رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الدراما والسينما في قفص الاتهام .. وخبراء طب نفسي: سبب رئيسي للعنف والجريمة

صورة أرشيفية - إحدي
صورة أرشيفية - إحدي الضحايا

المراهقة والجريمة.. ظاهرتان تسببان حال ارتباطها كارثة يكون المجتمع هو الضحية، فالمراهقة فترة من أصعب الفترات العمرية، وبات إقبال المراهقين على العنف والجريمة بدافع الظهور وإثبات قدرته على الاستقلالية والرجولة هاجسًا يؤرِّق الشارع المصري، وذلك بعد تسجيل عدة حوادث قتل بشعة تورَّط بها مراهقون.

 

وتعددت دوافع الجرائم ما بين انتقام ومحاولة لإثبات السيطرة والنفوذ، أو الرغبة في الظهور والاستعراض، ولا يزال القانون يقف عاجزًا أمام تلك الجرائم، فلا يستطيع أن يطفئ القلوب المحروقة على أيدي هؤلاء الأطفال، لأن المشرع لا يصدر أحكامًا رادعة لتكون بمثابة عظة للآخرين، ولكن يحاسب الجاني بمحكمة "الأحداث"، لأنه في نظر الجميع "طفل".

 

وترصد الوفد عددًا من الجرائم التي ارتكبها مراهقون في الآونة الأخيرة، ومن بينها جريمة قتل راجح لمحمود البنا، والتي هزت الرأي العام المصري.

 

"شهيد الشهامة"

واقعة مأساوية وأحداث دامية وشباب مهووس بالبلطجة، واستعراض قدراته أمام هذا وذاك، والضحية شاب في مقتبل عمره، شاب ترعرع على كلمات الرجولة والنخوة.

 

مات "محمود البنا" قتيلًا على أيدي شباب لا يعرفون عن الآدمية شيئًا سوى اسمها، تبرأوا من النخوة والرجولة، ولكن ماذا بين محمود وربه لتفزع دولة بأكملها بوفاته.

 

"شهيد الابتسامة"

تزينت جدران وشوارع شبرا مصر بصور "أحمد سودة" ابن السابعة عشر عامًا، والملقب بشهيد الابتسامة، بعد أن لقي مصرعه على يد شقيقين اشتهرا بأعمال البلطجة، بعدما سددا له عدة طعنات وهو يدافع عن صديقه، كانت كافية لتجعله يلفظ أنفاسه الأخيرة في الحال، قبل أن تمد له يد الطبيب لتسعفه.

 

كان اللواء نبيل سليم، مدير مباحث العاصمة، من العقيد علاء خلف الله، مفتش قطاع شمال القاهرة، بلاغًا يفيد بتلقي قسم شرطة الساحل، إشارة من المستشفى العام مفادها استقبال جثة "أحمد. م" 17 عامًا، وشهرته "سودة"، مصابًا بطعنة نافذة، وبالانتقال والفحص تبين نشوب مشادة كلامية بين الضحية وشخص آخر يدعى "أشرف. م" 22 عامًا، عاطل، مقيم بدائرة القسم، وتطور الأمر إلى مشاجرة، أخرج على إثرها الجاني سلاحًا أبيضًا "مطواة"، وطعن الضحية ما تسبب في مصرعه في الحال.

 

"قتيل اللاب توب"

لم يكن على دراية بأن رغبته في اقتناء جهاز "اللاب توب"، ستؤدي به إلى نهايته بهذا الشكل المأسوي، حيث لقي حتفه مقتولًا على يد طالبين، ألقيا بجثته غارقة في دمائها بإحدى الحدائق بالنزهة، بعد أن تم الاستيلاء على جميع متعلقاته الشخصية، وكل ما يتملكه من مال.

 

فرحة "محمد عبدالعزيز" طالب الهندسة بوجود ضالته على موقع "olx" للبيع والشراء الإلكتروني، جهاز "لاب توب" لم تكتمل.

 

كان المجني عليه قد خرج بعد أن ادَّخر 25 ألف جنيه لشراء جهاز "لاب توب" طالما حكي عنه لأصدقائه، وحلم به ليستخدمه في مجال دراسته بالهندسة لكنه لم يعد.

 

فقد تعرف القتيل على شخصين على موقع "أوليكس"، ووثق بهما بعد أن أوهماه بأنهما يملكان جهاز "اللاب توب" الذي يبحث عنه، واتفقا على لقائه في منطقة مساكن الشيراتون "شرق القاهرة"، وبمجرد وصوله في الموعد طعنه أحدهما بسلاح أبيض، واستوليا على المبلغ المالي الذي كان بحوزته.

 

"فشل في اغتصابها فذبحها"

شهدت محافظة المنوفية، جريمة بشعة هزت أرجاء هزت أرجاء قرية مصطاى بمركز قويسنا، حيث قام "تبَّاع"، 16 عامًا، بقتل طفلة لم تتعدَ ال-5 سنوات من عمرها، وذلك عقب فشله في التعدي عليها جنسيًا فقام بذبحها بسكين، وأخفى جثتها بدولاب منزله، ليتخلص منها بصرف مائي.

