الأقصر لبوابة الوفد:

في منزل طيني بمركز قفط بقنا، وعلى أريكة خشبية عتيقة اكتست جوانبها بلون داكن يشبه كثيرا لون قطعة حجرية أثرية استخرجت لتوها من باطن الأرض، جلسنا نحتسى الشاي في انتظار الريس فاروق؛

ذلك الرجل الستيني الذي لا يفصح عن عمره الحقيقي برشاقته وخفة ظله وأنفاس التبغ الذي لا ينقطع عن ارتشافها بحميمية؛ كان الجلباب الصوف يسابق الريس فاروق في الدخول إلى مندرة منزله صافحنا بحميمية أهل الصعيد وجلسنا في محاولة لنجعله يفصح وهو احد أهم رؤساء العمال في بعثات التنقيب التي عملت في مجال التنقيب عن الآثار في مصر عن أسراره فعلى يديه تم اكتشاف خبيئة معبد الأقصر وغيرها من الاكتشافات الهامة ؛ الريس فاروق شارد يتحدث في هذا الحوار عن 50 عام هي خبرته في مجال الحفائر الأثرية وأسرار تنشر للمرة الأولى .

كيف كانت بدايتك مع الحفائر الأثرية ؟

بدأت في عمر الثانية عشرة مع والدي الريس شارد في حفائر الكاب بادفو وحينها كنت أحمل "المقطف" واغسل الفخار وكان والدي صعبا جدا لدرجة انه أحيانا كان يقوم بضربي بالعصا أنا وإخوتي كمال وسيف فكان من الممكن أن يقذفنا بقالب طوب في حالة الخطأ لذا في سن 16 وبعد تحمل 4 سنوات هربت من هذه المعاملة وذهبت إلي الهرم للعمل مع شقيقي الريس كمال ومكثت هناك مدة 3 سنوات لدرجة أنني طوال هذه المدة لم أقم بزيارة البلد أبدا ولكني أعترف بأن هذه الشدة والحزم جعلتني أنا وأخوتي رؤساء حفائر

لماذا تشتهر عائلات قفط بمهنة التنقيب؟

عائلات قفط هي أول من بدأت العمل بتلك المهنة منذ مائة عام وهى عائلة السليك فقد عمل الريس سيد دراز مع عالم المصريات الدكتور سليم حسن مؤلف موسوعة مصر القديمة وانتقلت لنا بالوراثة إلى والدي الريس شارد وعمي الريس صديق وثلاثة من أولادي يواصلون المسيرة في الحفائر حاليا كما توجد عائلات أخرى مثل الكريتى بسقارة وأحد أفرداها وهو عبده الكريتى الذي اكتشف مراكب الشمس بالهر

انضممت لمشاهير العاملين في الحفائر بعد اكتشافك لخبيئة معبد الأقصر ما قصة ذلك الاكتشاف؟

كنت اعمل مع البعثة المصرية برئاسة د. محمد الصغير بمعبد الأقصر لتنظيف الأرضية وفوجئت أن لون التربة قد تغير تماما فحفرت بها حوالي 80 سم فوجدنا حجرا من الجرانيت الوردي فقمت بمناداة الأثريين الذي سخروا مني وقالوا أنها مجرد حجر وغادروا الموقع لأن الحجر ليس له قيمة بالنسبة لهم فقمت بالاتصال بـ د. محمد الصغير شخصيا كرئيس للبعثة فجاء إلي الموقع مسرعا ، فشرحت له الموقف وقلت له أريد 15 عاملا فقط ونريد أن نرفع الحجر الثقيل فقال لي د. محمد الصغير من أمرك بالحفر هنا ؟ أردم هذه الحفرة حالا فتم الردم ؛ فقلت له نريد أن نخرج الحجر ربما يكون هناك شيء فاقتنع بكلامي علي مضض ؛ فقمت بربط الحجر بالحبال ورفعه بمساعدة الحراس بالمعبد والعمال حتى السياح شاركونا في الرفع . فقال د.محمد: أن هذا الحجر هو قاعدة لتمثال فنزلت مكان الحجر للحفر فوجدت جزءا من يد تمسك مفتاح الحياة بيدها فحفرت وحفرت فتم الكشف عن التمثال كاملا وكان لأمنحتب الثالث وهو من الجرانيت الوردي بارع الجمال ووجدت بجواره ثلاثة تماثيل أخري وعندما رآها د. محمد الصغير قال: إن هذه خبيئة وقام بإبلاغ الهيئة في القاهرة وتم تشكيل لجنة كبيرة .

وكيف سار العمل بعد ذلك؟

تم عمل حفائر بمشاركة 200 عامل علي عمق 4 أمتار فلم يتم العثور علي شيء؛ وبعد ذلك قمت بإعطاء الأمر لأحد العمال بالنزول في الحفرة ذات الأربعة أمتار وقلت له: أريدك أن تحفر بفأسك وتأتي لي بعينة من التربة في آخر محاولة سنقوم بها فقام بالحفر وكانت أول ضربة فأس من العامل في التمثال سمعنا صوت الضرب والاحتكاك فقلت للعامل: انتظر فنزلت تحت إلي الحفرة فقمت بإزاحة التراب فوجدت تمثالا من المرمر حوالي 75سم فنظفت أكثر وأكثر بتلهف شديد فقمت بكشف بداية الخبيئة التي تشبه بئر الساقية محفورة في الأرض الصلبة فقمت بتحديدها فوجدت تماثيل كبيرة مكدسة فوق بعضها فقمت بالاتصال بـ د . محمد الصغير وتم الكشف عن حوالي 15 تمثالا أو أكثر في هذه الخبيئة المهمة والتي تعرض في متحف الأقصر وكان لذلك الاكتشاف صدى إعلامى عالمي وأجريت معي مقابلات إعلامية ونشرت عنى مجلات أجنبية ومنها مجلة" لوفيجارو" الفرنسية .

خبيئة الأقصر كانت هي الأهم في مشوارك فماذا عن الاكتشافات الأخرى؟

شاركت في اكتشاف أربعة تماثيل رائعة بمعبد موت بالأقصر؛ ومقبرة جميلة رائعة جدا في منديس بالمنصورة فوجدنا فيها لوحة كبيرة منقوشة بالكتابة الهيروغليفية وتابوتا منقوشا بنقوش رائعة وفريدة وذات ألوان براقة وكأنها طليت منذ ساعات كذلك من الأشياء الجميلة هي العثور علي خاتم من الذهب الخالص في الكرنك والحقيقة أن هذا الخاتم وجد داخل قالب من الطوب اللبن وبالخاتم فص منقوش بنقوش ملكية .

سمعت انك معلم وملهم لأجيال من الأثريين؟

يضحك .. العمل في الحفائر الأثرية يحتاج إلى خبرة عملية ونحن اكتسبناها في سنوات طويلة من العمل الشاق ؛ فيمكنني أن احدد أن الموقع به آثار أم لا من خلال عدد من الشواهد الأثرية مثل لون التربة وقطع الفخار ونحن لا نبخل بتلك الخبرات على الأثريين حديثي التخرج الذين يعملون

معنا في بعثات التنقيب.

وماذا عن السمعة السيئة التي لحقت بالعمالة المصرية في ذلك المجال

تقصد تفتيش العمال ونفض الجلاليب! لايمكن أن يطلق عليها سمعة سيئة ولايمكن تعميم حادثة فردية قديمة على كل العمال؛ فقلة من العمال غير الأمناء كانوا يتحايلون بطرق شتى لسرقة المكتشفات الصغيرة ومنها تفريغ خشبة الفأس الذي يستخدم في الحفر ويضعون به قطعا صغيرة من الآثار حتى لا يراهم احد كما أنهم غير منتظمين في العمل فأحيانا يتركون العمل في منتصفه فيثيرون حولهم الشكوك ؛

أما رؤساء العمال بقفط فيشهد الجميع لهم بالامانة في العمل ويؤمنونهم علي جميع متعلقاتهم مثل الكاميرات والميزانية حتى لو نسي احد من الأجانب شيئا فيقوم عمال قفط بتذكيرهم به والحقيقة أن العمل في مجال الحفائر عشق بين الفرد والآثار وهواية جميلة وهذا العشق يربي لدينا الأمانة الشديدة.

