عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فتنة المال.. يتخلص من زوجته وأطفاله الثلاثة حزنًا علي ثروته

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

كتب - أشرف كمال:

المال والبنون زينة الحياة الدنيا، وقد يختبر الله تعالى بعض عباده بفتنة المال، ليختبر النفس البشرية، ويحرم بعض عباده من نعمة المال والبنون ليختبر صبرهم، والفلاح لمن يحول عطايا الله عز وجل إلى نعمة، يحافظ عليها ويصونها، ويشكر الله عز وجل أنه وهبه تلك النعم، والخسران المبين لمن يحيد عن الحق ويسير فى طريق الضلال والطمع، ويعيش حياة البذخ، هذا ما حدث فعلياً فى قصتنا المفجعة، بعدما تملك الطمع صاحبها، فخسر المال والبنون.

تزوج ميلاد بطل قصتنا وسط فرحة الأهل، وتعاهدا أن يكونا معاً روحين فى جسد واحد، عاشا السعادة التى كانت ترفرف بين جنبات المنزل، فى مدينة سمالوط إحدى مدن شمال محافظة المنيا، بصعيد مصر المحروسة، أحلامهما فى البداية كانت بسيطة، وهى تكوين أسرة تسودها المحبة والود، الزوج يعمل نجار مسلح،، ثم يودع أسرته مسافراً إلى ليبيا، ظل على هذا الحال عشرات السنوات، لا يحضر إلا شهراً كل عام، والزوجة «صابرة»، ترعى أولاده الثلاثة، وتصون شرفه وكرامته فى غيابه.

يعود الزوج من ليبيا، عودة نهائية، مقرراً الاستقرار فى مصر، ويتجه إلى التجارة لتوسيع أبواب الرزق بعدما استطاع تدبير أموال كثيرة من عمل غربة سنوات طويلة، ثم يتوسع فى تجارته ويلجأ إلى المشاركة مع بعض رؤوس الأموال، يدير هو أعمال التجارة، ويوزع الأرباح الشهرية على شركائه، والذين وثقوا فيه، ومنحوه كل أموالهم، صارت التجارة بشكل مربح له ولشركائه، وذاع صيته فى المدينة، عن الأرباح الطائلة التى يوزعها على شركائه.

ومع الأموال المتدفقة من الأرباح التجارية، تبدأ حياة العيش فى ترف وبذخ، دون تعقل أو حساب أنه قد يجىء اليوم الذى يندم فيه على كل «مليم» صرفه دون وجه حق، الثقة الزائدة جعلته يدخل فى عمليات تجارية خاسرة، لتختل بعدها موازين ربح أعماله التجارية، بل أصبحت شركته التى يديرها بأموال الآخرين مهددة بالإفلاس، ثم يلجأ للحفاظ على شركته، إلى جلب أموال أخرى من شركاء جدد، قاطعاً وعداً على نفسه باستمرار الأرباح، ومن هنا تبدأ عمليات النصب والاحتيال، يجمع ما يقرب من 10 ملايين من الجنيهات.

ويتقاعس عن سداد الأرباح، انهارت تجارته وأصبح مديوناً بملايين الجنيهات لشركائه، لتبدأ بعدها عملية المطاردة من الدائنين، والذين طالبوه بأصل أموالهم، ولكن أموالهم ذهبت مع رياح الخسارة التى هبت من كل صوب وحدب، وبعدها بدأ فى التهرب والتغيب عن المنزل خشية بطش الدائنين، ولكن أقدار الله لا مفر ولا مهرب منها، فحينما يعطى الله عز وجل نعمة «المال»، يكون اختباراً للعبد ووقتها يكون هو المخير وليس المسير، فى تحويل نعمته إلى نعمة أو «نقمة».