 

البداية عندما شاهد الجاني الطفلة تلعب في الشارع، حتى توجه نحوها، واستدرجها إلى منزل والديه الخالي من ساكنيه، بدعوى اللعب بهاتفه المحمول، وبمجرد دخولهما المسكن، حول "حسان" اغتصاب الطفلة لكنها صرخت فحطم رأسها ب"حجر"، وذبحها بسكين، وأخفى جثتها في سحَّارة كنبة، بمساعدة والده تمهيدًا للتخلص منها.

 

"محاكاة عبده موتة"

اتفق عدد من خبراء الطب النفسي على أن المراهقين هم الفئة العُمرية الأكثر تأثيرًا برسائل العُنف التي تبثها الأفلام والمسلسلات الدرامية.

ويرى الخبراء أن المراهقين يلجأون لتقليد أبطال الأفلام والمسلسلات من المجرمين والخارجين على القانون، في خطوة منهم لإثبات أنهم باتوا رجالًا لا يخشون شيئًا.

 

وأوضح الخبراء أن قتل المراهق محمد راجح؛ لزميله محمود البنا، جاء كنتاج لما تغرسه الأفلام العربية والدراما من قيم تؤصل للبلطجة، وتغليب شريعة "الغاب" على حُكم القانون، والتشجيع على الانتقام بأبشع الطرق طرًا.

 

"الأفلام والمسلسلات تشكل شخصية المراهقين"

يرى الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن الأفلام السينمائية والمسلسلات الدرامية التي تؤصل للانتقام والثأر تبث رسائل كراهية يتلقاها

المراهقون بالتحديد، وتؤثر فيهم بشكلٍ كبير، مشيرًا إلى أن المراهق يتحسس طريقة لعتبات الرجولة، ويرى في شخصية البطل "البلطجي" قدوة وأسوة، خاصة وأن البطل يستطيع الإفلات من القانون بطرقٍ مختلفة، فيلجأ لتقمص شخصيته، على أمل أن يصبح ذات الشخصية مهابة الجانب التي يخشاها الجميع.

 

وشدد فرويز على أن الأسرة لها دور كبير في اختيار ما يناسب أبنائها من أفلام أو مسلسلات؛ للتأكد من عدم تعرضهم لرسائل تُغيّر في شخصيتهم للأسوء.

 

وأشار استشاري الطب النفسي، إلى أن المراهق يبحث دائمًا عن القدوة والأسوة والمثل الأعلى الذين يريد أن يُصبح مثله ذات يوم، وإذا لم يجد هذه الشخصية في محيط أسرته؛ سيلجأ للبحث عنها في الأفلام والمسلسلات الدرامية، مطالبًا الأُسر بضرورة التواصل الجيد والفعّال مع أبنائها؛ للتعرف على طريقة تفكيرهم وآمالهم وطموحاتهم.

 

واتفقت معه في الرأي الدكتورة إيمان دويدار؛ استشارية الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، مؤكدة أن المراهقين يسعون دائمًا ليصبحوا رجالًا، بهدف الهروبمن سيطرة الأسرة عليهم.

 

وأكدت استشارية الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، أن مرحلة المراهقة تعد مرحلة شائكة في حياة أي إنسان عادي، مشيرة إلى أن تلك المرحلة تتطلب رعاية من الأسرة، وتفهم لشخصية المراهق المتقلبة بحكم التغيرات الهرمونية التي يشهدها المراهق.

 

وأوضحت دويدار أن المراهقين يسعون دائمًا للإفلات من قبضة رقابة الأسرة، وتكوين مجموعات من الأصدقاء يفضون إليهم بأسرارهم، ويعيشون معهم أوقاتًا من المغامرة والإثارة، بعيدًا عن رقابة الأسرة.

 

وتقول استشارية الصحة النفسية للأطفال والمراهقين، إن بعض المراهقين يكونون أكثر ميلًا للعدوانية حتى في محيط الأسرة، مؤكدة أن مثل هذه الحالات تحتاج إلى رعاية خاصة، واهتمام واحتواء من الأسرة.

 

وأشارت دويدار إلى أن انتشار أفلام العنف والجريمة عزز من انتشار مفهوم العنف والانتقام لدى المرهقين، ما أسفر عن  تزايد معدّلات العنف بين المراهقين، خاصة طُلاب المدارس الثانوية، حيث البداية الحقيقية لمرحلة المراهقة، بما تحمله من تغيرات نفسية وجسدية.

 

وأرجعت دويدار ارتفاع معدّلات الجرائم بين طلاب الثانوية العامة وتعددها ما بين قتل واعتداء وتحرش؛ للأفلام التي ترسخ للعادات الهمجية، وتحكيم قانون القوة وشريعة الغاب، مؤكدة على أن بعض الفنانين الذين يُقدّمون أدوار البلطجة واللصوصية، مسؤولون بشكلٍ مباشر عن مثل هذا النوع من الجرائم.

 

"قانوني يكشف عقوبة الأطفال في القانون"

من جانبه، قال عصام الدين أبو العلا، المستشار القانوني والمحامي بالنقض، في تصريح خاص ل-"الوفد"، إن محكمة الجنايات لا تملك سوى إعمال نصوص القانون، حيث نصت المادة 112 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996، ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3452 لسنة 1997 على أنه لا يحكم بالإعدام ولا بالأشغال الشاقة المؤبدة، أو المؤقتة على المتهم الذي زاد سنُّه على ست عشرة سنة ميلادية، ولم يبلغ الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة، وفي هذه الحالة إذا ارتكب المتهم جريمة عقوبتها الإعدام يحكم عليه بالسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات.