رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"الغيبوية" فى إدارة السياسة الخارجية المصرية

بوابة الوفد الإلكترونية

تصاعدت فى الفترة الأخيرة حدة التصريحات الأمريكية ضد مصر سواء من المسئولين السياسيين أو وسائل الإعلام احتجاجاً على القيود التى يفرضها نظام الحكم الحالى تجاه التحول الديمقراطى، بالإضافة إلى استمرار الاحتقان السياسى وغياب الاستقرار الأمنى والانهيار الاقتصادى ومطالبة وسائل الإعلام الأمريكية (صحيفة واشنطن بوست) الإدارة الأمريكية بضرورة التركيز على مساعدة المصريين فى حماية حرياتهم.

وفى الوقت نفسه، فلقد تزامنت هذه التصريحات مع زيارة الرئيس مرسى لروسيا الاتحادية لتطوير العلاقات معها وخاصة الاقتصادية منها ودفعها للمشاركة فى النمو الاقتصادى المصرى من خلال الاستثمارات الروسية فى مصر فى مجالات الصناعة والطاقة، بالإضافة إلى زيارة مساعد رئيس الجمهورية للشئون السياسية «عصام الحداد» على رأس وفد من الرئاسة إلى إيران لبحث إمكانيات حل الأزمة السورية، طبقاً للبيانات الصادرة من رئاسة الجمهورية.
وتجنباً للارتجالية السياسية المصرية فى إدارة سياستها الخارجية انطلاقاً من ثوابت الموقف الأمريكى تجاه منطقة الشرق الأوسط، خاصة مصر، بالإضافة إلى ما قد يشكله التقارب المصرى الإيرانى من انعكاسات سلبية على الموقف فى المنطقة، خاصة بالنسبة للدول العربية فى منطقة الخليج العربى والموقف الأمريكى وارتباطه بالموقف الإسرائيلى، ولذلك فإن الأمر يتطلب إلقاء الضوء على أهم الصراعات فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة الموقف الأمريكى والموقف الإيرانى ولإعادة الذاكرة للقائمين على إدارة السياسة الخارجية المصرية.
أولاً: الموقف الأمريكى
تعتبر المصلحة القومية الأمريكية من أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية حتى ولو كانت على حساب قواعد ومبادئ المجتمع الدولى وتطمع دائماً فى إحلالها محل النظام الدولى وتختلف آليات هذه السياسة طبقاً للمتغيرات السياسية للمنظومة السياسية للولايات المتحدة الأمريكية وتستند إلى عاملين أساسيين هما القوة والعمل على أن تحذو جميع دول العالم لقيمها ومبادئها.
ولذلك فإن الاستراتيجية الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط محددة الأهداف وأساليب تحقيقها متغيرة وجميعها تخدم استمرار النفوذ الأمريكى والحفاظ على مصالحها من خلال علاقاتها بدول المنطقة، بالإضافة إلى القواعد العسكرية التى تتطلب استراتيجيتها الدفاعية إنشاءها واستمرارها لحماية النفوذ الأمريكى، بالإضافة إلى المحافظة على استقرار المنطقة بالشكل الذى لا يستفز القوى الأخرى الصاعدة فيها.
وإذا كانت السياسة الأمريكية تعمل على تطوير الفكر السياسى لدول منطقة الشرق الأوسط وصولاً لتحقيق الديمقراطية فيها ولتكوين الشرق الأوسط الجديد، فإن هذه السياسة قد لاقت صعوبات متعددة فور إطلاقها لمعارضة أنظمة الحكم فيها فى ذلك الوقت لأية تغييرات سياسية، بالإضافة إلى تدنى مستوى المعيشة والفكر السياسى فيها، بالإضافة أيضاً إلى سلبيات وردود فعل الدعم الأمريكى غير المحدود لإسرائيل والتى أصبحت بتصرفاتها فى المنطقة وخاصة بالنسبة للقضية الفلسطينية تشكل عبئاً على المنطقة ومصدراً مستمراً لاستفزازها وانعكاسات ذلك على سمعة الولايات المتحدة الأمريكية وانعدام الثقة فى عدلها الدولى تجاه مشاكل المنطقة والتى عززتها المبررات غير الحقيقية لغزو العراق والتى مازالت تعانى من سلبياته حتى الآن وخاصة الانهيار الأمنى وازدياد واستمرار النشاط الإرهابى المضاد للدولة وما يترتب عليه من خسائر بشرية ومادية وانعدام الاستقرار السياسى.
