عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

البيومى : الأمريكان لا يمكنهم قطع المعونة

السفير جمال البيومى
السفير جمال البيومى أمين عام اتحاد المستثمرين العرب

قبل أن يرحل الدكتور صوفى أبو طالب رئيس مصر المؤقت الذى تولى الرئاسة ستة أيام عن دنيانا التقى السفير جمال البيومى مساعد وزير الخارجية السابق وأمين اتحاد المستثمرين العرب الذى سأله: أما من تغيير حقيقى فى هذا البلد؟

فرد المرحوم أبو طالب: يا جمال.. هؤلاء لن يقبلوا بأى تغيير حقيقى لأنهم واثقون من أن أيا من سيأتى بعدهم سوف يلقى بهم جميعا فى السجن!
ويبدو أن حدس الدكتور صوفى أبو طالب كان حقيقي، فلم يلبث أن اشتعل الغضب الشعبى ضد دولة الفساد، وفساد الدولة، وكان لزاما على الثورة أن تحاكم رموز النظام السابق لتتحقق نبوءة الرجل الذى ظل رئيسا للجمهورية ستة أيام فقط.
لذا يبدو الفساد إحدي أخطر المشكلات التى تواجه الاستثمار فى رأى السفير جمال الدين البيومى. فالفساد ينخر أجساد الامم ويطرد اى استثمار جاد شريف نزيه. ومع تأكيد دولة القانون وسيادة مبادئ الشفافية والعدالة يتضاعف الاستثمار بما يفوق التخيلات والتوقعات.
إن الارقام المعلنة لتدفقات الاستثمار تشير الى أن قمة سنوات التدفق الاستثمارى على مصر خلال السنوات العشر الاخيرة كانت سنة 2007 حيث استقبلت مصر نحو 13 مليارا و997 مليون دولار منها ستة مليارات و700 مليون دولار من الولايات المتحدة، و3 مليارات و567 مليون دولار من الاتحاد الأوروبى، ومليار و874 مليون دولار استثمارات عربية. لذا يعتقد جمال البيومى أن هذا الرقم قابل للتضاعف فى ظل نشوء مناخ سليم وإقامة دولة متحضرة، كما يرى الرجل الذى أنفق أكثر من خمسة عقود فى العمل الدبلوماسى وقاد مفاوضات اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية أن علينا أن نعيد البحث عن دوائر الالتقاء بين المصالح المصرية والامريكية والوصول الى صيغ مناسبة لتعظيمها.
وفى هذا الحوار الذى اختص به السفير جمال الدين البيومى جريدة الوفد يبدى الرجل تفاؤله بمستقبل مصر الاقتصادى بعد أن يحلل فى بساطة مقومات القوة والريادة، كما يشخص الرجل مشكلات الاستثمار فى الوقت الآنى وكيفية حلها وتهيئة مناخ الاستثمار لاستقبال استثمارات جادة ومتنوعة. ويكشف الرجل كواليس ما دار بين الحكومة المصرية وصندوق النقد الدولى منذ الشهور الاولى للثورة وخطأ القيادة السياسية لمصر فى رفض القرض فى وقت كان الحصول عليه سيقلل كثيرا من الآثار السلبية التى نعانى منها فى الوقت الحالى.

