رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"بالوعة" مدرسة السلام بأسيوط ابتلعت "محمد"

بوابة الوفد الإلكترونية

لم يكن يعلم المهندس صلاح حسانين عندما أوصل ابنه «محمد» ـ الذي لم يتجاوز التاسعة من عمره ـ إلى أتوبيس المدرسة ـ التي تعتبر من أرقى وأقدم مدارس المحافظة وأكثرها عراقة ـ أنها ستكون المرة الأخيرة التي سيراه إلا وهو جثة هامدة، يحمله أهله وأقاربه داخل خشبة «تكريم الإنسان» لتشييعه جثمانه إلى مثواه الأخير وسط حالة من الهلع وهيستريا بكاء.

كان المشهد في بدايته وردياً بالنسبة للأب عندما ذهب طفله الصغير إلى مدرسته - التي يصل تعداد الطلاب بها أكثر من 3 آلاف طالب بمراحل الابتدائى والإعدادى والثانوي - ليلهو ويمرح وسط زملائه ومعه شقيقتاه (روان وميار) بنفس المدرسة بكل سعادة وفرح فى الفسحة، ويتعلم في المدرسة على يد معلميها ومسئولين من المفترض أنهم يعلمون أجيالا جديدة كيفية الحفاظ على نظافة البيئة ويغرسون في نفوسهم قيم الاجتهاد والاتقان في العمل إلا أنهم كانوا أول من خالفوا تلك التعاليم، ولم يقوموا بتغطية «بلوعة» للصرف الصحي بالمدرسة إلا بقطعة من الخشب والخيش التي كانت فخ موت «محمد»، لكي يلقي مصرعه مختنقاً أمام أعين زملائه وشقيقتيه الذين أخذوا يصرخون لإنقاذه دون جدوى الي أن وصلت قوات الدفاع المدني والانقاذ النهري والاسعاف إلى المدرسة لانتشال الجثة بعد وصول بلاغ من إدارة المدرسة بموت «محمد» ونقله إلى مشرحة مستشفي الإيمان العام لينقلب المشهد إلى بكاء وعويل ؛ وسط حالة من الهلع والخوف والترقب من كافة أولياء الأمور خوفاً على أطفالهم الملتحقين بالمدرسة، خاصة عقب انتشار الخبر في أرجاء المحافظة.
بعد ساعات طويلة داخل المشرحة كانت الأسرة تنتظر خلالها استلام جثمان «محمد»، حيث ظل الأب في النيابة حتى الساعة السابعة مساء وعاد ليحمل جثمان ابنه الصغير، في حين كانت الأم تبكى ثم سقطت مغشياً عليها من أثر الصدمة وانتابتها حالة من الهلع عندما فتح باب مشرحة المستشفي لتري جثمان طفلها لآخر مرة.
واستلم الأب تقريراً في ورقة صغيرة تبرئ المدرسة - التابعة لإشراف الطائفة الإنجيلية القبطية - من الإهمال الذى أودى بحياة الطفل حيث قال مفتش الصحة إن الطفل مات بإسفكسيا الغرق ولا توجد شبهة جنائية، وتم تسليم الجثة بدون تشريح ودون أن يعرف أحد من المسئول عن مصرع هذا الطفل البريء.
يأتي ذلك في الوقت الذي توجه فيه اللواء ابراهيم حماد محافظ أسيوط برفقة جمال آدم سكرتير عام المحافظة وسليمان قناوى السكرتير المساعد، وفتحى داود وكيل وزارة التربية والتعليم، وضباط مباحث قسم ثان أسيوط إلى المدرسة فور علمه بالواقعة ليستمع من زملاء «محمد» تفاصيل الحادث الأليم ليُحيل بعدها مدير المدرسة ومعاونيها ومسئولي الأمن والحراسة إلى التحقيق وإلى النيابة العامة مؤكداً أنه لا تهاون فى حق الفقيد وسوف تتم محاسبة كل المسئولين والمتسببين فى وفاته.
كما أصدر قراراً بإعفاء شقيقتيه «روان صلاح الدين محمد» بالصف السادس الابتدائي، و«ميار صلاح الدين محمد» بالصف الثالث الإعدادى بمدرسة السلام الحديثة المشتركة من كافة المصاريف الدراسية حتى تخرجهم منها بالمرحلة الثانوية، فضلاً عن تعليمات مشددة لكل من وكيل وزارة التربية والتعليم ومديرى الإدارات التعليمية المختلفة ومديرى المراحل التعليمية وجميع اجهزة المتابعة بالمرور اليومى على جميع المدارس بجميع المراحل التعليمية (رياض اطفال وابتدائية واعدادية وثانوية) بالتعليم العام والفنى والخاص لمتابعتها والوقوف على مشاكلها وسير العمل بها.
ويقول المهندس صلاح حسانين - والد الطفل - إنه سيقاضي وزير التربية والتعليم والمسئولين بالتربية والتعليم بالمحافظة لمسئوليتهم عما جرى لابنه مطالباً بمحاسبة المسئولين عما اقترفوه في حق ابنه لأن أرواح المواطنين غالية وسفك دماء المصريين والأطفال ليس سهلاً جراء هذا الاهمال .
واتهم «صلاح» المدرسة بالاهتمام بالحصول على مبالغ ضخمة دون أن تقدم لهم الاهتمام والرعاية الكافية لدرجة أن ادارتها لا تهتم بغلق بالوعات الصرف الصحي موضحاً أن هناك شريحة من المدارس الخاصة أسوأ من المدارس الحكومية لأن الربح هو هدفها الوحيد بغض النظر عن أى شيء آخر، وعلى الدولة أن تعيد النظر فى علاقة أصحاب الأموال بالمدارس.
وقال والد الضحية إن النيابة برئاسة محمد علاء مدير نيابة قسم ثان قامت بإخلاء سبيل مديرتها وباقي المتهمين «نادرة بهاء بطرس» - مديرة المدارس واثنين آخرين هما مريانا رشدى - مشرفة، ويوسف نصر فليمون - مشرف صيانة)، وذلك بضمان محل إقامتهم.
وسيتم اختصام عدد من المسئولين في تلك القضية وعلى رأسهم وزير التربية والتعليم ومحافظ أسيوط ووكيل وزارة التربية والتعليم بالمحافظة - بصفتهم - بالاضافة إلى رئيس مجلس إدارة مدارس السلام الخاصة.
وأشار والد الطفل إلى أن المدرسة كان بها 3 بالوعات صرف - غطاء واحدة منهم مكسور، والثانية مغطاة بجوال، والثالثة موضوع عليها قطعة خشبية مكسورة وهي التي سقط ابنه بها.
وقالت والدة الطفل - وسط دموعها - إنها تتمنى لو تدفع حياتها ثمناً لتغطية بالوعات الصرف الصحي وعدم تكرار مثل هذه الحادثة مرة أخرى حتى لا يفقد أحد ابنه أو ابنته ولا يشعر بهذا الشعور الذي أشعر به بفقدان فلذة كبدي «محمد» موضحة أن المدرسة تحصل من كل تلميذ 3 آلاف جنيه سنوياً بالإضافة إلى مصروفات الاتوبيسات والزي الذى يعد أغلى

زي على مستوى مدارس المحافظة، وتتباهى إدارتها دائماً بأنها الأقدم والأقدر ومع ذلك فقد تقاعست عن سد «البالوعة» وتضيع حياة الاطفال هباءً نظير الإهمال.
وأكد محمد مكي - خال الطفل - أننا لن نسكت على هذا الاهمال الذي تسبب في مقتل «محمد»، ويضيف: علمنا بوفاة الطفل من الإسعاف لدينا قريب يعمل في الاسعاف أخبرني بوفاة «محمد» فأصابتني الصدمة واتصلت بأختي التي اتصلت بإدارة المدرسة فقالت لها المشرفة إنه مرهق وتعبان وعليكي أن تذهبي للمستشفي للاطمئنان عليه.
