رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإخوان تجني ثمار أزمة اختطاف الجنود

بوابة الوفد الإلكترونية

كشفت تصريحات قيادات جماعة الإخوان المسلمين بشأن اختطاف جنود سيناء علي مدار الأسبوع الماضي منذ اختطافهم وحتي عودتهم سالمين لأرض الوطن، كذب الجماعة وإصرارها علي التعامل مع الرأي العام المصري علي أنه يستقبل كل ما يقولونه دون أن يقرأ الأحداث وحده أو كأن الشعب خلا من النخبة السياسية والفكرية التي دائما ما تظهر خداعهم واستغلالهم للمواقف.

وعلي مدار أسبوع، خرج الرئيس وقيادات جماعته وأهله وعشيرته ليبرروا طول مدة اختطاف الجنود بوجود مفاوضات بين الرئاسة والجناة الإرهابيين لنجد في النهاية - وفقاً لما أعلن - عملية عسكرية يقودها الجيش المصري بأفراد القوات المسلحة لتحرير الجنود.
وبغض النظر عن الجدل المثار حول موقف الرئيس ومحاولة جماعة الإخوان لإخفاء دور القوات المسلحة في الأزمة ليظهر الرئيس وحده وكأنه هو الذي يشرف علي عودة الجنود وحده، إلا أن هذا الحادث تم استغلاله من قبل جماعة الإخوان في نقاط عديدة لينطبق عليهم مقولة «مصائب قوم عند قوم فوائد».
منذ اندلاع الأزمة، حاولت جماعة الإخوان المسلمين وقياداتها وأعضاؤها عبر صفحات موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إظهار الرئيس وكأنه هو الشخص الوحيد الذي بيده الحل مؤيدين موقف الرئاسة في إجراء المفاوضات مع الجناة دون عمليات عسكرية بحجة الحفاظ علي الأرواح والتقليل من حجم الخسائر وما شابه ذلك.
وتناست قيادات الجماعة أن هذا الموقف يعد بداية لإسقاط هيبة الدولة والانحدار لأسفل بمستوي المفاوضات الذي يجب أن تكون فيه قيمة ومكانة دولة بحجم مصر، إلا أن دعم مثل هذه التنظيمات للرئيس مرسي في الانتخابات الرئاسية وحتمية دفعه لهذه الفواتير وقفت حائلاً بينه وبين ذلك طوال مدة اختطاف الجنود.
من هنا كان موقف جماعة الإخوان لا يعمل من أجل المصلحة الوطنية وإنما كان دافعاً رئيسياً لإثبات شخصية الرئيس بأنه القائد الأعلي للقوات المسلحة الذي يعطي التعليمات هنا وهناك، بعد أن ظهرت شعبية الفريق السيسي القائد العام وزير الدفاع في اكتساب شعبية جارفة ونجاحه الأكبر في استعادة الثقة بين الشعب وبين القوات المسلحة وهو ما يبث حالة من التخوف لدي الإخوان في ظل الدعوات المطالبة بتولية الجيش للحكم وتخليص البلاد من حكم الإخوان.

تمرد
واستفادت جماعة الإخوان من الحادث في الكثير من القضايا، علي رأسها انشغال وإشغال الرأي العام ببعض التصريحات المستفزة والخاصة بموقف الرئيس عن حملة تمرد التي نشأت لسحب الثقة من الرئيس مرسي من خلال جمع 15 مليون استمارة لحملة قبل 30 يونية القادم وهو الموعد الذي حددوه للتظاهر أمام قصر الاتحادية للمطالبة بإسقاط النظام.
وقد نجحت الحملة التي أسسها الناشط السياسي محمود بدر وبعض النشطاء  بالفعل قبل 30 يونية القادم وسارت كالنار في الهشيم، بعد أن وقع عليها كبار الشخصيات العامة وعدد كبير من فئات المجتمع المختلفة ليس في العاصمة والمدن فقط وإنما وصلت للقري والنجوع والأحياء الشعبية من ناحية، ووصول التخوف إلي أسوار القصر الرئاسي نفسه قبل الموعد المحدد بقيام الرئيس بعمل اجتماع مغلق مع وزير الداخلية وبعض القيادات الأمنية ليطلب منهم عرض تقرير مفصل عن الحملة وأهدفها ونشاطها ومدي إمكانياتها في تغيير نظام الحكم من ناحية أخري.
وفي 15 يوماً فقط، استطاعت الحملة جمع قرابة 5 ملايين استمارة سحب ثقة وفقاً لما أعلن، لدرجة جعلت من القائمين علي الحملة يقفون في إشارات المرور للحصول علي استمارات، أو الذهاب للعمارات والمنازل، حيث الكتل السكانية، كذلك الذهاب إلي أماكن التجمعات بما فيها حضور المناسبات، بل جمع عدد كبير من الاستمارات في أحد الأفراح الشعبية بمنطقة شبرا، هو خير دليل علي نجاحها سواء حدث الهدف الأسمي لها في إسقاط النظام من عدمه.
وكل هذه الخطوات أثبتت نجاح الحملة معنوياً في هز كيان النظام بغض النظر عن نجاحه علي أرض الواقع من عدمه، من هنا كانت استفادة جماعة الإخوان والرئيس مرسي في تسليط الضوء علي الحادث عن النجاح السريع لحركة تمرد.

