رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

انتقام أعمى

سيدة حزينه
سيدة حزينه

جمعها بزوجها قصة حب والذى كان زميلها فى العمل. تقدم لطلب يدها من أسرتها فهو من أهل الصعيد ورغب فى تعجيل الزواج. وانتقلت للحياة معه فى منزل أعده يليق بها، وبعد السنة الأولى من زواجهما أنجبت طفلها الأول وملأت الفرحة والسعادة جنبات المنزل ولم تمر سنتان حتى أنجبت طفلها الثانى وبعده الطفل الثالت.

واتفق الزوجان أن يكتفيا بالثلاثة أطفال حتى يستطيعا تربيتهم تربية حسنة وتعليمهم تعليمًا راقيًا. وطوال تلك الفترة كانت الأم متفرغة لرعاية الأطفال، حتى بلغ طفلها الأكبر ٧ سنوات والأصغر ثلاث سنوات ويستطيعون الاعتماد على أنفسهم، هنا قررت الزوجة قطع إجازتها والعودة إلى عملها الذى بعدت عنه طويلا ، فقد ملت من البقاء فى المنزل ولم تكن تتوقع أن يرفض زوجها عودتها إلى عملها فهى زميلته وتعرفا على بعضهما من خلال العمل.
 

جلست معه وأبلغته أنها سوف تذهب فى الصباح لقطع الاجازة الطويلة والعودة إلى عملها مع وعد منها أنها لن تهمل أطفالها أو منزله أو تقصر فى واجباتها تجاهه.

جن جنون الزوج وثار ثورة هائلة كادت أن تمتد يده عليها، ماذا تقولين هل جننتِ، لا تحلي بالعودة للعمل مرة أخرى، بيتك وأولادك هم وظيفتك منذ اليوم، لم ترضخ الزوجة لأوامر الزوج وصحى من نومه لم يجدها فى المنزل وهاتفها وأبلغته أنها فى عملها.
 

عادت من عملها لتجده قد ترك لها المنزل اعتراضا على عودتها للعمل ولم يرد على اتصالاتها وأخذ قرارا بالانفصال عنها بل فوجئت بطلاقه غيابيا لها. أكملت فى عملها ولم تعره اهتماما فلم تكن تتوقع أن يكون دكتاتورًا لهذه الدرجة ويريد أن يحولها الى مجرد خادمة ويسلبها حياتها. استمرت فى عملها ورعاية أطفالها.
 

عادت من عملها إلى المنزل فلم تجد أطفالها، وقد اعتادت أن تجدهم بعد عودتهم من مدرستهم، تملكتها حالة من القلق والريبة، الدقائق تمر عليها كالدهر، وافترسها الخوف عليهم حتى اقترب المساء ولم يعد الأطفال، كادت تجن هرولت مسرعة تسابق ساقاها الرياح متوجهة إلى المدرسة، واكتشفت أن والدهم الذى انفصلت عنه وطلقها، قد حضر وأخذهم بحجة شراء بعض المتطلبات قبل عودتهم إلى المنزل.
 

أيقنت الأم أن انتقامه منها كان مروعا، حيث سلبها أعز وأغلى ما عندها، وظلت تصرخ، وتدور ذهابا وجيئة فى شقتها كالمجنونة، وأسرعت تخبر عائلتها بما حدث، سافر شقيقها إلى الزوج الذى غادر القاهرة منذ انفصاله عن شقيقته ونقل عمله الى الصعيد ليعود بأطفالها، وما إن استقبله أبو الأطفال لم ينكر بأنهم معه، وبصوت  كله تحدٍ  وجبروت قائلا  إن نجوم السماء أقرب إليها من أن ترى أطفالها، وإن كانت ترغب فى استعادتهم والحياة معهم  فعليها فورا  أن تتنازل عن عنادها وتستقيل من عملها نهائيا، وتبقى فى بيتها لرعاية أطفالها.
 

أنا راجل صعيدى، وأرفض أن تعمل زوجتى، وتختلط بالرجال، وتخرج

فى زحام المواصلات، وإننى لست بحاجة إلى مرتبها، وأنا أقوم بكل التزاماتها، ولا أبخل على أولادى بشىء فلماذا تعمل؟
 

عاد الخال وما إن أخبر شقيقته بما حدث من طليقها، جن جنونها، ظلت تصرخ وتصرخ، سقطت على الأرض مغشيا عليها، وقاموا بنقلها إلى المستشفى حيث أكد الأطباء بأنها أصيبت بصدمة عصبية شديدة واحتبس صوتها، وفقدت النطق.
 

ذهبت بها الأسرة إلى مصحة للأمراض النفسية والعصبية، لكنها ظلت خرساء، وعاشت فى ذهول تام، ولا ترى عيناها النوم وترفض أى طعام، حيث صدمة حرمانها من أطفالها أقوى من أن تحتملها وأوشكت على الجنون.
 

وعلى الفور أسرعت أسرة الأم إلى محكمة الأحوال الشخصية، وقاموا برفع دعوى مستعجلة بضم أطفالها الثلاثة، أكبرهم فى السابعة، وأصغرهم فى الثالثة، وهم من حقها شرعا وقانونا.
 

وقفت الأم أمام هيئة المحكمة والدموع تتحدث عنها فهى مازالت فاقدة النطق ولا ترغب فى الكلام أو الحياة بعيدا عن أطفالها، وتعلو وجهها علامات حزن شديد عند مناقشتها أخذت تشير بيديها ولا تنطق، وقدم محاميها شهادة تفيد بأنها أصيبت بصدمة عصبية شديدة أفقدتها النطق من جراء خطف مطلقها أطفالها.
 

وجاء حكم المحكمة، بضم الأطفال الثلاثة إلى أمهم، وحكما مشمولا بالنفاذ المعجل، لعل فى هذا ما يرد إليها صوابها، وصوتها لتعود إلى ما كانت عليه قبل حرمانها من فلذات كبدها، وقرة عينيها، فهو حق مكتسب لها بوجود أطفالها بين أحضانها، فهى الأم التى وضع الله فى قلبها نبع الحنان، حمل شقيق الأم الخرساء صورة الحكم، وسافر إلى بلد الزوج، وقامت قوة من الشرطة بتنفيذ الحكم بالقوة الجبرية، واصطحب أطفال شقيقته وعاد بهم إلى القاهرة.
 

وما إن قام بطرق باب الشقة، فى مشهد تدمع له الأعين حتى هرولت الأم مسرعة تحتضن أطفالها، وتسبقها صرخة مدوية لأول مرة بعد أن ظلت خرساء لمدة ٩٠ يوما، وتردد فى جنون.. أولادى.. أولادى.