رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حسن عبدالرحمن.. دراكولا أمن الدولة

رسم تخيلي للواء حسن
رسم تخيلي للواء حسن عبدالرحمن

ضحاياه وهم بعدد شعر رأسه يروون عنه الأساطير والحكايات التي تزدهر بين الإسلاميين الذين ترددوا على أقبيته ومعتقلات الداخلية طيلة ثلاثة عقود تكفي لصناعة عشرات الأفلام التي تنتمي لسينما الرعب.

ازدهر في عهد حسن عبدالرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة المنحل والذي كان يلقبه الإسلاميون بـ«دراكولا» الداخلية تنوع وسائل التعذيب واستقدم خلال السنوات الأخيرة التي سبقت سقوط مبارك وزمرته الفاسدة أدوات جديدة كما ابتكر مع فريق من جهنم الداخلية طرقاً شديدة القسوة والغرابة في نزع المعلومات من الضحايا الذين كان رجاله يجمعونهم من المساجد والبيوت في منتصف الليل.. وتشير المعلومات الموثقة الى أن الرجل وأتباعه كان يحلو لهم التعذيب وهم يستمعون لآيات الذكر الحكيم وربما في مواضع كثيرة يكون ما يتلى من آيات عن مشاهد العذاب في جهنم للظالمين فيمر عليها حسن عبد الرحمن وأتباعه مرور الكرام فقد تقمصوا على مدار ساعات عملهم في جهاز الظالمين (أمن الدولة) هيئة ملائكة العذاب وإن كان هؤلاء يأتمرون بأمر الله الذي حرم الظلم على نفسه بينما عبد الرحمن ومن معه يقدمون خدماتهم لسيد الظالمين القابع الآن في طرة.. يقول عنه بعض أصدقائه القدامي كان طفلاً يهوى مشاهدة أفلام الأكشن وعندما أصبح شاباً طموحاً حلم بأن ينفذ ماعاشه من أفلام في سنوات الصبا يقبض على اللصوص ويدافع عن الأبرياء لكنه تحول كما تحول الكثيرون وبات همه أن يتدرج في المناصب وإن كان على جثث ضحاياه، يشير بعض حراس السجن الذي أقام به مع رموز النظام السابق إلى انه كان دائم التوتر فكم سجن في الزنزانة التي أقام فيها أبرياء وكم تألم ضحايا من فرط العذيب!..هنا قضى شباب نحبهم بأوامره وهناك في بيوتهم البعيدة الفقيرة يتم اطفالهم ورملت نساؤهم بينما ظل هو وزملاؤه يلقون التكريم والمكافآت السخية من مبارك والعادلي.. انتقام ام ابتلاء كلمة سمعها أحد حراس سجن طرة من عبدالرحمن لأحد زملائه في الزنزانة.. فرد الآخر: ماتفرقش كتير.

بارع في التعذيب فاشل في الوصول للجناة
أمضى عبد الرحمن ما يزيد على ثلاثين عاماً في العمل بالداخلية منها سبعة أعوام رأس فيها جهاز أمن الدولة.. ومن المفارقات أنه بقدر حزمه وقسوته وشخصيته التي كان يشتهر بها في الداخلية وبين المعارضين السياسيين إلا أنه فشل في حل ألغاز معظم الحوادث الكبرى التي وقعت في عهده حيث شككت العديد من المراكز الحقوقية فى نتائج التحقيقات في العديد من الحوادث منها تفجيرات طابا وشرم الشيخ وكنيسة القديسين وأشار مراقبون إلى أنه حينما كان يفشل جهازه في ضبط الجناة كان يسارع الجهاز بتلفيق الحادث لعدد من الإسلاميين ويتم فبركة العديد من القضايا وبقدر ماكان النظام شغوفاً بملاحقة المعارضين له خاصة الإسلاميين منهم بقدر ما كان يغض الطرف عن الفساد بل ساهمت الداخلية وفي القلب منها أمن الدولة في استشراء أنواع من الفساد الذي كان يتوغل في كافة نواحي الحياة وجاء الفساد السياسي على رأس القائمة فقد باتت الداخلية هي الوكيل الحصري للحزب المنحل في كل الجرائم التي كانت تدبر للمعارضين سواء بالنسبة لتشويه السياسيين أو مجال تزوير الانتخابات كما نجح  جهاز  أمن الدولة  في تلفيق عدد من الجرائم كالتجسس والتمويل الأجنبي وغسيل الأموال والإضرار بالأمن القومي، ويتهم الجهاز بأنه قام بإشعال الفتنة الطائفية في مصر من أجل شغل المواطنين عن توجيه النقد للنظام.

