عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"الناظر": 10 مليارات دولار هدية سنوية لمصر

بوابة الوفد الإلكترونية

أغلى حوار فى حياتى.. بدأته مع الدكتور هانى الناظر، وليس معى سوى بضع أوراق وجهاز كاسيت ومبلغ مالى يزيد قليلاً على 100 جنيه.

ولكن بعد 30 دقيقة من بداية الحوار صار معى 10 مليارات دولار يعنى حوالى 75 مليار جنيه.
وللأمانة هذا المبلغ الضخم ليس لى وحدى، ولكن لك نصيب فيه، أنت وأشقاؤك وأصدقاؤك وأسرتك ومعارفك كلهم.
طبعاً ستسأل: من أين للدكتور هانى الناظر بهذه الثروة الخيالية رغم أنه ليس بيزنس مان ولا «بنكير» ولم تهبط عليه ثروة من السماء ولا هو يمتلك عصا سحرية؟
والإجابة: كل ما تقوله صحيح فى الدكتور «الناظر»، رئيس سابق للمركز القومى للبحوث، ولم يكن يوماً رجل أعمال ولم تهبط عليه ثروة من السماء ولكنه يمتلك كلمة سر قادرة على توفير ثروات خيالية.. كلمة قادرة على حل كل أزمات مصر خلال شهور قليلة وبعض تلك الأزمات سيحلها خلال أسابيع بل خلال أيام فقط.
كلمة السر التى ستحقق كل هذا كانت محور حديثى مع الدكتور هانى الناظر.
ولأنه قرر قبل أيام قليلة الانضمام لحزب الوفد سألته فى البداية.
> فى مصر حالياً حوالى 80 حزباً سياسياً.. فلماذا اخترت «الوفد» وفضلت الانضمام إليه؟
- فقال: أنا لست ناصرياً ولا اشتراكياً ولست مع الليبرالية المتوحشة، وأرفض تماماً خلط السياسة بالدين، اللهم إلا إذا كنت ستمارس السياسة بأخلاق الدين، ولهذا كله اخترت «الوفد» لأنه يمثل الليبرالية المحافظة وهذا ما يتوافق تماماً مع توجهى وقناعاتى، وهذا هو السبب الأول الذى جعلنى أفضل الانضمام لحزب الوفد.
> والسبب الثانى؟
- السبب الثانى هو أن حزب الوفد يؤمن بالبحث العلمى وبقيمة العلم فى حل مشاكل مصر وهذا أيضاً ما أؤمن به تماماً، ولهذا انضممت للوفد الذى يسعى حالياً لوضع رؤية علمية لحل مشاكل مصر ورأيت أنه بإمكانى أن أساهم مع قيادات الوفد فى تحويل الأبحاث العلمية الموجودة فى مصر إلى واقع لكى نبنى مصر الحديثة القوية ونحل كل مشاكل مصر.
> وهل البحث العلمى فى مصر قادر على حل كل مشاكل مصر؟
- نعم.. حل مشاكل مصر.. كلها.
> يا دكتور البحث العلمى فى مصر على الهامش بدليل أن مخصصاته لا تكاد تذكر؟
- لا.. الحقيقة البحث العلمى كان على الهامش ولكن بعد الدستور الجديد تغير الوضع بشكل كبير.
> كيف؟
- كانت مخصصات البحث العلمى لا تتعدى 0.2٪ من الناتج القومى ولكن التعديلات التى تم إضافتها للدستور بعد 30 يونية ألزمت الدولة بأن تخصص للبحث العلمى 1٪ على الأقل من الناتج القومى على أن تزداد هذه النسبة تدريجياً لتصل إلى النسبة العالمية، وأنا كنت رئيس اللجنة العلمية المكلفة بصياغة المواد العلمية فى الدستور، وأصررت على هذا النص.
> وهل ترى 1٪ من الناتج القومى يكفى؟
- مقارنة بما كان، تعتبر هذه النسبة نقلة كبيرة، فمخصصات البحث العلمى كانت 0.2٪ من الناتج القومى والآن صارت 1٪ يعنى زادت 5 أمثال وستزداد النسبة عاماً بعد آخر، وأيضاً وطبقاً للمادة 66 من الدستور فإن الدولة ملتزمة برعاية المبتكرين والمخترعين وهذا أمر هام جداً.
> على ذكر رئاستك للجنة صياغة المواد العلمية فى التعديلات الدستورية الأخيرة.. أذكر أنك عارضت بشدة النص الدستورى الذى وضعه الإخوان أثناء حكم مصر والخاص بتعريب العلوم؟
- كان لازم أعارض حاجة زى كدة.. دى كانت كارثة على التعليم والبحث العلمى لأن تعريب العلوم سيؤدى إلى أن خريجى الجامعات لن يكون لهم أية دراية باللغة الإنجليزية واللغات الأجنبية الأخرى، وبالتالى سيكون من المستحيل أن يشاركوا فى مؤتمرات علمية أجنبية أو أن يقرأوا المجلات العلمية العالمية وهو ما سيؤدى فى النهاية إلى تأخر التعليم والبحث العلمى بدرجة مرعبة، ولهذا عارضت بشدة تعريب العلوم رغم أننى أؤيد ترجمة العلوم، وطبعاً هناك فارق كبير بين ترجمة العلوم وتعريب العلوم.
> كنت رئيساً للمركز القومى للبحوث لمدة 8 سنوات؟
- فكم عالماً فى هذا المركز الذى يعد أقدم مراكز البحوث فى الشرق الأوسط؟
- فى المركز 5 آلاف أستاذ وباحث ومساعد باحث منهم حوالى 2000 أستاذ والباقى من الشباب يعنى باحثين ومساعدين باحثين.
> وماذا عن رواتبهم؟
- أعلى راتب فى مركز البحوث وهو راتب الأستاذ ويصل إلى 10 آلاف جنيه شهرياً بعد الزيادات الأخيرة التى شهدتها الرواتب فى عموم الدولة، أما مساعد الباحث فيحصل على 3 آلاف جنيه شهرياً.
> عفواً.. هل تعرف دخل لاعبى كرة القدم فى أندية الدورى المصرى؟
- عارف.. عارف إن فيه بعض اللاعبين بيحصلوا على 3 أو 4 ملايين جنيه سنوياً.
> معنى ذلك أن من يلعب بقدميه الكرة يحصل على عشرات أضعاف من يفكر بعقله.. فهل هذا الواقع يضايقك؟ أو يؤثر عليك بشكل أو بآخر؟
- بالتأكيد يؤثر سلباً على «نفسية» العلماء والباحثين وقد لمست هذا بنفسى ولكنى أؤكد أن كل أساتذة المركز القومى وباحثيه يحبون مصر أكثر من حبهم للفلوس ولهذا يعملون ويجتهدون رغم كل شىء ورغم إحساسهم بالمرارة أن لاعبى الكرة يحصلون على رواتب تعتبر خيالية مقارنة بما يحصل عليه العلماء والباحثون.
وعلى فكرة أرجو ألا يعتبر أحد كلامى هذا هجوماً على الرياضة أو تقليلاً من شأنها بالعكس الرياضة مهمة ولكن يجب أن يكون البحث العلمى أكثر أهمية لأن البحث العلمى سلاح الفقراء ولكن للأسف البحث العلمى مهمل.
> منذ متى والبحث العلمى فى مصر مهمل؟
- منذ أكثر من 60 عاماً وهذا الإهمال أدى إلى انفجار المشاكل الاقتصادية والصحية والزراعية والثقافية والاجتماعية فى مصر.
> يعنى لو كانت الدولة مهتمة بالبحث العلمى ما كانت كل هذه المشكلات تظهر فى مصر؟
- نعم.. ولكن لأن الإهمال تواصل فظهرت كل هذه المشكلات.
