رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المعونة الأمريكية.. ورقة محروقة

أوباما
أوباما

الجدل الدائر حول المعونة الأمريكية لمصر خاصة في ضوء التهديدات الأمريكية بقطعها بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي وفشل المشروع الأمريكي الإخواني في مصر وفي منطقة الشرق الأوسط،

أصبح يمس السيادة الوطنية وكرامة مصر والمصريين ويمثل تحديا لإرادة الشعب المصري وتهديدا لثورته التي قام بها في 30 يونية ضد مرسي وجماعته، فما هي قصة المعونة الأمريكية لمصر ولماذا وما مقابلها وهل مصر قادرة علي الاستغناء عنها وتحرير إرادتها الوطنية من الهيمنة الأمريكية؟
كان لقرار الرئيس الأمريكي أوباما ومطالبته للكونجرس بمراجعة المعونة المقدمة إلي مصر وتضارب التصريحات الأمريكية ومراكز صنع القرار الأمريكي بشأن الثورة وبعد فشلهم في إعادة مرسي إلي الحكم وما تسرب من معلومات من أن سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في مصر آن باترسون أنها أعطت مهلة 48  ساعة في أعقاب عزل مرسي للضغط وبمساعدة حزب النور لعودة مرسي إلي كرسي الحكم مرة أخري، وبعد فشل خطة باترسون استمرت الضغوط الأمريكية علي مصر وحتي تغيرت لهجة وتصريحات بعض المسئولين الأمريكيين تجاه ثورة يونية وتخليهم عن وصفهم لها بالانقلاب بعد تصاعد الغضب الشعبي ضد أمريكا إلا أن الولايات المتحدة مازالت تمارس ضغوطا علي القادة المصريين وكانت ورقة المعونة الأمريكية هي الورقة التي تضغط بها واشنطن علي القيادة والشعب المصري.
كان آخر هذه الضغوط هي زيارة نائب وزير الخارجية الأمريكي ويليام بيرنز والتي استمرت يومين، اجتمع خلالها بالرئيس المؤقت عدلي منصور وبالفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة وتناولت بعض المواقع الإسرائيلية، أن لقاء السيسي بيرنز كان عاصفا وأن السيسي رفض رغبة المسئول الأمريكي في إبرام أي صفقة بهذا الشأن كالخروج الآمن لمرسي وجماعته.
وجاء رفض السيسي مؤكداً رغبة الشعب المصري وضرورة احترام خياراته، وحسب ما تسرب من معلومات طبقا لموقع «دبيكا الإسرائيلي» بأن السيسي سأل بيرنز بشكل مباشر عن سبب دعم إدارة الرئيس باراك أوباما جماعة الإخوان المسلمين وما إذا كان أوباما يفضل رؤية مصر وهي تنهار بعد حالة الفوضي والانهيار الاقتصادي بسبب الطريقة التي أدار بها الرئيس المعزول وجماعته أمور البلاد والتي أدت إلي تدهور أحوال مصر في جميع المجالات خلال عام واحد.
وأشار المصدر إلي أن السيسي أكد أن العملية السياسية التي طرحها الجيش المصري كانت تعبيرا عن الإرادة الحقيقية للشعب المصري، كما كشف المصدر لموقع «ديبكا» أن لقاء السيسي وبيرنز شهد حالة من التوتر الشديد وأن السيسي خاطب بيزنز قائلاً: انه يتوجب علي إدارة أوباما أن تتوقف عن التهديد بقطع المساعدات الاقتصادية والعسكرية الأمريكية لمصر.
مضيفاً انه إذا أقدمت واشنطن علي فعل ذلك فإن دول الخليج العربي مستعدة لتدبير قيمة المساعدات ومنحها لمصر، وأنه علي الولايات المتحدة أن تكون أكثر حرصا من مصر علي استمرار تقديم هذه المساعدات لأن ذلك يضمن دعم الجيش لاستمرار العلاقات العسكرية بين الدولتين.
المعونة
المعونة الأمريكية لمصر هي مبلغ ثابت سنوياً تتلقاه مصر من الولايات المتحدة الأمريكية في أعقاب اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية عام 1979، حيث أعلن الرئيس الأمريكي في ذلك الوقت جيمي كارتر تقديم معونة اقتصادية وأخري عسكرية سنوية لكل من مصر وإسرائيل.
تحولت هذه المعونة منذ عام 1982 إلي منح لا ترد بواقع 3 مليارات دولار لإسرائيل و2٫1 مليار دولار لمصر منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1٫3 مليار دولار معونة عسكرية.
