عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

النصابون يتساقطون بسوهاج ..والضحايا لا يتعظون

ضبط متهم
ضبط متهم

سوهاج - مظهر السقطي:

" طالما هناك مغفلين فإن النصابين بخير " هذا المثل الدارج منذ القدم، ويحفظه الناس عن ظهر قلب، ولكن للأسف الشديد لم يعملوا به، أو يعتبروا مما يسمعون ويقرأون، فنجد معظم الشعب المصري  يعشقون النصابين "المستريحين"، حيث يدفعون بـ"تحويشة" العمر لدى أشخاص يوهموهم بقدرتهم على توظيفها ومنحهم فوائد كبيرة، وسرعان ما يكتشفون أنهم وقعوا فريسة لـ"مستريح" جديد وإصابة يجد فريسته في سهولة ويسر ودون تعب أو عناء والمصيبة بل والطامة الكبرى ولم يقتصر الأمر على الطماعين الذين يسلمون أموالهم للنصابين طواعية بل هناك مثقفون وأصحاب مناصب نجدهم في أول الصفوف.

 

وكثيرا ما نجد التحذيرات من رجال مباحث الأموال العامة، وضبطها للعديد من النصابين، إلا أن هذه الجرائم مازالت الأكثر تكراراً، بسبب ثقافة الطمع، وسط غياب للقانون، حيث أن عقوبة الحبس فيها لا تتعدى من " 3 إلى 7 سنوات" عن الجريمة الواحدة، فيما يمتلك النصابين وسيلة واحدة لإقناع المصريين بجمع أموالهم وبشعارات وجمل تكاد تكون واحدة، وهي اللعب على وتر الطمع  وإيهامهم بتوظيف أموالهم في " الاستثمارات العقارية،  وفي مجال التجارة، والاستيراد والتصدير ، وتوظيف الأموال"، فيما يرفض معظم المواطنين الإفصاح عن حجم الأموال التي يدفعونها للنصابين خوفا من السؤال عن مصدرها وبعضهم خشية افتضاح أمرهم وتشويه صورهم لأنهم أصحاب مناصب أو ينتمون لعائلات كبرى.

 

وسجلت محاضر الشرطة بمحافظة سوهاج العديد من وقائع النصب وقضايا توظيف الأموال مؤخراً، التى استولى من خلالها النصابون على أموال الضحايا، من أبرزها استيلاء اثنين بمدينة اخميم، شرق محافظة سوهاج، على 100 مليون جنيه من مواطنين بحجة توظيفه في مجال تجارة الحديد والاسمنت، وغيرها من البلاغات التى تنهال بصفة يومية على مباحث جرائم الأموال العامة .

 

ومن الملفت للنظر أن المرأة الصعيدية بدأت تزاحم الرجل فى النصب والاستيلاء على أموال الغير، وهذا شذوذ عن العادات والتقاليد المتوارثة لدى العائلات والقبائل المتواجدة بصعيد مصر، فظهرت ما تعرف باسم "المستريحات" اللاتى تخصصن فى الاستيلاء على أموال الغير، والهروب بها بعيداً عن الملاحقات القانونية، كان أبرزها مستريحة مدينة سوهاج التي استولت على 2 مليون جنيه بغرض توظيفها في تجارة الأجهزة الكهربائية والأدوات المنزلية وهناك الكثير غيرها سجلتها محاضر مكافحة جرائم الأموال العامة .

 

الأمر لم يتوقف عند "مستريح" أو "مستريحة" وإنما ظهر "مستريحون بحجم عائلي"، من خلال شبكات منظمة بين الزوج وزوجته، حيث استغل بعض الرجال زوجاتهم فى مساعدتهم في عمليات النصب المنتظمة والاستيلاء على أموال المواطنين، كان أبرزها نجاح رجل وزوجته فى مدينة جرجا جنوب محافظة سوهاج، من الاستيلاء على أكثر من مليوني جنيه بزعم توظيفها فى تجارة الأدوات المنزلية، والمستريحون لا يبالون بالسجن، أو العقاب، فجرائمهم كما نعلم حكمها لا يوازي ما تدر عليهم عمليات النصب من مكاسب كبيرة، ليخرج بعدها ويستمتع بما جمعه سواء داخل مصر أو الهروب للخارج .

 

أكد عدد من ضحايا "المستريحين" أنهم وضعوا أموالهم فى "جيوب المستريحين" أملاً في الحصول على فوائد أكبر، من تلك التى يحصلون عليها من البنوك، وأن الجناة أغروهم بالمال، حيث سددوا لهم الفوائد بانتظام في الأشهر الأولى، ثم توقفوا فجأة بعد ذلك، ليكتشفوا هروبهم بالأموال، مؤكدين أن هناك أعداد كبيرة من الضحايا يعزفوا عن تحرير بلاغات أملاً في استعادة أموالهم بهدوء دون اللجوء للشرطة، لعلمهم أن سجن النصابين لن يعود عليهم بشيء.