تاريخ من العنف لا ينسى
تجاوز عدد السنوات التي قضاها حسن عبد الرحمن في الداخلية الثلاثين عاماً جلها في جهاز أمن الدولة الذي التحق به منذ تخرجه فى كلية الشرطة، ويشير الكاتب مجدي أحمد حسين أمين حزب العمل إلى أن عبد الرحمن  ارتكب جرائم لا يمكن عدها وتسبب هو ومن معه في تدمير حياة الآلاف من الأبرياء الشرفاء كما تدخل في جميع مجالات الحياة في مصر، وكان المعول الرئيسي الذي ينفذ أوامر النظام فقد كان يدين له بالولاء المطلق فيما أشار تقرير حقوقي إلى أن حالات الاختفاء القسري تتجاوز المئات منذ بداية الألفية الثالثة فيما اشار تقرير صادر عن المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عام 2009 إلى أنه على مدار تسع سنوات مضت بداية من 2000  وقع نحو 285 حالة تعذيب تسببت في وقوع 118 حالة وفاة، بلغ نصيب عام 2007 منها 3 حالات وفاة و40 حالة تعذيب، ارتفعت إلى 17 حالة وفاة و46 حالة تعذيب في عام 2008م، و15 حالة وفاة وتعذيب خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام 2009م وقالت المنظمة: إن عدد الذين تعرضوا للاختفاء 73 شخصاً بصورة قسرية في الفترة بين عامي 1992 و2009م، تمت معرفة مصير 17 منهم، بينما لا يزال 56 شخصًا في عداد المفقودين.. وأشار تقرير موثق بجدول بياني وبعدد من الشهادات لأشخاص تعرضوا للتعذيب واصبح الكثيرون منهم من ذوي الإعاقات الجسدية والنفسية إلى أن إجمالي عدد حالات الاعتقال السياسي في مصر وصل في عام 2008م إلى 7555 حالة، منها فى القاهرة 682 حالة و912 حالة في محافظة الشرقية و731 حالة في الجيزة..

الوكيل الحصري للبث المباشر من بيوت مصر
إذا كان زكريا عزمي هو كاتم أسرار الرئيس السابق مبارك فإن اللواء  حسن عبد الرحمن هو خازن أسرار مصر وعقلها المدبر بسبب المنصب الذي شغله رئيساً لجهاز مباحث أمن الدولة وهو الجهاز الذي اتخذ من بيوت مصر ساحة للبث المباشر على حياة المصريين الخاصة، كل منهم بات مصيدة وهدفاً للملاحقة في جمهورية الخوف التي بناها مبارك ومؤسساته الأمنية التي عاثت في الأرض فساداً.. غير أن صناع الخوف ومصدريه ذاقوا طعمه وهم في سدة المحكمة ويروي ضابط أمن دولة ان مختلف تلك القيادات وعلى رأسها حبيب العادلي كانوا يتمتعون بقلوب قاسية ومشاعر متحجر، الكثير منهم يستخف بأي شئ حتى عندما تقع أحداث مأساوية يستقبلونها ببرود أعصاب إلى أن اندلعت أحداث ثورة يناير ومعها تسلل الخوف لقلوب كبار قيادات الداخلية ويتابع الضباط كنا نتحاشى من قبل النظر لعيونهم لكننا فوجئنا بهم فيما بعد وكأنهم تذكروا أنهم بشر من نفس الطين الذي خلق الله منه الناس جميعا واشتهر عبد الرحمن كغيره من ضباط وقيادات أمن الدولة والأجهزة المخابراتية بالقدرة على التخفي فقد ظل يقيم في حي المنيل سنوات من غير أن يعرف الكثير من السكان وظيفته وعقب اندلاع الثورة تم نقله لفيلا داخل مقر الجهاز في مدينة أكتوبر.
اشتهر عبد الرحمن وزملاؤه أثناء وجودهم في زنزانة مساعدي وزير الداخلية الأسبق بأنهم أكثر أهل طرة عزلة وإحباطاً وميلاً للصمت وكان الخوف الذي طالما صدروه للمصريين متجسداً على وجوههم طيلة ساعات النهار حينما كان يسمح لهم بالخروج من الزنازين.. كبار رجال الصف الثاني في الداخلية لم يكونوا ليجرؤوا على النظر في عيون مساعدي العادلي فإذا بقدرة المولى عز وجل تجعل حريتهم مقيدة بمفتاح يحمله عسكري الزنزانة المكلف بكتم أسرار الرجل الذي فشل الكثيرون في أن يجبروه على الكلام ولو من قبيل قتل الوقت الذي لايمضي بسهولة داخل السجن.