متى نرى بعثة تنقيب مصرية خالصة تكشف لنا آثارا هامة؟

توجد بعثات مصرية ولكن الحقيقة أن الأجانب يمتلكون إمكانيات وخبرات هائلة أثناء التنقيب وأنا عملت مع بعثات مصرية وأجنبية .. البعثات الاجنبية لا تبخل في الإنفاق على عمليات التنقيب ولكن لا نغفل أن هناك مصريين عباقرة في ذلك المجال مثل د . عبد العزيز صالح الذي اعتبره نابغة فريدة في المصريات.

ما قصة اللودر الذي هاجم موقعا للحفائر الأثرية؟!

كنت اعمل كرئيس حفائر بكوم أمبو مع بعثة هيئة الآثار المصرية وفى يوم الجمعة كان المسئولون في الراحة ؛ فوجئت بلودر يقوم بتهشيم جدران أثرية بموقع الحفائر فسارعت بوقفه وكنت اخشي أن يكون معه تصريح من د.احمد قدري رئيس الهيئة وقتها فقام السائق بإبلاغ محافظ أسوان والمحافظ قام بإبلاغ د.احمد قدري رئيس الهيئة الذي قام بالاتصال" بعابدين صيام "مدير أسوان والنوبة الذي كان لا يعلم شيئا عن الموضوع هو والأثريون بالموقع؛ وعندما جاء الأثريون قالوا لي: إن هناك تصريحا من د.احمد قدري بالهدم لبناء كافتيريا بالموقع اعتقادا انه خال من الآثار وأنه كان ميناء قديما.

فقمت بتحمل المسئولية والإصرار علي أن هناك آثارًا بالموقع وأنا الذي أوقفت اللودر ثم قام د.احمد قدري بتشكيل لجنة أثرية من رؤساء القطاعات ودكاترة الآثار لمتابعة الموضوع وقبل أن تأتي اللجنة من القاهرة كنت قد قمت باكتشاف جزء من كشف اثري مهم بالموقع هو عبارة عن مقبرة وقد شاهدها الأثريون بأسوان وحين قدمت اللجنة إلي الموقع كنت كشفت المقبرة كاملة والتي كانت تحتوي علي مومياء واخراز بجميع الألوان والأنواع ومرآه من البرونز .

الريس فاروق لايكتفى بتنظيم العمل بالمواقع بل يقود جوقة موسيقية من العمال .. حدثنا عن ذلك ؟

أحب الغناء وتطربني أم كلثوم وعبد الحليم حافظ لذلك أقوم بتدريب العاملين معنا علي الغناء أثناء العمل وذلك للتخفيف عنهم والاغانى التي نغنيها معظمها من الفلكلورالشعبي فصباحا نغني صلي علي النبي والتواشيح أما ظهرا فيغني العامل أغاني خفيفة وبها غزل للتخفيف عن العمال من شدة الحرارة؛ أما في حفائر الوجه البحري فان بعض السيدات التي تعملن يقمن بالغناء بل إن بعضهن يقمن بإطلاق الزغاريد فالعمل يحتاج لهذا؛ ولفت ذلك نظر باحثة أمريكية متخصصة في الفن وقامت بتسجيل الأغاني التي نغنيها بطريقة جماعية والحقيقة أن الأغاني لم تتغير فما كنا نغنيه قديما في الحفائر يغني الآن أيضا مع إضافات بسيطة .

بعد هذا العمر الطويل كيف يرى الريس فاروق نفسه ؟

أرى أنا نفسي حفيدا للفراعنة يحاول بأدواته البسيطة أن يزيح الأتربة ليرى العالم عبقرية أجداده ؛ فاكتشاف الآثار عندي كمثل أب ينتظر مولودة الأول.