 

ويقول أحد الضحايا، أن ما يتم الإعلان عنه من ضحايا للمستريحين هم عدد قليل بالنسبة للضحايا الحقيقيين، مؤكداً أن هناك عشرات الضحايا يقعون فريسة للنصابين بصفة يومية، إلا أنهم لا يعلنوا ذلك لعدة أسباب، أبرزها خوفاً من الفضيحة ، حيث أن البعض يخاف من الفضيحة بين أهله وجيرانه وأقاربه، وهناك من يتخوف من علم آخرين عما تعرض له من نصب، خوفاً من التساؤلات عن مصدر هذه الأموال، لذا يفضلون عدم الإفصاح عما تعرضوا له، وهناك صنف من الضحايا يخافون من اللجوء للشرطة لتحرير محاضر ضد المستريحين أملاً في عودة المبالغ لهم بهدوء، أو حتى أملاً في استمرار حصولهم على الفوائد الكبيرة، فبالرغم من اكتوائهم بنار النصب، إلا أنهم مازالوا يجازفون بأموالهم طمعاً في الحصول على مزيد من الفوائد والأرباح، وكأنهم مغيبون عن الوعي، أو سلبت عقولهم .

 

ويؤكد خالد حجازي، المحامي والخبير

القانوني، أن هذه الجرائم يعاقب فيها بالمادة 336 ، وللأسف العقوبة تكون الحبس 3 سنوات، حيث أن هذه الجرائم يتم إحالتها على أنها جنح، وللمتهم درجتان من التقاضي، وإنه في بعض الأحيان مباحث الأموال العامة تصنفها على أنها استيلاء على الأموال لادراجها جنايات، لكن الأمر برمته يحتاج إلى تشريع جديد وتغليظ العقوبة، حتى يفكر النصاب ألف مرة قبل الإقدام على مثل هذه الجرائم .

 

وأوضح طارق أبو شويدق، محام وخبير قانوني، أن العقوبة الهزيلة ساهمت في انتعاش الظاهرة، حيث أن النصاب، يعلم أن مدة حبسه ستكون سنوات قليلة، وهو يفكر في الاستيلاء على ملايين الجنيهات من الضحايا، مقابل سنوات ربما تصل إلى 3 سنوات حبس فقط، معتقداً أنه لو سافر للخارج وعمل على مدار هذه السنوات الثلاثة فلن يجمع هذه الأموال الضخمة، لذا يعتبر هذه السنوات من السجن مقابل عادى أمام حصوله على ملايين الجنيهات التي جاءت دون تعب أو مشقة.

 

وحذرت مباحث مكافحة جرائم الأموال العامة المواطنين كثيرا من عدم الوقوع فريسة للمستريحين، وتوخي الحذر أثناء التعاملات المادية، وعدم الزحف وراء السراب بهدف الحصول على ربح أكبر، والاستفادة من تجربة الضحايا السابقين وعدم تكرار أخطائهم، ولكن دون جدوى فالربح الكثير والمكاسب التي يمنون النفس بها تفوق الخيال .

 

ومن ناحيته قال أنور بهادر، رئيس لجنة الوفد بسوهاج وعضو الهيئة العليا، انه بالرغم مما ينشر على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية بصفة يومية عن سقوط مستريحين جدد

 

إلا أن المواطنين لا يكفون عن الزج بأموالهم في جيوب المستريحين والأمر أصبح يحتاج إلى توعية اكثر، من خلال الندوات العامة بالجمعيات والمؤسسات الدينية، والتشديد على أصحاب الأموال بعدم وضعها لدى النصابين بهذه الطريقة، منبهاً على أهمية سرعة تحرير محاضر لمن يكتشف أنه وقع ضحية للنصابين ولا ينتظر وعوده برد الأموال إليه، حتى تتمكن أجهزة الأمن من ملاحقته وضبطه ومعه الأموال قبل تهريبها أو التصرف فيها ليكون عبرة لغيره، لافتاً إلى أنه للأسف بعض المواطنين يرفضون الإفصاح عن حجم الأموال التي دفعوها للنصابين خوفا من السؤال عن مصدرها.

 

من ناحيته قال اللواء عمر عبد العال،  مدير أمن سوهاج، إن القاعدة تؤكد أنه طالما يوجد طماع يوجد بالضرورة نصاب، بمعنى أن بعض المواطنين يسعون للحصول على فوائد كبيرة من بعض الأشخاص، الأمر الذي يساهم في ظهور النصابين، وأضاف عبد العال، أن هذه الجرائم موجودة في مصر منذ ثمانيات القرن الماضي، وسوف تتكرر طالما لدينا ثقافة الطمع والبحث عن المكاسب والأرباح السهلة والسريعة، والتى تصل إلى 25 % فى بعض الأحيان، فيحجم المواطن عن وضع أمواله في البنوك نظرا لتقليص نسبة الفائدة، ويسارع لوضعها في جيوب النصابين، ليجد نفسه في آخر المطاف خالي الوفاض فهو لم يتحصل على الفوائد المتفق عليها، أو حتى أمواله التي استثمرها لدى النصابين .