رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هناء تطالب بالنفقة: "مبيصرفش على البيت وبيستقبل فيه ستات"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بخطوات ثقيلة، وبعين زائعة تتفحص "هناء" أرجاء المكان بحثًا عن ركن هادئ تغرق فيه بهمومها بعيدًا عن أنظار المتطفلين، وبعد عناء تجد الزوجة الثلاثينية ضالتها في كرسي معدني قابع وحيدًا في طرقة طويلة أرضيتها خشنة ومتسخة وفي نهايتها أبواب خشبية متهالكة بمحكمة الأسرة بمدينة نصر، تهرع السيدة الثلاثينية صوبه وعلامات الارتياح ترتسم على ملامح وجهها الخمري، ثم تسقط عليه بجسدها المنهك من التنقل بين أروقة المصانع بحثًا عن بضعة جنيهات تسد بها جوع أطفالها الثلاثة بعد أن تركهم والدهم ميسور الحال - حسب قولها - دون مال ولا سند وتفرغ للهث وراء نزواته وشهواته في انتظار دورها لسحب أوراق دعوى نفقة صغارها.

 

تقول الزوجة في بداية روايتها: "لم تمر فترة طويلة على طلاقي من زوجي الأول حتى اضطررت إلى الزواج ثانية من أول رجل تقدم لي، لأتخلص من لعنات أهلي، هذه المرة كان تاجرًا، المال معه لا حدود له، وبلا تردد أطلقت صيحات قبولي، رغم علمي بزواجه من أخرى، لكن من أنا حتى أرفض مثل هذا العريس ميسور الحال الذي سيغنيني عن عناء العمل ونظرة هذا وتطاول ذاك، وسيخرجني من بيت أهلي الذي يعشش الفقر في جنباته، والأهم أنه سيقبل بامرأة بمثل ظروفي، امرأة في عُرف كثيرين درجة ثانية، وللإنصاف أنه ابتاع لي أثاثًا لم أتحصل عليه وأنا عذراء، وزين ذراعي وعنقي بأساور وسلاسل من ذهب، وأسكنني في بيت لم أكن أحلم يومًا أن تطأه قدماي"..

 

تغافل الزوجة الثلاثينية الدموع وهي تكمل روايتها:"مرت السنوات الأولى من حياتي مع هذا الرجل هادئة، رغم ما كان يشوبها من كلمات تتناقلها ألسنة الناس عن استقباله للساقطات في غيابي، لكني لم أكن أصدق أيًّا منها، قد يكون لأنه كان يجيد فن إخفاء سقطاته، ويبرع في أداء دور العاشق المخلص، لكن بعد إنجابي لأطفالي الثلاثة أسقط عنه هذا القناع وبات شخصًا فظًّا غليظ القلب، حينها استدعيت ما كنت أتجاهله دومًا، وبدأت أراقب رجلي لأتأكد من صحة الادعاءات، لأكتشف أنني قد عشت طيلة هذه الأعوام في كذبة كبرى، الجميع كان يعلم تفاصيلها ويمصمص شفتيه، ويقلب كفيه حزنًا عليَّ وأنا كالبلهاء، وحين واجهته ردد بنبرة متبجحة: "أنا راجل ولو عاوزة تعيشي تسكتي"، فتركت له البيت وسريعًا ما عدت بعد تعهداته أمام الجميع بالكف عن العبث بكرامتي، وكل هذا من

أجل أطفالي، فمن سيتحملهم وأنا بلا مورد".

 

تشير الزوجة الثلاثينية إلى آثار جروح قديمة مطبوعة على يديها وغرز مرصوصة على جبينها العريض وهي تردف: "لكنه أخلف وعوده كما اعتاد وتكررت الخيانات، وفي آخر مرة خلعت عني ثوب الصمت، فلم أتحمل أن أسمعه وهو يحادث إحداهن في الهاتف ليلا، عاتبته واستحلفته أن يكف عن جرح أنوثتي، فانهال علي بالضرب، ثم طردني بملابس الداخلية أنا وأطفالي ليلًا، ولم تحركه مشاهد الدماء المتفجرة من رأسي ووجهي وصراخ الصغار"

وتكمل:"طلبت الطلاق لكنه رفض وتركني وأطفالي بلا مال ولا مأوى، فأقمت دعوى نفقة لي ولصغاري، ولبطء إجراءات التقاضي عدت ثانية للعمل بالمصانع والخدمة في بيوت العباد.

 

واضطر ابني الذي لم يكمل عامه التاسع بعد، أن يبحث هو الآخر عن عمل يساعدني به في تسديد إيجار البيت الذي استأجرناه هربًا من سوء معاملة أهلي، الغريب أنه يحاول الآن أن يعيدنى إليه  مقابل أن أتنازل عند دعوى النفقة، مدعيًا أنه لا يزال يعشقني، ولن يقبل أن يمسني أحد غيره".

 

تنهي الزوجة الحائرة حديثها وهي تزيح زفرات الدموع بطرف أكمام ملابسها السوداء الرثة: "لا أعرف ماذا أفعل هل أعود إليه وأقبل بشروطه، لكنه لن يتوب عن خيانتي، وماذا عن الأولاد، أعلم أن مصلحتهم مع أبيهم، وحبال المحاكم طويلة، وأعي جيدًا أنني خاسرة في كل الأحوال، ولو عدت إليه سأعود وأنا صاغرة ذليلة فقد كسرني وحولني إلى شبح امرأة، لكن على الأقل لن يمر عيد دون أن أشترى لهم ملابس جديدة، ولن يأتى شهر رمضان وأنا أنتظر المال لكي أطعمهم".