عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الربيع العربى مؤامرة أمريكية لخدمة إسرائيل

بوابة الوفد الإلكترونية

لا يترك المؤرخ الكبير د. عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث الحاصل على جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية ووسام الجمهورية للعلوم والفنون من الطبقة الأولى، مناسبة إلا وأكد فيها أن «أمريكا» هي رأس الشيطان الأكبر

وهي التي صنعت ثورات الربيع العربى بغية تأمين مصالحها وحماية إسرائيل حتي تصبح دولة يهودية وتأخذ الطابع الديني بدلاً من أن تكون دولة علمانية وديمقراطية، وهي منذ ظهور حقب بعيدة تسعى لتنفيذ مخططها وهو الشرق الأوسط الجديد بعد تفتيت الكيانات والقوميات العربية الكبرى، ومن ثم سعت حثيثة لتوقع الدول العربية في شرك الربيع العربى لتقلب الدفة رأساً علي عقب علي الحكام العرب فهم بالرغم من ولائهم لها إلا أنهم لا يقبلون بتنفيذ مخططها وأجندتها ولهذا عملت علي استبدالهم بحكام آخرين وألبت الشعوب ضدهم، ولم ترد بديلاً لهؤلاء الحكام إلا التيار الإسلامي متمثلاً في جماعة الإخوان المسلمين الذين لا هم لهم سوي تطبيق أهدافهم ليقيموا الحكومة الإسلامية فهم لا يؤمنون بالوطن قدر إيمانهم بالأمة الإسلامية، ومن ثم تلاقت المصالح والأهداف، لذا تستميت أمريكا في الدفاع عن حكم هذا التنظيم، وتتأرجح سياستها بين الغموض والعلن تبعاً لمصالحها الاستراتيجية، وفي حواره مع «الوفد» يرصد د. «الدسوقى» الأحداث بخبرته وحنكته التاريخية من مقدمات وأدلة ليخرج بنتائج عدة في مقدمتها أن الربيع العربي بالأساس صناعة أمريكية قديمة لتنفيذ أجندتها في المنطقة، فإلى نص الحوار:
< منذ="" متي="" بدأت="" علاقتك="" بالتاريخ؟="" وما="" أسباب="" عشقك="">
- بدأت في سني حياتي الأولي في البيت والمدرسة في آن واحد، فقد كان والدي يهتم كثيراً بالتاريخ ويشجعني علي قراءته، وجزء من مكتبتى الخاصة هو من كتب مكتبة والدي رحمه الله، فقد كان يحدثنا من آن لآخر عن بعض السياسيين عندما يأتي خبر هنا وهناك، فأذكر مثلاً أنه كان يتحدث معنا عن إسماعيل صدقي وأنه عدو العمال، وأن محمد محمود رجل ضد الدستور أو ديكتاتور، وكان يحب مصطفي كامل ويحفظ بعض مقولاته، لدرجة أنه عندما قامت ثورة 1952م وبدأ التفاوض مع الإنجليز كان يردد أن هذا لن ينتهي إلى شىء، لأن مصطفى كامل قال: لا مفاوضة إلا بعد الجلاء، فصور هؤلاء الزعماء كانت موجودة دائماً لدينا، ومحمد فريد وسعد زغلول أيضاً ومحمد نجيب وجمال عبدالناصر، أما في المدرسة فكان مدرس التاريخ، وهذه نقطة مهمة في التربية نفسها هو القائم بالاتصال الوثيق بين المعرفة وبين المتلقى، فقد حالفني الحظ في المرحلة الابتدائية والثانوية أن المدرس كان يشرح التاريخ ويرويه لنا بطريقة محببة، ولن أنسى أساتذتي، ومنهم الأستاذ عبدالحميد فتيحة، مدرس التاريخ، وكان في وقتنا في مرحلة الثانوية العامة هناك تخصص أدبي وعلمي وهناك تخصص التخصص، فإذا كنت في القسم الأدبي، فهناك تخصص أدبي في التاريخ أو الجغرافيا، وأيضاً شعبة علمى، فهناك علمي رياضة أو علم أحياء، فالتحقت بالقسم الأدبى في التاريخ، وكنت أدرس تاريخ أوروبا، وعندما التحقت بكلية الآداب جامعة عين شمس التحقت بقسم التاريخ بطبيعة الحال نظراً لتخصصى فيه، ولهذا عشقت التاريخ جيداً، فكانت كل الأجواء من حولى تشجعني علي التعلم وحب التاريخ، وأن أستزيد من المعرفة به.