وتابع خال الطفل قائلا: وصلنا للمشرحة فوجئنا أنه كان في المشرحة من الساعة الواحدة ظهراً، موضحاً أن الأسرة قضت وقتا طويلا لاستخراج تصاريح دفن الجثة.
وأشار خال الطفل إلى أن البالوعة كانت مغطاة بجوال وأثناء لعبه مع «محمد» مع باقي أصدقائه سقط فيها ولم يستطع زملاؤه إنقاذه فأسرعوا الي المسئولين الي المدرسة وقالوا لهم: الحقوا محمد وقع في البالوعة ولم يتم انتشاله إلا بواسطة الحماية المدنية بعد أكثر من نصف ساعة.
والتقت «الوفد» فتحى بيومى وكيل وزارة التربية والتعليم الذي أكد أن هناك تحقيقات ادارية تجريها محافظة اسيوط بالاشتراك مع مديرية التربية والتعليم منذ وقوع الحادث وليس معنى إخلاء النيابة العامة لسبيل مسئولى المدرسة انه ليس هناك جزاء  رادع من الناحية الادارية لأن النيابة العامة مختصة بالشق الجنائى. لكن المديرية لديها قواعد للمحاسبة الادارية واحالة المتهمين الى النيابة الادارية وفى حالة إثبات اتهام الاهمال الجسيم على اى مسئول منهم سوف يتم توقيع الجزاء عليه فورا ولن نتسامح فى دماء اطفالنا وتلاميذنا ولكن كل شئ بالقانون وطبقا  للوائح ـ حسب قوله.
وأضاف وكيل وزارة التربية والتعليم بأسيوط أنه تم تكثيف لجان المتابعة والتفتيش على مدارس المحافظة المختلفة والتأكد من إحكام وغلق جميع البالوعات الخاصة بالمياه والصرف الصحى الموجودة داخل المدارس والتأكد من إحكام اغلاقها بأغطية حديدية وكذلك التأكد من صلاحية وتغطية جميع الأسلاك الكهربائية وعمل تقرير يومى من مديرى الادارات التعليمية بما تم اتخاذه من اجراءات فى هذا الشأن.
وخرجت بيانات إعلامية من كافة الأحزاب والقيادات السياسية والحزبية لتنعي شهيد العلم والتعليم «محمد صلاح»، مطالبه بمحاسبة المقصرين خاصة إدارة المدرسة ومحاسبتها حسابا قاسيا لإهمالها الشديد، والتهاون الذى أودى بحياة التلميذ، ومحاسبة قيادات مديرية التربية والتعليم بأسيوط، لأنه لو كان هناك إشراف ومتابعة لما كان الحادث المؤسف، فيما أكد عقيل إسماعيل عقيل - القيادى بحزب الوفد - على ضرورة متابعة مديرية التربية والتعليم والمحافظة جميع المدارس الخاصة بأسيوط، ومدى التزامها بالاشتراطات الصحية والتعليمية.
وأضاف أن الدولة لا يمكن أن تكون يدها مغلولة تجاه جشع أصحاب المدارس الخاصة، حيث لا توجد أى رقابة عليها، فمالك المدرسة يضع السعر الذى يراه مناسبا والمسألة عرض وطلب، ومن لا يملك فأمامه المدرسة الحكومية سيئة السمعة لدى المواطنين، مضيفًا أن التعليم الخاص أصبح تجارة وليس رسالة.
ومن جانبه أوضح محمود معوض نفادى - القيادى بشباب الوفد - أن الزيادة السنوية المقررة في مصاريف المدارس هي  10% حسب القرار رقم 306 لسنة 92، ولكن الزيادات قد تصل إلى 50%، وأن هناك ايصالين أحدهما رسمى يتعامل به صاحب المدرسة مع الدولة، والآخر وثيقة لولى الأمر، بعيدا عن المحاسبة الضرائبية مؤكداً أن إشراف مديرية التربية والتعليم على مثل هذه المدارس «شكلي» فقط، وللمدرسة الحق فى تحديد المصروفات، هذا بالإضافة إلى مصروفات «الباص» المقرر زيادة نسبتها بشكل سنوي.