> وهل الإهمال مازال مستمراً حتى الآن؟
- نعم.. فرغم أن الدستور نص على زيادة مخصصات البحث العلمى لتصل إلى 1٪ من الناتج القومى إلا أن وزارة البحث العلمى ذاتها لاتزال مهمشة، فهى أولاً وزارة دولة يعنى مجرد حقيبة وزارية بدون وزارة وأحياناً تضمها الدولة إلى وزارة التعليم العالى، فإذا أرادت مجاملة شخصية ما بمنصب وزارى جعلته وزير دولة للبحث العلمى.
> هل معنى ذلك أن مصر بلا بحث علمى جاد؟
- مصر بها جميع المقومات التى تجعلها تقفز علمياً خلال سنوات قليلة.. ففى مصر علماء متميزون جداً بدليل أن أياً منهم عندما يسافر للخارج يثبت كفاءة عالية ويتفوق بدرجة كبيرة.
> وهل عدم اهتمام الدولة بالبحث العلمى أمر مقصود أم أنه نتيجة فقط لقصور فى رؤية القائمين على أمور البلاد؟
- أعتقد أن سببه عدم إيمان الدولة بأهمية العلم فى حل المشاكل وبناء الدولة الحديثة.
> وهل تعتقد أن هناك جهات خارجية ما تمارس ضغوطاً على الحكومات المصرية لكى يظل البحث العلمى مهمشاً؟
- لا أعتقد ذلك، وأنا لا أحب تعليق الشماعات على جهات خارجية ولهذا أؤكد أن الدولة المصرية هى المسئولة عما يحدث للبحث العلمى فى مصر من إهمال.
> قلت إن البحث العلمى قادر على حل كل مشاكل مصر.. فهل هو قادر على حل أزمة الخبز مثلاً؟
- قادر على حل أزمة الخبز وأزمة المياه وأزمة المرور والعشوائيات وكل أزمات مصر.
> لنبدأ بأزمة الخبز؟
- خلال السنوات العشر الأخيرة تعرضت مصر لأزمة خبز مخيفة وبدأ الناس يقتلون بعضهم بعض أمام المخابز للفوز ببضعة أرغفة، واشتدت الأزمة جداً عام 2008 ووقتها كنت رئيساً للمركز القومى للبحوث فقررت البحث عن حل علمى لأزمة الخبز، وكانت البداية هى البحث عن أسباب الأزمة.
> وماذا وجدت عندما بحثت عن أسباب الأزمة؟
- وجدت أن الأزمة تكمن فى أن سكان مصر يتزايدون بمعدلات كبيرة، بينما مساحة القمح المزروع فى مصر ثابتة تقريباً حتى أصبحنا لا ننتج سوى 50٪ من استهلاكنا تقريباً من القمح وبالتالى اضطرت الدولة إلى استيراد أقماح من الخارج بمبالغ كبيرة فزادت الأعباء على الموازنة العامة للدولة وزادت المبالغ التى تنفقها الدولة كدعم للخبز.
> على ما أذكر أن الدولة عام 2008 قررت مواجهة الأزمة بفكرة فصل الإنتاج عن التوزيع؟
- هذا حل إدارى للمشكلة.. يعنى حلاً اتخذته الحكومة وهى جالسة فى مكاتبها ومثل تلك الحلول ليست حلولاً جذرية للأزمة.
> الحكومة الآن قررت لمواجهة الأزمة توزيع الخبز على البطاقات التموينية مع تخصيص 5 أرغقة يومياً لكل مواطن.. فهل سيكون هذا الحل أفضل من سابقه؟
- هذا أيضاً حل إدارى وليس هو الحل الجذرى لمشكلة خطيرة مثل الخبز الذى تطلق عليه فى مصر لفظ «عيش» يعنى مصدر الحياة، والبعض يطلقون على العمل نفسه أكل عيش وهذا يعكس مدى أهمية الخبز فى حياة المصريين.
> إذا كانت الحلول التى طرحتها الحكومات المتعاقبة لأزمة الخبز حلولاً إدارية ــ بحسب وصفك ــ وليست حلولاً جذرية كما قلت فما هو الحل الجذرى إذن؟
- الحل الحقيقى والجامع المانع هو الحل العلمى.
