رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ساعة النهاية .. عجوز يدفع حياته ثمناً لثأر لا يرحم

بوابة الوفد الإلكترونية

غابة.. يكون الضعيف فيها فريسة للقتل الغدر، أناس تشبعت أفكارهم وجبلت على اعتناق مسميات، تبيح الذبح والقتل الحرام، نصبوا أنفسهم القاضى والجلاد، والكل أصبح يغسل يديه بدماء الثأر والشرف، تزهق الأرواح وتقتل الأنفس، والتى حرم الله قتلها إلا بالحق، ومن خلال ولى الأمر، بحت الأصوات للجان المصالحات ومؤسسات المجتمع المدنى، والأجهزة الأمنية، والتى نادت جميعاً، بنبذ العنف، فى محاولة للقضاء على ظاهرة الثأر، وخاصة فى صعيد مصر.

والحق يقال إنها نجحت فى وأد الفتنة، وإطفاء نيران الثأر لبعض الحالات، ولكن مازالت الظاهرة تمثل تهديداً، لحياة الكثير من الأفراد نتيجة توارث لفكر خاطئ، يبيح سفك دماء أرواح بريئة (لا ناقة لها ولاجمل) فى الثأر، ما يحدث هو خروج عن النواميس الكونية والشرائع السماوية، والتى حرمت قتل النفس إلا بالحق، والحق هنا أن يكون من خلال مؤسسات قضائية، وحكم عادل طبقاً لظروف واقعة القتل، وليس بأيدى أفراد نصبت أنفسها، القاضى والجلاد.

الشرف والرجولة، تكمن فى العفو والتسامح والترفع، كبار العائلات حينما يبتعدون عن نعرات العصبية ومورثات الجاهلية، يعيش الجميع فى أمن واستقرار، ودائماً وأبداً ما يكون وقود النار، هم الشباب، خيرة شباب العائلات، تناحر عائلى، يصيب الجميع بالفزع والرعب، عنف متوارث، يورث لأجيال وأجيال، لا ذنب لها ولا جريرة، سوى أنها مطالبة بالقصاص، بأيديها، بعيداً عن منصات القضاء العادل، والذى يصدر حكمه، طبقاً لظروف كل واقعة.

نساء كثيرات، أصبحن أرامل فقدن أزواجهن، وأطفال تيتموا وشردوا وحرموا من رعاية الوالد وكفالته وتربيته، وأمان أصبح مفقوداً فى شوارع القرى، حينما يسفك وتقتل نفس، يعلم الجميع، إن بركة دماء ستحدث آجلاً أم عاجلاً، ينام الجميع مثل الذئاب، عين مفتوحة وأخرى غافية من كثرة السهر والترقب، لقدر محتوم، لأناس نصبوا أنفسهم بمكان عزرائيل الموت، غابة يأكل فيها القوى الضعيف، وتنصب العائلات الكبرى الحاكم الشرعى على العباد.

قصتنا بقرية شارونة، إحدى قرى مركز مغاغة شمال محافظة المنيا، بصعيد المحروسة، والتى عاشت 4 سنوات، فى توتر وقلق مستمر، بعد قيام شقيقين بقتل أحد شباب عائلة أخرى، لحظتها دق ناقوس الخطر، وزعق البوم فى شوارع القرية، معلناً رفع حالة الاستعداد القصوى، لاستقبال قتيل آخر، برغم أن الشقيقين أودعا داخل السجون فى أحكام قضائية رادعة، إلا أن ذلك لم يكن شافياً ولا كافياً، لعقد جلسة مصالحة، تلم شمل العائلتين وقبول الفدية، بعدما رفعت عائلة القتيل، شعار الدم بالدم ومن قتل يُقتل.

فشلت كل محاولات الصلح، الجميع يترقب حدوث الفجيعة، وشباب عائلة القاتل، تحولوا إلى سجناء فى منازلهم فرادى، مع آذان العشاء، الجميع يغلق أبوابه، وأسطح المنازل أصبحت مثل الحراسات المشددة، الجميع يتناوب على الجراسة، الكل حذر، خائف، النوم يجافى عيون الجميع.

عائلة القتيل، تتحين الفرص للأخذ بالثأر، حتى تغسل العار، وعائلة القاتل تعرف

ذلك وتأخذ حذرها، حتى كانت الساعة المحتومة، حينما شاهد أحد شباب عائلة القتيل (فتحى) والد الشقيقين القاتلين أحد شباب العائلة، ليتم إبلاغ شقيق القاتل (أحمد)، تملك الشيطان من شقيق القتيل، والذى سارع بسحب سكينة وهرول إلى الشارع لاحقا بـ(فتحى)، وحينما رآه، التفت فتحى وقتها خلفه، ليجد أحمد يهرول مسرعاً للحاق به، عرف أنها ساعة النهاية قد حانت، وأنه ميت لا محالة، هرول فتحى مسرعاً برغم أنه رجل كبير فى السن 62 عاماً، إلا أن الروح والحياة غالية.

ولكن أحمد سارع بخطواته، راكضاً خلفه، حتى لحق به أمام باب منزله، فتحى يستغيث صارخاً، ولكن مين يسمع، ومين يمنع قدر مكتوب، قدر أعمى، ليقوم أحمد بتسديد الطعنات للعجوز، صارخاً غسلت عارى، الأب يسقط داخل باب منزله، أمام زوجته وأولاده الصغار، وسط بركة دماء، الزوجة تصرخ والأولاد يبكون فى حرقة، على فقدان الأب، ولكن أحمد أصر أن يجهز عليه تماماً، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة وسط أسرته وبين يديه.

جريمة بشعة، ومنظر مؤلم ومفجع، أولاد صغار يتموا، وشاهدوا مقتل والدهم، بأم أعينهم، دون ذنب أو جريرة، وفور وصول الأمر للواء مجدى عامر مدير أمن المنيا، كان على رأس قوة أمنية مكبرة، يتم القبض على القاتل وسلاح الجريمة، وأمام النيابة العامة، يعترف القاتل بجريمته الشنعاء، نعم قتلته حتى أغسل عارى.

أولاده الاثنان قتلوا شقيقى، وأنا قتلت والدهما، هذا هو الثأر، شقيقان فى حكم الإعدام، وشقيق القتيل يلحق بهم، إلى حبل (عشماوى) وأرواح سفكت من العائلتين، من أجل الشرف والكرامة والرجولة، وشرف العائلة، ونعرات تعصبية، تبيح سفك الدم وقتل النفس التى حرم قتلها الا بالحق.

الثأر، نار تهدد السلام الاجتماعى، وناقوس خطر للجميع، أرواح زهقت دون ذنب أو جريرة، ونساء ترملت، وأطفال أصبحت شريدة دون رعاية، بعد أن ذاقت مرارة اليتم، جميعنا في قفص الاتهام.