زوجة رجل مجنون..الطلاق هو طوق النجاة من زوجي
وقفت «جيهان» الزوجة العشرينية بثيابها الأنيقة ونظارتها الشمسية على مقربة من إحدى قاعات جلسات الأسرة بمحكمة عابدين، معلقة ناظريها بباب يتحايل على قِدمه بطلاء أصفر لم يجف بعد، تنتظر الإذن لها بالمثول أمام القاضى، لقى على مسامعها الحكم فى دعواها التى تطالب فيها بتطليقها للضرر من زوجها المريض نفسيًا -حسب روايتها- وتسأل الله الخلاص لها ولابنتها.
قالت الزوجة الشابة فى بداية حديثها : «زواجى منه كان مبنيًّا على حسابات العقل لا القلب، فهو رجل من أسرة عريقة الأصل، وميسورة الحال، ونسب طيب، وكان يكبرنى بثلاثة أعوام فقط، ورُوى عنه أنه حسن الخلق، وكانت المواصفات تلك كفيلة بأن ترجِّح كفَّته وتجعلنى لا أبالى كثيرًا بأمر والدته التى كانت لا تفارقه وتلازمه كظلِّه أينما ولَّى وجهه طيلة فترة خطوبتنا، والأقراص التى كانت تقذفها بفمِّه بين الحين والآخر، والكلمات القليلة التى كان يلقيها على مسامعى قبل الزواج، وأقبل أن أكمل ما تبقَّى من حياتى معه، وأعيش إلى جواره فى السراء والضراء.
ترتسم على وجه الزوجة الشابة ابتسامة حزينة وهى تواصل حديثها: «وبالفعل تمت الزيجة، وكالعادة كان زوجى يبتلع أقراصه، بعد أن يقوم بإخفائها سريعًا عن عينى حتى لا أعلم بحقيقة مرضه النفسي، والنوبات التى تصيبه بين الحين والآخر حتى جاء اليوم الذى غفل فيه عن تناول جرعته المعتادة، وبدون أية مقدمات فُوجئت به ينهال عليَّ بالضرب، ويوجِّه اللكمات والصفعات إلى وجهى أمام العالمين، ويقذفنى بسيل من الشتائم، ولولا تدخل الجيران لبِتُّ تلك الليلة فى قبري، فتركته وذهبت إلى بيت أسرتى مستغيثة بهم، وترجيتهم أن أنفصل عنه قبل أن أصاب أنا أيضًا بالجنون، أو يطرحنى قتيلة، وسردت لهم ما صدر منه، وتصرفاته الغريبة وأفعاله المشينة، فنصحونى بالعودة إليه، وطالبونى بالصبر عليه»، تلك هى أخلاق بنات الأصول.
تغيب الابتسامة الحزينة من فوق ثغر الزوجة الشابة وهى تنهى حديثها: «اسودت الحياة فى عينى فكيف لى أن أعيش كزوجة لرجل عقله مصاب بعلَّة، أهذا عدل؟، وتحت تأثير إحباطى وإصرار أسرتى عُدت إلى زوجى مرة أخرى، وحدَّثت نفسى بأننى فى كلتا الحالتين ميِّتة، ومرت الأيام وأنجبت «نيلِّي» ابنتى الوحيدة، وأصبح كل هدفى فى الحياة أن أربِّيها جيدًا