رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شاهد.. تفاصيل آخر حوار صحفي مع "الطبلاوي" قبل وفاته

الراحل الكبير الشيخ
الراحل الكبير الشيخ محمد محمود الطبلاوي

من قرية صفط جذام هز الصوت النقي وجدان المصريين والعالم العربي كله، بفضل حسن تلاوته وحلاوة نبرته وجمال نغمة صوته، أنه أخر بصمات زمن التلاوة الجميل رفيق المنشاوي ورفعت، الشيخ محمد محمود الطبلاوي نقيب المقرئين المصريين. 

 تنقل الطبلاوى بين البلدان العربية والأوروبية سفيرًا للقرآن خارج بلده؛ ليقرأ القرآن فى «روما» على مقربة من الفاتيكان، ويجتمع على صوته المسلمون فى اليونان بعيدا عن تقليد المشايخ فقد ظل «الطبلاوى» صاحب بصمة متفردة حتى قال عنه الكاتب الكبير محمود السعدنى «إنه آخر حبة فى مسبحة القراء الكبار» وبشره الشيخ صالح الجعفرى إمام وخطيب الأزهر بأنه «سيصبح قارئ الأزهر الشريف الرسمى» وقد حدث؛ ووصفه موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب بأنه «صاحب النغمة المستحيلة».  

 

نأخذكم في آخر حوار للشيخ محمد محمود الطبلاوي مع جريدة الوفد.  

 

ماذا عن البدايات ومن الذى اكتشف موهبتك فى الصوت والتلاوة؟ 

حفظت القرآن على يد سيدنا فى الكتاب وهو الشيخ غنيم عبيد الزغوى؛ وكان عمرى وقتها تسع سنوات؛ ولم أنقطع عن الكتاب وظللت أتردد عليه بانتظام للمراجعة؛ وكان سيدنا يستمع لنا كل يوم خميس أكثر من مرة أمامه ليكتشف الأصوات بخبرته؛ فلم يكن خريج معهد الموسيقى أو غير ذلك؛ فكان يقول هذا صوته أقرع وهذا صوته نحاسي؛ أما الشيخ الطبلاوى فصوته من قلبه مثل الشيخ محمد رفعت؛ فقد كان والدى رحمه الله يعتني بى كثيرا؛ حتى إن الأهالى كانوا يدفعون «تعريفة» للشيخ نظير تحفيظ أبنائهم القرآن؛ أما أبي فكان يدفع قرش صاغ لسيدنا حتى يعتنى بى أكثر؛ وفى الخامسة عشرة من عمرى بدأت أحيى الحفلات والليالى دون خوف ولا رهبة؛ وذاع صيتى فى الجيزة والقاهرة؛ والتحقت بمعهد القراءات تحت إشراف شيخ المعهد رحمه الله الشيخ عبدالفتاح القاضى لتبدأ رحلتى مع عالم التلاوة والشهرة.

هل تذكر أول إطلالة لك أمام الجمهور وكم كان المقابل الذى حصلت عليه فى بداية مشوارك؟  

نعم؛ كانت آيات «وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا»(الزمر: 73 ) وكان عمرى وقتها 8 سنوات ولم يكن هناك تليفزيون ولا انترنت ولا وسائل للتواصل الاجتماعى الموجودة حاليا؛ ووقتها حصلت على «خمسة صاغ» من عمدة ميت عقبة، وكان يقيم ختمة فى بيته لإحياء ذكرى والدته المتوفاة.   كيف التحقت بالإذاعة وهل واجهتك معوقات؟   لا أنسي موقف التحاقى بالإذاعة؛ حيث تقدمت تسع مرات للجنة الاختبار بالإذاعة منذ عام 1960 حتى عام 1968؛ وكان سبب رسوبى دائما هو المقامات الصوتية والموسيقية، فلم أكن ألم بها ولا أعرف عنها حتى الآن؛ وفى المرة العاشرة تقدمت أمام اللجنة المشكلة من الشيخ الغزالى رحمه الله والشيخ عبدالفتاح القاضى؛ وكان سبب نجاحى عبارة رددتها فى سري بينى وبين نفسى، لكن الميكروفون كان مفتوحا أمام اللجنة فقلت فى سري: «يا بركة دعاء الوالدين؛ اللهم اكفنى شر هذه اللجنة»، ولم أكن بدأت بعد فقالوا لى ماذا تقول يا شيخ طبلاوى ففزعت منهم وقلت أنا لم أبدأ بعد؛ لم أكن أعرف أنهم سمعونى؛ وقلت لهم الله الغنى عن إذاعتكم وهممت بالانصراف فأمسكوا بي وأخبرونى أنهم سمعونى؛ فقلت لهم إننى أتفاءل بدعاء والدى؛ فقالوا لى مبروك يا «طبلاوى» وسجلت نصف ساعة وعرض ذلك على اللجنة وكنت أول قارئ تم تقديمه إلى إذاعة البرنامج العام مباشرة دون تقديمى فى الإذاعات القصيرة. 

