رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بن سالم حميش : الربيع العربى انتفاضات ضد أنظمة ديكتاتورية مستبدة حان أوانها لكى ترحل

بن سالم حميش
بن سالم حميش

كان من المقدر لى أن ألتقى المفكر والروائى والشاعر الكبير وزير الثقافة المغربى الأسبق «بن سالم حميش» فى مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية حيث كان من المقرر أن يحل ضيفاً عزيزاً على المختبر فى منتصف الشهر الماضي،

ولكن نتيجة للأحداث السياسية الساخنة التى شهدتها مصر، تم تأجيل اللقاء، ولكنى لم أنتظر وهاتفته فى منزله بمدينة مكناس المغربية الساحرة وأجريت حوارًا معه تحدث فيه عن كل شىء بدءاً من المشهد السياسى العربى الراهن، نهاية بأحدث رواياته التى ستصدر فى مصر عن دار الشروق بعد أيام قليلة.
والدكتور «بن سالم حميش» روائى مغربى معروف كان يعمل لفترة طويلة أستاذاً جامعياً فى شعبة الفلسفة بكلية الآداب، صدرت له عدة روايات نذكر منها: «مجنون الحكم» 1990، «محن الفتى زين شامة» 1993، «سماسرة السراب» 1995، «العلامة» 1997، «بروطا بوراس يا ناس» 1998، وروايات أخرى. وإلى جانب ذلك يهتم «بن سالم حميش» بالدراسات التى لها علاقة بالعلوم الإنسانية،
حصل «بن سالم حميش» عام 2009 على جائزة نجيب محفوظ التى يمنحها اتحاد كتاب مصر سنويا لكاتب عربى عن مجمل أعماله كما سبق أن فاز بجائزة الجامعة الأمريكية بالقاهرة سنة 2002 عن رواية «العلامة»، كما حصل سنة 1990 على جائزة مجلة «الناقد» التى كانت تصدر من لندن، عن روايته «مجنون الحكم» التى ترجمت إلى عدة لغات أجنبية، وكذا على جائزة «الأطلس» للترجمة سنة 2000.
وتم اختياره عام 2009 وزيراً للثقافة إلى عام 2011.. وإلى الحوار:
<ـ كيف="" تقرأ="" المشهد="" السياسى="" فى="" دول="" الربيع="" العربى="" خاصة="" أنها="" تحكم="" الآن="" من="" جانب="" التيارات="">
- أولاً: أعتقد وقبل كل شىء كمؤرخ أننى أستبشر خيراً بكل ما حدث وأنا لا أستعمل كثيراً مصطلح «ثورات»، فما حدث فى بلدان الربيع العربى هو عبارة عن انتفاضات وتمردات عبرت كثيراً عن مكبوتات طال أمدها ولكن المهم فى هذا الطور الأول أو فى هذه الحلقة الأولى من هذه الثورات أنها خلصت بلداناً من أنظمة ديكتاتورية استبدادية والتاريخ لن يقف عند هذا الحد فسنرى فصولاً أخرى وحلقات أخرى تأتى طبعاً بمخاضات وتناقضات لكن علينا دائماً أن نتمثل الثورات التى عرفتها أوروبا، وسأذكر فقط لضيق الوقت الثورة الفرنسية عام 1789، التى لم تؤت بأكلها إلا مع الجمهورية الفرنسية الثالثة بعد حكم «روبسبير» الدموى والذى أعدم بالمقصلة ثم الحروب النابولونية التى كانت مدمرة أوروبياً وأخيراً وبعد كل هذه المخاضات استقرت مبادئ الثورة الفرنسية وشعارتها: الحرية والأخوة والمساواة، وقد طال هذا تقريباً نحو سبعين سنة وطبعاً نحن لا نريد أن ننتظر سبعين سنة أخرى لكى تستتب مبادئ هذه الثورات العربية ولكن لابد من تلطيف آلام الولادة واختصار محطات، وفى مصر مثلاً يعتقد المحللون أنه حدثت انتخابات بالطبع المعارضة تطعن فى نتائجها ولكن فى الأرجح أنها حدثت بشكل لائق والتيار الذى تسلم زمام السلطة استتب أمره، ولكن الجميع ينتظر الثمرات والنتائج التى يمكن لهذا التيار أن يحققها لصالح الشعب المصري، وإذا ما حاد عن هذا الطريق طبعاً هو سيسقط وسيطالب بإسقاطه.. إذن الأمور بخواتمها ونتائجها.
< أنت="" ترى="" أن="" الربيع="" العربى="" ينتظر="" النتائج="" والأفعال="" لصالح="" شعوبه="" والتى="" إذا="" لم="" تأت="" سينتفض="" مرة="">
- كما حدثت تمردات على من حكموا من قبل بالحديد والنار ولعقود طويلة سيحدث الأمر مرة أخرى وربما أسرع، فالقضية الآن أصبحت ولاية لا تستمر سوى أربع أو خمس سنوات وطبعاً إذا بدا أن هذه الحكومة التى وصلت الى السلطة بفضل صندوق الاقتراع وأصبحت معدلات النمو مثلاً فى مصر تتضاعف فسنقول إن هذا شىء إيجابي، إذا استطاعت هذه الحكومة أن تخفض من مديونية مصر فى صندوق النقد الدولى وإذا المصرى شعر فى حياته الخاصة بأن قدرته الشرائية تحسنت وأن حقه فى التعليم والصحة والثقافة تحسن فسنقول إن هذا إيجابى والمواطنون المصريون بالمرصاد لتحقيق هذه المطالب فكما تحمس المصريون لجماعة الإخوان المسلمين فهم سيكونون أكثر محاسبة لهم إذا لم يقم هؤلاء بالأمانات الملقاة على عواتقهم.

