رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الخزاعي:العراق أرض محروقة

الدكتور عامر الخزاعي
الدكتور عامر الخزاعي

"العراق أرض محروقة لم تنبت أغراسها بعد" فلقد عانينا القتل والتهجير واليتم والآن نحن في مرحلة ترميم ما تبقى لنا من عراقنا الغالية"... هكذا استهل الدكتور عامر الخزاعي مستشار رئيس الوزراء "نوري المالكي" لشئون المصالحة الوطنية.. حواره مع جريدة الوفد التي حاورته على أرض بغداد للوقوف على جهود الحكومة في التعامل مع الواقع العراقي الملتهب والتفجيرات اليومية التي أصابت العراقيين في أرواحهم ودمائهم وأهليهم واقتصادهم وأمنهم المنهار.


تعاني العراق من حربا هي الأسوأ من نوعها بالمنطقة العربية والعالم.. البعض يراها فتنة طائفية والبعض الآخر يرفض هذه التسمية مؤكدا أنها موجة عنف وأن العراقيين لا يقتتلون طائفيا بل توجد مساحة كبيرة لقبول الآخر في بلاد الرافدين... كيف تتعامل الحكومة مع الأزمة الأكبر في العراق والمنطقة وهل لم تصل الأزمة لحد الفتنة الطائفية والاقتتال المذهبي؟


لا نؤيد مسمى الفتنة الطائفية فالشعب العراقي مسالم ومتحاب، وترفض الحكومة بدورها أي قتال قائم على أساس الدين أو المذهب أو العقيدة، وأطلقت الحكومة العراقية مشروعا قوميا يسمى "المواطن والمصالحة" يهدف لمصالحة كل الأطراف السياسية المتنازعة في الداخل العراقي، كما تقدم الحكومة دعوة مفتوحة ومستمرة لكل الأطياف السياسية للعودة إلى الساحة والعمل في إطار الدستور والقانون، بشرط التخلص من هواجس بعض التيارات والأحزاب السياسية بشأن النظام العراقي الجديد، لأنه نظام ديموقراطي يسعى لبناء عراق جديد ويقبل الجميع دون تفرقة، وأكبر دليل على ذلك أن رئيس الدولة جلال الطالباني يساري.


ولكن الحظر السياسي لأي تيار أو حزب سابق ربما يؤجج العنف في العراق.. فهل تشمل المصالحة أعضاء حزب البعث.. الحزب الحاكم في عهد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.. أم أنه يظل محظورا على العمل السياسي والانخراط في النظام الجديد؟


لا يريد أعضاء حزب البعث العودة للعمل الوطني.. بل لا تزال لديهم أطماع في السلطة والعودة للحكم من جديد بعد أن سقط هذا النظام البائد فقد انتهى عهد صدام وحبس الأنفاس وتكميم الأفواه.. ولو أنهم يريدون الانخراط بحق في قضايا وطنهم وأخذ دورهم السياسي المقبول شعبيا.. فلن يمنعهم أحد لأن العراق الجديد دولة ديموقراطية صاعدة لا تنظر للوراء ولا تنتقم أو تصفي حسابات مع أحد.


ولّى عهد صدام بمحاسنه ومساوئه.. ولكن لا ينكر أحد أن صدام كان شخصا يحمل مقومات الزعامة والسيادة.. وتوحدت العراق في عهده وانطلقت إلى أزهى عصورها الاقتصادية والأمنية والعسكرية.. ربما لا تحتاج العراق ديكتاتورا جديدا يوحدها.. فهل تحتاج إلى زعيم ربما لما يظهر على الساحة حتى الآن؟


العنف المذهبي لم يتوقف في عهد صدام لأنه كان عادلا أو زعيما بل لأنه انتهج سياسة القتل والتخلص من كل معارضيه وتكميم أفواه الشعب، فقد قتل علماء السنة أمثال ناظم العاصي وعبد العزيز البدري ومحمود غريب، وهو مصري الجنسية، وقتل أيضا الشيعة، بل قتل زوج ابنته، وفي أحد معاقل الإعدام قتل صدام 5 آلاف شخص دفعة واحدة، حتى أن الإحصائيات تقول أنه توجد حتى الآن 6 آلاف مقبرة جماعية للقتلى، فكان صدام وولده يلقيان الأحياء للأسود الجائعة، فأفعاله تثير اشمئزاز أي إنسان.


