عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

عطية: ما حدث أمام "الدفاع" فوضى لا تتفق مع الإسلام

رجائى عطية
رجائى عطية

"رجائى عطية" الفقيه الدستوري والمحامى‏,‏ والسياسي البارز‏,‏ يحاول خلال حواره مع "بوابة الوفد" تحليل المشهد السياسى الحالى وتوقع مستقبل البلاد فى ظل الأحداث المتتالية التى تزيد من احتدام الموقف بين المجلس العسكرى والمطالبين بتسليم السلطة للمدنيين.

ـ ماهى معايير اختيار الرئيس القادم فى ظل المتغيرات السياسية الحالية ؟
أن يكون رجل دولة، لديه إلمام بطبيعة الدولة وسلطاتها وهيئاتها ومرافقها، ومعرفة كافية بالملفات المهمة لحكم مصر وإدارة ثرواتها، إلى جانب قدرته على الالمام بالقضايا الإقليمية والدولية, فهذه شروط أساسية يستحيل قيادة مصر بدون توافرها .. وهناك صفات أخرى ما بين الثقافة، والإلمام باللغات الأجنبية، والمكانة على المستوى الوطنى والإقليمى والدولى، وغير ذلك مما قد لا يتسع المجال لبيانه.

ـ أحالت لجنة الانتخابات الرئاسية ما سمي بقانون العزل السياسى إلى المحكمة الدستورية العليا .. ماذا إذا ما قضت المحكمة بعدم دستوريته, وإذا حكمت بدستوريته فما وضع الفريق أحمد شفيق المرشح للرئاسة ؟
أحب أن أشير إلى أن هذه الإحالة صحيحة وموافقة للقانون، فلجنة الانتخابات الرئاسية لجنة قضائية بنص المادة 28 من الإعلان الدستورى.
وهذه اللجنة القضائية، تلقت فى تظلم الفريق شفيق دفعا بعدم دستورية ذلك القانون رقم 17 لسنة 2012 بتعديل أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73/1956, وهو طعن جدى لظهور عدم دستورية هذا التعديل فى عدة نواحٍ، منها افتقاره العمومية والتجريد وانصرافه إلى أشخاص بعينهم وذواتهم، وإخلاله بمبدأ المساواة بتمييزه تمييزا فى غير محله بين الفئات التى انصرف إليها العزل السياسى، ففى الوقت الذى استهدف رئيس الوزراء ترك نواب رئيس الوزراء والوزراء، وفى الوقت الذى استهدف فيه المكتب السياسى والأمانة العامة للحزب الوطنى المنحل، ترك لجنة السياسات الموجه إليها معظم الانتقادات؛ ولأغراض اتضح أنها تنطوى على مجاملات شخصية، وخالف مبدأ عدم جواز رجعية القوانين وانصرافها إلى الماضى، وهو ما نصت عليه المادة 19 من الإعلان الدستورى، وكذا المادة 66 من دستور 1971 وكافة الدساتير المصرية السابقة عليه، وأنزل بالقانون عقوبة العزل السياسى والحرمان من مباشرة الحقوق السياسية، بغير حكم قضائى، وخلافاً للمبادئ الدستورية المنصوص عليها فى ذات المادة /19 من الإعلان الدستورى والمقررة أيضا بالنصوص المقابلة فى كافة الدساتير المصرية السابقة .
وهذا الدفع ثابت الجدية فى مذكرة لوزير العدل كانت معروضة بمجلس الشعب، وفى تقريرين لهيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا: أصلى وتكميلي، بمناسبة نظر طلب المجلس الأعلى للقوات المسلحة استطلاع رأى المحكمة الدستورية العليا فى هذا القانون، بل أن المستشار محمود الخضيرى رئيس اللجنة التشريعية والدستورية ـ أقر فى تصريحات صحفية ثابتة بأن هذا القانون غير دستورى.
وإزاء ذلك، واللجنة كما ذكرت لجنة قضائية ولا تملك هى الفصل فى هذا الدفع، ولذلك فإنه كان يتعين عليها إحالة الدفع إلى المحكمة الدستورية العليا لنظره بالتطبيق للفقرتين (أ) ، (ب) من المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا رقم 48 لسنة 1979 .
وجدير بالذكر أنه كان يجوز للجنة وقف الانتخابات الرئاسية لحين الفصل فى هذا الدفع، لكنها لم تفعل، وحسناً فعلت حتى لا تتعرض الانتخابات الرئاسية للتعطيل أو البطلان لاحقا، واتخذت حلاً سديدًا بإعادة المتظلم إلى الانتخابات إعادة معلقة على ما ستقضى به المحكمة الدستورية العليا، فلو قضت جدلا بدستورية القانون يتم إعادة استبعاد الفريق شفيق من الانتخابات .
واعتقادى أن مآل هذا القانون الضرير إلى الحكم يقين بعدم دستوريته لما شابه من عيوب ومخالفات دستورية جسيمة على نحو ما أشرت .