> وما هو هذا الحل؟
- الإجابة تعيدنى مرة أخرى إلى ما قام به المركز القومى للبحوث عام 2008 وكما قلت من قبل بحثنا عن حل نهائى لأزمة الخبز وكانت بداية الحل هو تحديد سبب المشكلة وهو كما قلت زيادة السكان مع ثبات كمية القمح التى يتم زراعتها فى مصر.
> وهذا عن سبب الأزمة فماذا عن الحل؟
- الحل هو زيادة إنتاج مصر من الدقيق الذى يستخدم فى صناعة الدقيق.
> تقصد القمح؟
- لا..
> كيف؟
- عندما بدأت أدقق فى تاريخ مصر اكتشفت أن الفراعنة كان عندهم 45 نوعاً من الخبز، معظمهم من دقيق الشعير ووجدت أيضاً أن الإمبراطورية الرومانية كانت تزرع الشعير فى مساحات شاسعة من صحراء مصر الغربية وتحول الشعير إلى خبز تخصصه لإطعام جنود الإمبراطورية ورجال جيشها.
> ولماذا خبز الشعير تحديداً للجنود ورجال الجيش؟
- بحثت فى الأمر فوجدت أن القيمة الغذائية لخبز الشعير أعلى بكثير من خبز القمح، كما أن خبز الشعير يحمى من يأكله من الإصابة بقائمة طويلة من الأمراض على رأسها سرطان القولون فضلاً عن أن خبز الشعير يمنح آكله طاقة كبيرة ومن هنا فكرنا فى خلط الشعير بالقمح لإنتاج نوع جديد من الخبز.
> إذا كان الشعير بهذه المزايا فلماذا لم تحاولوا إنتاج رغيف خبز من دقيق الشعير الخالص؟
- خبز الشعير «جامد» ومذاقه «مش مستصاغ» لنا كمصريين ولهذا قررنا تجربة عملية الخلط التى قلت عنها وبدأت بنسبة 95٪ قمح و5٪ شعير ووجدنا من الأفضل زيادة نسبة الشعيرحتى وصلنا إلى إنتاج خبز من دقيق القمح ودقيق الشعير بنسبة خلط 75٪ قمحاً و25٪ شعيراً.
> وكيف وصلتم إلى هذه النسبة؟
- قسم بحوث الصناعات الغذائية بالمركز القومى للبحوث أجرى تجارب عديدة وأنتج خبزاً بنسب خلط مختلفة وكان يستعين بأشخاص كثيرين ليتذوقوا الخبز الذى ينتجه فى كل مرة وانتهت التجارب إلى أن أفضل نسبة خلط هى 75٪ دقيق قمح و25٪ دقيق شعير وهو ما سينتج عنه أفضل أنواع الخبز مذاقاً وقيمة غذائية وقواماً وبعد أن أثبتنا عملياً أن خلط الشعير بالقمح سينتج عنه نوع من الخبز أفضل من الخبز الحالى، انتقلنا إلى معضلة جديدة.
> وما هى؟
- هذه المعضلة هى كيف ننتج أقصى كمية من الشعير دون أن نقتطع شبراً واحداً من الأرض الزراعية الحالية ودون أن نستهلك نقطة مياه من نهر النيل.
> هذا الكلام أشبه بالفزورة؟
- أبداً مش مفزورة ولا حاجة.. الحكاية إننا لو زرعنا شعيراً على جزء من الأراضى الزراعية المصرية فإننا نكون «معملناش حاجة» سوى أننا استبدلنا جزءاً من الأراضى المزروعة بالقمح، وزرعناها بالشعير وهذا الأمر لا يقدم ولا يؤخر فى أزمة الخبز، فلكى يكون الحل علمياً وعملياً ومفيداً كان علينا أن نصل إلى طريقة ما أو فكرة ما تجعلنا نزرع أكبر مساحة ممكنة من الأرض بالشعير دون اقتطاع شبر من الأرض الزراعية الحالية ودون استهلاك نقطة «مية» واحدة من مياه النيل كما قلت.