الربيع العربى
< هل="" نحن="" أمام="" دورة="" تاريخية="" جديدة="" يدشنها="" «الربيع="">
- نعم.. بطبيعة الحال، لكن هناك فرقاً بين العامل الذاتي والعامل الخارجى في قيام مثل هذه الحركات الكبرى في تاريخ الأمة، فالثورة ليست عملاً يومياً، فبين ثورة وأخرى في مجتمع فترات طويلة، وتكون لها أسبابها الموضوعية الإجبارية التي تدفع لهذا الانفجار، صحيح أن ثورة يناير 2011 كانت أسبابها تعود إلى فترة حكم مبارك، عندما نتحدث عن الأوضاع الاجتماعية بداية من تطبيق سياسات الانفتاح الاقتصادى ورفع يد الدولة عن التزاماتها الاجتماعية في تعيين الخريجين وتشجيع التعليم الجامعى الخاص، وهذا معناه محاصرة التعليم الجامعى المجانى، بالإضافة إلي إلغاء جميع ألوان الدعم علي مستلزمات الإنتاج فارتفعت التكلفة والأسعار، ودفع الثمن أصحاب الدخل الثابت، فما بالنا بالذين لا دخل لهم، وهذه كلها مؤشرات وعوامل تؤدى إلي الثورة، وهناك علي المستوي السياسي حدث تلاعب بالديمقراطية في الانتخابات البرلمانية وكذلك الرئاسية، حتي عندما تم ترشح عدد من الأشخاص أمام الرئيس اكتشفنا أنهم مرشحون «كومبارس» بالرغم من أن الدولة دعمتهم وأعطتهم منحة لينفقوا منها علي الحملات الانتخابية، والنتيجة انتهت سلفاً بفوز الرئيس الأسبق وقتها، وكل هذه العوامل أدت للثورة، وحتى الآن ليس في مصر فقط، ولكن في الدائرة العربية التي عرفت بـ«الربيع العربي» وهنا يأتي دور العامل الخارجي ويتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية بدءاً من أنها صاحبة إطلاق مصطلح «الربيع» وهذا معناه أن هذا المصطلح في صالح الاستراتيجية الأمريكية، فإذا لم يكن في صالحها، ما كانت أمريكا قضت علي هذه الثورات تحت عنوان مفهوم لديها وهو «الشرعية» فهؤلاء حكام ديمقراطيون تم انتخابهم.. لأنه يعقل أن تقوم ثورة في بلد ثم بعدها بأسبوعين في بلد آخر مجاور، وبعدها بأسبوعين في بلد ثالث وكانت المسألة سيناريو مرسوماً مسبقاً.
< إذن="" بماذا="" تفسر="" تشابه="" سيناريوهات="" الثورة="" في="" العالم="" العربى="" وكذلك="" عدم="" استقرار="" الأوضاع="" بعد="" قيام="" الثورات="" بفترات="">
- هذا هو ما نتحدث عنه وهو العامل الخارجى، لأننا عندما نتحدث عن الثورة الفرنسية الشهيرة في 1789 ضد الملك وأعدمته لم تقم ثورة في البلد المجاور وكلهم ملوك، لكن في حالتنا نحن منذ يناير وفبراير إلي مارس رأينا ثورات متتابعة بين كل بلد وبلد، وهذا لا يفسر إلا بأن الفاعل واحد، وهذا الفاعل أطلق كلمة الربيع، والذى يؤكد على هذا أن أمريكا استخدمت مصطلح «الربيع» مرتين في مصلحتها قبل ذلك، علي سبيل المثال في الثورة التي قامت في المجر لمحاولة الخروج من فلك الاتحاد السوفيتي 1956 ووقتها حرك الاتحاد السوفيتي قوات حلف وارسو وقضي علي هذه المحاولة، وأطلقت أمريكا مصطلح «ربيع بودابست» ثم بعدها في عام 1968 حدثت نفس المحاولة في تشيكوسلوفاكيا، وهي محاولة الخروج من نطاق الاتحاد السوفيتي، فقمع الاتحاد السوفيتي هذه الحركة، فأطلقت أمريكا مصطلح «ربيع براج»، والآن