رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شبكة الأعضاء البشرية.. السجن نهاية محولي مهنة الطب إلى «عشة»

بوابة الوفد الإلكترونية

 

قضت محكمة جنايات القاهرة، المنعقدة بمجمع محاكم القاهرة الجديدة، بمعاقبة ستة متهمين بالسجن المشدد 15 سنة ومعاقبة 11 متهمًا آخرين بالسجن المشدد 7 سنوات ومعاقبة 20 متهمًا آخرين بالسجن 3 سنوات، في شبكة الأعضاء البشرية.

 

وبرأت المحكمة 3 متهمين، بالإضافة إلى انقضاء الدعوى عن المتهم رقم 21 بأمر الإحالة، وعزل عشرة متهمين عن وظائفهم، مصادرة الأموال و المشغولات الذهبية و الأمتعة وجميع المضبوطات والمحررات المزورة الرسمية والعرفية مع مراعاة حقوق الغير حسني النية.

 

ومرت جلسات المحاكمة منذ الجلسة الأولى التي انعقدت بتاريخ الثاني عشر من أغسطس الماضي، وصولاً بجلسة اليوم الثاني عشر من يوليو بالعديد من المحطات الهامة نستعرضها خلال هذا التقرير:

- في أولى الجلسات تلا ممثل النيابة العامة  أمر الإحالة الذي تضمن الاتهامات الخطيرة للمتهمين الذين أنكروها من داخل القفص، وكان من المشاهد البارزة لأول أيام المحاكمة كان مشهد اشتباك الأهالي مع الصحفيين بسبب رغبتهم في عدم تغطية الجلسة، وعدم تصوير ذويهم.

- في جلسة الحادي عشر من ديسمبر الماضي، استمعت المحكمة لشهادة لـ "أحمد عادل"، عضو الرقابة الإدارية، مُجري التحريات، واشار الشاهد بأنه وصله معلومة عن قيام أطباء و ممرضين، عاملين بجهات حكومية، مستشفيات و معاهد، بالإستيلاء على نماذج تقارير تحررها تلك الجهات، وأدوات و أدوية و معدات جراحية، وذلك لإجراء هذا النوع من العمليات، بالمخالفة للقانون رقم 5 لسنة 2010، المنظم لزراعة الأعضاء البشرية.

 

وأشار الشاهد إلى فداحة الوقائع مُستخدمًا تعبير :"متوقعتش كم الوقائع اللي هتظهر"، وأوضح بأن الواقعة لم تكن فقط مجموعة الأطباء، بكل كانت شبكات متصلة ببعضها، وأنل كل تشكيل كان يجري من أربعة الى خمسة عمليات بالإسبوع.

 

وأوضح الشاهد سبب استخدام المتهمين لمحررات حكومية، قائلًا أن عمليات نقل وزراعة الأعضاء له ضوابط بشأن زراعة الأعضاء للأجانب، وأن تحرير محررات من جهات حكومية ضروري في تلك الحالة.

 

وعن مكان إجراء العمليات، شدد الشاهد بأنها كانت تتم في مقار "أقل من بير السلم"، وفق تعبيره، وتابع وصفه بالقول :"غير مرخصة أو مؤهلة من وزارة الصحة" لإجراء هذا النوع من الجراحات، وأكد بأن تلك المقار لم تتوافر فيها أدنى معايير السلامة الصحية، مما نتج عنه خمسة حالات وفاة.

 

واستكمل الشاهد اقواله مُشيرًا الى أن احد حالات المتبرعين لم تكن مؤهلة للتبرع وأدت العملية إلى تدهور حالتها ورموها في الشارع 3 ساعات لغاية ما ماتت" وفق قوله.

 

وزاد بقوله "هناك حالة أخرى لرجل مصري، في سن الستين، كان يعاني من جلطتين في القلب، ولم تكن حالته مهيئة لإجراء عملية، وحينما دخل العمليات حالته ساءت وتوفي"، وكشف ضابط الرقابة الإدارية، أنه تم تصوير المتبرعين، أثناء دخولهم وخروجهم لإجراء العمليات "متغمين"، وكان أحد الأماكن التي تم فيها العمليات "جراج".

 

وأوضح بقوله :"كانوا بياخدوا المتبرعين متغمين عشان محدش يعرف المكان ويبتزهم بعد كده"، وفق تعبيره، وأردف "تم رصد سمسار يعمل في جلب المتبرعين، والتي كان يسميها العشة، ويستهدف متبرعين يحتاجون الأموال"، ليرد القاضي ساخرًا "كلنا محتاجين فلوس"، ليعود الضابط بقوله "كلنا محتاجين لكن هما مش قادرين يعيشوا".

 

وأكمل: "تستغل الشبكة الشباب، حتى يكون "عضو الكلى" لديهم لم يعمل كثيرًا ويستفاد منه المريض الأجنبي"، واختتم "العمليات كانت بتم بليل، وكان بعض الأطباء يستخدمون لفظ العشة، حتى قال أحدهم في مكالمة مسجلة الديك دخل".

بتاريخ الرابع عشر من فبراير كان قد حان دور النيابة العامة في المرافعة، استهلها ممثلها بوصف المتهمين أنهم سفاكون ذباحون "مناديب الموت"، مشيرًا إلى أنهم أعادونا إلى زمن  "كان البشر سلعة والضمير بدعة".