> وهل توصلتم إلى طريقة تمكنكم من ذلك؟
- هذا ما فعلناه بالضبط.. ووجدنا الحل فى الفيوم وتحديداً فى بحيرات وادى الريان والأرض المحيطة بها.
> وماذا وجدتم فى الفيوم بالتحديد؟
- بحيرات وادى الريان فى الفيوم أنشأتها الدولة فى الستينيات لكى تكون نواة لاستصلاح مساحات شاسعة من أراضى الصحراء الغربية ووقتها فكرت الدولة فى استغلال منخفض وادى الريان لزراعة الصحراء الغربية عن طريق ملء المنخفض بمياه الصرف الزراعى ثم استغلال تلك المياه فى الزراعة وبالفعل بدأت الدولة تمد الترع لكى تحمل مياه الصرف الزراعى فى محافظة الفيوم وتصبها

فى منخفض وادى الريان وبدأت مياه الصرف الزراعى تتدفق على المنخفض ولكن حدثت نكسة 1967 فانشغلت الدولة بالحرب وبتحرير سيناء ونسيت مشروع وادى الريان ولكن المياه ظلت تتدفق على منخفض وادى الريان لسنوات وسنوات بمعدل 200 مليون متر مكعب من المياه سنوياً.
> وماذا حدث مع توالى تدفق المياه بهذه الكمية الكبيرة سنوياً؟
- كونت المياه بحيرة مساحتها 13 ألف فدان ومع توالى التدفق قطعت المياه أحد جوانب البحيرة نشأ شلال الفيوم الشهير جداً ثم تجمعت المياه المتدفقة من هذا الشلال لتكون بحيرة أخرى بلغت مساحتها حالياً 17 ألف فدان.. وهكذا صار لدينا فى الفيوم بحيرتان مساحتهما 30 ألف فدان من المياه التى يمكن استخدامها فى الزراعة لأنها أساساً مياه صرف زراعى.
> وما علاقة ذلك بأزمة الخبز؟
- علاقته وثيقة جداً.. لأننا فكرنا فى استغلال هذه الكميات الهائلة من المياه فى زراعة الشعير بالصحراء الغربية وبذلك نكون قد حققنا المعادلة الصعبة أى نزرع مساحات شاسعة من الأراضى دون اقتطاع أى شبر من الأراضى الزراعية الحالية ودون استهلاك نقطة واحدة من مياه نهر النيل، لأن مياه البحيرة هى مياه صرف زراعى أساساً.
> ولكن هل مياه الصرف الزراعى تصلح لزراعة الشعير؟
- نعم ثبت أنها تصلح خاصة أن كل الشوائب وبقايا الأسمدة الكيماوية التى تحملها مياه الصرف الزراعى.. كل ذلك يتسرب إلى قاع البحيرات وبالتالى تكون المياه صالحة تماماً لزراعة الشعير وهكذا توصلنا لكميات هائلة من المياه غير المستغلة ولكننا بعدها اصطدمنا بمفاجأة غير سارة.
> وما هى؟
- اكتشفنا أن الدولة فى بداية الثمانينيات حاولت استغلال مياه بحيرة وادى الريان فى الزراعة ولكنها فشلت لأن الأرض المحيطة بالبحيرة أرض رملية.
> كدة فكرتكم فشلت؟
- لا.. نحن لم نفقدالأمل وبدأنا نبحث عن نبات يمكن زراعته فى الأرض الرملية المحيطة بالبحيرة، وبعد دراسات طويلة اكتشفنا أن هذه الأرض تصلح تماماً لزراعة نبات واحد.