يتحدثون عن «ربيع أوكرانيا» بنفس المصطلح، والإشكالية هنا أن هذا الربيع وراءه فكرة إقامة الشرق الأوسط الجديد، وهذه هي اللحظة التي دخلت بها أمريكا المنطقة، فما هو الشرق الأوسط الجديد، فهذا المشروع قديم وهو تفكيك الشرق الأوسط من إطار العروبة أو القومية العربية وتحويله إلي دويلات طائفية، وأمريكا لديها دراسات في الاستشراق، وتعرف كل هذه المناطق من حيث عدد الطوائف وألوانها ومذاهبها ولهجاتها واختلافاتها والأصول العرقية ويعتقدون في كل هذه الأحوال أن فئة من هذه الفئات يمكن أن تصبح دولة فينهار هذا الإطار العربي من المحيط إلي الخليج إلي دويلات ويسمح بعد ذلك بأن تصبح إسرائيل دولة يهودية وتأخذ الطابع الديني بدلاً من أن تكون دولة علمانية وديمقراطية.. إلى آخر هذه المسميات، وهو مشروع قديم كان موجهاً في الأساس إلي تفكيك الدولة العثمانية في القرنين الثامن والتاسع عشر، إلي أن انتهوا من هذه الدولة بعد الحرب العالمية الأولى، ثم بدأ المشروع الصهيوني بعد الحرب العالمية الأولي داخل هذه المنطقة، وهناك مشروعات كثيرة بدأ المضى بها أو السير فيها بخطي واضحة في أعقاب غزو العراق للكويت في أغسطس 1990م، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تحشد العالم لإخراج العراق من الكويت، وساعتها أدلى الرئيس الأمريكي بوش الأب بتصريح قال فيه: إن المسألة ليست الدفاع عن دولة صغيرة وهي الكويت احتلتها دولة أكبر وهي العراق، ولكنها دفاع عن النظام العالمي الجديد، وهي جملة مطاطة علي طريقتهم، ومضى بوش الأب، وجاء كلينتون بعده ولم نعرف ما هو النظام العالمي الجديد وفي أيام كلينتون بدأنا نتكشف أن الاستراتيجية واحدة، فبالرغم من أن كلينتون ينتمي للحزب الديمقراطى وبوش ينتمي للحزب الجمهورى، وهي تفكيك القوميات لدول صغيرة علي أسس عرقية أو دينية أو مذهبية، وبدأت أولي حلقات المخطط الأمريكي في إندونيسيا فقد كان يحكمها رئيس اسمه عبدالرحمن واحد وهو أستاذ فقه خريج الأزهر الشريف وبخلفيته الإسلامية في هذه البلاد بدت في سياساته إشارات ضد غير المسلمين، ومن هنا بدأت تشعر الأقليات بالخطر، فركزت أمريكا علي إقليم تيمور الشرقية الذي يسكنه ثلاثة أرباع المليون مسيحى، وبدأوا يتحدثون عن «حق الشعوب في تقرير المصير» أو أن من حق هؤلاء الناس أن تصبح لديهم دولة مستقلة وتم تنفيذ هذا المشروع بعد مغادرة كلينتون للبيت الأبيض، وفي عهد بوش الابن عقب أحداث 11 سبتمبر شنت أمريكا ما أطلق عليه بوش الابن «حربًا صليبية» لكن سرعان ما تراجع عن ذلك تحت ضغط مستشاريه وبعدها هاجم أفغانستان ثم قام باحتلال العراق عام 2003م وطبق مخططه في تقسيم العراق علي أسس طائفة دينية وهي «شيعة وسنة وكلدان وأكراد» وفي عام 2004م نشر شيمون بيريز مقالاً في صحيفة الحياة اللندنية وهي سعودية بعنوان «الشرق الأوسط الجديد به نفس الأفكار للعمل علي تطبيق النظام العراقى في دول أخرى علي مستوي أكبر، وفي عام 2005م في ولاية بوش الابن الثانية رفعت وزيرة الخارجية الأمريكية «كونداليزا رايس» شعار «الفوضى الخلاقة».