في دولة تعاني ويلات ومخلفات الحرب الأمريكية الغاشمة لسنوات.. ربما لا تلتفت الدولة لبعض القضايا غير الرئيسية كحقوق الإنسان والحريات.. فالأحزاب السياسية الدينية تسيطر على الساحة العراقية وتوجد دعوات متعددة لتقييد الحريات بدعوى التدين والمحافظة.. كيف تواجه دولة ديموقراطية وليدة هذه الحملة من أحزاب دينية متشددة؟


لا تدخر الدولة جهدا لضمان كل ما يتعلق بالحقوق والحريات، حيث توجد رعاية كاملة لأسر ضحايا حوادث العنف من القتلى والجرحى، كما صدر قانون يشمل تنظيم المرحلة الحالية العراقية والعدالة الإنتقالية، كما صدر قرار لمجلس الحكم بتعويض متضرري النظام السابق وضحاياه، كما صدر قانون المصالحة الوطنية للمساعدة في عودة كل الكيانات السياسية المنحلة، أما مسألة الأحزاب الدينية فلا يمكن حظر العمل السياسي على طائفة معينة ما دامت تلتزم بالدستور والقانون، ولكن لا يعني هذا العودة للوراء فالعراق يتقدم نحو مستقبل أفضل وتحقيق كامل لمعالم الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة.


العنف المتأجج بالعراق.. والتفجيرات اليومية ومقتل وجرح الآلاف لا يخرج من دائرة النزاع الطائفي، وللأحزاب الدينية المسيطرة على البرلمان العراقي دور بالسلب أو الإيجاب، فهل تفكر الدولة العراقية الجديدة في تقييد أصحاب الأفكار

والسبل المتطرفة للخروج من دوائر العنف التي يؤججها الصراع السياسي الديني؟


"لا إكراه في الدين" فكيف يفجر الشيعي نفسه لقتل سني والعكس، إذا كانت الأديان المختلفة لا تكره احدا على اتباعها فكيف الخلاف المذهبي.. ولكنه لا شك أن الانظمة والسياسيين الظلمة بالمنطقة العربية هم اسياب التراجع والعنف بالمنطقة.. ولذلك فإنه على الثقافة لعب الدور الأكبر في مواجهة هذه التيارات المتطرفة، لان الواقع اثبت أن التعليم الأكاديمي ليس كافيا فكثير من المتطرفين على أعلى درجات التعلم الأكاديمي، فقائد تنظيم القاعدة محمد الظواهري دكتور والرئيس المصري المعزول محمد مرسي ومرئد الإخوان محمد بديع ثم محمود عزت كلهم حاصلين على الدكتوراه، ولهذا فإن مواجهة هذه الحملة الإرهابية والتغريبية على العراق والمنطقة تكون بالسبل الناعمة والثقافة والتعليم الاخلاقي والتربوي والرياضي والفني.
المشكلة في بلادنا العربية أن الدين مسيس ولكن المطلوب أن السياسة تدين وتحمل خلقا وقيما شريفة، وإلا نتحول للمبدأ الميكافيلي الفاعل على الأرض الآن "الغاية تبرر الوسيلة" والدعوة للدين او المذهب يكون بالقتل والعنف والدمار والترويع.


مصر حكومة وشعبا تدعم العراق في مقاومتها للاحتلال الأمريكي سابقا وحربها على الإرهاب حاليا وتجد الكثير من القواسم المشتركة، فكيف ترى الحكومة العراقية الحالية الدور المصري في دعم العراق، وهل يلبي طموحات العراقيين من بلدهم الثاني مصر؟


كنت في مؤتمر العدالة الانتقالية في مصر قبل أيام وأكدت على دور الثقافة والقضاء كأهم محاور الدولة المدنية الحديثة والمتطورة، كما أكدت على دور الأزهر في مصر والإعلام لدعم الدولة العراقية، ولكن للأسف أنه لدى بعض المسئولين في مصر تصورا خاطئا بشأن تهميش الحكومة لأزمة العنف في العراق وأن الحكومة عاجزة وفاشلة، ولكن الغائب أن الطائفية صُنعت للعراق بفعل أمريكي فاسد فقد قال بوش الابن في معرض الحرب عام 2003 أن العراق ستكون مقبرة للإرهاب ولكنه كان يقصد أنها ستكون زريعة للإرهاب بالمنطقة، وبالرغم من أزمة العراق إلا أن العراقيون يشهدون صحوة سياسية كانت ضائعة وتعيش  البلاد الآن عصرا ديموقراطيا حقيقا لا فرق فيه بين مسيحي ومسلم سني وشيعي.


الشأن السوري شديد التأثير في الداخل العراقي، فكيف تقدر الحكومة الحالية حجم الأزمة السورية وكيف تكافح ردة هذه الأزمة على الأوضاع الأمنية الخطيرة بالعراق؟


اعلنت حكومتنا موقفها الواضح بشأن الأزمة السورية، بأنه لا خيار غير الحل السلمي وجلوس الجميع على مائدة المفاوضات، فقد عانت العراق ديكتاتورية صدام ومن بعدها سنوات التدخل الامريكي الغاشم فكان الواقع العراقي كما هو الآن شديد الصعوبة، وبناءً على تلك التجربة فالحكومة العراقية ترفض اتخاذ أي موقف من شأنه تكرار سيناريو العراق في سوريا، لأنه خطير على سوريا والعراق وكافة بلدان المنطقة، وخاصة أن الحرب في سوريا تحولت لصراع إرهابي حيث يقاتل هناك تنظيم القاعدة والجماعات المسلحة من أفغانستان وغيرها كما هو الواقع في العراق.