عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حلم غير مشروع

بوابة الوفد الإلكترونية

جامعى متفوق. على خلق كما حكى عنه من يعرفونه، بعد الحادث البشع كان حلمه الذى يراوده ليلا ونهارا ولا يغيب عنه مطلقا «الايفون»، نعم كان كل حلمه أن يمتلك ايفون. هذا الهاتف المحمول الذى امتلكه العديد من زملائه بالجامعة. وعددوا له مميزات هذا الجهاز السحرى. ولكن بطل حكايتنا ابن ناس بسطاء. لا يملكون من حطام الدنيا سوى قوت يومهم وينفقون على تعليمه من الاقتراض أو مساعدات أهل الخير. ولكنه كان يحلم بالايفون ولا يجرؤ أن يطلب من والده رقيق الحال أن يشترى له الهاتف. طوال الوقت يفكر كيف يمتلك ايفون. عم صبحى الرجل الذى قارب على السبعين من عمره والذى يقيم بمفرده فى غرفة على سطح أحد العقارات بأحد مراكز محافظة الشرقية. كان على صلة قرابة بوالد الجامعى. وكان يطلب منه أن يذهب اليه عقب عودته من الجامعة لقضاء متطلباته فالرجل لا يستطيع صعود ونزول السلالم إلا بشق الأنفس. وبالفعل كان يمر عليه. ويجلب له ما يحتاج من أدوية ومأكولات. العجوز اعتبره ابنه الذى لم ينجبه. كان يسعد بقدومه ويتجاذب معه الحديث ويعرف منه أخبار الأقارب والأصدقاء. وكان يشعر بالقلق الشديد إذا ما تأخر عنه. ليس من أجل ما يحضره له ولكن لأنه تعلق به واعتبره الونس الذى يفتقده كلما غاب عنه ويقابله بلهفة عندما يعود ويقدم له ما لديه من أشياء بسيطة. اعتبره كاتم أسراره وأمينًا على سره وحياته. صارحه بأنه يحتفظ بمبلغ مالى ١٥ ألف جنيه لكفنه وجنازته عندما يحين الأجل. ولم يكن العجوز المسكين يعلم ان صديقه الصغير حلم حياته امتلاك آيفون. أخذ المتهم معلومة أن العجوز يحتفظ بـ١٥ ألف جنيه. وراح يفكر فى شراء التليفون حلم حياته. استغرب العجوز من حالة الصمت التى سيطرت على الصغير ولكنه لم يبالِ. هو يشعر بالراحة أنه أعلم صديقه الصغير بمكان تحويشة العمر لأنه سيكون مسئولًا عن شراء الكفن ومصاريف الجنازة له فهو فى مقام ابنه. عقد العزم الطالب الجامعى على سرقة تحويشة عمر العجوز وشراء الموبايل وعندما يموت سوف يقوم هو بالواجب وانتظر حتى نام أهل القرية واستل سكينا ربما يجد من يقاومه. وتسلل الى غرفة العجوز على سطح المنزل واستيقظ العجوز على الفور. محمد ماذا تريد؟ هل نسيت شيئا؟. لم يجبه القاتل. وباغته بطعنة سكين. العجوز: لماذا تقتلنى يا ابنى. من أجل الفلوس. لو قلت لى إنك تحتاجها كنت أعطيتها لك دون تردد. تحول القاتل الى أصم وأبكم ولا يسمع ولا يتكلم. السكين تتكلم وتطعن وتذبح، مات الرجل. سقط من بين يديه وسط بركة من دمائه، نظرات العتاب أثناء خروج الروح من الجسد لا تنسى. أخذ المبلغ المالى وخرج مسرعا وتخلص من سلاح الجريمة. وفى الصباح توجه على

الفور وقام بشراء الايفون الذى يحلم به وتوجه إلى الجامعة يتباهى بالموبايل وعلى الجانب الآخر صعد أحد الجيران للاطمئنان على العجوز الذى لم يره أهل الشارع كعادته. وجد باب الغرفة مفتوحا والرجل مدرجًا فى دمائه استغاث بالجيران: عم صبحى اتقتل. وتم إبلاغ النجدة وتم نقل الجثة إلى المشرحة وبدأ رجال المباحث جمع التحريات وسماع الشهود والتحقيقات فى النيابة العامة على قدم وساق الكل أجمع أن أقرب أهل القرية للقتيل هو الشاب محمد الذى يرعاه ويعتبر مثل ابنه وأن محمد يحنو عليه كوالده. كما أكد أحد الشهود أنه شاهد محمد قادما من عشة القتيل فى ساعة متأخرة يمشى بسرعة ولكنه لم يعر الأمر اهتماما فهو دائما ما يكون عنده فى أغلب الأوقات.. صدر أمر على الفور باستدعاء محمد. وجاء محمد يبكى بدموع التماسيح ويلعن من فعل بصديقه العجوز ولمح ضابط المباحث الايفون فى يد محمد وقد علم من خلال التحريات أن محمد رقيق الحال ولا يمكنه شراء هذا الهاتف غالى الثمن. وطلب منه الاطلاع على الموبايل ارتبك محمد وتصبب عرقا. وأعطاه الجهاز. وسؤال مباغت من رجل الأمن المتمرس: بكم هذا الجهاز يا محمد، ومن أين أتيت بثمنه؟ ارتبك وحاول الهروب من السؤال. قتلت صديقك العجوز واستوليت على تحويشة عمره. لم يقاوم طويلا. وانهار وراح فى نوبة بكاء طويلة. نعم أنا المجرم. أنا القاتل. حلم شراء الآيفون حولنى الى قاتل. خائن لصديقى العجوز الذى كان يعتبرنى ابنه. وسرد تفاصيل جريمته. وأحالته النيابة محبوسا الى محكمة الجنايات. وتحديد جلسة عاجلة بتهمة قتل عم صبحى مع سبق الإصرار والترصد. وبعد عدد من الجلسات وثبوت الجريمة واعتراف القاتل قررت المحكمة وبإجماع الآراء احالة أوراق محمد الى المفتى لأخذ الرأى فى اعدامه. وانتهت حياة محمد والعجوز صبحى، والسبب امتلاك هاتف، السبب حلم قاتل.