الفوضى الخلاقة
< وماذا="" كانت="" تقصد="" بـ«الفوضى="" الخلاقة»="" وهل="" تعتقد="" أن="" أمريكا="" كانت="" لها="" رغبة="" في="" إسقاط="" الأنظمة="" العربية="">
- مصطلح «الفوضى الخلاقة» معناه هدم الشرق الأوسط وإعادة بنائه علي أسس جديدة عن طريق إثارة النزعات الطائفية في دول المنطقة.. لكن السؤال كيف يتم لأمريكا ما ترغبه والزعماء والملوك ورؤساء الدول الموجودون لا يقبلون بمشروع الشرق الأوسط الجديد في بلادهم بالرغم من ولائهم لأمريكا، ولهذا تفتق ذهن أمريكا عن الإطاحة بهؤلاء والإتيان بحكام جدد يقبلون بمثل هذه المشروعات، ولهذا عملت علي أن تثير شعوب المنطقة علي رؤسائها وأؤكد أن الثورات العربية صناعة أمريكية بكل المقاييس، فالمسألة واضحة للعيان، ومن هنا إذا ربطنا المسائل كلها سنفهم الحدث وكيف تقوم الثورة علي هؤلاء الحكام، وإذا عدنا لتسريبات «ويكيليكس» في أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر 2010 والتي فضحت رؤساء الولايات المتحدة سنعرف أن الأمريكان أنفسهم هم الذين سربوا هذه المعلومات لـ«جوليان أسانج» صاحب ويكيليكس، لخدمة المخطط الأمريكي في إثارة الشعوب العربية ضد حكامها وحتي تكتمل أركان التمثيلية ثم إصدار قرار بالقبض على «أسانج» واعتقل بتهمة التحرش لا التجسس، وقد بدأت شرارة الثورات العربية في تونس عندما لطمت شرطية المواطن التونسي «محمد بوعزيزى» فقامت الدنيا كلها وحدث نفس السيناريو في مصر مع «خالد سعيد» والذي برز من خلاله دور وائل غنيم الذي كان يعمل في شركة «جوجل» في دبي الذي أسس صفحة «كلنا خالد سعيد» ومن خلالها أثار الشعب ضد النظام.
< ولماذا="" كان="" دعم="" أمريكا="" للإخوان="" ومساندتهم="" للوصول="" إلي="" سدة="">


- حتى يأتوا بحكام جدد لينفذوا برنامجاً فلم يجدوا إلا الحكم الإسلامي الذي سيحقق أهدافهم من تفكيك القومية العربية، ولهذا ساندت أمريكا حكومات ما بعد الثورة بدعوي الديمقراطية وتحقيق مصلحة الشعوب، ورأت أن الذي يساعد علي هذا هو الحكم الإسلامي بالذات غير المتشدد، لأن التيار الإسلامي سيحكم بالشريعة وبالتالى سيقف ضد مدنية الدولة وضد العلمانية، وستعود هذه الدول لتطبيق مفهوم أهل الذمة فتحدث فتنة، فعندما يحكم إخوان حسن البنا الذي وضع لائحة 1948 أي بعد 20 سنة من الدعوة تاريخها 6 مايو 1948 تحدث فيها عن أهداف الجماعة قائلاً: «لابد من إقامة الفرض لمسلم، المرأة المسلمة، الأسرة المسلمة، الحكومة الإسلامية واستعادة الوطن السلبي الذي سيكون الوطن الإسلامي وهو «الأندلس والبلقان وقبرص وكريت» وهذا الجيل من التيار الإسلامي هو الذي يرأس الجماعة اليوم، فعندما يحكم سيحكم بمقتضى هذه اللائحة ليقيم الحكومة الإسلامية وهو ما عرفناه نحن بأخونة الدولة، وتستعيد مرة أخرى أهل الذمة، ولعلنا نذكر أنه بعد انتخابات مجلس الشعب نوفمبر 2011 أنهم حصلوا علي الأغلبية المطلقة، وبدأت نظرتهم للأقباط تتغير، ومن هنا فعندما يبدأ الحكم بهذا الشكل تحدث الفتنة الطائفية ليس بين المسلمين والأقباط فقط، بل لعلها تحدث بين المسلمين أنفسهم نتيجة هذا التضييق وتشتعل الفتنة وتحدث حرب أهلية، ومن هنا تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية بدعوى حماية الأقليات وتحقق هدفها في الشرق الأوسط الكبير والنظام العالمى الجديد لتفتيت هذه الكيانات إلي دويلات متناحرة بما يحقق أمن إسرائيل، وهذا ما يجعلني كمؤرخ في المقام الأول أن أتأكد أن أمريكا هي التي صنعت ثورات الربيع العربي بغية مصالحها وتأمين إسرائيل.