ومما لا شك فيه، فإن السياسة الخارجية الأمريكية فى الشرق الأوسط تضع إسرائيل فى أولوية اهتماماتها دون شريك آخر فى المنطقة نظراً للموقف الداخلى الأمريكى المتعاطف معها، بالإضافة إلى ما يشكله اللوبى اليهودى الصهيونى فى أمريكا من أوراق ضاغطة على المنظومة السياسية فيها ويأتى اهتمام السياسة الأمريكية بالدول الأخرى بالمنطقة ضمن الأولويات التالية لإسرائيل ويعد ذلك هدفاً استراتيجياً لرؤساء الولايات المتحدة الأمريكية بصفة مستمرة لكسب مودة اللوبى الصهيونى.
أما بالنسبة لعلاقات الولايات المتحدة الأمريكية مع مصر فإننا نشير إلى الثوابت والحقائق التالية:
> إن الولايات المتحدة الأمريكية قد لعبت دوراً مهماً فى فترة ما قبل ثورة 25 يناير 2011 خاصة بعد تجاهل نظام الحكم السابق لمطالباتها المستمرة بضرورة البدء فى الإصلاحات السياسية، حيث قامت بتدريب بعض كوادر منظمات المجتمع المدنى على التواصل بينهما مستخدمين وسائل الاتصالات الحديثة بالإنترنت ومواقع فيس بوك والتى كانت سبباً رئيسياً فى تجميع إرادات الشباب للقيام بمسيرات احتجاجية مستمرة ضد نظام الحكم السابق والتى قوبلت بردع شديد من قوات أمن نظام الحكم السابق حتى 25 يناير 2011 والتى تظاهر الشباب يومها لمحاكاة ما حدث فى تونس للمطالبة بالإصلاحات السياسية والتى انقلبت إلى ثورة شعبية بعد موقعة الجمل، أدت إلى استنزاف قدرات أجهزة الأمن وانسحابها من مواجهة المتظاهرين فى معظم المحافظات وبدأ الفراغ الأمنى الذى حاول نظام الحكم السابق تدعيمه بالقوات المسلحة لإعادة التوازن الأمنى مما حدا بالقوات المسلحة لمطالبة نظام الحكم السابق بضرورة مراعاة عدم دفع القوات المسلحة للمواجهة الشعبية، لذلك فلم يكن أمام نظام الحكم السابق بديلاً عن الرحيل يوم 11/2/2011 بعد مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية له أيضاً بذلك لفقدانه التأييد الشعبى وارتفاع سقف مطالب الشعب بسقوط النظام رغم تردده أثناء الثورة عندما لوح النظام السابق بفزاعة الإخوان المسلمين.
> استمرت الولايات المتحدة الأمريكية بعد رحيل النظام السابق فى متابعة تطورات الموقف، والتمشى معه للمحافظة على نفوذها فى المنطقة بتضامنها مع الثورة إعلامياً ولوحت بالمساعدات الاقتصادية وزيادة استثماراتها فى مصر وبعد تولى الرئيس مرسى السلطة فى مصر انحازت الولايات المتحدة الأمريكية لدعم النظام ووفرت له كل الوسائل لحكم مصر دون أية تداخل من سلطات القوات المسلحة والتى طالبتها بالعودة لمعسكراتها انطلاقاً من قدرة الإخوان المسلمين على الحشد والتنظيم وهو ما يوفر إمكانية تحقيق الاستقرار المجتمعى وهو ما تنشده لمصر إيماناً منها بأهمية حتمية الموقف المصرى لتحقيق الاستقرار بالمنطقة.
