عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مؤلف إعلان أمريكاني: إقرار قانون للرعاية المشتركة يحل أزمات الأسرة المصرية

حسين متولي
حسين متولي

 

قال الكاتب الصحفى حسين متولى؛ مؤلف كتاب "إعلان أمريكانى" تحت الطبع،والذي يضم بين جنباته مائة قضية من واقع محاكم الأسرة ، يتناولها بشكل ساخر:  إن إقرار مبدأ الرعاية المشتركة والمعايشة لأطفال الشقاق بين الأبوين بعد الطلاق، فى أي مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية مقدم للبرلمان، يعد حلا مثاليا لأزمات الملايين داخل الأسر المصرية.

 

وأكد متولى؛ فى حواره مع "الوفد"، أن الدولة المصرية الحديثة التى ننشدها بعد ثورتين، تحتاج إلى تفرغ كافة سواعدها للبناء، وهو ما اتضح فى إشارات الرئيس عبد الفتاح السيسي فى مؤتمر الشباب الأخير بشأن ضرورة إيجاد حل تشريعي ومجتمعى لقضايا الطلاق وأطفال الشقاق.

 

*لماذا تأخر صدور كتابكم الساخر "إعلان أمريكانى" حتى الآن؟

ملفات قضايا الأسرة فى مصر ثرية للغاية بحكايات لها العجب، حيث يتفنن كافة أطراف الخصومة فى تصدير المشكلات للآخر؛ وبالتالى للمحاكم والدولة، وكثيرون يستغلون عوارا كبيرا بالقانون فى تحقيق مكاسب من قضايا "الكيد". وتأخر صدور كتابي لسببين؛ أولهما قراري بالابتعاد عن ناشرين بعينهم، والثاني لتفوق حكايات جديدة على أخرى كنت أعتقد أنها الأكثر غرابة، والكتاب يضم حكايات عن الطلاق والتطليق والنفقات والرؤية وإجراءات التقاضي وصلاحيات المحضرين وموظفي التحريات ومحامي الأحوال الشخصية، بطريقة بها من الإخفاء للشخصيات الواقعية ما لا يضع أصحاب هذه الوقائع فى حرج، لأن سيرة البشر حالة غير مستباحة، وتغيرها سهل بين يوم وليلة.

 

*هناك ملاحظات لك بالتأكيد كصحفي مدقق حول قانون الأسرة الحالى، كيف تقيمها؟

قانون الأحوال الشخصية والأسرة فى مصر يحتاج إلى نسف تام، مع عادات وتقاليد الزواج المبنية على توافقات وهمية خاصة فى شقها المادى والمجتمعي، ومشروع الزواج كله تجب إعادة النظر إليه بطريقة كلية، فمن غير المعقول أن نتصدر أولى دول العالم فى إحصائيات الطلاق وأطفال الشقاق، وأن نجد رجلا ينام مع زوجته على سرير يمثل إيصال أمانة ضده، ومن غير المعقول أن نلتفت عن حق المرأة فى مهر شرعي حقيقي يكيف قانونا بطريقة صحيحة، أو نجور على حق الطفل نفسه فى والديه معا والعيش بين عائلتيهما. والبرلمان الآن يتلقى مشروعات قوانين "موحدة" للأحوال الشخصية، تعنى بالخطبة وعقد الزواج حتى حقوق ما بعد الانفصال، لكنها لم تراع هدفا أساسيا وهو كيفية بناء طرفي الأسرة، وحمايتها من الانهيار، وفى تقديري أن قانونا تشكو من سلبياته كل الأطراف، يجب الخلاص منه لحساب قانون جديد يحل كافة أزماتهم، والبرلمان قادر على ذلك لو تفرغ مع كافة الخبراء ذوى الصلة لإنجاز تلك المهمة التى أراها لا تقل عن مهمة محاربة الإرهاب التى ينجزها جيش مصر بسواعد أبنائها.

 

*وما النقاط الأساسية الواجب مراعاتها عند صياغة قانون جديد للأسرة المصرية؟

القانون يعنى الحكم بين طرفين دون النظر إليهما وطبيعتهما، و أي قانون يريد فيه طرف "مكتسبات" لنفسه والتميز بشيء عن الآخرين، يدفع المجتمع كله إلى الفوضى، والعنف والدمار النفسي أيضا، والدول الحديثة المتقدمة نجت بمجتمعاتها من السقوط فى فخ تدمير الأسرة، بأن حلت طرفا مدافعا عن مستقبلها فى عقود الزواج المقيدة شروطها للطرفين، وجعلت القاضى طرفا فى الدفاع عن حقوق الطفل كأضعف متضرر فى حال وقوع الطلاق، وأقرت مبدأ الرعاية المشتركة للأطفال بين الأبوين، كحق أصيل للطفل، وجعلت بيت الزوجية نفسه من حقه والأب والأم ضيفين عليه، كما جعلت نفقته على الطرفين متى كانا قادرين على تحملها، طالما توافرت فرص متساوية لهم فى العمل والتوظيف. و ظني أن المقبلين على الزواج بحاجة إلى اختبارات نفسية ومجتمعية كبيرة تحت إشراف مختصين قبل توثيق عقودهم، والكنيسة المصرية كانت سباقة بذلك حينما جعلت دورات المشورة والإرشاد فى ٢٠١٤ جزءا من شروط عقد الإكليل، ولا تزال محاكمنا تأخذ برأي خبراء النفس والاجتماع وعلماء الدين عند انعقاد الخصومة فى قضايا التطليق، رغم أننا بحاجة إلى خبراتهم ومشورتهم عند الزواج وليس الطلاق.