> وما هو؟
- الشعير.. تخيل.. ما كنا نبحث عنه ونحلم به وجدناه.. وحتى نتأكد من صحة هذا الأمر أخذنا 30 فداناً على بحيرة الريان وزرعناها بنوع من الشعير اسمه «الشعير المعرى» فكان إنتاج الأرض رائعاً ووفيراً، وعلى فكرة هذا النوع من الشعير هو أحسن أنواع الشعير على الإطلاق وهكذا انتهت دراستنا العلمية إلى أنه يمكن زراعة مئات الآلاف من الأفدنة الممتدة من الفيوم إلى بنى سويف فى الصحراء الغربية، بالشعير الذى يصلح لخلطه بالقمح لإنتاج نوع من الخبز أفضل كثيراً من الخبز الحالى وزراعة هذه المنطقة سيجعل مصر لا تحتاج لاستيراد قمح من الخارج وبلغه الأرقام يعنى أننا سنوفر حوالى 10 مليارات دولار تنفقها الدولة سنوياً لشراء قمح من الخارج بخلاف أن الشعير يمكن تصديره لأوروبا بأسعار تعادل نفس أسعار القمح أى أننا يمكن أن نصدر الشعير الذى ستتجه أرض غير مستغلة حالياً ودون أن نستهلك نقطة مياه واحدة من مياه النيل، بخلاف أننا سنوفر آلافاً من فرص العمل وسيحول المنطقة الممتدة من الفيوم إلى بنى سويف إلى منطقة جاذبة للعمالة.
> معنى ذلك أننا سنوفر 10 مليارات دولار سنوياً وسنخلق الآلاف من فرص العمل؟
- بالضبط وسنقضى تماماً على أزمة الخبز فى مصر لأنه سيكون لدينا كميات ضخمة من دقيق الشعير الذى يمكن أن نخلطه بدقيق القمح لإنتاج نوع من الخبز أفضل كثيراً من الخبز الحالى لأنه يمنح الجسم طاقة أكبر ويمنع الإصابة بسرطان القولون ويحول دون إصابة الجهاز الهضمى بالأمراض كما أنه يمد الجسم بمضادات الأكسدة التى تقى الجسم من كثير من الأمراض، يعنى باختصار الخبز الجديد سيكون غذاء ودواء معاً.
> الحكومة فى سنوات سابقة طرحت فكرة خلط القمح بالذرة لإنتاج خبز جديد فما الفرق بين فكرة الحكومة والفكرة التى تطرحها الآن؟
- فارق شاسع.. لما تخلط القمح بالذرة يبقى انت معملتش حاجة فى أزمة الخبز لأنك استهلكت أرضاً زراعية واستهلكت كمية كبيرة إضافية من مياه النيل لزراعة الذرة أما الفكرة التى توصلنا إليها فى المركز القومى للبحوث وأخضعناها لتجارب عديدة حتى ثبت صحتها فلن تقتطع شبراً من الأراضى الزراعية الحالية ولن تستهلك نقطة من مياه النيل كما قلت من قبل.
> كم عاماً استغرقتها الدراسة التى تتحدث عنها؟
- حوالى 30 شهراً وشارك فيها 60 عالماً وأستاذاً وباحثاً بالمركز القومى للبحوث.
> معنى ذلك أنكم انتهيتم منها عام 2009؟
- بالضبط.
> ثم ماذا؟ يعنى ماذا فعلتم بالدراسة بعد ذلك؟
- عرضتها ـ آنذاك ـ على حكومة الدكتور أحمد نظيف فلم أتلق أى رد من الحكومة وبالتالى كان مصير هذه الدراسة هو «الدرج».
> ولماذا لم تعرضها على حكومات ما بعد ثورة يناير؟
- والله حصل.. عرضتها على حكومة الدكتور عصام شرف ثم على حكومة الدكتور كمال الجنزورى ثم على حكومة الدكتور هشام قنديل ثم على حكومة الدكتور حازم الببلاوى والحكومات الأربعة «لا حس ولا خبر» وأكثر من مرة تحدثت فى وسائل الإعلام، وقلت إن المركز القومى للبحوث لديه دراسة علمية متكاملة تقضى تماماً على أزمة الخبز خلال 6 شهور وللأسف لم أتلق رداً من أحد.. والآن أقول للمهندس إبراهيم محلب، رئيس الحكومة الحالية، إن المركز القومى للبحوث لديه دراسة علمية متكاملة تنقذ مصر من أزمة الخبز للأبد بعد 6 شهور.. وأتمنى أن يجد ندائى هذا آذاناً تسمع وقلوباً يهمها صالح مصر.