وتتسلم مصر 10٪ من قيمة المعونة الأمريكية في صورة نقدية، و28٪ لتمويل الواردات السلعية و42٪ لتمويل مشاريع في قطاعات مختلفة و20٪ لتمويل توريد سلع زراعية وفق قانون فائض الحاصلات الزراعية الأمريكية.
كما تشترط أمريكا استخدام المعونة بشكل يجعل مصر قادرة علي تحقيق الاكتفاء الذاتي بالإضافة إلي ضرورة الاستعانة بالخبراء الأمريكيين في شتي مجالات العمل ووصل عددهم إلي أكثر من 30 ألف خبير يحصلون علي 35٪ من قيمة المعونة السنوية لمصر، وكذلك وضع برامج تدريب والبعثات التي تشترط إرسال كبار المسئولين ورجال الدولة المصريين لتلقي دورات تدريبية في أمريكا ويتم ربطهم بأمريكا وتحويلهم إلي منفذين للبرامج الأمريكية بعد عودتهم ولم يقتصر علي ذلك بل تجاوز ذلك إلي الإشراف علي التنفيذ من قبل هيئة المعونة الأمريكية حتي لا تذهب المعونة الاقتصادية إلي قطاعات لا ترغب الولايات المتحدة في دعمها وإن كانت استراتيجية بالنسبة للجانب المصري.
وأوضحت دراسة أعدها مكتب محاسبة الإنفاق الحكومي التابع للكونجرس الأمريكي بشأن المعونة المقدمة لمصر، أن المسئولين الأمريكيين والخبراء يرون أن المساعدات الأمريكية لمصر تساعد في تعزيز الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وقدم التقرير عينة من المصالح التي حصلت عليها أمريكا في خمس سنوات فقط كمقابل لتقديم هذه المساعدات منها سماح مصر للطائرات العسكرية الأمريكية باستخدام الأجواء العسكرية المصرية ووصل عدد مرور الطائرات الأمريكية 36 ألفاً و553 مرة خلال الفترة من 2001 إلي 2005.
وأوضحت الدراسة ان مصر منحت تصاريح حق المرور العاجل لعدد 861 بارجة حربية أمريكية لعبور قناة السويس خلال نفس الفترة، وقامت بتوفير الحماية الأمنية اللازمة لعبور تلك البوارج علما بأن باقي الدول يتوجب عليها تبليغ مصر قبل مرور سفنها الحربية والنووية قبل شهر من مرورها.
وكذلك تعطي المعونة لمصر للاستفادة من نفوذها في المنطقة العربية، وقدرتها علي التأثير في مجريات الأمور لصالح الأهداف الأمريكية.
ويري المحللون أن إقدام أمريكا علي قطع المعونة العسكرية عن مصر يضر بأمريكا أكثر مما يضر مصر، وأن هذه المعونة تساعد في تعزيز الأهداف الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وأن الضغط بقطع المعونات المقدمة لمصر مجرد تهديد ويمثل ورقة محروقة، فأمريكا هي المستفيدة أكثر من مصر بتقديمها لهذه المعونات وليس من مصلحتها قطع هذه المعونة لأنه يضر بها أكثر من مصر.
من ناحيته انتقد اللواء أحمد رجائي الخبير الاستراتيجي ومؤسس الفرقة (777) لقاء كبار رجال الدولة في مصر مع نائب وزير الخارجية الأمريكي «ويليام بيرنز» واصفاً هذا اللقاء بأنه يمثل مهانة

لمصر رافضاً في تصريحات خاصة لـ «الوفد» أي تدخل أمريكي في الشئون الداخلية. كذلك اللقاءات المنفردة له مع كل من وزير الدفاع ورئيس الوزراء ورئيس الجمهورية المؤقت مؤكداً انه يفضل أن يقابل «بيرنز» وزير الخارجية المصري باعتبار رفضه القاطع للتدخل في الشأن الداخلي في هذا الوقت الذي لا يقبل فيه أي مساومات وقال «رجائي» إنه كان يفضل أن يقابل «بيرنز» شخص واحد فقط وليس كلاً منهم علي انفراد.