المبدع والإسقاط التاريخى


< لديك="" تجربة="" إبداعية="" مهمة="" تمثلت="" فى="" ثلاثية="" تاريخية="" بدأتها="" برواية="" (العلامة)وهى="" عن="" مؤسس="" علم="" الاجتماع="" العربى="" ابن="" خلدون="" ثم="" الرواية="" الثانية="" (مجنون="" الحكم)="" عن="" الحاكم="" بأمر="" الله="" الفاطمى="" وأخيراً="" رواية="" (هذا="" الأندلسي)="" وهى="" عن="" الفقيه="" الاندلسى="" ابن="" سبعين..="" من="" وجهة="" نظرك="" متى="" يلجأ="" المبدع="" للإسقاط="" التاريخى="" ليتحدث="" عن="">
- هى ليست قضية اختيارات وهذه الشخصيات التاريخية متاحة ويكفى الاطلاع عليها وربما على أفعالها لكى تصير مادة للعمل الروائي، فلقد صادفت خلال تجولاتى فى التراث العربى الاسلامى ان هذه الشخصيات التاريخية التى تناولتها فى الثلاث روايات استبدت بى، فهى شخصيات فاذة واستثنائية كما هو الحال مع «على أبى منصور» الملقب بالحاكم بأمر الله الفاطمى المصرى لذلك أنا أعتقد أن القضية ليست اختيارية بقدر لقاء يحدث بين المبدع وبين الشخصيات التاريخية التى يعج بها التاريخ وما يسمى بنوع من التجاوز «الرواية التاريخية» وأنا أستعمل التاريخ كذريعة، وربما كمدخل لقول أشياء والتعبير عن حالات ربما هى أكثر قربا من حاضرنا أكثر منها استعادة للماضي.
فهناك طريقة تقليدية لكتابة الرواية التاريخية كما وجدت عند جورجى زيدان، وأندريه مورو، وعلى أحمد باكثير. هذه الطريقة تعتبر المواضيع قائمة وجاهزة فى قوارير، ثم يأخذ الكاتب شخصية ما، وينسج نصا حول حياتها وعلاقاتها. وليست على كل حال هذه طريقتى فى الكتابة، فإذا لم أتفاعل إلى حد قوى وصادم مع شخصية أو فترة تاريخية لا أمسك بالقلم، ولا أهتم بتسويد صفحات لا تقدم جديدا. فالكتابة الروائية تقدم لنا مادة معرفية وحفرا فى طبقات التاريخ.
< ما="" أوجه="" الاختلاف="" بين="" المؤرخ="" وبين="" المبدع="" حينما="" يتناول="" كل="" منهما="" شخصية="" تاريخية="" بعينها="" أو="" فترة="" زمنية="">
- لكلٍ عمله وطريقته فى تناول الحدث أو الشخصية التاريخية والمؤرخ المحترف يعمل فى نطاق تحده الوثائق والمستندات والمراجع وبدون هذه المواد الخام لا يمكن للمؤرخ أن يكتب شهادته، فى حين أن الروائى الذى يهتم بالتاريخ فى مجال عمله الروائى عليه فريضة أولى يجب أن يؤديها وهى الاطلاع على كل ما يتعلق بالشخصية أو الحدث التاريخى الذى سيتناوله فى عمله الروائي، فأنا على سبيل المثال حينما كتبت رواية (مجنون الحكم) عن الحاكم بأمر الله الفاطمى قرأت من الكتب والمصنفات بأقلام مؤرخين عاصروا هذه الفترة الزمنية من حكم «الحاكم بأمر الله الفاطمي» أو المؤرخين الذين أتوا بعده لكى أتشرب بمقومات هذا العصر ورموزه وعلاماته وشخوصه ثم أترك كل هذه الأشياء تختمر بمخيلتى والفرق يأتى هنا حقيقة بين المؤرخ والمبدع من أن الأخير يحاول ما أمكنه ذلك أن يجيب عن أسئلة تركها المؤرخ عالقة ربما لغياب الوثيقة أو الشهادة المكتوبة وغير ذلك من أدوات البحث التاريخى وهنا يضع النص الروائى التاريخى فروضاته لملء ثغرات النص التاريخى وبياضاته، «فشكسبير» الكاتب المسرحى البريطانى الشهير لم يكتب طوال حياته سوى المسرح التاريخى، بداية من (الملك لير) إلى باقى مسرحياته حتى مسرحيته (روميو وجولييت) التى تجىء بخلفية تاريخية من حيث الشخصيات والقبيلتين المتنازعتين.
< قدمت="" رؤية="" بانورامية="" إذا="" جاز="" التعبير="" فى="" كتابك="" (الاستشراق="" فى="" أفق="" انسداده)="" بعد="" مراجعته="" وتقديمه="" بطبعة="" جديدة="" وعنوان="">
- لقد أعددت البحث فى هذا