< وهل="" وضعت="" الولايات="" المتحدة="" الأمريكية="" شروطاً="" أمام="" الإخوان="" لمساندتهم="" في="" الوصول="" إلى="" سدة="">
- هناك شرطان للدعم الأمريكي لهذا الربيع العربى، الشرط الأول هو الإبقاء علي اقتصاد السوق «أي أن الثورة التي قامت تطالب بالعدالة الاجتماعية لن تراها»، فاقتصاد السوق هو المحافظة علي آلية العرض والطلب، ولا تتدخل الدولة في مسألة الأسعار ولا الأجور ولا المرتبات... إلخ.
فأين العدالة الاجتماعية، الشرط الثاني هو عدم الاقتراب من أمن إسرائيل، خاصة مصر التي ترتبط معها بمعاهدة السلام 1979، فما الذي يجعل دولة مثل تونس عندما وصل الإخوان للحكم فيها يقوم راشد الغنوشى رئيس هذه الجماعة -وليس له علاقة بإسرائيل ولا بمعاهدة ولا في حرب- يذهب لزيارة منظمة «الأيباك» تلك المنظمة الصهيونية الأمريكية التي تتحكم في السياسة الأمريكية ليعترف بأن إسرائيل دولة ولا توجد مشاحنات معها، وما الذي أنقذ اليمن من هذا المصير، لأن البديل الذي كان سيحكم بعد علي عبدالله صالح كان زيدياً والمذهب الزيدى مذهب شيعى، وهناك جماعة متشددة وهم الحوثيون وهم من الزيدية، فإذا وصلوا للحكم وهذا معناه تقوية للجناح الإيرانى في المنطقة وهذا غير مقبول أمريكياً، وهذا أيضاً أزعج السعودية، لأن المنطقة الشرقية في السعودية من الشيعة ولهذا إذا تذكرنا الماضي نري أن السعودية هي التي عالجت الموقف حيث استدعت علي عبدالله صالح بحجة معالجته في المستشفى، وهناك تم التنازل لعبد ربه منصور وهو من الزيديين لكنه ليس من الحوثيين وله تربية عسكرية ونشأ علي فكرة واحدة، وهي الدفاع عن الوطن بكل ما فيه ضد أي عدو داخلى أو خارجى، وهذا هو المخطط الذي تريده أمريكا من سوريا أن يأتي حاكم يعقد معاهدة مع إسرائيل وإذا حدث ذلك سينتقلون إلي لبنان، لأن سوريا تقف عقبة لهم في لبنان وهذا هو الربيع العربي ولهذا أقول من دراستي للتاريخ إن ما حدث في يناير هو أقرب للانقلاب منه إلي الثورة، بالمعني الاصطلاحى، فالانقلاب في السياسة هو الإطاحة برأس النظام لكن بقي النظام علي ما هو

عليه، ولم تحقق العدالة الاجتماعية ولا حتي بعد ثورة يونية أيضاً.
< بعد="" قيام="" ثورتين="" متتاليتين="" لم="" تتحقق="" العدالة="" الاجتماعية="" فما="" السبب="" في="">
- طبعاً.. لم تتحقق، فالعدالة الاجتماعية هي أن تشعر بأن الأجر الذي تحصل عليه يصل بك حد الكفاف ويساعدك علي المعيشة الكريمة، ولهذا لم نر أي حكومة من الحكومات المتعاقبة بعد الثورة اقتربت من تحقيق مفهوم العدالة الاجتماعية، وهذا يؤكد عندي فكرة العامل الخارجي وهو ألا تقترب من اقتصاد السوق.
