عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. هانى سرى الدين يكتب : نحو مواجهة شاملة لشعار الخلافة الزائف

د. هانى سرى الدين
د. هانى سرى الدين

لا يزال حلم الخلافة يُداعب أذهان أعضاء الجماعات الأصولية شرقا وغربا، لكن الأخطر أن يتحول الأمر إلى مشروع وتوجه لبعض الأنظمة فى المنطقة.

والحقيقة أننى كلما سمعت كلمة «خلافة» أعود إلى الكتاب البديع للمفكر الجليل الشيخ على عبد الرازق « الإسلام وأصول الحكم» الذى دخض فيه الفكرة عموما وتطبيقاتها عبر العصور.

يحكى على عبد الرازق فى كتابه الصادر سنة 1925 أن لقب خليفة رسول الله ولد عند تولى أبو بكر الصديق الخلافة، ومن بعده ارتبط باللقب كثير من المفاهيم الخاطئة التى جعلت من الخلافة مركزا دينيا.

ومن الواضح فيما بعد أن مصلحة الخلفاء أنفسهم اقتضت ترسيخ ذلك الفهم حتى يجعلوا من الفكرة درعا تحمى عروشهم. ولم يكتف الخلفاء والسلاطين خاصة العثمانيين بذلك وإنما جعلوا السلطان خليفة الله فى أرضه وظله الممدود على عباده.

ويقول على عبد الرازق إن الخلافة صارت جزءا من عقائد التوحيد يدرسه كل مسلم مع صفات الله تعالى وصفات رسله الكرام، بل ويلقنه كما يلقن الشهادتين.

وتلك هى الجناية الحقيقية على الدين كما يقول «عبد الرازق»، لذا فقد حجب الحكام عن شعوبهم مسالك النور باسم الدين واستبدوا بهم وأذلوهم وحرموا عليهم النظر فى علوم السياسة. ويؤكد الرجل رحمه الله أن الدين الإسلامى بريء من شطط الفقه الذى ربط به الخلافة بالاستبداد. ويقول بصراحة « لا شيء فى الدين يمنع المسلمين أن يسابقوا الأمم الأخرى فى علوم الاجتماع والسياسة كلها، وأن يهدموا ذلك النظام العتيق الذى ذلوا له واستكانوا إليه، وأن يبنوا نظام حكومتهم على أحدث ما أنتجته العقول البشرية وأمتن ما دلت تجارب الأمم على أنه خير أصول الحكم.»

ولقد كان الكتاب سببا فى اضطهاد الشيخ على عبد الرازق، ليس بسبب المروق من الدين وإنما لأن الملك فؤاد، ملك مصر والسودان وقتها كان يتطلع إلى الحصول على لقب خليفة المسلمين بعد اعلان زوال الخلافة العثمانية سنة 1924.

وتصورى أن ما قاله الرجل، وما لمّح إليه الإمام محمد عبده من قبل، وما أعلنه مرارا أحمد لطفى السيد من بعد لم يكن ابتعادا أو خصاما للدين، وإنما كان فهما صحيحا للدين، وسعيا نحو تجديده وتخليصه من الأفكار المغلوطة والمفاهيم الخاطئة.

ولا شك أن تجار الدين والمتربحين من

الفكرة لم يغيبوا بسقوط الخلافة، فأسسوا تنظيما دينيا فى مصر سنة 1928 على يد حسن البنا لإحياء الخلافة بكل تشوهاتها وآثامها فى حق الدين والسياسة معا. ومن يومها والشعب المصرى وبعض الشعوب العربية تدفع ثمن صراعات ضد الدين وضد السياسة تحت وهم كاذب انتهازى اسمه الخلافة الإسلامية.

وتجد بعض الأنظمة فى ذلك المفهوم سُلما للصعود السياسى من خلال مغازلة العامة والبسطاء وتصوير الخلافة أصلا دينيا لا يستقيم الدين إلا به.

إننا فى حاجة ماسة لمشاركة واضحة من رجال الأزهر وفقهاء العصر الأجلاء لتوضيح زيف فكرة الخلافة، والإجابة على تساؤلات أزلية إن كانت الدولة الحديثة ونظم الحكم العصرى تتعارض مع الشريعة الإسلامية أم لا؟ وهل تتعارض الانتخابات البرلمانية والرقابة البرلمانية على الحكومة مع أحكام الدين؟ وهل يوجد أى تعارض بين الشرع ونظم الإدارة الحديثة وقواعد الحوكمة والشفافية؟ وهل الخلافة أصل من أصول الإسلام؟ أما آن الأوان لتجديد الفهم والفكر كما دعا مرارا رئيس الدولة نفسه؟

لقد سمعت آراء وأطروحات مستنيرة فى هذا الشأن، لكنها لا تزال فى إطار الآراء والاجتهادات الفردية. وأتصور أننا فى حاجة لشمولية المواجهة ودحض أى أفكار ساذجة يتم تسويقها وترويجها سياسيا من قبل أنظمة تسعى للتمدد والهيمنة واستغلال الدين فى دعم مصالحها. فحرية الرأى والابداع واحترام الرأى والرأى الآخر وترسيخ النظام الديمقراطي، والفصل بين السلطات إن هى إلا دروع واقية ضد الأفكار المتطرفة وتسييس الدين والمساس بالدولة الوطنية المصرية واستقرارها ونموها.

وسلامٌ على الأمة المصرية..