> وإزاء تطور الأحداث الداخلية وممارسات نظام الحكم والإخوان المسلمين والتى أدت إلى توتر الموقف السياسى وما ترتب عليه من انقسام مجتمعى واحتقان سياسى، بالإضافة إلى استمرار الانفلات الأمنى والانهيار الاقتصادى مما حدا بالولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة مراجعة موقفها من نظام الحكم والحد من دعمه فى الوقت نفسه فإنها مضطرة إلى الاحتفاظ بالحد الأدنى لعلاقاتها السياسية مع مصر لمحاولة احتواء النظام السياسى فيها لأهميتها فى المحافظة على استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية فى الشرق الأوسط.
> ومع استمرار تجاهل نظام حكم الإخوان المسلمين لمطالبات الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة تحقيق الاستقرار السياسى من خلال توافق مجتمعى، فلقد بدأت وسائل الإعلام الأمريكية، (والتى أشادت من قبل بالإخوان المسلمين ومرشدهم والرئيس مرسى) فى مطالبة الإدارة الأمريكية (صحيفة واشنطن بوست) بالتركيز على مساعدة المصريين فى حماية حرياتهم، خاصة أن المجتمع المصرى منقسم حول حقيقة طبيعة علاقة الإدارة الأمريكية بالنظام الحاكم فى مصر ويعتقد مثقفو مصر أن الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس أوباما متخبطة وفشلت فى اتباع سياسات واضحة تجاه ثورة 25 يناير 2011.
> ورغم رصد وسائل الإعلام الأمريكية لمؤشرات تراجع الإدارة الأمريكية عن دعم نظام الرئيس مرسى ومنها تأجيل زيارته للولايات المتحدة الأمريكية مرتين ثم تأجيلها أخيراً لأجل غير مسمى، بالإضافة إلى التوقف عن تقديم المساعدة العاجلة بقيمة 250 مليون دولار والتى أعلن عنها خلال زيارة وزير الخارجية الأخيرة لمصر وربط تفعيلها بالتوصل إلى اتفاق نهائى مع صندوق النقد الدولى، بالإضافة إلى أنه قد تلاحظ معارضة الرئيس مرسى لسماع أية نصائح أو انتقادات من واشنطن بعد حصوله على القروض العربية، ولذلك فإن أنسب الوسائل التى يجب أن تتبعها الإدارة الأمريكية فى مصر التالى:
>> التركيز على وضع سياسات أمريكية للاهتمام بحرية التعبير والرأى ونزاهة العملية الانتخابية.
>> دعم منظمات المجتمع المدنى والتواصل مع المعارضة والقوات المسلحة بصورة أكبر مع توضيح ضرورة استخدام الوسائل السلمية لتحدى نظام الرئيس مرسى دون غيرها.
ثانياً: الموقف الإيرانى
استولت الثورة الإيرانية على الحكم فى إيران بزعامة الإمام الخومينى بطريقة درامية ساعدت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية فى تمكينه من الحكم بدون أسباب منطقية لتخليها عن دعم شاه إيران وإن كانت تبررها بأنه قد فقد شعبيته وبالتالى فلا جدوى لاستمرار مساندته فى حكم إيران وبدأت ملامح الثورة الإسلامية تنجلى فى الانطلاق بمنظومة دينية افتقرت إلى الخبرة السياسية داخلياً وخارجياً وبصورة استفزازية لكل دول المنطقة وبدأت فى التحرش بها مما أزعج الأنظمة السياسية فى المنطقة الأمر الذى اضطرها إلى الابتعاد عنها وتجميد جميع العلاقات معها.
وبعد رحيل الإمام الخومينى، بدأ النظام الإيرانى الخروج من عباءة الإمامية الخومينية للحد من السلبيات التى تولدت عن هذه السياسة طوال فترة حكم الخومينى ومحاولة الانفتاح على دول المنطقة من خلال نظام سياسى ظاهره الإيمان بالديمقراطية والتعددية الحزبية لضمان استمرار مفاهيم الثورة الإسلامية المرتكزة على المذهب الشيعى وباطنه إنشاء حرس ثورى لحماية الثورة داخلياً وخارجياً من خلال سيطرته على القوات المسلحة وتأمين الحدود الإيرانية برياً وبحرياً وجوياً وسيارته وإدارته على منظومة الصواريخ الإيرانية الأرض جو وأرض أرض وبحر متوسطة وبعيدة المدى، بالإضافة إلى زوارق الصواريخ السريعة بعيدة المدى والغواصات البحرية.