ـ هل تتوقع حل مجلسى البرلمان خلال الفترة المقبلة ؟
من المرجح جدا، إن لم يكن من المؤكد، أن يصدر حكم الدستورية العليا بعدم دستورية التعديل الذى أدخل تحت ضغط الإخوان المسلمين والسلفيين على قانون مجلس الشعب رقم 38/1972 بالمرسوم بقانون رقم 108 لسنة 2011. ذلك أن هذا التعديل أخل إخلالاً جسيما بمبدأ المساواة، وهو مبدأ دستورى، بأن أخل بما كان بالنص من تقسيم عضوية البرلمان بين 50% للقوائم الحزبية المغلقة، و50% للنظام الفردى للمستقلين، فجرى تحت ضغط الإخوان والمستقلين رفع نسبة القوائم النسبية للأحزاب إلى الثلثين بدلا من النصف، وخفض نسبة النظام الفردى للمستقلين إلى الثلث بدلا من النصف، ثم زاد على ذلك أن سمح لأعضاء الأحزاب بالمنافسة أيضا على المقاعد الفردية، فأخل بذلك إخلالا جسيما مضاعفا ومركبا بمبدأ المساواة، وقد سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت بعدم الدستورية مرتين، لمخالفة أقل، فى مايو 1987، ثم فى مايو 1990، وهو المتوقع فى الدعوى المعروضة الآن، فإذا قضت المحكمة بعدم الدستورية، ترتب على ذلك حل مجلسى الشعب والشورى .

ـ  هل تتوقع إجراء الانتخابات الرئاسية فى موعدها ؟
آمل ذلك حتى تستقيم الأمور ونخرج من وهدة ما نحن فيه، وإن كان لدى قلق وتوجسات مما حفل به المشهد من فوضى عارمة تجاوزت كل معقول فى الأيام الأخيرة إلى حد محاصرة وتهديد مقر وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة, وفى اعتقادى أن الحل المتوقع لمجلسى الشعب والشورى إذا حكم هذا الشهر بعدم دستورية التعديل الذى أدخل على قانون مباشرة الحقوق السياسية ـ سوف يدفع إلى المزيد من الفوضى ومن ثم تهديد الانتخابات الرئاسية، اللهم إلاَّ إذا نجح المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى فرض هيبة الدولة واحترام القانون!.

هناك من يرى أن الإخوان المسلمين يسعون الآن إلى الاستئثار بالسلطة وفرض أجندتهم كأنهم حزب وطنى جديد ؟
للأسف هذا صحيح .. فالواضح أنه لم يتم الاكتفاء بالأغلبية الواضحة فى مجلسى البرلمان ومن ثم السيطرة على السلطة التشريعية، فرأينا محاولات مستميتة للسيطرة والاستحواذ على الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، ولم تنحسر هذه المحاولات برغم حكم محكمة القضاء الإدارى ببطلان قرار مجلسى الشعب والشورى باختصاص المجلسين بنسبة 50% من تشكيل هذه الجمعية التأسيسية باعتباره قرارًا إداريًا يخضع لرقابة القضاء الإدارى .
ومازلنا نرى كافة محاولات تشكيل هذه الجمعية تتعثر لإصرار الإخوان على الاستحواذ توصلاً للسيطرة على معالم الدستور القادم بدلاً من أن يكون تعبيرا ـ كما يجب ـ عن مجمل الأمة لا عن فصيل سياسى بعينه !!.
ثم رأينا أن الإخوان خالفوا وعدهم السابق بعدم المنافسة على موقع الرئاسة، فتقدموا بمرشح وآخر احتياطى ليحل محل الأصلى إذا استبعد لعائق قانونى، وقد رأينا أن الدكتور محمد مرسى حل محل المستبعد المهندس خيرت الشاطر، وهذا يؤكد حرص الإخوان على الاستحواذ والهيمنة!.

ـ ما رأيك فى أحداث وزارة الدفاع، والسفارة السعودية، وقبل ذلك أمام ماسبيرو ووزارة الداخلية؟
هذه فوضى عارمة ومعرضة وبلطجة مدفوعة، وكلها لا تتفق مع الإسلام ولا مع طبيعة الشعب المصرى .
هذه حملات مريبة تخدم أهدافاً مريبة ضد الصالح العام وتؤدى ـ لا قدر الله ـ إلى انهيار الدولة، وهذه مصيبة سيعانى منها

الجميع حتى من دبروها ويدفعون الأمور إليها .

ـ ما رأيك فى الجدل حول المادة /28 من الإعلان الدستورى ؟
المادة 28 من الإعلان الدستورى لا تعيق الانتخابات أو تيسر تزويرها كما يُدَّعى، إنما تضمن لها قـدراً من الاسـتقرار حتى لا تدخل الانتخابات الرئاسية فى ألاعيب وتقلبات الانتخابات، وما قد نتعرض له من وقف مسبق، أو إلغاء لاحق، بشكل لا يقلقل استقرار الوطن.
ولعل المأخذ الحقيقى على هذه المادة، هو فى الحصانة المعطاة لقرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ـ ومع تسليمى بأن ذلك جاء فى إطار إتاحة الفرصة للاستقرار، إلاَّ أنه من المناسب إجراء موازنة بحل وسط يكفل الاستقرار، ولا يصادر فى الوقت نفسه على الطعن الذى يمكن أن توضع له قيود دقيقة .. علماً بأن إطلاق منع الطعن لن يصادف انصياعا من قضاء مجلس الدولة، فقد قضت محكمة القضاء الإدارى فى 4/9/2005، ورغم هذا النص الذى كان بداخل المادة 76 من الدستور، بقبول ثلاثة طعون على قرارات اللجنة، أحدها عن رقابة منظمات المجتمع المدنى على الانتخابات داخل وخارج اللجان، وثانيها عن قرار اللجنة باستبعاد مرشح حزب مصر من بين مرشحى الرئاسة لوجود نزاع جدى على رئاسة الحزب، والثالث بقبول طعن عشرة مستشارين وقضاة شكلاً ووقف تنفيذ قرار الجنة باستبعادهم من الإشراف القضائى على الانتخابات رغم سبق ندبهم من مجلس الدولة.

ـ هل ثورة 25 يناير جنت ثمارها ؟
للأسف فإن هذه الثورة الرائعة لم تجنِ كل ثمارها, ذلك أنها بعد نجاحها الرائع فى إسقاط النظام ورموزه, وبسرعة لم يتوقعها أحد, سرعان ما اقتحمت الساحة أطياف لكل منها أغراضه وأجنداته الخاصة, وسرعان للأسف ما أزاحوا الثورة والثوار خارج المشهد, وصرنا نرى مساعى لتحقيق أغراض هيمنة واستحواذ لا تنتمى للثورة وأهدافها من حرية ومساواة وعدالة اجتماعية.
لقد قامت الثورة للاعتراض وإزالة هيمنة الحزب الوطنى على كامل المشهد والتحكم فى أقدار البلاد, فحل محله الإخوان المسلمون ومن ورائهم السلفيون!
وقامت الثورة لتحقيق الفرص لمباشرة الحياة السياسية فى حرية ومساواة, واستقر الرأى تنفيذاً لذلك على تكوين مجلسى الشعب والشورى من 50% للقوائم الحزبية المغلقة, و50% للنظام الفردى للمستقلين، لكن سرعان - تحت ضغط الإخوان والسلفيين ـ ما تم رفع نسبة قوائم الأحزاب إلى الثلثين, والهبوط بنسبة الفردى للمستقلين إلى الثلث, ثم "زاد الطين بلة" بالتصريح للأحزاب بالمنافسة أيضاً على المقاعد الفردية, ولم تكن هذه الهيمنة الجانحة من أهداف الثورة .
واندلعت الثورة للقضاء على حكم الفرد, فحل محله آخر يدين له بالبيعة والولاء ـ كل من ينتمون إلى فصيله الذى يستهدف الاستحواذ على السلطتين التشريعية والتنفيذية, فى الوقت الذى لا يوجد للمبذول له البيعة وضعية دستورية تتيح مساءلته دستورياً كما هو الحال بالنسبة للرئيس ورئيس الوزراء والوزراء.
وهذه أصرخ صورة لحكم الفرد, زيادة على عدم خضوعه للمساءلة !!.

كان من أهداف الثورة إعادة السواء إلى السلطة التشريعية, وليس من أهداف الثورة انحراف التشريع عن مهمته ورسالته ودوره ـ إلى ما هو أسوأ من تطريز ترزية القوانين, وذلك بشخصنة التشريع واستغلاله لتحقيق أغراض خاصة بالفصيل الذى يريد فرض هيمنته واستحواذه على كامل الساحة !!.

كيف ترى مستقبل مصر ؟
المشهد الحالى يعكس تصاعد الفوضى إلى ما فاق كل الحدود، حتى وصلت الأمور إلى حصار وزارة الدفاع والاعتصام أمامها وتهديدها ـ كما رأينا ـ تهديدا غير مأمون العواقب.
ومن اللافت أن من قاموا بهذا العمل الشنيع لا قضية لهم، ولم يسوقوا إلاّ أسبابا مفتعلة توري بأن القصد هو استعراض القوة وانهيار الدولة.  لقد حمل هذا المشهد تساؤلات خطيرة منها لماذا التحرك إلى وزارة الدفاع، وما الغاية من محاصرتها أو الاعتصام أمامها وما هي أطياف وانتماءات ونوعيات هؤلاء, وكيف يمكن عزل الجيش والشرطة؛ وتسليم البلاد فى هذه الفوضى العارمة الى سلطة مدنية مجهولة.
وحسنا فعلت القوات المسلحة بإجلاء هذا العدوان الغاشم، لكن المشهد لا يزال يحمل نذرا.

كيف ترى نهضة الأمة ومخرجها فى الفترة المقبلة ؟
فى العودة إلى الوطن، فقد بعدت معظم الأطياف اللاعبة فى الساحة عن الوطن, وغلبت الأغراض الذاتية على المصالح العامة للوطن.
من المهم ابتداءً أن نجفف الفوضى الضاربة, وأن نعود إلى النبع .. إلى الوطن .. والواجب هو إثراء الانتماء الوطنى الذى يجب أن يحكم اختياراتنا وانتخاباتنا وأداءنا .. فى التربية والتعليم, وفى الثقافة, وفى روح وصناعة التفوق, وفى إدارة ثرواتنا, وفى تحقيق الفرص المتكافئة لأبناء مصر فى التعليم والصحة والعمل.