عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الصومال.. مجاعة بطعم سياسي !

للأسف .. تعامل منظمات الإغاثة العربية والإسلامية مع ما يجري في الصومال علي فترات من مجاعة يشبه الاقتصار علي توفير الطعام لهم لإبقائهم أحياء فقط .. في حين أن تعامل منظمات الإغاثة الغربية مع الصوماليين من بني ملتنا في العروبة والإسلامية "مسيس" – مثل معوناتهم وتمويلهم لمنظماتنا المدنية – وهدفه مزدوج التبشير والعمل الاستخباري لخلق مناطق نفوذ للغرب في الدولة الجائعة !
فليس سرا أن تحرك منظمات الإغاثة الغربية في الصومال - ومن قبلها السودان وعموما في العالم العربي والإسلامي – هو تحرك ظاهرة الإغاثة والعمل الخيري وباطنه هو السياسة والاستخبارات.. فغالبية منظمات الإغاثة الغربية التي تزيد علي 250 منظمة في أفريقيا هي واجهات لأجهزة الاستخبارات الأوروبية والأمريكية ولها أهداف سياسية في حين أن المنظمات العربية والإسلامية تتحرك نحو الصومال بمنطق الإنقاذ فقط دون خطط واضحة أو موحدة وكأننا نطعم الصوماليين لننقذهم من الجوع كي تتلقفهم المنظمات الغربية لتبشيرهم أو شراء ولائهم للغرب ومصالحه ومخططاته الإستراتيجية في القرن الأفريقي .
فالتحرك الغربي – للأسف - نحو الصومال بهدف إنقاذ قرابة 3.5 مليون من مجاعة - سبق أن حذرت منها منظمة الفاو قبل خمسة أعوام كاملة ولم يتحرك أحد – يستهدف تحقيق أكثر من هدف سياسي .. فكما هو معلوم تنتشر مجموعات جماعة شباب المجاهدين (تيار جهادي قاعدي ) المناوئة للحكومة الصومالية في الجنوب حيث مركز هذه المجاعة.. والتحرك الغربي هناك يعتمد علي معلومات مشوهة تزعم منع شباب المجاهدين دخول فرق الإغاثة الغربية للجنوب لوقف المجاعة.
ولكن الحقيقة هي أن هذا التحرك الغربي يستهدف إظهار أن شباب المجاهدين هم سبب الأزمة ومن ثم الدعوة لمزيد من التدخل الدولي هناك وضرب نفوذهم في الصومال الذي يعرقل إنفاذ المصالح الأمريكية في القرن الأفريقي بحيث يستخدم سلاح المعونات والإغاثة لضربهم بعدما أخفق سلاح الحرب !.
ولا يعني هذا الدفاع عن شباب المجاهدين بقدر ما هو توضيح للحقائق .. فشباب المجاهدين يتشككون في منظمات الإغاثة الغربية ويدركون دورها الخبيث الهادف للتدخل السياسي تحت غطاء الإغاثة .. خصوصا ان هذا هو نفس الدور الذي لعبوه في دارفور والذي دفع الحكومة السودانية عام 2009 لطرد 13 منظمة غربية من دارفور بعدما اكتشفت أنهم يلعبون دورا استخباريا وينقلون معلومات مشوهة للمحكمة الجنائية الدولية كي تصدر قراراتها بمحاكمة الرئيس البشير ضمن خطة استخدام الإغاثة كسلاح للتدخل بدلا من الحرب !.

                                                                      أنشطة استخبارية وربحية

وهذه الأنشطة الاستخبارية التي تقوم بها هذه المنظمات الإغاثية الغربية سبق أن اختبرتها الخرطوم في جنوب السودان وفي دارفور حيث كانت تنشط نفس هذه المنظمات وغيرها وكانت تلعب دورا أخطر في التحريض علي فصل الجنوب وتقديم معلومات لأمريكا  والضغط علي قادة الخرطوم .

واشهر المنظمات والشخصيات التي قامت بهذا وكانت لها تجربة صارخة في التعامل مع الكونجرس والاستخبارات الأمريكية هي البارونة البريطانية "كوكس" التي لعبت دورا عبر احدي منظمات الإغاثة الأجنبية في السودان – منظمة التضامن المسيحي – في مساندة متمردي الحركة الجنوبية في جنوب السودان (الحركة الشعبية المشاركة في الحكم حاليا) ، والتي ظهرت أدلة سودانية علي تعاونها مع المخابرات الأمريكية لدعم الجنوب ضد حكومة الخرطوم ضمن مخطط فصل الجنوب عن الشمال .

وآخر هذه الأدوار المشبوهة لهذه المنظمات كانت تصعيد أزمة دارفور وتضخيمها بالزعم أن قتلي دارفور 200 ألف في حين أنهم لا يزيدون علي 10 آلاف قتلوا في صراعات بين الميليشيات القبلية ولم تقتلهم الحكومة كما تردد هذه المنظمات ، فضلا عن نقل معلومات مشوهة للمحكمة الجنائية الدولية بغرض استخدامها كعصا ضد الخرطوم .

والسر الحقيقي لإلقاء الأوروبيين ثِقلهم وراء المخططات الأمريكية للتدخل في شئون الصومال ومن قبله السودان ودارفور والتي سبق أن أدت ضغوطها لانفصالها الجنوب عائدٌ إلى الدور الذي تلعبه منظمات الإغاثة التبشيرية الغربية ذات الطابع الاستخباري هناك، والتي لها أجندة مرتبطة بالاستخبارات الأوروبية والأمريكية، فضلاً عن المصالح المضمونة في السيطرة علي منطقة القرن الأفريقي التي تعتبر مفتاح نقل النفط للغرب والسيطرة علي قناة السويس أيضا .

أين الدور العربي وصناديق الثروة السيادية؟!

والحقيقة أن العرب والمسلمين متهمون بالتقصير مع أهل الصومال وغيرهم من فقراء العرب والمسلمين وهذا التباطؤ العربي والإسلامي في التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية لا يوجد ما يبرره وهو ما يعطي للغرب الفرصة للتدخل وتنفيذ أجندته هناك .

فالمطلوب لمواجهة هذه الأزمة في الصومال بحسب الأمم المتحدة هو (مليار و600 مليون دولار) وهو مبلغ بسيط مقارنة بعوائد النفط العربية مثلا أو ما لدي منظمات الإغاثة العربية ، ولكن المشكلة تتمثل في التكاسل لتوفير هذا الدعم ما يودي

بحياة المزيد من الأطفال الصغار في وقت يلقي فيه باقي إخوانهم الأطنان من طعام إفطار رمضان في صناديق القمامة .. وسوء التخطيط في خطط التحرك حيث العشوائية وعدم التنسيق هي عنوان التحرك العربي والإسلامي بينما عنوان التحرك الغربي هو التخطيط المسبق .

أيضا يثور هنا السؤال عن عوائد صناديق الثروة السيادية العربية التي تضيع في بنوك وخزائن الغرب مع كل أزمة اقتصادية يواجهها الغرب وأمريكا ، ولماذا لا يستخدم ولو 1% فقط منها في مشاريع استثمارية في الصومال وأفريقيا والعالم العربي كله لتنميته وهي بلغة السوق ستحقق مكاسب هائلة ولكن أصحابها ينأون عن مشاكل الاستثمارات في الصومال والبلدان العربية والإسلامية الفقيرة بالاكتفاء بوضعها في حجر أمريكا والغرب وبورصاتهم ومعاملاتهم للحصول علي الفائدة الربوية ، فيما تستفيد أمريكا منها في تشغيل شبابها وإطعام شعبها !!.

فمنذ الأزمة المالية العالمية الأخيرة عام 2009 عززت صناديق الثروة السيادية هذه مركزها بوصفها جهات فاعلة وهامة في الأسواق المالية العالمية وما وراءها ، وبرغم أن توقعات عام 2007، قدّرت أن تصل قيمة أصول صناديق الثروة السيادية إلى 12 تريليون دولار (التريليون ألف مليار) في عام 2015، وغالت بشكل صارخ في مسار نموها، إلا أن صناديق الثروة السيادية تشرف بالفعل على قوة مالية كبيرة .

 ففي أواخر عام 2009، بلغت قيمة أصول صناديق الثروة السيادية في "المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية" 2.4 تريليون دولار ، منها قرابة 1.3 الي 1.5 تريليون دولار للدول العربية فقط ! .. وتكمن أهمية صناديق الثروة السيادية هذه التي تمتلكها الحكومات العربية والإسلامية بخلاف دول أسيوية وأجنبية ( أكبرها نرويجي ثم إمارتي ويليه الصيني وعددها 26 صندوق منها حوالي 9 عربية وإسلامية) في أنها تسيطر على أصول إستراتيجية أمريكية في مؤسسات مالية كبرى مثل "بلاك ستون" و"يو بى إس" و"ميريل لينش و"مورجان ستانلى" و"سيتى"، ما يجعلها تتحكم في الاقتصاد الأمريكي وربما التأثير على السياسة الأمريكية لاحقا لو أرادت الدول العربية مالكة هذه الصناديق .. ولكن مالكيها لا يكترثون كثيرا بالجوعي في الصومال أو الدول العربية والإسلامية الأخري .

مطلوب تحرك عاجل ومدروس ومنسق بين منظمات الإغاثة العربية والإسلامية وألا نترك أهلنا وأخوتنا في الصومال يموتون من الجوع ونحن متخمون بالطعام في رمضان شهر الصيام .. يجب ألا نتركهم فريسة لمنظمات الإغاثة الغربية المشبوهة برغم أن بعضها يحمل طابعا إنسانيا وأن يكون هناك تحرك مستقبلي لمنع هذه المجاعات التي هي سبة في جبين العالم فالأزمة لم تكن مفاجأة، وإنما كانت متوقعة، وقبل خمسة أعوام كاملة وبالتحديد في يناير 2006 حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" من أن 11 مليون شخص في الصومال، وكينيا، وجيبوتي وإثيوبيا يتعرضون لخطر المجاعة بسبب مزيج من الجفاف الشديد والصراعات العسكرية، ومع ذلك لم يتحرك أحد .. وعندما تحرك العرب والمسلمون كانت أجندتهم هي العاطفة والصراخ علي الجوعي دون خطط محددة، أما الغرب – الذي كان يعلم بموعد الأزمة – فأجندته كانت حاضرة وأجهزته تعمل بنشاط !.

شاهد فيديوهات :

http://www.youtube.com/watch?v=nQk9iihLTdw&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=T1fN1Yx-WQ0&feature=related

http://www.youtube.com/watch?v=uRDuNAzs7r0