وليس هناك أثقل فى الدنيا من هموم الدين، فهو هم بالليل ومذلة بالنهار، يدخل ميلاد بعدها فى حالة اكتئاب، من كثرة مطالب الدائنين، زوجته تسانده وتحاول إصلاحه، ولكن بعدما فات الأوان، فلم يسمع لها حينما كانت تحذره، من التوسع فى تجارته خشية «مقالب» السوق، فهى لا ترحم، مثلها مثل الدنيا، والويل كل الويل، حينما تدير الدنيا وتكشر عن أنيابها، وتعطى ظهرها لمخلوق، حذرته وترجته أن يعيشوا على قد الحال ومستورين، ولكن الطمع وحب المال الكثير يعمى العيون ويسد الآذان عن النصائح.

تهديدات الدائنين مستمرة، والضغوط النفسية على الزوج أصبحت كبيرة وثقيلة ثقل «الجبال»، وهنا يتدخل الشيطان الرجيم، يتملك الزوج، ويدفعه للدخول فى نفق مظلم منذ بداية الخسائر، إلى

عمليات نصب واحتيال من شركاء معروف عنهم الشراسة فى المطالبة بحقوقهم، وبعدها يأمره شيطانه أن ينهى حياته ليستريح، لكنه فشل فى إنهاء حياته، بحجة لمن يترك زوجته وأولاده بعد موته للدائنين يفتكوا بهم، وهنا يقفز الشيطان بفكرة جهنمية، إذاً أنهى حياة الأولاد، حتى يستريح الجميع.

يقرر الزوج الخلاص من زوجته وأولاده قبل أن ينهى حياته، لن يتركهم فريسة ولقمة سائغة لدائنين لن يرحموهم، ويجعلوهم يعيشون حياة الذل والمهانة، وفى إحدى الليالي، يقوم بوضع المخدر لزوجته ولأولاده، وبعدها يقوم بتوثيق أيديهم من خلاف.

ثم يدخل إلى المطبخ ويفتح أسطوانة البوتاجاز، ثم يلقى شعلة النيران، ويغلق الباب خلفة، ويفر هارباً، النار تلتهم الجميع، تخرج أرواحهم إلى الله عز وجل، وهى شاكية باكية من شدة نيران الدنيا، وهى تتساءل بأى ذنب قتلت، تخرج أرواح الجميع، جميعاً أصبحوا كالرماد، حتى حوائط المنزل تتهدم من شدة انفجار الغاز.

قوات الأمن تتحرك فى لحظات بقيادة اللواء مجدى عامر، مدير أمن المنيا، وتتم عمليات البحث عن الزوج الهارب، حتى يتم إلقاء القبض عليه مختبئاً فى القاهرة بعد عدة أيام، يعترف أمام رئيس النيابة باكياً، نعم قتلت زوجتى وأولادى بإشعال النار، حتى أريحهم من عذاب الدائنين، اعدموني، أنا حاولت انتحر وفشلت، يصرخ منادياً على أسرته فرداً فرداً، ولكن جاء الندم بعد فوات الأوان، خسر حياة زوجته وأولاده الثلاثة، وخسر حياته التى أصبحت على شفا حفرة، يتدلى حبل عشماوى أمام عينيه كل ليلة مثل «الكابوس»، وخسر بطمعه أمواله.

أى قلب يحتمل تلك الأفعال مهما كانت الأسباب، من يجرؤ على قتل زوجته وأولاده حرقاً بحجج واهية، أنه أراد أن يريحهم من شراسة الدائنين، كل تلك الأسباب لا تكون مدعاة لقتل أسرتك، بعدما فشلت أنت فى قتل نفسك، ولكنه صار خلف الشيطان، سمع وشوشواته فى أذنيه، حتى أصبح عبداً ذليلاً له، عقب الجريمة كثرت حكاوى المقاهى والأهالي، وكل إنسان أصبح يفسر الجريمة على حسب تفسيره، ولكن تلك هى الحقيقة المؤلمة، ماتت الزوجة والأولاد حرقاً، من قبل زوج طماع لم يراع ربه ولا ضميره، فى قتل النفس البشرية فى أبشع صور الجريمة، ليتفق الجميع على رأى واحد وهو «المال فتنة»، ونعمة الأولاد لا يعرفها إلا من حُرم منها.