رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

العيد في بيوت شهداء الحدود.. دموع وحسرة وألم

والدة الشهيد طارق
والدة الشهيد طارق

الأعياد والمناسبات في مصر لها مذاق خاص، فالمصريون يجتهدون دائما في احتفالاتهم التى تميزهم عن أي شعب آخر والاحتفالات في الاحياء الشعبية تكون اكثر مذاقاً، فالارتباط بين ساكنيها يكسبها نكهة مختلفة عن أي مكان في مصر، فالشوارع تكتسى بالبهجة التى تظهر في الاضاءات مختلفة الالوان وملابس الأطفال والسعادة التى تكسو المكان.

ولكن هذا العام الوضع في حى روض الفرج على النقيض تماما حيث يأتى العيد وشوارعه مكتسية بالسواد، وقاطنوها مازالوا يبكون ابناءها الشهيدين في مجزرة رفح والذى كان احداهما سيحتفل بخطبته اول أيام العيد.
تحول حى روض الفرج الى سرادق كبير للعزاء مازال مستمرا رغم قدوم عيد الفطر المبارك، أهالي الشهداء رددوا بكلمات بسيطة أن تعويضات وكنوز الدنيا لن تعوضهم عن فقدان فلذات أكبادهم، وبمجرد دخولك روض الفرج تقابلك  صور للشهيدين «طارق» و«باسم» في كل مكان.
الشهيد طارق محمد عبد الله 40 عاما  أجبرته ظروفه الصعبة أن يعمل يوميا وجها لوجه أمام حدود العدو بعد نقله من السودان منذ سنتين الذى قضى فيها 23 عاما لتنعم أسرته بدخل ضئيل ولكنه ثابت ومع عمله الدؤوب ترقي ليصبح قائد الكتيبة بعد تطوعه في الجيش منذ 25 عاما، ومنزل طارق بعد رحيله يعج بالانين ودموع الفراق فوالدته التى أعجزتها السنين مازالت تبكية وأخته التى يستقطع مرضها النفسي معظم الدخل الضئيل زائغة البصر وزوجته الحامل بطفليهما اليتيم بعد أن رزقهما الله بتوأم بلغ من العمر عامين مازالت تنتظره.
عند دخولى الى منزله المتواضع جلست والدته على الأريكة التى جلس عليها «طارق» قبل خمسة ايام من الاستشهاد، حاملة صورته وعند جلوسى بجانبها بدأت تنهمر فى البكاء قائلة «كان وعدنى هيهدينى طقم ملايات جديدة على العيد، ووعدنا فى آخر يوم رأيته فيه قبل الحادثة بأنه هيأخذنا فى نزهة مع اخته المريضة وزوجته و اولاده إلي القناطر الخيرية لقضاء اول يوم العيد، خاصة أنني كنت ارفض دائما الخروج لمرضى».
ثم بكت بحرقة: طارق احد ابنائى الستة ورغم ان لدي ثلاثة رجال غيره الا انه الوحيد الذى كان يعولنى و يصرف على وعلى اخته المريضة لضيق حال إخوته الاخريين، واستكملت «سأظل ابكى ولن اهدأ إلا بالقصاص».
ثم قاطعتها شقيقته «حنان» وقالت: «دم شقيقى لن يضيع هدراً ولن نسكت و نقف مكتوفي الأيدي في حالة عدم الحصول علي حقه من هؤلاء المجرمين الذين لا يعرفون الله و لا دين و لا ملة لهم».
هدأت والدته قليلا وجلست على الأرض لتفتش تحت الأريكة عن آخر صورة له قبل الاستشهاد وقالت: «نزل قبل الحادثة بخمسة أيام، وقبل ايدى، وقال لى ادعي لى يا أمى أموت شهيد، واعطى لزوجته جميع الأوراق التى تساعدها فى استخراج معاشه وقال: «علشان لو مت متجريش على المعاش»، ثم أخذت تضرب كفاً بكف و تقول العوض علي الله ربنا ينتقم من الظالم»
وفى صوت متقطع بالبكاء قالت «حسبى الله ونعم الوكيل، كان نازل قبل الحادثة بيوم والقائد اعطاهم جميعا جزاء فلم يقوموا بالاجازة.
واستكملت شقيقته « لم نعرف انه كان يخدم فى سيناء كان فى السودان منذ تطوعه من 25 عاما وانتقل إلى سيناء منذ سنتين وهذا ما عرفناه بعد استشهاده، خاف ان يقول لنا فنقلق عليه، أولاده اللى عمرهم سنتين اتيتموا».
ثم توجهت والدته بالكلام إلى وقالت انهم رفضوا صرف معاش إضافى لها ولاخته المريضة وقالوا إن معاشه الأساسى فقط هيصرف