الرجل الصامت يتكلم
كيف بلغ فشلكم هذا القدر برغم ما تروجون له من أنكم من اقدر الأجهزة الاستخبارية على مستوى العالم ولم تتنبئوا بالثورة كان هذا هو السؤال الذي وجهه رجب حميدة لحسن عبد الرحمن: كنا نتوقع قيام الثورة ولكن في عام 2011وتقاريرنا التي كنا نرسلها لرئاسة الجمهورية كانت تحذر وتنذر التقرير تلو الآخر بأن مصر على شفا ثورة باتت على الأبواب لكن لم تأخذ الرئاسة بتقاريرنا وطالبنا مراراً وتكراراً بأن تقوم الحكومة باتخاذ خطوات جادة للاصلاح ولتحسين اوضاع الناس المعيشية غير أن الحكومة كانت ودنها من طين وودن من عجين لم تتحرك بل قامت بعكس ما هو مطلوب منها ثم جاءت الانتخابات البرلمانية فكانت المصيبة التي عجلت بأن تجعل الغضب يتحول لبركان وتطورت الأحداث بسرعة.
ألم يكن لكم خط مباشر مع الرئيس مبارك لماذا لم تتوجهوا إليه مباشرة؟
من قال لك اننا كنا نهمل في الأمر هذا من صميم عملنا كنا نحذر ونرسل بالتقارير له التي تفسر كل شىء لكنه لم يكن ذلك الرئيس الذي كان

يهتم بالمر كما كان في السابق في السنوات الخمس الأخيرة كنا نرسل له التقارير بينما كان هو ملازماً لحمام السباحة في نادي الطيران لا يفعل شيئا.

هل استسلمتم للأمر بهذه السهولة؟
بالعكس كنا نقوم بعملنا على أكمل وجه ولا نيأس، لكن كما قلت لك كانت مؤسسة الرئاسة وعلى رأسها الرئيس تعيش حالة من الاستجمام وهو كان يشعر بفرط من الثقة ان الشعب لن يثور وأن الوضاع تمام وتحت السيطرة هذا ما كان يردده من حول الرئيس فأصبح آمناً مطمئناً.
إذن نجح الإخوان في إشعال الثورة؟
عبد الرحمن: لا هذا كلام مناف للواقع لأن أول من دق مسماراً في نعش مبارك كان حزب الوفد وتحديداً عقب إعلانه الانسحاب من الجولة الثانية في الانتخابات البرلمانية، هذه الخطوة أدركنا أنها ستربك النظام باعتبارها ضربة غير متوقعة وقد لا يعرف البعض نفوذ ذلك الحزب وتأثيره في وجدان الأمة نحن فقط ندرك بحكم عملنا قيمة ذلك الحزب، وتأثيره وبالمناسبة أعتقد بل أجزم بأن الوفد هو الكيان القادر على مواجهة الإخوان واقتناص السلطة من أيديهم إذا ما أعادوا ترتيب صفوفهم.
وماذا عن السلفيين ؟
هم حسنو النية وأكثر علماً وفقهاً من الإخوان ولكن مشكلتهم تتمثل في كونهم حديثي عهد بالسياسة، لذا فإن الإخوان يستغلونهم من أجل تحقيق مآربهم، وفي تقديري أن الأمر سيشهد تحولاً كبيراً خلال المستقبل وأعتقد أنه حال نضج السلفيون سياسياً فإنهم سوف يزلزلون الأرض من تحت أقدام الإخوان في غضون عشرة أعوام ولن يستمر تحالف الجانبين بل ستشهد المرحلة المقبلة تنازعاً بينهما لأن هناك خلافات عميقة بين الجانبين في مسائل فقهية والسلفيون أكثر تشدداً وهذا هو أبرز عيوبهم لذا لن يقبلوا بتنازلات الإخوان في مضمار السياسة.
حميدة: هل كنتم تتوقعون تغلغل الإخوان لهذا المستوى؟
طبعاً.. فعمرهم في العمل السياسي تجاوز الثمانين عاماً ومن خلال علمنا ندرك أنه ما من قرية على أرض مصر إلا وبها عنصر إخواني.
رجب: هل سيبلون بلاءً حسناً؟
سيكون هدفهم الأهم التغلغل لكافة المواقع والمناصب وسيدفعون بعناصرهم لتبوؤ كافة المجالات وليس مجرد تشكيل الحكومة فقط فهم يدركون أن الأهم من مقاعد البرلمان وتشكيل الحكومة التغلغل في المحليات لأنهم بهذه الخطوة سيعملون على تغيير هوية مصر في إطار فترة زمنية محددة قبل أن ينفض الإجماع الشعبي ويفقدون الشارع.
رجب: هل من قوة بوسعها مواجهتهم والدفاع عن مدنية الدولة؟
عبد الرحمن: حزب الوفد المؤهل لذلك إذا ما تمكن من تنظيم صفوفه والتحرك بدأب ونشاط بين الجماهير وذلك لما له من مخزون عاطفي في وجدان المصريين فمصر ظلت عقوداً طويلة وفدية الهوى.
رجب: هل كان الإخوان ينسقون معكم في بعض المواقف؟
كانت لنا اتصالات مع الجميع وفي مقدمتهم الإخوان وهذا أمر طبيعي كما أن التنسيق كان يحدث في الكثير من المواقف (ده شغلنا) ولعلمك الجميع كانوا يأتون إلينا.
رجب: هل أنت خائف على مستقبل مصر من الإخوان؟
عبد الرحمن: الإخوان فصيل وطني ولم يتورط في حوادث عنف ويسعى لتحقيق برنامجه على أرض الواقع، لكن هل يتقبل المصريون الأمر ؟ لا أعرف ماذا سيحدث لكنني أعتقد حال بقاء الإخوان ممسكين بمقاليد الأمور فإنهم سوف يتمكنون من تغيير هوية الدولة إلا إذا وقف في وجههم حزب الوفد وتعاونت القوى المدنية الأخرى؟
رجب: وماذا عن الجماعة الإسلامية والجهاديين؟
عبد الرحمن: الجماعة الإسلامية وطنية وأفرادها نبذوا العنف وكذلك تنظيم الجهاد، وقد صدقوا في مراجعاتهم وأخص بالذكر ناجح إبراهيم وكرم زهدي وآخرين.
حميدة: لقد ساهمتم في تردي أحوال البلد ونشرتم الفساد حينما تفرغتم لملاحقة الإسلاميين وقوى المعارضة، بينما تركتم مال الشعب يسرق جهاراً نهاراً وثرواته تضيع ؟
عبد الرحمن: كان لدينا العديد من الملفات الكاملة عن وقائع فساد وسجلات لرجال الأعمال الذين نهبوا الأراضي والرشاوى التي قدموها للمسئولين من أجل أن يحصلوا على تلك الثروات، وكنا نرسل تلك التقارير للجهات الأعلى ولمكتب حبيب العادلي من أجل أن تبلغ بها الرئاسة ولم نغمض اعيننا عن اي قضية فساد كانت تصلنا اخبارها، كنا نتابع ونرصد غير ان قنوات الاتصال باتت عديمة الفائدة وبات هناك عدم رغبة من قبل الرئاسة لمكافحة الفساد واجتثاثه من جذوره،
والمستندات التي احرقت كانت تمس اعراض البعض.
ومن التهم التي وجهت لعبد الرحمن إشعال النار في العديد من المستندات والوثائق ولماذا إذن اشعلتم النار في تلك المستندات رغم اهميتها؟
عبد الرحمن: كل المستندات والوثائق التي كانت بحوزتنا كان هناك نسخ منها في جهات اخرى ومن الممكن الاستفادة منها.
حميدة  إذن بوسع الرئيس الجديد ومعاونيه ان يفتحوا ملفات الفساد تلك ويستفيدوا من الوثائق؟
عبد الرحمن: طبعاً كل ذلك ممكن ومتوفر واعتقد ان الإخوان لديهم رغبة في التطهير ويجب أن يحصلوا على الفرصة بما أن الناس انتخبتهم.
حميدة هل ترى ان جهاز أمن الدولة قصر في المهام الموكلة اليه؟
عبد الرحمن: تقدمنا بتقرير مفصل إلى حبيب العادلى عما سيحدث فى 2011وبالفعل قام هو بمطالبة الحكومة والقيادة السياسية بضرورة القيام  بإصلاحات سياسية عاجلة من أجل الحيلولة دون تردي الأوضاع غير أن أحداً لم يأخذ بما ورد من تحذيرات حتى وقعت الثورة ورأينا ما جرى.
هل أنت حزين لوقوعها؟
هذه إرادة شعب وعلينا ان نحترم إرادته.. الشعب هو الذي قام بالثورة والإخوان استثمروها لصالحهم ووصلوا للحكم ولا يمكن أن تلوم خصمك لأنه ذكى المهم كما أشرت ان تستفيد القوى الوطنية وتستوعب الدرس خاصة حزب الوفد الذي يمتلك فرصة تاريخية للقيادة في هذا الوقت بالتحديد.