< بوصفك="" أستاذاً="" للتاريخ="" الحديث،="" بدأت="" مصر="" نهضتها="" إبان="" حكم="" محمد="" على="" باشا="" في="" الوقت="" نفسه="" مع="" اليابان="" لكننا="" تخلفنا="" عن="" ركب="">
- هنا تعود الأسباب إلي العامل الخارجي أيضاً، فمحمد على بالرغم من أنه «والى»، لكنه أول من أقام الدولة الكفيلة، وهي التي يدعي حاكمها مصالح المواطنين دون أن يطلبوا في مظاهرة أو وقفة احتجاجية، ولهذا فإن محمد علي باشا يستحق لقب الزعيم، والزعيم في اللغة هو الكفيل، فقد طور التعليم في المدارس بالمجان، وأسس الجيش، وأنشأ المصانع، ولهذا أحبه الناس، لأن كل سياساته في صالحهم، وهذا نموذج كاف ضد مصالح الغرب، فعندما أحدث تنمية حقيقية في البلاد ومنع الاستيراد كما يصدر ولا يستورد حتي إن أساتذة المالية العامة عندما درسوا هذه الفترة قالوا: عندما انتهي حكم محمد علي كان ميزان المدفوعات في مصر لصالح مصر لأول وآخر مرة لأن الصادر كان أكثر من الوارد، فعندما منع محمد علي الاستيراد شعر الغرب بالضرر لمنتجاته التي يريد لها أسواقاً جديدة، ومن هنا تكالبوا عليه وأوغروا صدر السلطان العثمان ضده وأخافوه منه خاصة بعد أن ضم السودان والشام، وبالتنسيق مع السلطان هددوا محمد علي حتي خرج من الشام، وطبق معاهدة ما بين إنجلترا والسلطان العثماني 1838 وهي معاهدة «بالطاليمان» وتقول: «علي محمد علي أن يفتح السوق المصري للبضائع الإنجليزية مقابل جمرك من 3٪ إلي 8٪ وعند التصدير يحصل جمرك من 1 إلي 3٪ وفيه نوع من المحاربة الخفية، وفهم محمد علي أنه لو طبق ذلك فسينهار مشروعه الصناعي، ولهذا رفض ثم أمهلوه لمدة عام وحاصروه اقتصادياً كما يحدث الآن، حتي إنهم فرضوا عليه ألا يتداول العملة العثمانية فلم يهتم وقام بسك العملة في القلعة وهددوه، فانسحب من الشام واكتفي بولاية مصر، أما من جاءوا بعده فأدخلوا البلاد في تبعية السوق الحر، وعندما قامت ثورة يوليو أعاد جمال عبدالناصر مشروع محمد علي «الدولة الكفيلة» فأنشأ شركات الحديد والصلب إلي جانب مجانية التعليم ومنع الفصل التعسفي، ولم يشهد عهده ثورة ولا انقلاباً لأنه حقق العدالة الاجتماعية والتي لن تتحقق دون إرادة حرة من مصر حكومة وشعباً، وهي إرادة لابد ان تصطدم بالغرب خاصة أمريكا التي ترفض هذا النموذج الذي يقف ضد مصالحها، ولهذا أؤكد أن تحقيق العدالة الاجتماعية معركة مصير وإرادة.
< ماذا="" ينبغي="" أن="" تتعلم="" الحركات="" الإسلامية="" من="" درس="">
- المشكلة أن الحركات الإسلامية نموذج للحركات السياسية التي لا تتعلم شيئاً ولا تنسي شيئاً، لأنهم في صدام مع السلطة منذ بدأوا أيام حسن البنا، والنتيجة واحدة أنهم يصطدمون مع السلطة. فيختبئون تحت الأرض، ويظهرون مرة أخري وكأن شيئاً لم يحدث، حيث يظلون علي مبادئهم لأنهم يشعرون بأن من حقهم الحكم، وأن علي الباقين أن يكونوا تحت رئاستهم ولا يعرفون أن الوطن يضم كل الطوائف، فعندما تكون صاحب فكرة واحدة تكون قابلة للتنفيذ لو أن المواطنين فصيل واحد، فعندما قتلوا «النقراشي» باشا وتمت المحاكمة واختفوا ثم ظهروا مرة أخري وفي عام 1954 عندما اصطدموا بعبدالناصر اختفوا ثم ظهروا دولياً، ومن هنا كانوا مع النظام العالمي الذي نتحدث عنه حتي يساعدوا هؤلاء الناس للوصول للحكم، فإن أمريكا وإنجلترا تستضيفان هؤلاء العناصر ولديهم مدد من خلال عملاء آخرين مثل حكومة قطر، حتي تزود هذه العناصر بالمال الذي يساعد علي الاضطرابات في الأمن المصري، لأن هدف المشروع الأمريكي من الثورة لم يتحقق بعد وهو الشرق الأوسط الجديد، ولذلك فإن أمريكا حتي الآن لديها أمل في أن يعود الإخوان للحكم مرة أخري، لأن الإخوان لم يستفيدوا من دروس الماضي.
< هل="" تري="" ثمة="" تشابهاً="" بين="" ما="" يحدث="" حالياً="" من="" صدام="" بين="" العسكر="" والإخوان="" وأحداث="" عام="" 1954="" في="">
- بالتأكيد.. لأن المسألة أصبحت دفاعاً عن الوجود، فالإخوان أصحاب مشروع سواء اتفقنا معهم واختلفنا، فهم يرون أنهم علي حق والآخرون علي باطل، ومن هنا عندما يأخذ الصراع شكلاً دينياً فلا مجال إلا للصدام، فإذا تنازلوا عن الصدام فالباب مفتوح للمشاركة الوطنية، إلا أنهم لم يتخلصوا من أسر أفكارهم التي تجعلهم علي صواب والباقي علي ضلال، فيتحول حكمهم من حكم الوطن ويتحول إلي مفهوم الأمة الإسلامية العابرة للقوميات واللغات، ولا مانع لديهم من التفريط في الوطن. فقد رأينا الرئيس السابق «مرسي» لم يمانع في ترك حلايب وشلاتين، و40٪ من رفح والعريش لإقامة غزة الكبري وهو مشروع لصالح إسرائيل، فهذا رجل تكلم في مفهوم الأمة الإسلامية ونسي الوطن، وقالوا وقتها إن المسلم الماليزي أقرب إليهم من المسيحي المصري وهذه مأساة وبهذا الشكل لا يصلح معهم أي تصالح إلا إذا تم علي شروطهم وهذا يعني أن ثورة يونية لا معني لها.
< وما="" مستقبل="" تيار="" الإسلام="" السياسي="" بعد="" اندلاع="" العديد="" من="" الحوادث="">
- هو مرتبط بنقطتين تقوم الحكومة حالياً بالتصدي لهما الأولي هي متابعة هذه البؤر والتجمعات متابعة أمنية، لأنهم في خلال الفترة التي عملوا فيها في العلن منذ أفرج عنهم الرئيس الراحل السادات في مايو 1972 كونوا تجمعات في كل قرية ونجع وحارة، ولهذا فمتابعتهم أمنياً مسألة صعبة، وستستغرق وقتاً طويلاً، والنقطة الثانية وهي المدد الذي يأتي لهم من الخارج وهذه الجماعات إذا لم تتلق دعماً خارجياً ستموت، بالإضافة إلي الدعم الخارجي، فأمريكا تسمح بوجود هذه الجماعات بين ظهرانيهم ويعلمون أفكارهم المعادية لفلسفة الحكم الديمقراطي لديهم، إلا أنهم يحتفظون بهم في بلادهم، لأنهم يمثلون عنصر التهديد لحكومات الربيع العربي، فنحن في ورطة كبري وهي كيف نحيد هذه الدول الكبري ونقاطعها اقتصادياً لكن هذا يتطلب قوة وإرادة وعزيمة.
< مصر="" استفادت="" سياسياً="" ودولياً="" ودبلوماسياً="" من="" دول="" الخليج="" العربي="" فما="" الرهان="" علي="" دور="" مصر="" إقليمياً="" وعالمياً="" وهل="" مازالت="" تمثل="" الشقيقة="" الكبري="" للدول="">
- أحداث الربيع العربي وما انتهت إليه جعلت الكثير من دول الخليج تدرك أن الخطر القادم يهددهم، لأن ما حدث في هذه المنطقة علي النظم الجمهورية سيلحق بالنظم الملكية، وهنا اكتشفوا الخطر مبكراً فأعادوا تغيير مواقفهم، ونحن نعلم أن السعودية تحملت صفقة الطيران الروس لمصر، وهناك تنسيق بين الإمارات والسعودية والبحرين عندما سحبوا سفراءهم من قطر.. ومن أبرز عيوب العرب أنهم لا يتحركون إلا عندما تقع المصيبة وتحل الأخطار لكنهم عليهم أن يعلموا أن مصيرهم مرتبط بالأمن العربي كله.
< ما="" رأيك="" في="" المبادرات="" التي="" ترمي="" للتصالح="" مع="">
- لا بأس منها لكن دون شروط مسبقة وإلا لماذا قمنا بالثورة عليهم، فلا فائدة معهم ما داموا يقفون عند أفكارهم.