ولقد أدى الغباء الأمريكى بغزو العراق إلى تخليص إيران من صدام حسين العدو الرئيسى لها ورمانة ميزان المنطقة وبسقوط بغداد يوم 9/4/2003 سقطت قلعة الصمود المضادة للمد الشيعى الإيرانى فى المنطقة وبدأت الإفاقة الإيرانية فى تحديد أهدافها والعمل على تحقيقها من خلال عدة محاور كالتالى:
> السعى وبإصرار إلى امتلاك التكنولوجيا النووية كهدف استراتيجى وبإجماع وطنى مهما كلفها ذلك من معاناة اقتصادية مع استعدادها الوصول إلى أية مدى فى هذا الاتجاه فى سبيل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجى.
> تحقيق المد الشيعى فى المنطقة العربية من خلال إنشاء كيانات شيعية ترتبط بها ارتباطاً كلياً فى لبنان «حزب الله» ومحاولة تحقيق هذا الهدف فى اليمن من خلال تجمع الحوثيين فى صعدة.
> تحقيق نفوذ سياسى فى المنطقة من خلال تبنيها لحركة حماس وتوفير الدعم المادى والعسكرى لها فى غزة والتنسيق مع قياداتها وقيادات المنظمات الممانعة فى المنطقة العربية.
> تبادل المصالح مع الدول العربية، خاصة سوريا التى تقوم بدور حلقة الاتصال بين إيران وحزب الله فى لبنان لدعمه مادياً وعسكرياً مقابل الدعم السياسى والعسكرى الإيرانى لسوريا الذى وصل إلى مرحلة التحالف بينهما.
> التحكم فى بناء المنظومة السياسية فى العراق بما يحقق مصالحها فيها وفى منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى التغلغل فى منطقة الخليج العربى من خلال الاتفاقيات الاقتصادية مع بعض دول الخليج العربى.
> وعلى ضوء ما سبق، فإن إيران قد حققت واقعياً وعلى الأرض أهداف المد الشيعى والنفوذ السياسى بمفهومه الواسع والتحالفات السياسية والاقتصادية مع بعض دول المنطقة العربية والمحورية فيها والسيطرة على الأوضاع السياسية فى العراق بما يحقق مصالحها فيها لذلك فلقد أصبحت قوة إقليمية تلعب دوراً محورياً رئيسياً فى منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى إصرارها على تحقيق طموحاتها النووية ونجاحها فى إدارة ملفها النووى مع الولايات المتحدة الأمريكية الذى يشكل إضافة بدون حدود لدورها المحورى كقوة إقليمية تحقق التوازن فى المنطقة فى مواجهة سياسة إسرائيل المدعومة بالولايات

المتحدة الأمريكية وأطماعها فى المناطق العربية المحتلة «الضفة الغربية ــ القدس الشرقية ــ الأراضى السورية المحتلة».
> ومن خلال العرض السابق للاستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط فإنه يمكن عرض ثوابتها فى التالى:
> إن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بحماية ودعم إسرائيل والمحافظة على أمنها القومى بصفة مستمرة.
> إن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه إيران التى تصر على امتلاك التكنولوجيا النووية كهدف استراتيجى وقومى هى مهادنة إيران ومحاولة احتوائها لدورها فى توفير الاستقرار فى العراق والملف الأفغانى والاستفادة من موقف إسرائيل ودول الخليج من ملفها النووى فى استنزاف دول الخليج العربى مالياً من خلال صفقات الأسلحة لها وبما له من آثار إيجابية على تنشيط الاقتصادية الأمريكية، بالإضافة إلى استفادة إسرائيل من ذلك أيضاً بابتزاز الولايات المتحدة الأمريكية لدعمها عسكرياً ومادياً لمواجهة أية تهديدات إيرانية أو امتداداتها بالمنطقة.