الموضوع وبالفعل صدرت طبعة جديدة بعنوان (العرب والإسلام فى مرايا الاستشراق) وهو تطوير وتعميق للفكرة ووجدت أن الاستشراق له مدارس متعددة تختلف وتتنوع بحسب الفترات الزمنية وبحسب المستشرقين أنفسهم، وهناك مستشرقون يعدون منيرين وموظفين للآلة الاستعمارية، فحتى «شامبليون» العالم الفرنسى الذى فك رموز اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة، جاء مع «نابليون» أثناء حملته الاستعمارية على مصر فى حين أن هناك فئة أخرى مثل «جاك بيرك» وزمرة من المستشرقين كانوا يؤيدون كفاح الأوطان لنيل استقلالها وساندوهم وصاحبوهم من حيث المعرفة ومن حيث المواقف تجاه هذه الشعوب ولذلك لا يجب أن نضع المستشرقين جميعاً فى سلة واحدة فهم أطياف متعددة وعلى المؤرخ والمهتم بكتابة التاريخ الوطنى أن يميز بين هؤلاء الذين استخدمهم الاستعمار لاحتلاله البريطانى والفرنسى ولكن طبعاً هناك فئة أخرى من المستشرقين أعتقد أنها خدمت الثقافة العربية الإسلامية من حيث أنها عرفت الغرب بعمقها وامتداداتها وتأثيراتها حتى على الغرب ولكنى أحتفظ بمصطلح انغلاق وانسداد بمعنى أنه الآن فى عصرنا وبالأخص منذ قيام الثورة الإيرانية فى عام 1979، ظهرت فئة جديدة لا يمكن تعريفها بالمستشرقين ولكن هم فئة متخصصة فى شئون المشرق الأوسط والمغرب العربى كذلك وهم يهتمون أساساً بقضايا النفط وبالحركات الأصولية الدينية وهؤلاء أنا أحترس منهم لأن معرفتهم باللغة العربية أولاً والتى كانت فرض عين بالنسبة لأجيال المستشرقين السابقين ضعيفة وهم لا يهتمون سوى بالقطاعات التى ذكرتها عدا استثناءات قليلة تهتم بالتصوف الإسلامى وبالحركات الشيعية وغيرها.
< وزارة="" الثقافة="" تحتاج="" بالضرورة="" إلى="" مثقف="" يرأسها="" ولكن="" ليس="" كل="" مثقف="" يمكن="" أن="" يكون="" وزيراً="" للثقافة..="" إلى="" أى="" مدى="" هذه="" العبارة="" دقيقة="" وأنت="" مثقف="" وروائى="" وشاعر="" كبير="" وكنت="" أيضاً="" وزيراً="">
- لم أفكر يوماً اننى سأكون وزيراً للثقافة ولم أسع لها ولكن أقول إن مكة أدرى بشعابها فحينما يتولى مثقف وزارة الثقافة سيكون إضافة، فأنا كمثقف توليت الوزارة وضعت يدى فى العجين كما نقول وعرفت من هم المثقفون عندنا وما الآليات التى تتحكم فى الثقافة وأعرف الآن أنها حقيقية من واقع التجربة.