 

وتابع بوصفهم :"هم متخفون في ملائكة الرحمة، يستخدمون أسرة مدممة ورداء أبيض ملطخ بالدماء، مستغلين حاجة المواطنين، وقدموا الأعضاء البشرية كقرابين للأموال".

 

وأكمل "كان الأطباء أباليس والطاقم الطبي، شياطين صغار، هم أطباء في ثوب القصابين يقطعون، وحينما سألنا لماذا تقلتون قالوا نظير مال"، لترتفع همهمات داخل القاعة، ليأمر القاضي بالصمت داخل الجلسة.

 

وأوضح ممثل النيابة، "الأطباء استبدلوا قسمهم، وقالوا اقسم بالله أن أكون عصيًا لشرف المهنة، جامعًا للأموال"، مكملًا "أهذا ما تسعون له، والله ما ربحت تجارتكم، فأنتم الآن ماثلون أمام قاضي الأرض متهمون واما قاضي الأخرة فياويلكم، وإنا لغد لناظرون".

 

وعقب ذلك بدأت ممثل النيابة، في سرد تفاصيل وقائع، زراعة الأعضاء، وعرض التفاصيل على شاشة عرض داخل القاعة، إلى جانب تسجيلات صوتية.

 

على مدار جلسات متوالية استمعت المحكمة

لمرافعات الدفاع عن المتهمين، وبرز فيها بتاريخ الثامن والعشرين من إبريل، مرافعة المحامي فريد الديب عن موكله المتهم الثالث وشدد في أبرز ما جاءت به مرافعته أن فعل زراعة الأعضاء البشرية هو "عمل نبيل"، وفق تعبيره.

 

واستهل "الديب" مرافعته بالدفع بعدم جدية التحريات، وبطلا الإذن بالتسجيل المبني على هذه التحريات، وأشار "الديب" الى المبدأ القانوني الذي أقره حكم لمحكمة النقض في 2012، بخصوص التسجيل والإذن به، ذاكرًا ان الحُكم المشار اليه لم يجيز تسجيل المكالمات الا بين الأطراف المذكورين في محضر التحريات، وانه لا يجوز تسجيل مكالمات طرفيها ليسا مأذون بالتسجيل لهما، حتى لو كان أحد طرفي المكالمة مأذون بالتسجيل له دون الطرف الآخر.

وأشار "الديب" الى أن تلك التحريات أوردت على خلالف الواقع أن موكله جراح حر، وهو ما ثبت يقينًا أنه غير صحيح، وذكر "الديب" أن موكله لا علاقة له بالجراحة، ولفت الة أنه طبيب قلب و إفاقة، موضحًا ان دور هذا الطبيب في جميع المستشفيات هو العناية بالمريض في غرفة العناية المركزة، ذاكرًا ان طبيب "القلب و الإفاقة"لا يدخل مع الجراح غرفة العمليات، والتي لا يُصاحبه فيها سوى طبيب التخدير، وشدد على أن الطبيب موكله  ليس له علاقة لا بزراعة الأعضاء أو استئصال العضو، ولا دور له، ملتمسًا له البراءة.

ودفع "الديب" ببُطلان جميع الأدلة المقدمة ضد المتهم الثالث، لأن جميعها جاءت نتاج الإجراءات الباطلة التي اتبعت منذ البداية، وفق قوله، ونفى "الديب" عن موكله وباقي المتهمين تكوينهم جماعة إجرامية منظمة، مشددًا على أن زراعة الأعضاء "عمل نبيل"، وذكر بأن اللجنة التي أوجب قانون تنظيم الأعضاء إجازتها للعملية قبل إجراءها لو انتظر الأطباء حتى تستوفي الأوراق وتنعقد قد يتعرض المرضى الذين بحاجة لزرع الأعضاء للموت، وشبه "الديب" الحالة هنا بحالة الأطباء أمام مُصاب في حادث أشارت الدلائل الى وجوب بتر ساقه، ليتسائل هل واجب على الطبيب الانتظار حتى الحصول على الموافقة أم عليه الإسراع لإسعاف المريض، مؤكدًا ان الطبيب إذا ما انتظر سيوصم بـ"التقاعس والتباطئ في أداء واجب الإسعاف الطبي".

وفي أبرز المشاهد الإنسانية التي شهدتها الجلسة، التمس محامي أسرة المتوفي حمدي .م، أحد من شملهم أمر الإحالة في قضية "الاتجار بالأعضاء البشرية"، الإذن بصرف المعاش الخاص بزوجة المتوفي، والتي حضرت مرتدية زي الحداد الأسود، ولم تكف عن ذرف الدموع طول وقوفها أمام منصة القاضي، مؤكدًا انه ترك يتامى لا يجدون قوت يومهم.

ومن جانبه طمأن القاضي الأرملة الحاضرة للجلسة معزيًا إياها، مؤكدًا بأنه وقبل حلول شهر رمضان ستتمكن من صرف معاشها، وأشار ممثل النيابة العامة مؤكدًا بأنه سيتم مُراجعة أمر التصرف في الأموال، وسيتم إعداد مذكرة بذلك، وقبل رحيل السيدة المكلومة على زوجها أكد القاضي لها على ضرورة الحضور بجلسة الثاني عشر من مايو لكي يتأكد من انه تمكنت من صرف المعاش.