وأكد «رجائي» أن أمريكا غير قادرة علي قطع المعونة العسكرية لأنها مرتبطة بشروط اتفاقية كامب ديفيد مؤكداً ان في أصعب الظروف وفي حالة قطع المعونة العسكرية فهي لا تؤثر علي مصر لأن هناك البديل من الدول الكبري القادرة علي تقديم المعونة سريعاً لمصر خاصة الأسلحة المتنوعة الحديثة مؤكداً أن قرار قطع المعونة هو قرار مبدئي وذلك لأن مصر ليست في حالة حرب ولكن يعتبر مجرد إخلال باتفاقية كامب ديفيد.
ويري «رجائي» أن نهج الفريق «السيسي» مختلف تماماً عن «مبارك» و«مرسي» في التعامل مع أمريكا مشيراً إلي ان وزير الدفاع أخذ خط الاستقلال الوطني بعيداً عن أي مساومات أو مؤامرات أو اتفاقيات مشبوهة مؤكداً أن «السيسي» لا يقبل الضغوط الخارجية علي حساب الأمن الوطني المصري.
يقول اللواء أحمد عبدالحليم الخبير الاستراتيجي والسياسي أن تلويح الإدارة الأمريكية بين الحين والآخر بقطع المعونة العسكرية عن مصر مجرد تصريحات «فشنك» وأنها غير قادرة علي اتخاذ قرار قاطع بقطع هذه المعونة مؤكداً في تصريح لـ «الوفد» أن أمريكا غير قادرة بالفعل علي قطع المعونة ليس من أجل مصر بل من أجل مصلحتها في الحفاظ علي علاقتها في دولة بحجم مصر، وأنها تعلم جيداً قوة الدولة المصرية في منطقة الشرق الأوسط وليس من مصلحتها الإحلال باتفاقية كامب ديفيد أو مقاطعتها لمصر.
وأضاف «عبدالحليم» أن أمريكا ليست بالقوة كما كانت منذ الخمسينيات بل تواجه العديد من الأزمات المالية التي تجعلها غير قادرة علي الاستغناء عن مصر أو الدول العربية الموالية لها، مشيداً بموقف السيسي الوطني لرفضه التهديدات أو الضغوط لتغيير موقفه والوقوف بجانب إرادة الشعب المصري.
يري الدكتور ماجد عثمان أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ورئيس مركز بصيرة لاستطلاعات الرأي أن المرحلة الحالية التي تمر بها مصر مرحلة حرجة يستعيد الشعب المصري فيه إرادته المسلوبة ولا يخضع لأي مساومات أو ضغوط أمام الحصول علي حريته من جديد ومن سيطرة فصيل واحد استطاع في فترة وجيزة أن يضم كل مؤسسات الدولة لسلطته وهيمنته ويخلق مشاعر الكراهية بين جميع أطياف الشعب لأول مرة في تاريخ مصر واستطاع جاهداً أن يعادي مؤسسات الدولة السيادية مثل الشرطة والجيش إلي جانب القضاء والإعلام مؤكداً انه لا مجال لأي مساومات أو تدخل في الشأن الداخلي ولو علي حساب معونات قد تكون اقتصادية أو عسكرية.
وقال «عثمان»: مصر قادرة علي الاستغناء عن هذه المعونة لأن في النهاية القرار لمصر السيادي أهم من أي معونات، مضيفاً ان أمريكا تلعب في المنطقة لحماية مصالحها وليس مصالح مصر.
وأضاف الدكتور مصطفي اللباد المفكر السياسي أن الموقف المصري صائب تماماً لعدم الرضوخ لابتزاز أمريكا مشيراً إلي أن المعونة الأمريكية المقدرة 1٫3 مليار دولار مبلغ زهيد ولم يعد صالحاً فهو مقدر منذ السبعينيات وكان وقتها عدد السكان أقل بكثير من الوقت الراهن.
وأشار «اللباد» إلي أن استفادة الإدارة الأمريكية من المعونة العسكرية لمصر أكبر بكثير من الجانب المصري لأن الشركات والمؤسسات الأمريكية تلتهم النصيب الأكبر من المعونة.
وقال «اللباد» أن المعونة الأمريكية مرتبطة تاريخياً بمعاهدة السلام مع إسرائيل والتهديد بقطعها «شو إعلامي» وهو غير مجد لأن في حقيقة الأمر الإدارة الأمريكية غير قادرة علي قطع هذه المعونة حفاظاً علي مصالحها في المنطقة وعلاقتها بمصر وأمن إسرائيل وأشاد «اللباد» بموقف الفريق «السيسي» لرفضه لإنذار أمريكا لانه يعلم جيداً حاجة أمريكا لمصر وليس العكس.