 

*لكن أزمات الرؤية والنفقة لا تزال الأكثر حضورا بين المتقاضين، فمتى تظهر الحلول؟

النفقات تبدو ضعيفة فى أحكام قضائية لسببين، ضعف الأجور؛ وعدم دقة التحريات عن الدخول، والحل نقدمه فى إصلاح منظومة الأجور وإصلاح المنظومة الضريبية لتحقيق أدق تحريات عن دخل المواطنين، وبالتالي تحصيل ضريبة عادلة منهم لخزينة الدولة وأيضا نفقات مناسبة لأطفال الشقاق.

أما أزمات رؤية الطفل فغير قاصرة على الطرف غير الحاضن، بل تشمل أهل الطفل كلهم من جانبه، والأزمة الحقيقية أن قانونا ينتصر للطرف الحاضن سيطبق على الطفل ذاته متى كبر وصار أبا مطلقا، سيحرم وأمه الجدة وقتها من ابنه وتنقطع صلاته بعائلته كافة. و رغم وجود النص القرآني والدستوري والدولي المؤيد لحق الطفل في الرعاية المشتركة بين الأبوين حتى بعد الطلاق

وحماية صلاته العائلية كلها لدى والديه مجتمعين، ينتصر القانون الحالي لطرف ظالم عنيد، وتريد منظمات ومجالس تعزيز هذا الشقاق وقطع صلات الأرحام واعتبارها أحد مكتسبات المرأة.

 

*برأيك؛ متى تنتهى مشكلات الأسرة فى المحاكم؟

حينما تحرر علاقة الزواج وعقودها؛ كأي علاقة تعاقدية خاصة أخرى، فكثيرون تزوجوا و رددوا خلف المأذونين عبارات لا يعرفون عنها شيئا، وكرروا أسماء أصحاب مذاهب لم يسمعوا عنهم إلا مصادفة، ومدنية الدولة تؤكد ضرورة استجابة تشريعاتها للحاجة المجتمعية الماسة لعدم تدخل أطراف خارجية فى علاقة الزواج، سواء جماعات المصالح والضغط لأجل تشريع يحقق مكتسبات لطرف، أو عائلتي طرفي علاقة الزواج. وكثيرا ما أواجه ناشطات تتزعمن حملات ومنظمات تنقل عن الخارج تجارب منقوصة، يجرى تأنيثها وتمصيرها على أيديهن، ويطرحنها على المجتمع عبر الصحف ووسائل الإعلام المفتوحة لهن، لكنهن لا يجبن عن استفسار وحيد بخصوص مقارنات بين تلك المجتمعات المستقرة أسرها هناك، ومجتمعنا المنهارة عائلاته بفعل تزايد الطلاق وأعداد أطفال الشقاق.

 

*هل تتوقع تمرير البرلمان لقانون جديد عادل للأسرة والطفل؟

هى مهمته بالتأكيد، وأهل التشريع الأقدر عليها وعليهم عدم التأثر بضغوطات وآراء أي جهة ولو كانت ذات دور استشاري عند صياغة القانون، والرئيس بتصريحاته الأخيرة عن ارتفاع نسب الطلاق إلى ٤٤ % ووجود ٩ ملايين طفل شقاق بخلاف ١٥ مليون ضحايا طلاق صامت، وضع المؤسسة التشريعية أمام مسئولياتها الدستورية، وعلى نواب البرلمان مراجعة النصوص القرآنية القاطعة، والدستور المصري الذي أيده الشعب بعد ثورة ٣٠ يونيو، والمواثيق الدولية والاتفاقيات الملزمة لمصر، وأهمها اتفاقية حقوق الطفل التى صدقت عليها الحكومة عام ١٩٩٠، قبل إقرار مواد قانون جديد للأحوال الشخصية والأسرة. وفى ظني أن أي حوار يبحث بعض أطرافه عن "مكتسبات" ستكون على حساب الوطن وأطفال مصر بناة مستقبلها، ولا يمكن أن نسمى الحديث المضلل عن "المكتسبات" حوارا مجتمعيا، فخطيئة برلمانات ما قبل يناير ٢٠١١ أنها سقطت فى فخ محاباة أهل السلطة ونسائهم، وهو ما ترتب عليه رفع سن الحضانة وبالتالي زيادة معدلات الطلاق بنسب غير مسبوقة.

 

*لكن قيادات نسوية ترى رفع سن الحضانة مكتسبا تجب زيادته وعدم التنازل عنه؟

واعتبرن أيضا التطليق مخالعة أحد المكتسبات، فزادت نسب الطلاق فى مصر، أي أن التجربة أثبتت بتطبيقاتها سوء تقديرات مشرع انحاز قانونه لأفكارهن. التطليق مخالعة حق شرعى له شروطه على أن يقع بعلم وحضور وموافقة الزوج، ولو رفضه بعد استرداد مهوره وهباته كاملة لكان للمرأة مكاسب أكبر بتطليقها من قبل القاضي للضرر مع احتفاظها بكافة حقوقها، وكذلك سن الحضانة؛ كرس رفعه للشتات الأسري والندم المجتمعى على تربية أحادية الجانب، أنتجت أطفالا معقدين لديهم من الميول العدوانية والكراهية الكثير ويسهل استقطابهم من قبل جماعات الإرهاب وعصابات الإجرام ومجموعات الشذوذ، ولا أعمم حكمى هنا على أطفال الشقاق بالطبع بل أحذر من مخاطر يسهل وقوعهم فيها، وأرصد إرشادات علماء النفس والاجتماع بشأن تربيتهم. ولو أن الطرف الحاضن يدرك حقه فى حياة سعيدة كريمة بعد الطلاق، لأدرك أنها تستمر برعاية مشتركة للمحضون مع غير الحاضن وأهله، هكذا تستقيم الأمور دون مبالغة.