> تقول إن تطبيق الدراسة العلمية التى تتحدث عنها سينقذ مصر من أزمة الخبز خلال 6 شهور؟
- نعم.. خلال 6 شهور ومشكلتنا فى مصر أن الكثيرين يعتقدون أن البحث العلمى والتكنولوجيا يحتاج إلى عشرات السنين لكى يحل أزمة ما وهذا غير صحيح.. البحث العلمى يمكنه أن يحل مشكلات ضخمة خلال ساعات معدودة، وبخصوص أزمة الخبز أؤكد أن الدراسة التى أتحدث عنها ستحل أزمة الخبز فى 3 شهور فقط وستقضى عليها تماماً  خلال 6 شهور.
> ولماذا 3 شهور ثم 6 شهور؟
- الأمر متعلق بالشعير، فالمعروف أن القمح مثل الشعير نبات شتوى ولكن الفارق بينهما أن القمح يحتاج إلى 6 شهور كاملة لكى ينضج محصوله، أما الشعير فلا يحتاج إلا إلى 3 شهور فقط ومعنى ذلك يمكننا زراعة على الأقل 300 ألف فدان من أراضى الصحراء الغربية فى أكتوبر القادم وفى يناير الذى يليه سيكون لدينا كميات من الشعير تجعلنا قادرين على تحقيق 75٪ من الاكتفاء الذاتى من الدقيق المخلوط الصالح لإنتاج الخبز، ويمكن فى الوقت ذاته زراعة المساحة نفسها مرة أخرى بالشعير فى يناير 2015 ومعنى هذا أننا فى مايو 2015 سنكون قد تمكنا من تحقيق اكتفاء ذاتى كامل من الدقيق الذى نحتاجه لإنتاج خبز يكفى كل المصريين أى سنوفر للدولة 10 مليارات دولار سنوياً وسنقضى تماماً على أزمة الخبز لأنه سيكون لدينا دقيق يكفى استهلاكنا وربما يزيد.
> رفض حكومات الاستفادة من هذه الدراسة المهمة جداً هل له تفسير لديك؟
- الحقيقة لا أجد تفسيراً منطقياً لهذا الأمر ولذلك أنا مندهش جداً من رفض الحكومة الاستفادة من الأبحاث العلمية لحل أزمة الخبز.
> هل تعتقد أن فى مصر من يهمه أن تظل البلاد تعانى أزمة خبز وتظل دوماً فى حاجة لاستيراد القمح من الخارج؟
- بالتأكيد فى مصر من يهمه أن تظل أزمة الخبز قائمة وأن تظل البلاد فى حاجة مستمرة لاستيراد قمح من الخارج؟
- مثل من؟
- بلاش أسماء ولكن البحث دوماً عن المستفيد من وجود هذه الأزمة ومن استيراد قمح من الخارج.
> وماذا ستفعل لو أن حكومة المهندس «محلب» كانت مثل سابقتها ولم تستمع لنداءاتك؟
- هدفى فى الحياة هو خدمة وطنى وقضيتى الأساسية هى الاستفادة بأبحاث العلماء المصريين وأفكارهم لبناء مصر الحديثة القوية والرائدة ولهذا سأجمع كل الأفكار والأبحاث الجادة سأقدم هذه الأفكار والأبحاث لقيادات الوفد ليكون لدى الوفد حلول علمية لحل كل أزمات مصر.. وأتمنى أن يحقق حزب الوفد الأغلبية فى الانتخابات البرلمانية المقبلة لأنه عندها سيشكل الحكومة ووقتها سيستطيع فى شهور قليلة جداً حل كل أزمات مصر حلاً جذرياً.
> وهل أنت مستعد لتقديم هذه الدراسات لرئيس مصر الذى سينتخبه المصريون نهاية الشهر الجارى؟
- طبعاً.. فهدفى كما قلت هو خدمة وطنى.
فى الحلقة القادمة
 

شاهد الفيديو