الزميل مصطفى عبيد يحاور السفير جمال البيومى


< الى="" أى="" مدى="" ينتابك="" القلق="" على="" مستقبل="" مصر="">
- قد تتعجب لو قلت لك إننى غير قلق على مستقبل مصر اقتصاديا لعدة أسباب أولها أن مصر هى ثالث أغنى دولة فى المنطقة بعد السعودية والامارات، فإجمالى الناتج الاجمالى المصرى بلغ عام 2009 نحو 188 مليار دولار وهو ثالث اعلى ناتج اجمالى فى المنطقة، أى أننا أغنى من قطر والكويت والعراق وليبيا بمفهوم القوة الاقتصادية. السبب الثانى ان مصر هى اكبر سوق اقتصادى من حيث عدد السكان على مستوى الدول العربية والشرق الاوسط. كذلك فإن لدينا أكبر قاعدة صناعية فى المنطقة، ولدينا اكبر عدد من المتعلمين فى الدول العربية، حيث يزيد عدد المتعلمين فى مصر علي 60 مليون نسمة. فضلا عن ذلك فإن كافة مؤشرات الاقتصاد سليمة وتؤهل مصر أن تبقى دولة رائدة وقائدة.
لكن ما أخشاه على الاقتصاد المصرى ينصب على اللحظة الحالية أو الفترة الممتدة حتى نهاية 2013 وذلك بسبب نقص السيولة اللازمة لتشغيل المصانع والمشروعات المتوقفة، ولتلبية الاحتياجات الاجتماعية العاجلة. كل ذلك كان يتطلب تحركا مبكرا لتوفير السيولة والتمويل اللازم.
< هل="" تقصد="" أن="" مصر="" تأخرت="" جدا="" فى="" الاقتراض="" من="" صندوق="" النقد="" الدولى="">
- طبعا. أعتقد أن معظم المشكلات التى يعانى منها الاقتصاد فى الوقت الحالى ما كانت لتحدث لو كنا قد حصلنا على قرض صندوق النقد فى يوليو الماضى. لقد كان الصندوق على استعداد لاقراض مصر ودخل بالفعل فى مفاوضات شارك فيها الدكتور سمير رضوان وزير المالية السابق، وفايزة ابو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولى ووافق على تقديم القرض، الا ان القيادة السياسية فى مصر رفضت وكان ذلك خطأ كبيرا. وبعدها بشهور استطاع حازم الببلاوى وزير المالية السابق أن يقنع المجلس العسكرى ان الاقتراض المحلى تجاوز حد الامان، وان الاقتراض الخارجى هو الحل لأن حجم المديونيات الخارجية لمصر يمثل 14 % من الناتج الاجمالى وهو فى اطار المسموح به، خاصة لو علمنا ان الدول العشر الكبرى فى العالم تبلغ مديونياتها 114% من ناتجها الاجمالى، لكن للأسف كان الصندوق قد أصيب بقلق من صعود الإسلاميين سياسيا وسيطرتهم على البرلمان وتصريحاتهم المتكررة بأنهم ضد الاقتراض لانه بفائدة والفائدة ربا محرم من وجهة نظرهم. كما أستبعد صندوق النقد ان يوقع اتفاقا بقرض لمصر مع وجود حكومة مؤقتة توقن ان ايامها باتت معدودة.
وبالمناسبة كانت قطر ستقدم بالفعل عشرة مليارات دولار لمصر لكن ما أكده السفير القطرى أن ذلك سيتم بعد انتخابات الرئاسة، أى بعد نقل السلطة الى حكم مدنى منتخب.
< لكن="" اسمح="" لى="" سيادة="" السفير..="" هناك="" مخاوف="" عديدة="" من="" ارتباط="" قرض="" صندوق="" النقد="" لمصر="" باشتراطات="" قد="" تمثل="" تدخلا="" سافرا="" فى="" الاقتصاد="">
