عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ابنتى والجلاد.. يحرم ابنته من الطعام حتى الموت عقابًا على عدم زواجها

بوابة الوفد الإلكترونية

«كلكم راع، وكلكم مسئول عن رعيته» فـ (الأب) راع لأولاده، والأم راعية لأولادها، فالرعاية تكون بحسن التربية وتوفير الاحتياجات، والنصح والإرشاد للأبناء فى مختلف مراحلهم العمرية، ولكن فى صعيدنا، الرعاية للأولاد، وخاصة البنات، لها أشكال وملامح أخرى، لاتزال الفتاة الصعيدية، هى مصدر القلق والإزعاج لرب الأسرة والعائلة الصعيدية، فهى فى نظر الأب، مصدر «العار»، إن ترك لها الحبل على الغارب.

 كل علامات الاستفهام والشبهات تحوم حول الفتاة الصعيدية، إن تأخرت عن موعد عودتها من المدرسة، أو ابتسمت لشىء «ما» فى الطريق، تكيل الاتهامات لها، ولا ترحمها ألسنة العباد، أناس تخصصوا فى إصدار الأحكام دون وجود قرائن، المجتمع الصعيدى لا يرحم الفتاة، والويل كل الويل لمن تخرج عن النواميس والأعراف، فيكون القتل عنوان الرجولة وغسل العار.

تلك قصتنا والتى دارت خلف جدران أحد منازل قرية قرارة، بمركز مغاغة، شرق النيل بمحافظة المنيا، والتى يعيش أهلها على الأعراف الصعيدية، الأب كامل يخرج لزراعته فى الصباح ويعود فى المساء، تاركا زوجته (فتحية) وابنته «سنية»، فى المنزل، حياة تسير يومياً على هذا الروتين، لا يعود الأب سوى وقت الظهيرة لتناول طعام الغداء، ثم يعاود الذهاب للحقل لرعاية المواشى والزراعات.

«سنية» ابنته، تكبر والعرسان على الأبواب، ولكن الأب يمتنع مرات، ومرات أخرى ترفض الابنة بعض العرسان، حتى مضى قطار العمر، وأصبحت «سنية»، على مشارف العنوسة فقد بلغت من العمر 28 عاماً، وهذه السن، فى الصعيد، من أخطر المراحل، وطالما أنها لم تتزوج حتى الآن، إذاً هى داخل سياج وسجن أبدى، لا خروج دون استئذان، وليس مسموحًا فى كل الأحوال، الجلوس أمام باب المنزل، لا ترى سوى حوائط المنزل الصامتة والشاهدة على قهرها، ألسنة العباد وخاصة الجيران والأهل، تضع الفتاة تحت ميكروسكوب مجسم، وتصل الأخبار لمسامع والدها، أن ابنته تخرج دون إذنه، ودون معرفته.

الأب يعنف ابنته تعنيفًا شديدًا، ضرب وإهانة، دون حتى أن يسمع دفاعها عن نفسها، الحكم الصعيدى الجائر، لا يسمح للفتاة أن ترد أو تعلق على ما يقول الأب أو الأخ الأكبر، فهى العورة الوحيدة فى البيت، لكونها فتاة، حياة أصبحت كالسجن المميت، فالأب يخاف ويبالغ فى خوفه، دون أن يسمع أو يسمح لابنته بأن تحكى له، فلم لا وهو الحاكم الناهى، هو الأب الذى يعرف ما لا يعرفه الجميع، كل شىء مباح الضرب والإهانة والحبس فى المنزل، داخل إحدى الغرف، طالما هى فتاة.

يحبس ابنته «سنية»، والأم تتوسل لزوجها، أن يفك أسر ابنتها، لكن دون جدوى، حبس انفرادى غير آدمى، وفقط لقيمات صغيرة كل عدة أيام من الخبز اليابس، يتم وضعها للابنة داخل الغرفة، أسابيع على هذا الحال، والفتاة تنهار صحتها كل يوم

عن الآخر، والأب لا يرحم ولا يقبل أى نقاش فى حكمه الجائر، كل ذلك من أجل خروجها مرة واحدة فقط دون إذنه أو علمه، أحكام عشوائية تصدر، وشبهات تقذف بها الفتاة، دون سماع ردها.

وفى أحد الأيام، تدخل الأم لتضع لقيمات الخبز اليابس، لتجد «سنية»، تلفظ روحها الطاهرة المظلومة، تصرخ وتضعها فى حضنها، ولا تملك حتى أن تخرج بها لإحد المستشفيات لإنقاذ فلذة كبدها، فالحاكم بأمره، ليس فى المنزل، وغير مسموح لا بالخروج ولا دخول أغراب للمنزل، طالما الأب ليس فى المنزل، ماتت «سنية»، خرجت روحها البريئة، ودموعها على الخدود، تشكو حالها ومظلمتها لرب العباد، من أب لم يكن راعيا لرعيته، أب نزعت الرحمة من قلبه لأقرب الناس، ابنته ماتت بعدما حبسها حبسا انفراديًا، وكأنها مجرمة ارتكبت كبيرة من الكبائر. ولم يتبع كلام رسولنا الكريم رفقًا بالقوارير.

الأم تخرج صارخة، وبعد وفاة ابنتها لم تعد الأمور تفرق كثيرا بالنسبة للأم، تجرأت وخالفت الأعراف الصعيدية، لتبلغ عن جريمة زوجها، وتسببه فى مقتل ابنته «سنية»، ولبشاعة الجريمة، فى حق الإنسانية، يترأس مدير أمن المنيا، اللواء مجدى عامر قوة أمنية للقبض على الأب الجاحد، والذى يعترف بجريمته، أنه كان يعاقب ابنته لتأديبها، والحفاظ عليها من ألسنة الناس، حتى لا تعصى أوامره، أب جاحد، حكم «قراقوش»، ماتت سنية، الأب خلف القضبان يصرخ نادماً، مكنتش أقصد أقتل بنتى، أنا كنت بحاول تأديبها، ولكن بكاء وندم بعد فوات الأوان أيها الأب الجاحد، لم تراعِ الله فى فلذة كبدك، حتى ماتت، أى قلب وأى دموع تدعيها الآن، الجريمة شنعاء بكل المقاييس، ومخالفة للفطرة التى فطر الله عليها البشر، وخاصة الآباء، ماتت الرحمة فى قلب الأب، فماتت «سنية»، تاركة للأب حبل عشماوى فى الدنيا، وعذاب الله فى الآخرة.