< هناك="" قرار="" صدر="" من="" محكمة="" الأمور="" المستعجلة="" بحظر="" أنشطة="" حركة="" 6="" إبريل="" في="" مصر="" فما="">
- من حق الدولة ذلك حتي تحافظ علي أمنها القومي، ما دام أن حركة «6 إبريل» تم استقطابها بمعرفة قوي خارجية وتمولها فقد أصبحت عميلة سواء كانت تدري أو لا تدري، ما دامت تأخذ أموالاً وترسل من يتدربون علي الديمقراطية في معهد كارنيجي في واشنطن وغيره في الخارج، فهي عميلة، فالديمقراطية التي يتعلمونها في صالح تفكيك المنطقة وفي خدمة أمريكا وإسرائيل.
< أخيراً..="" إلي="" أى="" حد="" أنت="" متفائل="" بدور="" مصر="">
- أنا متفائل جداً بدور مصر في المستقبل أولاً لأن مصر مجتمع في كل الأحوال متماسك رغم محاولة إيقاع الفتنة به، لأن ما يجمع بين المصريين علي مستوي العادات والتقاليد الموروثة منذ فجر التاريخ أكبر مما يفرقهم علي مستوي الأديان، فنحن الشعب الوحيد في العالم الذي لديه هذه الرحمة، لكننا نحتاج إلي شخصية زعيم حتي يحافظ علي التماسك ويعيد بناء القوة التي تحرر قرارنا السياسي من الحاجة الاقتصادية.

سيرة ذاتية
< دكتوراة="" في="" التاريخ="" الحديث="" كلية="" الآداب="" جامعة="" عين="" شمس="">
< عضو="" الجمعية="" المصرية="" للدراسات="" التاريخية="" والشعبة="" المصرية="" لاتحاد="" كتاب="" آسيا="" وأفريقيا="" 1990="" والجمعية="" التاريخية="" للعلاقات="" الدولية="" ميلانو="" إيطاليا="" 1993="" وشارك="" في="" اللجنة="" العلمية="" لدار="" الوثائق="">
< عضو="" الجمعية="" الثقافية="" لحماية="" الآثار="" الإسلامية="" والقبطية="" 2000="" والمكتب="" التنفيذي="" لرابطة="" المؤرخين="" الأفارقة="" عن="" شمال="">
< له="" العديد="" من="" الكتب="" والبحوث="" العلمية="" منها:="" «فكرة="" القومية="" عند="" الإخوان="" المسلمين="" في="" مصر»،="" و«مصر="" المعاصرة="" في="" دراسات="" المؤرخين="" المصريين»،="" و«مجتمع="" علماء="" الأزهر="" في="" مصر..="" دراسة="" في="" البناء="" التنظيمي="" والاجتماعي»،="" و«نحو="" فهم="" تاريخ="" مصر="" الاقتصادي="" والاجتماعي»،="" و«الصهيونية="" والقضية="" الفلسطينية="" في="" الكونجرس="" الأمريكي»،="" و«جذور="" المسألة="" الطائفية="" في="" مصر="" الحديثة»،="" و«المسيحيون="" العرب="" بين="" الطائفية="">
< زميل="" زائر="" بمركز="" الشرق="" الأوسط="" جامعة="" أكسفورد="" -="">
< باحث="" زائر="" بمعهد="" اقتصاديات="" الدول="" النامية="" طوكيو="" -="">
< أستاذ="" زائر="" بجامعة="" شيكاغو="">
< حاضر="" في="" جامعات="" شيكاغو="" الأمريكية="" واليرموك="" بالأردن="" وروتجرز="" ونيوجيرسي="" بالولايات="" المتحدة="" الأمريكية="" وبغداد="" والبصرة="" بالعراق،="" ودمشق،="" وجامعة="" صنعاء="">
< حصل="" علي="" وسام="" المؤرخ="" العربي="" من="" اتحاد="" المؤرخين="">
< شهادة="" من="" هيئة="" فولبرايت="" الأمريكية="" بالقاهرة="" تقديراً="" لجهوده="" العلمية="" لطلاب="" الدكتوراة="" الأمريكيين="" الباحثين="" في="" تاريخ="">
< عضوية="" فخرية="" للجمعية="" الخيرية="" الإسلامية="">
< ميدالية="" مؤرخ="" العام="" من="" الجمعية="" المصرية="" للدراسات="">
< جائزة="" الدولة="" التقديرية="" في="" العلوم="" الاجتماعية="">
< وسام="" الجمهورية="" للعلوم="" والفنون="" من="" الطبقة="" الأولي="" 2013="" من="" الرئيس="" عدلي="">