 

هل صحيح أنك أول من قرأ القرآن فى الفاتيكان وهل تذكر قصة ذلك؟  

نعم..وقد حدث معى موقف عجيب؛ فقد طلب بابا الفاتيكان مقابلتى؛ فقلت لهم لى شروط فسألونى عنها فأجبتهم بأن يقابلنى أمام الأسانسير قبل أن أصعد له كواحد من كبار الزوار؛ لأننى حامل كتاب الله واشترطت ذلك ولم يعارض البابا، وبالفعل نزل ليصطحبنى من أمام باب الأسانسير لنصعد سويا؛ فقد كان همى هو تكريم أهل القرآن. 

 

هل من الممكن أن تقرأ القرآن فى إسرائيل؟

أقرأ القرآن فى أى مكان يعبد فيه الله أو أى دولة ما دمت سأقرأ القرآن؛ لكن إسرائيل دولة يهودية «لكم دينكم ولى دين».

إلى من تحب الاستماع من أهل الطرب؟

  كنت أحب سماع غير المشهورين من أهل الطرب؛ فقد كنت أحب صوت الحاج إبراهيم الحجار والد الفنان على الحجار لأن صوته حزين ويجعل الإنسان يستمع له بكل وجدانه وابنه على الحجار أيضًا. 

 

ماذا عن المطرب الشاب حمادة هلال؟  

هو شاب مؤدب ابن حلال ومحترم وكان يأتى ليصلي معى فى مسجدى بمنطقة التعاون بشارع فيصل؛ وبدأت علاقتى به منذ أن قام بالغناء فى فرح حفيدى.

 

ماذا عن علاقتك بالزعماء والرؤساء؟

  لم تجمعنى أى جلسة مع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر؛ أما الرئيس السادات رحمه الله فهو منوفى مثلى؛ وكان محبًا لسماع القرآن الكريم خاصة بصوت القارئ الشيخ مصطفى إسماعيل، وكان يطلبنى للقراءة عن طريق شقيقه عصمت؛ فقد كانت تربطنى به علاقة صداقة قوية؛ وقد كرمنى الرئيس السادات عدة مرات؛ واستضافنى فى منزله فى ميت أبو الكوم؛ كما حدثني هاتفيا ليثنى على صوتى ومؤخرَا زرت متحفه فى مدينة السادات؛ أما الرئيس مبارك فكان محترمًا، وفى إحدى المرات أقام مقرأة لحفيده محمد علاء مبارك فى المنزل؛ وكان أحد المقرئين مريضًا يأكل الطعام دون ملح؛ فإذا بالأكل كان مليئًا بالملح فقمت و«زعقت» فأتى زكريا عزمى وقال لى: «إنت فاكر نفسك فى بيتكم يا طبلاوى» فقلت له: «أمال في بيت أبوك»، وحدثت بينى وبينه مشادة شديدة؛ فقد كان يعتقد نفسه الآمر الناهى فى القصر الرئاسى ويأخذ حجمًا أكبر من حجمه؛ ولكن لم يكن يهمنى أحد كنت «أشوط» أى شخص ما دمت لا أقول إلا الحق؛ وبصراحة الرئيس مبارك جاء وقال: إيه اللى جرى يا «طبلاوى» فقلت له والله يا ريس حصل كذا وكذا؛ فطلب الطباخ وأمره بأن كل طلباتى تجاب فورًا وبصراحة طيب خاطرى. أما «مرسي» فقابلته مرة واحدة فى مسجد أبي بكر الصديق، وكان يصلي الجمعة وعندما رآنى قدم مسرعا ليتصور معى وقلت له «العاقل من اتعظ بغيره»؛ أما الرئيس «السيسى» فكان من رواد الأزهر وعرفته فى شبابه وكان يأتى للجامع الأزهر للصلاة؛ وهو يخشى الله ورجل متزن؛ والتقيته فى رمضان ذات مرة وتحدثت له عن بعض المطالب ومنها دعم نقابة المقرئين والاهتمام بالقراء.  ذهبت إلى إيران من قبل ورفعت الأذان الشيعى هناك فهل هذا صحيح؟  لم يحدث أن قمت بأداء الأذان الشيعى رغم زياراتى المتعددة لدولة العراق ولقائى بمقتدى الصدر؛ فقد حضرت العديد من المناسبات هناك؛ وقد ألحوا علىّ مرارا أن أقوم بذلك؛ لكننى رفضت.  