> إن المحور الرئيسى لسياسة الولايات المتحدة الأمريكية يتركز على الموقف فى مصر ومتابعته بصفة مستمرة انطلاقاً من ثقلها فى المنطقة ومحور الاستقرار فيها، ولذلك فإنها تبذل قصارى جهدها لاحتوائه مهما كلفها ذلك من تكلفة مادية ومعاناة سياسية للمحافظة بالدرجة الأولى على الأمن الإسرائيلى استناداً إلى أن مصر هى الدولة الوحيدة القادرة على التصدى للمشروع الصهيونى فى المنطقة انطلاقاً من إرادتها الشعبية التى فشلت فى جميع دول العالم وأجهزة مخابراتها فى وضع تصور لردود فعل الشخصية المصرية فى المواقف المختلفة أو تحليلها وكشف مكنونها وطلاسمها لأن الشخصية المصرية مركبة وليس لها مدلول واضح ومحدد وفشلت كل المقاييس فى التنبؤ بأحوالها والتى تجلت خلال حرب أكتوبر 1973 وثورة 25 يناير 2011 ولذلك، فإنها ستستمر فى كل الأحوال فى مناطحة الموقف المصرى مع الاحتفاظ بالحد الأدنى من العلاقة معها.
> وانطلاقاً من تحقيق هذه المعادلة فإنه يمكن عرض تطور علاقة الولايات المتحدة الأمريكية مع مصر حالياً ومستقبلاً فى المدى القريب كالتالى:
> لقد أدى تطور الأحداث الحالية فى مصر من انقسام مجتمعى وانعدام الاستقرار السياسى والأمنى والانهيار الاقتصادى إلى قناعة الإدارة الأمريكية بأن نظام حكم الإخوان المسلمين،يفتقر إلى الرؤية المستقبلية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً للنهوض بالوطن.
> ازدياد الفجوة بين الرئيس مرسى والإدارة الأمريكية بعد حصول مصر على المساعدات العربية وأصبح نظام الحكم فى مصر أكثر معارضة لسماع أية نصيحة أو انتقادات من واشنطن.
> ولقد ترتب على ما سبق تراجع الدعم الأمريكى لنظام حكم الإخوان المسلمين وكان من أهم مؤشراته تأجيل زيارة الرئيس مرسى للولايات المتحدة الأمريكية مرتين ثم لأجل غير مسمى وربط تقديم المساعدة العاجلة الأمريكية لمصر ومقدارها 250 مليون دولار أمريكى والتى كان قد أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكى خلال زيارته لمصر فى مارس 2013 بالتوصل إلى اتفاق نهائى لمصر مع صندوق النقد الدولى.
> بالإضافة إلى ما سبق، فلقد طالبت وسائل الإعلام الأمريكية والتى أشادت بحكم الإخوان المسلمين من قبل والرئيس مرسى بعد اتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل الإدارة الأمريكية بإعادة تقييم سياستها مع نظام الحكم الحالى فى مصر بعد فشل محاولاتها فى بناء علاقة قوية معه وضرورة تركيز الولايات المتحدة الأمريكية على مساعدة الشعب المصرى فى حماية حرياتهم، خاصة أن المجتمع المصرى منقسم حول حقيقة وطبيعة علاقة الإدارة الأمريكية بالنظام الحاكم حالياً فى مصر من خلال التالى:
>> عدم الانشغال بدعم المعارضة أو الوصول إلى تسوية مع النظام الحاكم، بل يجب التركيز على الاهتمام بحرية التعبير والرأى ونزاهة العملية الانتخابية.
>> تنشيط الآليات والوسائل لمواصلة دعم منظمات المجتمع المدنى لحشد طاقات وإرادات القوى الثورية فى اتجاه التحول الديمقراطى والتواصل بصورة واسعة مع المعارضة والقوات المسلحة مع توضيح ضرورة استخدام الوسائل السلمية لتحدى نظام الحكم.
>> ولذلك، فإن خطورة مطالبات وسائل الإعلام الأمريكية السابقة تتمثل فى العودة بالعلاقات المصرية الأمريكية للمربع رقم واحد وأن الدعوة للتواصل مع منظمات المجتمع المدنى لتنشيطها يتشابه مع الموقف الأمريكى تجاه مصر قبل ثورة 25 يناير 2011، والتى طالبت فيه الولايات المتحدة الأمريكية فى ذلك الوقت نظام الحكم السابق للقيام بمزيد من الإصلاحات السياسية لتحقيق التوازن للمجتمع، بالإضافة إلى ضرورة رفع الحظر الأمريكى عن القوات المسلحة المصرية للمساعدة فى عدم انهيار الدولة بالطرق السلمية.