قرية كونية


< المشهد="" الإبداعى="" فى="" المغرب="" العربى="" مازال="" بعيداً="" عن="" القارئ="" فى="" دول="" المشرق="" العربى="" باستثناءات="" قليلة="" لكتاب="" وروائيين="" تونسيين="" وجزائريين="" ومغاربة="" فى="" حين="" تجد="" كتّاباً="" غربيين="" معروفين="" أكثر="" شهرة="" مثل:="" الكاتب="" الكولمبى="" «ماركيز»="" على="" سبيل="" المثال..="" ما="" أسباب="" هذا="">
- على الرغم من تحفظى من أن العالم الآن أصبح قرية كونية لكن يجب الاعتراف بأن المسافات تقاربت ولم يعد هناك مستحيل فى سبيل التواصل والتقارب، وأكبر دليل على ذلك أنك تتحدثين معى الآن وأنا فى المغرب وأنت فى مصر عبر الهواتف المحمولة الصغيرة فى الحجم، ولكنها تعبر جبالاً وبحاراً ونستطيع أن نستمع إلى بعضنا البعض ولكن بنظرة منصفة أجد اهتمام المغاربة بالمشارقة أكبر بكثير من اهتمام المشارقة بالمغاربة فالعيب فيكم للأسف الشديد وأنا أعتقد أننى معروف كروائى وشاعر فى مصر وبلاد الشام لأن معظم أعمالى طبعت فى مصر وبيروت، ولكن أوكد أن هناك عدداً لا يستهان به من المبدعين المغاربة لا يعرفهم حتى القراء المتخصصون، أما فى الأدب أو الفلسفة أو غير ذلك وربما بسبب ضيق الوقت والكسل للأسف الشديد من النخب المصرية وكذلك الشامية فيفتقدون الفضول لمعرفة المستجدات فى المشهد الإبداعى المغربى سواء فى المسرح أو الشعر أو الرواية.
< لقد="" قمت="" بتأسيس="" مجلة="" «الزمان="" المغربي»="" ومجلة="" «البديل»="" وقامت="" السلطات="" بمصادرتها..="" كيف="" فسرت="" الأمر="" باعتباره="" مصادرة="" لحرية="" المبدع="">
- منعت هاتان المجلتان فى زمن نسميه نحن بزمن الرصاص والقمع ولكن الآن، والحمد الان هناك مساحات حرية كبيرة يستطيع الكاتب أن يقول ما يراه ويعتقده، وحرية التعبير يجب أن تكون مكفولة للجميع ولكن يجب ألا نخلطها بحرية التخريب.
<>
- على سبيل المثال.. عندما يكتب شخص فى أعراض الناس وسمعتهم هل نستطيع أن نقول إن هذه حرية تعبير؟ إذن الحرية لها ضوابط ومعايير وأخص هنا بعض الأخوة الصحفيين أن يكون لديهم ضمير باطنى يمنعهم من الخوض فى الحياة الشخصية للغير.
< ولكن="" معنى="" هذا="" كما="" فهمت="" أنك="" ترفض="" كتابة="" السير="" الذاتية="" العربية="" التى="" تفتح="" النوافذ="" لكل="" ما="" هو="" خاص="" فى="" حياة="" شخصية="" مهمة="">
- الأمر مختلف فإذا كتب الشخص نفسه سيرته الذاتية فهذا جنس إبداعى له مقوماته مثل السيرة الذاتية الشهيرة «الأيام» لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين ولكنى أتحدث عن أناس يرجمون الآخرين بالكلام المعيب ويبررون الأمر بأننا نمارس حرية التعبير وأقول إن هذه الحرية قرينتها المسئولية وإذا لم نستشعر المسئولية تتحول هذه الحرية إلى فوضى وحرية فى التخريب والتشهير.
< ماذا="" يشغل="" المفكر="" المغربى="" الكبير="" بن="" سالم="" حميش="">
- ستصدر لى قريباً عن دار الشروق رواية جديدة بعنوان «امرأة عاملة» تدور عوالمها فى فضاء نسائى بتناقضاته وأسراره.