مشروع قناة السويس
والقضية الأهم في هذا الشأن هو هبوط حدة الهجوم علي المشروع المزمع إنشاؤه والمسمي بتنمية إقليم محور قناة السويس، الذي لاقي معارضة شديدة ليس من قبل القوي السياسية والحركات الثورية المعارضة لنظام الرئيس مرسي، وإنما من قبل بعض أنصار التيار الديني أنفسهم.
ووصف السياسيون هذا المشروع بأنه بداية حقيقية لمنح الأرض المصرية لشركات أجنبية تحت شعار «حق الانتفاع» بل اعتباره بأنه الخطوة الأولي في عودة الامتيازات الأجنبية إلي مصر، ومن ثم عودة عصر الخديو ووضع مقدرات الدولة في يد الأجانب بالطرق القانونية وليس بالاحتلال كما حدث مسبقاً.
وجاء الحادث ليصب في مصلحة حكومة الدكتور هشام قنديل التي تفشل كل يوم في إقناع المصريين بقدراتها ومواهبها سواء كان ذلك علي المستوي النظري أو العملي المتمثل في استمرار حالة الانفلات الأمني وسوء الأوضاع المعيشية وانهيار المستوي الاقتصادي يوماً بعد يوم، ليجد المصريون أنهم أمام حادث اختطاف الجنود لكونه الأهم والأخطر ليستفيد الرئيس مرسي وجماعة الإخوان من الأزمة بدلاً من استمرار المعارضات حول هذه القضايا.

القضاة والسلطة القضائية
من الملاحظ أن أزمة اختطاف الجنود تزامنت مع حالة التصعيد التي تبناها نادي القضاة برئاسة المستشار أحمد الزند في تدويل قضيتهم المتعلقة بقانون السلطة القضائية وإصرار مجلس الشوري علي مناقشته برغم كل التعهدات التي أبداها الرئيس مرسي ومؤسسة الرئاسة بعدم مناقشته، إلا في حضور القضاة وهو ما لم يحدث، كذلك كانت الأمور مهيأة لانعقاد مؤتمر العدالة في دار القضاء العالي في شهر يونية القادم بحضور الرئيس، إلا أن مناقشة مجلس الشوري للقانون قد غير موقف القضاة لنجد نادي القضاة في طريق آخر.
والحادث اختطف الضوء من هذه الأزمة وحالة الاحتقان لدي القضاة، خاصة بعدما نشر عن أن القانون سيخرج أكثر من 3 آلاف قاض علي المعاش، وهو ما اعتبره نادي القضاة وغالبية أعضائه بداية لتصفية القضاة، والسعي إلي تعيين دفعات من مساعدي النيابة المحسوبين علي جماعة الإخوان المسلمين وهو ما رفضه القضاة تحت شعار «لن نسمح بأخونة القضاء».
وجاء تجاهل هذه الأزمة التي احتلت مساحة كبيرة في ساحات المحاكم والنيابات والشارع المصري لتحتل المركز الثالث في القضايا

التي انشغل عنها الرأي العام في بداية حادث الاختطاف، إلا أن نادي القضاة نجح في احتلاله مساحة كبيرة من الإعلام بعد عقد مؤتمر صحفي في حضور وزيارة الدكتور «جيرهارد رايسنر» رئيس الاتحاد الدولي للقضاة، الذي خرج من مصر محملاً بملف كامل أعده النادي حول الانتهاكات التي تعرض لها القضاء وأحكامه في عهد الرئيس مرسي ونظام جماعة الإخوان من ناحية وبين تعرض القضاة أنفسهم للسب والقذف من ناحية ثانية.