لزوجته وأولاده.
جثمان العريس
الرقيب «باسم عبد الله» كانت مهمته أن يحرس حدود مصر مع إسرائيل و هو يعلم ما قد يصيبه من رصاص «طائش» مثلما حدث من قبل مع زملائه لم يتخيل أحد إنه سوف يقدم حياته هدية لمصــر قبل أن يقدم دبلته في العيد لحبيبة قلبه.
باسم كان يعد الأيام المتبقية من شهر رمضان ليس انتظاراً للعيد، بل شوقا لاتمام حفل خطبته على حبيبته وقد أتم السادسة والعشرين من عمره فقرر أن يتحرك قدماً في خطوات استقراره و يظن أنه سيضع اللبنة الأولى في عش سعادته بوضع الدبلة في يد خطيبته ليجعل أول أيام عيد الفطر هو الذكرى السنوية لخطوبته.
قال ياسر عبد الله شقيق الشهيد «باسم» انه اتصل بوالدته يوم استشهاده قبل الافطار وقال لها اعزمى اهل عزبة بحى روض الفرج كلها ليوم خطبتى بالمنصورة وسألها فى دعابة عاملة اكل ايه علشان لو يستاهل اجيلكوا، واستكمل قائلا: نزل اجازة فى اول رمضان لشراء احتياجات الخطبة وكنا معتادين على التجمع أول أيام العيد فى روض الفرج ثم نتنزه أنا وهو مع زوجتى وابنى الذى سميته على اسم الشهيد بالملاهى أو الحدائق ثالث ايام العيد».
ثم نظر الى صورة اخيه قائلا «بدلا من حضور خطبته، سنصلى عليه العيد فى المنصورة حيث انه دفن هناك فى مكان عرسه».
ووصف لنا شقيقه لحظة معرفتهم بالحادث بأنه كان صدمة حيث جلس والده والدته فى الشارع ينطقون فى ذهول «باسم مات.. ابننا راح»، مشيرا إلى انهم علموا من خلال مكالمة الضابط المسئول عنهم هاتفيا لانه أيضا من روض الفرج وقال لنا «باسم استشهد» وانه كان بعيدا عن الموقع بـ6 كيلو.
أضاف إبراهيم حامد «عم الشهيد» أنه لم يصدق أن ابن شقيقه قتل بهذه الطريقة البشعة وعندما سمع بالحادثة قال فى ذهول «باسم مات.. العريس مات «حسبنا الله ونعم الوكيل وأضاف لابد من الإمساك بهؤلاء السفاحين وتعليقهم في مشانق تنصب لهم في ميادين عامة.
واستكمل قائلا: «دم ابننا وباقي الشهداء في رقبة الرئيس محمد مرسي والمشير حسين طنطاوي ولابد من دك الأنفاق مكمن الخطر لمصر بدلاً من إضاعتها ولعل قتل الشهداء أن يكون جرس إنذار للحفاظ علي أبنائنا خير أجناد الأرض وإلا فنقول علي مصر السلام».