 

كم عدد أعضاء نقابة القراء؟ 

حوالى ثمانية آلاف.  

ما أهم المشاكل التى تعوق دورها؟ 

الأعباء المادية والإمكانيات الضعيفة.  

 

ما رأيك فى ظاهرة أبناء المقرئين مثل أبناء الشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ المنشاوى والشيخ الشحات أنور ونجل فضيلتكم؟  

هم امتداد لنا..وأن يقلدنى ابني أفضل من أن يقلد أحدًا غيري. 

 

صرحت من قبل لإحدى الصحف بأنك لو لم تكن قارئا للقرآن كنت أصبحت «صايع»؟ 

لم يحدث ذلك مطلقا؛ والله لو قرأت هذه الصحيفة لرفعت دعوى قضائية ضدها وطالبت بالتعويض.

 

متى بدأت رحلتك مع المصحف المرتل ومن صاحب الفكرة؟

الشيخ الحصرى رحمه الله هو أول من بدأ فكرة المصحف المرتل؛ وكان  يريد أن يحذو حذوه، وبالفعل سجلت المصحف المرتل 6 مرات؛ مرة فى الكويت وأخرى فى قطر وثالثة فى السعودية وثلاث مرات فى مصر. هل مارست الرياضة قبل ذلك؟   كنت وأنا صغير ألعب كرة القدم

«الكرة الشراب». 

 

هل أنت مشجع كروى متعصب لأحد الفرق؟

أحب محمد صلاح «مو» وأشجع الزمالك.  

ما أكلاتك المفضلة؟

الملوخية والأرز والفراخ. 

 

انتشرت شائعة منذ فترة قريبة عن وفاتك فماذا فعلت عندما سمعت ذلك؟

   أتغاضى عن كل تلك الصغائر؛ لكن من المفترض أن يتحقق صاحب الخبر؛ فلو رفعت دعوى قضائية ضده فلن يكفينى تعويض ولو عشرة ملايين جنيه.

 

ما رأيك فى القراء الحاليين، وهل من الممكن أن نرى أمثال العملاقة محمد رفعت ومصطفى إسماعيل والحصري وعبدالباسط عبدالصمد والمنشاوى والطبلاوى؟ 

لا.. فكلهم يقلدون بعضهم البعض؛ والبعض منهم «بيزعق» والناس تحب الزعيق.  ما نصيحتك لوريث صوتك نجلك القارئ الشاب محمد؟

  دائما أقول له اتق الله واجعل الله نصب عينيك لأنك تقرأ القرآن ولست مغنيا؛ فقارئ القرآن لابد أن يضع الله نصب عينيه حتى يتحرى الحلال ويبتعد عن الحلال.  

 

هل ترى أنه امتداد لفضيلتكم؟ 

كفى أنه يحمل اسم الطبلاوى فهو امتداد لى بالطبع.  من المشايخ الذين تأثرت بهم خلال مسيرتك؟ 

كنت أخالف القراء فى كل شىء؛ فقد كنت أحب الاستقلال والتميز بصوتى وشخصيتى مما كبدنى جهدا ومشقة وعرقا وكفاحا؛ فكنت أسير على قدمى لأحيى السهرات والمآتم لمسافات تقترب من خمسة كيلومترات؛ وكنت أحيانا أركب «الحمار» وهذا كله لم يمنعنى من سماع بعض القراء مثل الشيخ هاشم هيبة والشيخ عبداللطيف كامل، وكان من قراء الإذاعة لكنه لم ينل الشهرة الكافية؛ وكنت أعجب جدا بقراءة الشيخ سعيد عبدالصمد الزناتى؛ لكننى لم أتأثر كثيرا بأحد. 

أنت قرأت القرآن فى جوف الكعبة فما قصة ذلك؟

كنا فى ضيافة الملك خالد رحمه الله وكان يتم غسل الكعبة فى ذلك التوقيت وطلب منى الحضور فوافقت وذهبت للحرم المكى فقال لى حامل مفتاح الكعبة وهو من آل شيبة؛ ادخل معنا يا شيخ طبلاوى واقرأ القرآن فى الكعبة وقرأت بداية «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها». وشعرت وقتها أن هذا تكريم من الله عز وجل أن أقرأ القرآن وأصلي فى جوف الكعبة. 

 

هل تذكر بعض المواقف مع شيوخ الأزهر؟

قابلت الشيخ الشعراوى أكثر من مرة وأحييت عزاء حرم الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر رحمه الله فى قريته؛ والشيخ صالح الجعفرى إمام وخطيب الأزهر وبشرنى بأننى سأكون قارئ الأزهر وقد حدث ذلك بعد سنوات.   ماذا عن أبنائك؟  لدى 13 ابنا وابنة؛ فقد تزوجت ثلاث مرات أنجبت من زوجتى الأولى عشرة أبناء ومن الثانية اثنين والأخيرة ابنى عمر؛ وهو فى الصف الرابع الابتدائى؛ وكل بناتى ربات بيوت ومنهن واحدة ناظرة مدرسة؛ وابنتى هيام محفظة قرآن ومنشدة وكل أولادى وبناتى يحفظون القرآن أو بعض أجزائه؛ أما خليفتى فهو محمد ابنى وهو خريج كلية التجارة وقد أخذ منى صوتى وطول النفس وهو قارئ جيد له شعبيته وعضو نقابة القراء وقد ذاع صيته والحمد لله. 

 

من من القراء الجدد تعجبك أصواتهم؟  

أحب سماع الشيخ محمود الخشت والشيخ حلمى الجمل.

 

ما أبرز المواقف التى لا تنساها فى حياتك؟  

كنت ذاهبا إلى جامعة «الندوة» بالهند لحضور مؤتمر برفقة الدكتور زكريا البري وزير الأوقاف الأسبق فى ذلك الوقت وتأخرت الطائرة بنا؛ وحضرنا الاحتفال بعد بدايته بربع ساعة؛ والشيخ أبو الحسن الندوى كان عالما جليلا وكان يعرفنى بالاسم؛ وفور دخولنا الاحتفال زج بى الشيخ «البري» فى مقدمتهم لأننى كنت أرتدى الزى الأزهرى؛ وإذا بالشيخ «الندوى» يصيح بصوته الجهورى قائلا: الآن حضر وفد مصر وعلى رأسه الشيخ الطبلاوى فلنبدأ حفلنا من جديد. 

من أبرز الشخصيات التى قرأت أمامها؟ 

قرأت أمام الملك خالد بن عبدالعزيز ملك السعودية عام 1979 فى الرياض؛ وقال لى جملته الشهيرة : «يا شيخ طبلاوى القرآن نزل فى الجزيرة العربية وطبع فى اسطنبول وقرئ فى مصر»؛ وقرأت القرآن أمام الشيخ خليفة بن حمد القطرى، وقرأت القرآن فى الكويت فى مسجد الشيخة بدرية؛ وقد زرت الكويت خمس سنوات متتالية فى رمضان. 

 

كم دولة سافرت إليها؟  

سافرت أكثر من 80 دولة عربية وغربية وزرت الصين والهند والشام والعراق وليبيا وسوريا والأردن وقمت بزيارة المسجد الأقصى وقرأت فيه القرآن وسافرت إلى السعودية وقرأت القرآن على مقربة من المقر البابوى بالفاتيكان وذهبت حتى قارة أستراليا. 

 

من أقرب المقرئين إلى قلبك؟ 

الشيخ محمد رفعت رحمه الله كان الأقرب إلى قلبي والشيخ عبدالباسط عبدالصمد صديق الطفولة والشباب، وكان يقطن إلى جوارى فى المنطقة والشيخ محمد صديق المنشاوى وكنت أحب تجلياته فى التواشيح وأحرص على سماع صوته فى القرآن.

 

بماذا تنصح المقرئين الجدد؟ 

تقوى الله؛ فالقرآن هو كلام الله ولابد أن نخشاه؛ فالخشوع أهم سمة يجب أن يتحلى بها قارئ القرآن.   اخيرا رسالة توجهها فإلى من؟  إلى الرئيس «السيسى» أنتظر منك دعوة تكريم بعد هذه السن (85) سنة قراءة ومجهودا فى جميع أنحاء العالم؛ فمن المفترض أن تنظر الدولة لتكريمى؛ فالله عز وجل يقول: «ولا تنسوا الفضل بينكم»؛ والله جعلك رئيسا للبلاد لتعطى كل ذى حق حقه؛ وأنت أهل للفضل حفظك الله وحفظ مصر.