- هذا الكلام مبالغ فيه. لكن هناك اشتراطات بالفعل تستهدف تهيئة اقتصاديات الدول لتصبح قادرة على الوفاء بالتزاماتها. وبالمناسبة مصر لديها سمعة جيدة فى السداد منذ عام 1991 ولم تتطرق اشتراطات الاقراض لأى شىء يخص الدعم أو التوظيف الحكومى. لقد قدموا مقترحات بفرض ضرائب تصاعدية لكنها لم تكن اشتراطات بقدر ما كانت توصيات.
< كيف="" يمكن="" لمصر="" ان="" تجذب="" استثمارات="" جديدة="" خلال="" السنوات="">
- فى البداية علينا أن نسأل أنفسنا هل نحن دولة تسعى بالفعل نحو النمو أم لا ؟ إن كنا نسعى للنمو فلابد من فتح الباب بقوة للاستثمار الاجنبى لأنه الأقدر على توفير فرص عمل جديدة. وأتصور لو نجحت مصر فى تحقيق معدل نمو 8 % لعدة سنوات متتالية فإن معظم مشكلات مصر الاجتماعية ستتلاشى.
وفى تقديرى أن هناك ثلاثة مصادر للاستثمارات الاجنبية أولها استثمارات المصريين العاملين بالخارج، وهناك رقم مفاجئ أخبرنى به وزير الاقتصاد الالمانى مارتن باجمان هو ان استثمارات المصريين فى الخارج تقدر بنحو 180 مليار دولار. لقد كان الرجل مندهشا أننا نبحث عن مستثمرين أجانب ولدينا مستثمرون مصريون عظماء فى مختلف دول أوروبا وأمريكا.
ثانى مصادر الاستثمار الخارجى هم العرب، وأنا كأمين عام لاتحاد المستثمرين العرب أستطيع أن اقول لك إن العرب لديهم تريليون و600 مليار دولار استثمارات خارج العالم العربى.
وثالث المصادر هى دول أوروبا والولايات المتحدة وميزة هذا النوع من الاستثمار انه يساهم فى نقل تكنولوجيا متطورة عند دخوله الى مصر.
وفى تصورى أن روشتة انقاذ الاستثمار تتطلب ثلاثة محاور رئيسية أولها تنفيذ مشروع عاجل للتدريب يتم فيه حشد كافة العاطلين وتدريبهم وتأهيلهم للعمل الصناعى والخدمى، وهو مشروع كان احمد البرعى وزير القوى العاملة السابق قد اقترحه وخصص له مليار جنيه وكان سيستوعب اعدادا كبيرة من العاطلين ويدفع بثروة بشرية جديدة لسوق العمل الا أنه تم تجميده.
ثانى المحاور هو ضرورة السعى لايجاد نوع من التوافق الوطنى حول توجه الاقتصاد المصرى خلال المرحلة القادمة وتحديد شكل الاقتصاد، إما موجها أو اقتصاد سوق وأنا أميل لاتباع اقتصاد السوق الحر مع منح الحكومة سلطة الرقابة والتنظيم ومنح البنك المركزى دورا أكبر للسيطرة على السياسات المالية. أما ثالث المحاور فهو تحسين مناخ الاستثمار فيما يتعلق بالنزاعات القضائية، حيث يلزم تدريب بعض القضاة على قضايا الاستثمار والاقتصاد، خاصة ان كثيرا من الاحكام الصادرة فى قضايا الاستثمار لا يمكن ان تكون عنوانا للحقيقة، فمثلا لا يوجد قاض فى مصر درس الائتمان وسياساته ولا يوجد قاض يعرف ما هى قواعد المنشأ ولا الاغراق وقضاياه. وبهذه المناسبة أذكر قضية مستثمر عربى توفاه الله مديونا لأنه اقام مشروعات كبرى فى مصر وحصل على قرض من أحد البنوك كان فى حدود خمسة ملايين جنيه وأضيفت له مديونيات 60 مليون جنيه عن طريق الخطأ ودخل فى نزاع قضائى حكم فيه ضده رغم سداده نحو 140 مليون جنيه بعد تضاعف الدين

خلال فترة التقاضى.
< هل="" يعنى="" ذلك="" انك="" ترى="" أن="" القضاء="" بوضعه="" الحالى="" لا="" يساهم="" فى="" جذب="">
- نعم بكل تأكيد. القاضى لا يمكنه ان يحكم فى ظل تعبئة الاعلام تجاه المستثمرين بشكل مبالغ فيه. لا أتصور أنه هناك دولة تسعى لجذب استثمارات وتفرض عقوبات بالسجن على مستثمرين. لقد سُئلنا فى احدى الدول العربية عن حكم صادر بالحبس ضد واحد من كبار المستثمرين العرب فى مصر ولم نعرف كيف نرد. ولو نظرت مثلا لقضية المهندس رشيد الوزير السابق ستجد أنه يحاكم بتهمة منح تراخيص اقامة مصانع مجانا للمستثمرين والمفترض وطبقا للقانون فإن تلك التراخيص تمنح بالفعل مجانا. وأنا أتصور أن هناك من يتلاعبون بعواطف الشارع فى أمرين أولهما علاقتنا بامريكا، والثانى موقفنا من المستثمرين. لقد صوروا أمريكا بدولة متآمرة ليل نهار، وصوروا جميع المستثمرين كلصوص ومستغلين. لقد كنت أتحدث قريبا مع واحد من كبار المستثمرين العرب وسألته لم لا تأتى الى مصر، فقال لى لو ضمنت أن آتى وأخرج مرة أخرى دون مشكلة سأفعل. والواضح أن صدور أحكام بحبس مستثمرين عرب أدى لانهيار الثقة بشكل مفاجئ فى مناخ الاستثمار المصرى. وأتصور ان على المجلس العسكرى وكافة القوى السياسية أن يصدروا بيانا يؤكدون فيه احترام الملكية الخاصة والسماح للمستثمرين بحرية الحركة والعمل.
< ما="" رأيك="" فى="" برنامج="" الخصخصة="" وهل="" كانت="" المشكلة="" فى="" التطبيق="">
- أجزم أن الاقتصاد الموجه لا يجذب استثمارات خارجية، وأنا من المؤمنين بأن الدولة لا يجب ان تنتج بيجامات ولكنها يجب ان تنتج سياسات فقط. لكن وجهة نظرى ان أى توجه عام يستلزم إحداث نوع من التوافق الشعبى نحوه، لذا فقد نجح عاطف صدقى وفشل عاطف عبيد رغم ان السياسة واحدة هى الخصخصة. وكان تصورى أن تتم الخصخصة من خلال اعادة الشركات المؤممة الى اصحابها بدلا من بيعها لمستثمرين جدد، فمثلا شركة ياسين التى أممت وكانت صرحا عظيما فى صناعة الزجاج أتصور أنه كان من الاولى إعادتها لورثة ياسين، كذلك الامر فى عمر أفندى حتى لو كان مالكيه الاصليون يهودا فإعادة الحقوق لم تكن لتثير أى شبهات مثلما صاحب معظم صفقات البيع. أنا اريد ان اقول لك وقد اخترت قاضيا فى محكمة القيم أننا مازلنا حتى الآن ننظر قضية ورثة منى عبود للمطالبة باملاكهم المؤممة، وكلنا نعلم بشكل موثق أن أحمد عبود باشا كان أكبر متبرع للجيش المصرى بعد الثورة..
< عملت="" فترة="" طويلة="" فى="" ملف="" المساعدات..هل="" تتصور="" أن="" إلغاء="" المعونة="" الامريكية="" لمصر="" يضر="" بمصلحة="">
- أعتقد ان إلغاء المعونة الامريكية يضر بمصلحة الولايات المتحدة. ولقد قلت مرارا إن المساعدات التى نتلقاها من الخارج اقل كثيرا مما ندفع كقيمة لاستيراد سلع من الدول المقدمة للمساعدات. فعلى سبيل المثال فإن المعونة الامريكية لمصر عبارة عن شقين شق اقتصادي وشق عسكرى يبلغ الجانب الاقتصادى 250 مليون دولار والعسكرى نحو مليار و300 مليون دولار، ونحن نستورد من الولايات المتحدة سلعا ومنتجات بنحو سبعة مليارات دولار. نفس الحال بالنسبة للاتحاد الأوروبى فنحن نحصل على مساعدات قدرها 150 مليون يورو بينما نستورد منهم منتجات بـ18 مليار يورو. وما اريد ان اقوله ان أى مشتر لسلع من هايبر كبير تتجاوز مشترياته رقما بعينه يحصل على حوافز وعروض مجانية وهذا هو ما ينطبق على المساعدات.
< لكن="" التلويح="" المتكرر="" بقطع="" المعونة="" الامريكية="" عن="" مصر="" يجرح="" الكبرياء="" والكرامة="">
- هذا لم يحدث منذ قامت الثورة بشكل رسمى. لم يصدر عن الادارة الامريكية أى تلويحات بقطع المعونة وكل ما اثير كان من بعض المتطرفين من اعضاء الكونجرس وهم لا يمثلون الا انفسهم مثلما يحدث ويهاجم عضو بالبرلمان المصرى دولة معينة. نحن لا نعتبر ذلك موقفا رسميا لمصر. وأنا أتصور أنه آن الاوان أن نعيد رسم سياستنا مع العالم ومع الولايات المتحدة على مبدأ المصالح المشتركة، وأعتقد أن المساحات المشتركة فى سياسات البلدين كبيرة، ولا توجد دوائر اختلاف الا ما يخص أمن اسرائيل، فكلانا يحارب الارهاب والهجرة غير المشروعة ونطالب بحرية التجارة والحركة.
وبالمناسبة فإن فكرة الحرب مع اسرائيل لا يجب أن ترد لدينا لأننا نعترف باسرائيل وجميع العرب يعترفون بها فى اطار المبادرة العربية التى طرحها الملك عبد الله، وانتصرت مصر على اسرائيل بمعركة السلام وقد قال لى الالمان وهم معروفون بعدائهم لاسرائيل إن الرئيس السادات خدع الاسرائيليين وحصل على أرض مصر مقابل لا شىء.
< أى="" المجالات="" مرشحة="" لجذب="" استثمارات="" أكبر="" خلال="" الفترة="">
- فى تصورى قطاع الخدمات لأن مصر دولة خدمات فى الاساس. القطاع السياحى قطاع خدمى وكذلك العلاج والتعليم وهى قطاعات تفرض علينا الانفتاح على العالم الخارجى بشكل جيد. وفى عام 2008 تضاعفت الاستثمارات العربية القادمة الى مصر ثلاثة اضعاف وكان من الملاحظ أن تقسيم تلك الاستثمارات قطاعيا كان كالتالى: 80% لقطاع الخدمات، 9% لقطاع الصناعة و2% لقطاع الزراعة و 9% لباقى القطاعات الاستثمارية.
< كنت="" مهندسا="" لاتفاقية="" المشاركة="" المصرية="" الأوروبية="" وهناك="" البعض="" أيد="" الاتفاقية="" ومازال="" البعض="" يهاجمها.="" كيف="" تقيمها="" بعد="" عدة="" سنوات="" من="">
- أقيمها بمعدلين الأول ارتفاع صادرات مصر الى أوروبا من 3 مليارات دولار قبل الاتفاق الى 12 مليار دولار بعد الاتفاق، ثانى مؤشر استمرار تدفق المساعدات والمنح التى لا ترد الى مصر بمتوسط 150 مليون يورو سنويا.