رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

السيسي ومرسي.. سيناريو بوتفليقة في الجزائر

بوابة الوفد الإلكترونية

طالما تحدث كثيرون عن تشابه سيناريو ثورة تونس مع ثورة 25 يناير 2011 في مصر في العديد من الأحداث، ولكن بعد مرور أكثر من 3 سنوات على الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، ومن بعده سقوط المعزول محمد مرسي، فإن مصر تقترب أكثر من السيناريو الجزائري، فيما يبدو أن كلمة السر في ذلك هي الصراع بين القوتين العظميين في كلتا الدولتين، المؤسسة العسكرية والتيارات الإسلامية.

منذ أيام قليلة فاز "المريض القعيد" عبد العزيز بوتفليقة، 77 عاماً، بولاية رئاسية رابعة في الجزائر، وهو الفوز الذي لم يمثل مفاجئة للمتابعين للأوضاع في الجزائر، التي مرّت بمرحلة خطيرة في تاريخها منذ عام 1992، وهو العام الذي شهد انتصاراً ساحقاً للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات البرلمانية، حيث حصلت الجبهة على 82% من أصوات الناخبين، وبعدها استقال الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد في 11 يناير 1992، وتم تسليم السلطة إلى الجيش الجزائري، حيث أعلن وزير الدفاع خالد نزار إلغاء الانتخابات وإعلان حالة الطوارئ.

اكتوت الجزائر بنيران الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما أُطلق عليه "العشرية السوداء"، والتي تفاوتت فيها أعداد الضحايا بين 80 إلى 200 ألف قتيل، ويرجع ذلك بصورة أساسية إلى قرار إلغاء الانتخابات التي فازت فيها التيارات الإسلامية، والصدام المسلح الذي رفعت فيه تلك التيارات السلاح على الدولة، ولا يزال الإرهاب متواجداً في الجزائر، ولكن حدته تراجعت كثيراً بفضل المصالحة التي أبرمها بوتفليقة في عام 2005، والتي أدت إلى نزول الآلاف من المسلحين من الجبال للانخراط مرة أخرى في المجتمع الجزائري.

بالعودة إلى السيناريو المصري، فقد كان من الممكن أن تتكرر تلك المأساة على نطاق أوسع وبالتحديد منذ عامين، عندما انحصر السباق الرئاسي في جولة الإعادة بين محمد مرسي مرشح الإخوان المسلمين، والفريق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء في عهد مبارك.

الشاهد في تلك الجولة أن الانتخابات لم تكن بين مرسي وشفيق، لأن الاختيار وقتها كان واضحاً، على الأقل بالنسبة للإخوان، إما مرسي أو سيناريو الجزائر.

ليس هذا من قبيل المبالغة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد قال نائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر في مقابلة مع الصحفي الأمريكي الشهير ديفيد اجناتيوس في صحيفة "الواشنطن بوست" قبل أيام قليلة على جولة الإعادة إن فوز شفيق بالرئاسة يعني دخول مصر في ثورة دموية.

ومن الأمثلة الأخرى أن مرسي نفسه ظلّ لمدة نصف ساعة كاملة يرفض الإجابة على سؤال للإعلامي عماد الدين أديب حول ما إذا كان سيقبل نتيجة الانتخابات إذا انحازت الصناديق لمنافسه شفيق، وظل يناور ويحاور في سؤال مغلق إجابته بنعم أو لا.

ورغم الجدل، الذي لا يزال قائماً حول نتيجة جولة الإعادة، فإن المجلس العسكري برئاسة المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع الأسبق، لم يكن في موضع اختيار، لأن إعلان شفيق رئيساً، ولو بشرعية الصناديق، كان من شأنه أن يدخل الجيش في معركة دموية مفتوحة مع الإخوان والثوار وقطاع عريض من الشعب، كان سيرى أن المؤسسة العسكرية زوّرت الانتخابات لصالح مرشحها العسكري.

هنا كان الاختلاف بين ما فعله الجيش في الجزائر وما

فعله الجيش في مصر، فقد سلّم طنطاوي البلاد للإخوان، وهو يعلم يقيناً أنهم سيفشلون في إدارتها، وبعيدا عن نظرية المؤامرة، التي لا يمكن التسليم بعدم وجودها، ويلزم نجاحها نظام فاشل يدعمها شعبياً، فقد نجح الإخوان في كسب كراهية قطاعات عريضة من الشعب المصري خلال حكمهم الذي استمر لمدة عام، ناهيك عن أن نصف من انتخبوا مرسي في جولة الإعادة كان بسبب رفضهم لوجود شفيق رئيساً وليس اقتناعا منهم بفكر الإخوان أو بشخص المعزول.

كان يوم الثلاثين من يونيو 2013 يوماُ فارقاً في تاريخ مصر، حيث خرج الملايين ضد حكم مرسي، وهي الصورة التي لم يرها الإخوان، واتهموا الإعلام الحكومي والخاص بتضخيم الأرقام واللجوء إلى الفوتوشوب، رغم أن الإعلام الغربي، الذي يصف ما حدث في الثالث من يوليو بأنه انقلاب عسكري، اعترف مراراً وتكراراً بأن من خرجوا ضد مرسي بعد عام واحد فقط كانوا "أضعاف" من ثاروا على مبارك بعد 30 عاماً، وهنا حاول الإخوان تكرار سيناريو الجزائر، عندما حملوا السلاح ضد الدولة، وهو الأمر الذي شهد به الغرب نفسه، عندما قال الكاتب البريطاني "روبرت فيسك" في مقاله بصحيفة "الاندبدنت"، تعليقاً على أحداث المنصة، قبل فضّ اعتصام رابعة،: يزعم الإخوان المسلمون أن اعتصامهم في رابعة العدوية سلمي، رغم أن حارس الجراج الذي تولى مهمة اصطحابي إلى قيادات الإخوان في المسجد كان يحمل كلاشينكوف.

في الوقت الحالي، وبعد ما يقرب من 10 شهور على الإطاحة بمرسي، فقد خرج الإخوان من المعادلة السياسية، ولم تنجح الأحزاب أو القوى السياسية والشبابية التي ملأت الدنيا صراخاً طلباً للحرية والديمقراطية، في إيجاد بديل قادر على إدارة شئون البلاد، فقد أسقطت السنوات الثلاث الماضية أصناماً بالجملة، واقتصر السباق الرئاسي في مصر على عبد الفتاح السيسي الذي أسقط حكم الإخوان، وفتح الباب أمام المتطهرين من فكرهم، وحمدين صباحي الذي شارك في ثورتين لإسقاط رئيسين، والاختيار أمام الشعب الذي سيكون عليه التصويت لأحدهما، ويبدو أنه حسم أمره، كما حسم الجزائريون أمرهم بعد أن ذاقوا مرارة الإرهاب.