>> إن اتزان الاستراتيجية الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط وموقف الإدارة الأمريكية من نظام الحكم فى مصر حالياً واضحة ومحددة المعالم، إلا أن زيارة الرئيس مرسى لروسيا والوفد الرئاسى لإيران يحتاج إلى تقييم حقيقى للوقوف على أهدافها  والتى مازالت غامضة فى ظل الحقائق التالية:
> إن القيادة الروسى تركز فى سياستها على بناء الدولة داخلياً وإقليمياً وبالتالى فإن تلبيتها للمطالب المصرية فى ظل الانهيار الاقتصادى المصرى لا يدخل ضمن اهتماماتها وأولوياتها فى الوقت الحالى، بالإضافة إلى أن موقفها من الأزمة السورية يتطابق مع موقف النظام السورى الحاكم.
> إن الموقف المصرى لا يتطابق مع الموقف الإيرانى من الأزمة السورية لاختلاف رؤية النظام السورى للمعارضة والتى يعتبرها النظام خروجاً على القانون فى إطار ما يسمى بالبلطجة والارتزاق، وبالتالى فإن الرؤية الإيرانية والسورية هى حل الأزمة سلمياً من خلال النظام نفسه مع المعارضة الداخلية وعدم الاعتراف بالمعارضة الخارجية كطرف فى التسوية السلمية.
> إن الولايات المتحدة الأمريكية مازالت تراقب الأزمة السورية دون الانغماس فيها حالياً إيماناً منها بأن تغيير نظام الحكم الحالى فى سوريا يمكن أن يؤدى إلى عدم استقرار منطقة الشرق الأوسط وخاصة بالنسبة لإسرائيل ولبنان والعراق.
> إن سياسة روسيا تجاه الشرق الأوسط والملف النووى الإيرانى تحت سيطرة الولايات المتحدة الأمريكية وليس لها تأثير سلبى على سياستها فى المنطقة كما أن الزيارات المصرية لكل من روسيا وإيران ليس لهما أية ردود فعل على الموقف الأمريكى لتقديرها لحقيقة موقف الدولتين سياسياً واقتصادياً فى ظل سياسة القطب الأوحد الأمريكية وإذا كان تحرك نظام الحكم الحالى فى مصر تجاه روسيا وإيران رسالة تحذير للولايات المتحدة الأمريكية لإعادة النظر فى سياستها مع نظام الحكم، فإن ذلك لن يجدى ولن يؤثر على سياسة واستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط.
ولذلك فإن على نظام الحكم الحالى فى مصر الابتعاد عن سياسة طواحين الهواء والتركيز على بناء الموقف الداخلى سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لتوفير الظروف والمناخ للنمو الاقتصادى والذى يشجع على جذب رؤوس الأموال للاستثمار، بالإضافة إلى الاستقرار الأمنى لإعادة معدلات السياحة إلى ما كانت عليه قبل 25 يناير 2011 مع الوضع فى الاعتبار أن استمرار الموقف الحالى دون تحقيق توازن وتوافق مجتمعى وما يترتب عليه من استمرار الانهيار الاقتصادى يمكن أن يؤدى إلى إعادة تجميع إرادات الشعب المصرى للحصول على حقوقه المشروعة التى قامت من أجلها ثورة 25 يناير 2011 ولن يسمح بأن يستمر ضحية لممارسات دينية أو عقائدية أو حزبية لا تضع مصلحة الوطن فوق أية اعتبارات أخرى كما أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقاتل فى سبيل الاحتفاظ بمصر ضمن استراتيجيتها فى الشرق الأوسط كمحور ارتكاز لتحقيق الأمن الإسرائيلى، بالإضافة إلى حرصها بصفة دائمة بالتعاون مع الدول الأوروبية على استقرار مصر وما يترتب عليه من استقرار منطقة الشرق الأوسط.