الصكوك
غاب في الفترة الأخيرة الحديث عن مشروع قانون الصكوك الذي أثار جدلاً واسعاً في أروقة مجلس الشوري وحالة الذهاب والعودة التي مر بها القانون في الطريق بين قصر الرئاسة ومجلس الشوري وبين لجنة الفتوي وهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وخروج القانون من الهيئة مصحوباً ببعض الملاحظات والأخطاء القانونية والشرعية لأن مجلس الشوري ذي الأغلبية الإخوانية نجح في إعطاء المشروع الصبغة الإسلامية ليكون مشروع قانون الصكوك الإسلامية.
وقد صدق الرئيس مرسي خلال الأيام الماضية علي مشروع القانون دون إجراء تعديلات وملاحظات الهيئة ليضرب برأيها قبل أن يضرب بالإرادة الشعبية عرض الحائط باتخاذه هذه الخطوة غير المرغوب فيها.
وقد مر القانون دون أي ضجة إعلامية، خاصة بعد حادث اختطاف الجنود رغم كل المعارضات التي وجهت له واعتباره بأنه بيع حقيقي لأصول الدولة، والتحذيرات من محاولة أتباع الكيان الصهيوني أو الأجانب في استغلال ضعاف النفوس لشراء بعض الأصول أو الممتلكات العامة باسمهم مع حفظ الإدارة للأجانب، ومن ثم خطورة ذلك، إلا أن الحادث قد غطي إعلامياً أيضاً علي تصديق القانون.

هروب الرئيس
في الأسبوع الماضي، كانت القضية التي تنظرها محكمة استئناف الإسماعيلية وهي هروب المسجونين من سجن وادي النطرون تسيطر علي الأحداث السياسية في مصر، التي تتعلق بهروب قيادات من جماعة الإخوان المسلمين وقتها وعلي رأسها الدكتور محمد مرسي رئيس حزب «الحرية والعدالة» وقتها وما أثر عن تورط حركة حماس الفلسطينية في اقتحام السجون.
وقد تم تأجيل القضية إلي يونية الماضي، ولا تزال القضية شائكة لكونها تتعلق بمصير الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية وبقائه في الحكم من عدمه، وربما تعود للساحة أكثر مع اقتراب موعد نظرها، إلا أنها كانت ضمن القضايا التي غابت عن أذهان المصريين طوال مدة اختطاف الجنود.

انقطاع الكهرباء.. وأزمات لا تنتهي
عانت كافة محافظات الجمهورية خلال الفترة الماضية من استمرار انقطاع التيار الكهربائي لمدة طويلة وهو ما تسبب في سيطرة الظلام علي منازل وممتلكات المصريين والشوارع، ولم تكن الأزمة في المحافظات فقط وإنما عانت القاهرة رغم كونها عاصمة الجمهورية من تلك الأزمة، ليجد المصريون أنفسهم أمام تبادل الأدوار في إطفاء الأنوار بالمناطق الراقية والأحياء الصناعية قبل المناطق العشوائية.
وطوال مدة اختطاف الجنود، وبرغم هذه الأزمة المرهقة لجموع المصريين، إلا وسائل الإعلام لم تعط هذه المساحة الكافية لها بسبب سيطرة تطور الأجواء في سيناء ورفح وبدء التحركات والعمليات العسكرية في المحافظة لتحرير الجنود.
وبالتالي استفادت جماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسي والدكتور هشام قنديل من الأزمة سياسياً لكونها غطت عن فشله المستمر في حل هذه الأزمة مع بداية الصيف الذي لم يكتمل نشاط المصريين فيه واحتياجهم الأكثر للطاقة الكهربائية بعد، فما بالك مع شدة الحرارة خلال الفترة القادمة؟
كل هذه الأزمات والقضايا التي انطفأت أضواؤها خلال الأسبوع الماضي عادت إلي الساحة من جديد، ولا يتصور الرئيس مرسي والدكتور هشام قنديل رئيس حكومته أن الشعب المصري ينسي مطالبه وتحقيق أهداف ثورته في 25 يناير، وإنما حادث اختطاف الجنود قد جعل المصريين يستشعرون الحرج في بعض المتطلبات في ظل أسر بأكملها وأمهات وآباء لا يعرفون مكان احتجاز أبنائهم الجنود.
وكان خوف المصريين من حدوث بعض المناوشات في سيناء قد تضر بالأمن القومي المصري كان السبب الوحيد وراء استشعارهم الحرج في مناقشة مثل هذه القضايا أو المطالبات الخاصة بهم، ولكن كل هذا القضايا عادت من جديد أمام الرئيس والحكومة والفشل فيها أو تجاهلها أو الحصول علي الحقوق وتجاهل الإرادة الشعبية في المشاركة لتحديد مصير الوطن سيكون بداية النهاية لهذا النظام الحاكم.