عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيناريو السيطرة على عمال مصر

إضراب عمال (صورة
إضراب عمال (صورة أرشيفية)

بعد سقوط نظام مبارك إثر اندلاع ثورة 25 يناير دخلت السعادة قلوب عمال مصر، فهم من ناضلوا قبل الثورة بسنوات ضد النظام السابق.

ولكن سرعان ما تبدل الوضع, وبدت فى الأفق مؤشرات ليست مبشرة , كقانون تجريم المظاهرات الذى أصدره المجلس العسكرى وثاروا ضده، إضافة إلى اتهامهم بتعطيل الاقتصاد عن طريق المظاهرات التى اطلقوا عليها «الفئوية», ومع مرور الوقت جاء الإخوان المسلمون إلى سدة الحكم ودخلت مصر مرحلة مهمة فتجدد أملهم فى وضع خاص ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن, فحدث ضجيج حول مواد خلافية بالدستور وصفها واضعوها بأنها تضمن العدالة الاجتماعية فى حين وصفها المعارضون بالـ«معيبة», ناهيك عما تعرض له الاتحاد العام لعمال مصر من سيطرة «إخوانية» بقانون أصدره الرئيس محمد مرسى, فضلا عن تصريح المستشار أحمد مكى وزير العدل فى إحدى الصحف القومية بشأن دراسة قانون يحد من التظاهرات بأمر قضائى وهو ما تبلور مؤخرا فيما عرف بقانون تنظيم الإضرابات والاعتصامات الذي يعكف الشوري علي إصداره.
ومن خلال العوامل التى ذكرناها تجعل البعض يري أن هناك محاولات للسيطرة على الحركة العمالية فى مصر من جانب الفصيل الحاكم.
ونشأت مخاوف عمالية نتيجة تكريس فكرة السيطرة بعد أن أصبح الدستور الجديد واقعاً عملياً، وخاصة لاحتوائه على المادة 18 التى لا تجيز التصرف فى أملاك الدولة أو منح امتياز باستغلالها أو التزام مرفق عام إلا بناء على قانون، وأن كل مال لا مالك له فهو ملك الدولة، ما اعتبره خبراء قانون تمهيداً لإصدار قانون للخصخصة يحميها من الطعن عليها أمام القضاء الإدارى باعتبار بيع الشركات قراراً إدارياً صادراً من الحكومة، إضافة إلى المادة 14 التى تنص على ربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول، وضمان حد أدنى للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصى فى أجهزة الدولة لا يستثنى منه إلا بناء على قانون».
وهي نسبة تقريبا ما ورد بدستور 1971 الذى نص على وضع حد أدنى للأجر يكفي لحياة كريمة، ووضع حد أقصى لتقليل الفوارق في الدخول. و لم يضع معايير محددة لهذا الحد الأقصى.
كما تنص المادة (28) على أن «الدولة تشجع الادخار، وتحمى المدخرات وأموال التأمينات والمعاشات. وينظم القانون ذلك».
وتنص المادة (52) على أن «حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات مكفولة، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتقوم على أساس ديمقراطى، وتمارس نشاطها بحرية، وتشارك فى خدمة المجتمع وفى رفع مستوى الكفاية بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم» ولا يجوز للسلطات حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى.
والمادة (53) تنص على أن «ينظم القانون النقابات المهنية، وإدارتها على أساس ديمقراطى، وطريقة مساءلة أعضائها عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم المهنى وفق مواثيق شرف أخلاقية. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة مهنية واحدة. ولا يجوز للسلطات حل مجلس إدارتها إلا بحكم قضائى، ولا تفرض عليها الحراسة».
وهنا يرى محمد أنور السادات أحد المنشقين عن الجمعية التأسيسية للدستور ان هناك مواد بها عوار دستورى وتمس مصالح العمال وعلى رأسها (المادة 14) التى ربطت الأجر بالإنتاج وليس بالأسعار مثلا، بالإضافة إلى عدم ذكر حد أدنى وأقصى للأجور, فضلا عن المادة (28) التى لم تضع أي قاعدة مبدئية لتوصيف أموال المؤمن عليهم على أنها أموال خاصة لهم وليست مالا عاما، ولا عن المبادئ العامة لإدارتها لصالح أصحابها من خلال مجلس أمناء يتكون من المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والذين ترشحهم النقابات المختلفة للعمال والمهنيين، ويتم انتخاب العدد المطلوب منهم من خلال الجمعية العمومية لأرباب المعاشات. كما لم ينص على ربط الحد الأدنى للمعاش بالحد الأدنى للأجر.
وينتقد السادات المادة 52 التي منحت السلطة الحق في حل النقابات أو الاتحادات وليس مجرد حل مجالس إداراتها، وكذلك المادة (53) التي تنص بشكل واضح على أنه لا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة. وهي تتناقض مع المادة 52 التي تنص على أن «حرية إنشاء النقابات مكفولة».
وقال السادات إنه تقدم باقتراح لتحديد تفاصيل خاصة بالإضراب السلمى حتى لا يتم اللعب فيه بقوانين فيما بعد.
وفي المقابل، وصف الدكتور فريد اسماعيل عضو الجمعية التأسيسية المواد المختصة بالعمال إنها رائعه اضافة الى انه يتم تسويقها بشكل خاطئ إعلاميا, علي حد قوله، وأضاف إسماعيل: فكرة ربط الانتاج بالاجر أمر رائع والمقصود به بها الحافز وليس الراتب الأساسى فالعامل يشارك فى الربح وهو نظام مطبق فى القطاع الخاص, وأشار الى أن عظمة الدستور تكمن فى ضمان انطلاق نقابات مستقلة من خلاله على الرغم ان الوحدة النقابية هى الأصل فى الأشياء وتحقق الانضباط.
وقارن إسماعيل مابين دستور 1971 والحالى ليؤكد حسب تعبيره ان العامل حصل على 10 خواص زائدة تضيف اليه المزيد .
وتكمن الخطوة الثانية للسيطرة على الحركة العمالية في إعادة تشكيل الاتحاد العام لعمال مصر إثر قانون تنظيم العمل النقابى الصادر عن رئيس الجمهورية, ليأتى بوجوه لم يرض عنها معظم قيادات العمال, نظرا لارتباطاتهم بالنظام السابق, وجزء منهم تابع لجماعة الاخوان المسلمين وهو ما اعتبره البعض «أخونة» للاتحاد ويتنافى مع ماصرح به مسئولو الجماعة مسبقا, وعلى رأسهم وزير القوى العاملة الحالى خالد الأزهرى فى وقفة احتجاجية سابقة أمام الاتحاد طالبت بضرورة حل الاتحاد ضمانا لإعادة هيكلته ولا سبيل للتطهير إلا عن هذا المسلك. وطبقا لتصريح فتحي شهاب رئيس لجنة العمال بالإخوان فى يونيه الماضى، لا يمكن أن يُصلح الاتحاد إلا بالحل، لأنه منذ بداية ثورة 52، وجميع الأنظمة عرفت أن الحركة العمالية قوة خطيرة ومفيدة، وبدأت عملية نفاق أو استيعاب العمال مع النظام والسلطة، كما بدأوا الربط بين رئاسة الاتحاد ووزارة العمل، والحل فى انتخابات نزيهة داخله لنبدأ صفحة جديدة، وليس قرارا وزاريا لحله أو ضغوط عمالية تطالب بإسقاطه.
وهناك عرقلة - حسب وصف مؤيدى التعددية النقابية - لمشروع الحريات النقابية ومحاولات لتأخير هذا القانون وتحاول الجماعة التأكيد علي إنها لا ترفض على الإطلاق قانون الحريات النقابية الذى أعده الدكتور أحمد البرعى، وزير القوى العاملة والهجرة، لكن اعتراضها على التعددية النقابية التى يمكن أن تؤدى إلى تمزيق الحركة النقابية..
يذكر هنا أن جماعة الاخوان المسلمين شاركت فى حركة «معا من أجل إطلاق حريتنا النقابية» منذ 6 سنوات أى مع بداية الفكرة, كما درست إنشاء اتحاد عمالى إخوانى فى عام 2011 لكن الفكرة تلاشت مع الوقت . فضلا عن رفض ممثلي حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية للإخوان المسلمين) لدى لجنة القوى العاملة في مجلس الشعب المُنحل، وسعوا إلى إمرار تعديلات على قانون النقابات الحالي، الذي يعود إلى عام 1976.. فأين كل هذه الخطوات الآن؟!!
ووفقا لمعارضى النظام لإخوانى، ترى فاطمة رمضان عضو المكتب التنفيذى لاتحاد النقابات المستقلة ان الجماعة استخدمت كل الوسائل المتاحة لهم للسيطرة على الحركة العمالية وخاصة مع إقرار الدستور الجديد وتمريره رغم ما يعانيه من عوار, فضلا عن تشكيل مجلس إدارة جديد باتحاد العمال الرسمى موال لهم ومحاربتهم لإصدار قانون الحريات النقابية من خلال النص عليه بالدستور بشكل واضح، واغفاله لحق التعددية النقابية واتهامها بانها تفتت العمل النقابى وهى مصطلحات مكررة ومستوحاة من النظام السابق.
وكشفت رمضان عن إصدار وزير القوى العاملة الحالى قرارات شفوية مفادها تعطيل النقابات المستقلة وإنشاؤها.
وفى المقابل دافع ناجى رشاد عضو اتحاد العمال الحالى عن اعتقادات جماعة الإخوان المسلمين الخاصة برفضهم للتعددية النقابية وقال «إن الإعلام يروج فكر الجماعة بشكل خاطئ».
وأضاف رشاد ان الحركة العمالية لا يمكن لاحد السيطرة عليها وهى فزاعة فقط تستخدم وقت الحاجة, كما اشار إلي أن عدد الاخوان فى الحركة العمالية لا يتجاوز 5% وهو ما يعنى أنهم ليس لديهم القدرة على تحقيق هذه الفزاعات بعكس النقابات المهنية, وتسعى الجماعة لانتزاع الحريات النقابية لضمان استقلالية العمال.
وفى نفس السياق يذكر هنا أنه قبل أيام كانت هناك محاولات لكبت الحريات العمالية وتظاهراتهم من خلال دراسة قانونية للقضاء على المظاهرات بأحكام قضائية وهذا ما صرح به وزير

العدل منذ شهر ونصف فى أحد حواراته بجريدة قومية وهو ماظهر بشكل آخر فى قانون تنظيم التظاهر والاحتجاج الذين يعدون لإصداره الآن رغم نفي مجلس الشوري ذلك.
وتضمن المشروع الذى شمل 26 مادة، إلزام من يريد تنظيم اجتماع عام أو تجمع سلمى، بإخطار الجهات الإدارية المختصة قبلها بثلاثة أيام على الأقل، ويجوز لجهة الإدارة منع الاجتماع إذا رأت أنه «يترتب عليه اضطراب فى النظام أو الأمن العام»، ولرجال الشرطة دائمًا الحق فى حضور الاجتماع، ومن حقهم طلب حل الاجتماع لأسباب من بينها «خروج الاجتماع عن الصفة المعينة له فى الإخطار»، أو إذا «حدث صياح»، أو ألقيت خطب تتضمن «الدعوة إلى الفتنة».
واعتبر مشروع القانون المقدم من حزب الحرية والعدالة أن الاجتماع العام الذي يحق للشرطة حضوره وفضه هو «كل اجتماع فى مكان عام أو خاص يستطيع دخوله أشخاص ليس بيدهم دعوة شخصية فردية».
ومنح القانون الجهات الإدارية حق تقرير مكان الاجتماع أو المظاهرة، على أن تلتزم كل محافظة بتخصيص مكان أو أكثر للتظاهر السلمى، ولا يجوز تنظيم المظاهرات قبل الساعة السابعة صباحاً ولا يجوز أن تتأخر بعد الساعة السابعة ليلاً.
وحظر مشروع القانون أيضًا ما سماه «خروج التظاهرات علي الآداب العامة»، كما منح وزارة الداخلية حق تفتيش المتظاهرين، وحق تفريق المتظاهرين بعد «انتهاء الوقت المحدد، أو إذا خرجت المظاهرات عن الهدف المحدد لها»، باستخدام المياه والقنابل المسيلة للدموع أو العصي الكهربائية، دون استخدام الرصاص الحي أو الخرطوش أو المطاطي.
ومنع مشروع القانون تظاهر أو اعتصام أكثر من ثلث عدد عمال أي مؤسسة عامة أو خاصة، واشترط «عدم تعطيل الإنتاج» لممارسة حق الإضراب السلمي داخل المنشأة.
ونصت المادة «25» من مشروع القانون المزعوم على أن: «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التى لا تقل عن 30 ألف جنيه ولا تزيد علي 100 ألف جنيه، كل من قام بفعل أو حرض أو ساعد على مخالفة أحكام هذا القانون وترتب عليه تعطيل العمل».
حاولنا الاتصال بالمستشار أحمد مكى على مدار ثلاثة أيام لكن لم يرد على هاتفه الخاص.
بينما انتقد القيادى العمالى البدرى فرغلى مواقف الحكومة الحالية وإصرارها على تقييد العمال بحسب تعبيره, وقال: اقترح بعض رجال مبارك فى أيامه الأخيرة ان تنقل الاحتجاجات العمالية إلى مدينة نصر بعيدا عن التجمعات ووسط المدينة بدعوى عدم تعطيل الإنتاج ومصالح باقى المواطنين.
وقال فرغلى إن أى حديث عن ترشيد الاحتجاج وترشيد الثورة الهدف منه القمع وليس الحرية ولا يمكن أن تنقل إجراءات تتم فى الدول المتقدمة إلى مصر لأننا مازلنا نعانى عدم الاستقرار, خاصة أننا فى مرحلة تطهير الدولة والمظاهرات هى الوسيلة المتاحة لذلك من حيث أن هدفها قمع الديكتاتورية وبذلك يكون هناك مخطط لترشيد الثورة وهو أمر مرفوض مجملاً.
ووجه فرغلى رسالة لوزير العدل: أقول لمكى أنت قمت باحتجاجات سابقة ووقفت ضد الظلم فلماذا تمنع الآن ما قمت به مسبقا وتسعي لتفعيل قوانين أنت اعترضت عليها فيما سبق», وأضاف: «نحن لسنا مع تعطيل مصالح الشعب ولا نعشق المظاهرات وإنما يجب الإدراك الكامل أن اللجوء إلى التظاهر هو أمر ثقيل على المحتج ومضطر إليه لانتزاع حقه وليس بهدف الترفيه ولسنا مع أنصار مبارك بفسادهم الموجود فى كل مؤسسة حكومية وخاصة».
وأكد فرغلى أن كل تظاهرة يكون لها سبب فبدلا من قمعها واللجوء الى أحكام القضاء لإلغائها أو ترشيدها، ابحثوا عن السبب الذى يحلها..
ويرى فرغلى أنه لن يستطيع أى مسئول منع الاحتجاجات لأنها تطهر البلاد ولم يفلح مبارك نفسه بأجهزته القمعية فى التخلص منها, رغم قبضة قانون الطوارئ.
إلي ذلك اعتبر اتحاد النقابات المستقلة فى بيان صادر عنهم أن قانون التظاهر خير دليل علي فشل مرسي وحكومته ليس فقط في حل مشاكل العمال والفلاحين ومشاكل الشعب المصري كله، وإنما دليل علي أنهم مغيبون تماماً عن الشعب المصري.
وأضافوا أن الإخوان ينتهجون سياسة ستؤدي لزيادة الفقراء فقراً، وذلك لحساب الأغنياء،
وأشاروا إلي أنهم لن يقبلوا مثل هذا القانون إذا حاولوا تمريره خاصة أنهم جاءوا بقانون لم يجرؤ مبارك نفسه في التفكير في مثله، فعندما تصبح الاجتماعات بأذن مسبق، ويجوز للجهات الإدارية منها، ويحق لرجال الشرطة حضورها ويحددون المكان الذي يرغبون الجلوس فيه، ومن حقهم طلب فض الاجتماع. وعندما يكون من حق السلطات الإدارية تحديد مكان الاجتماع وتحديد خط سير المظاهرة، وعندما يحرم العمال من حقهم في الإضراب. في الوقت الذي يسمح لصاحب العمل إغلاق المصنع أو الشركة وتشريد عمالها، ولا يضع عقاب واضح له علي تعطيل العمل ولا علي تشريد العمال، في الوقت الذي تصل عقوبة الدعوة للإضراب أو التظاهر للحبس لمدة سنة، وغرامة تتراوح ما بين 30 ألف جنيه و100 ألف جنيه.
عندما يحدث كل هذا لن نصمت ولن نبقي مكتوفي الأيدي..
ويواصل البيان: الغريب في الأمر أن نري  مشروع القانون يعرف الإضراب بدون تعطيل الإنتاج، ألم يقل لهم أحد إن تعريف الإضراب في العالم كله هو تعطيل الإنتاج، وذلك لحرمان صاحب العمل من أرباحه التي يكسبها من عرق وعمل العمال، حتي يخضع لمطالبهم العادلة في الحياة الكريمة».
وأضاف الاتحاد المصري للنقابات المستقلة: «إنكم تحفرون قبوركم بأيديكم. فالمصريون سوف يستكملون ثورتهم بالتظاهر والاعتصام والإضراب عن العمل وكل الطرق السلمية من أجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية».