رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مأساة «منال».. خنقت طفليها حتى الموت لحبهما الشديد لجدتها

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

سوهاج - مظهر السقطى:

 

إحساس الأمهات تجاه فلذات أكبادهن لا يضاهيه أى إحساس، وثقة الأبناء بهذا الشعور تتجاوز ثقتهم بأنفسهم، فالعطف والحنان غريزة موجودة بالفطرة لدى كل الأمهات، والأم هى يد الله الحانية على سطح الأرض لتوزع السكينة، وهى البركة حين يفقد كل مقدس قدسيته، وطاعتها تذكرة العبور إلى الجنة.

ولكن بطلة قصتنا تختلف عن كل النساء، وجميع الأمهات، تجردت «منال» من كل مشاعر الإنسانية، وقررت إنهاء حياة فلذتى كبدها، بعد أن ماتت فى قلبها غريزة الأمومة، تجردت من كل المشاعر ولم يشفع لديها صرخات وتوسلات طفليها، انعدمت من المشاعر وخلعت قلبها ووضعت مكانه قطعة من فولاذ.

لماذا قتلت منال طفليها وهما قطعة منها؟.. سؤال يتردد على ألسنة أهالى بندر المنشأة جنوب محافظة سوهاج رغم حبها الشديد لهما وتعلقها بهما فهما وأخيهما الثالث الناجى الوحيد من المذبحة هم كل حياتها وروحها وهم بالنسبة لها أكسير الحياة وكان هذا يظهر لكل من يعرفها ويشاهد اهتمامها بنظافة ملابسهم وأجسادهم وخوفها الشديد عليهم الذى يصل فى بعض الأحيان لحبسهم وعدم خروجهم من الشقة ووضعهم تحت الحراسة حتى لا يصيبهم مكروه، فما الذى غير أحوالها وبدل هذا الحب الجارف إلى كره وانتقام بشع؟.. ما الأسباب التى استطاعت أن تنتزع من القلب حنان الأمومة لتغرس مكانها الغل؟.. حادث بشع آدمى قلوب الجميع.

كاد قلب «منال» ينشق من الفرح عندما ارتدت فستانها الأبيض، وانطلقت أحلامها تمنيها بحياة تجعلها ملكة كريمة فى بيتها تطلب فتلبى طلباتها فتكون عزيزة حتى على بيت أبيها، لكنها لم تكن تدرى أن القدر يخبئ لها حياة تضاعف عذاباتها فبعد عدة أشهر من زواجها من أحمد والذى يعمل سائقاً بإحدى الشركات ولا يملك أمر وقته فى ساعات العمل، فأحياناً يأتى مبكراً وتارة يتأخر رغماً عنه حسب ظروف العمل، ما جعلها تجلس بمفردها لساعات طوال بين أربع جدران ولا ونيس أو جليس لها سوى التلفاز حتى رزقهما الله بمولودها الأول «محمود» والذى كان طوق النجاة لها من الوحدة القاتلة وبعد سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة تعلق الطفل بجدته لأمه لحنانها وعطفها عليه، وعادت «منال» للجلوس بمفردها.

ورزقها الله بطفلين «حمدى» و«حسن» وكانا بالنسبة لها طوق النجاة فكانا ونساً وأملاً ملأ قلبها بالأمل فى الغد، ولكن الطفلين بعد أن نما عمرهما تعلقا أيضاً بجدتهما كما فعل شقيقهما الأكبر، ولشدة خوف «منال» على أولادها وحرمانهم من اللعب خارج أسوار سجنها الخاص الذى فرضته عليهم كانوا دائماً ما يفعلون المستحيل للهروب من زنزانتها ليتنفسوا الحرية بالذهاب إلى جدتهم الحنون.

أصيبت «منال» بحالة من اليأس فى إقناع أطفالها الثلاثة بالبقاء معها وعدم تركها للوحدة القاتلة حتى تملك منها الإحباط وأعياها الوسواس وأوهمها شيطانها بأن والدتها استولت على أطفالها ولن يعودوا لحضنها، وكانت لا تراهم سوى أثناء ساعات النوم القليلة وأنه سوف يأتى اليوم الذى لن يعود فيه الأطفال، وتجاهل زوجها «أحمد» شكواها المتكررة من ذهاب الأطفال إلى جدتهم.

وتملكت الغيرة من قلب وعقل «منال» بسبب تعلق أطفالها بوالدتها التى كانت تضفى عليهم من الحنان ما جعلهم يرتبطون بها ويرغبون فى العيش معها وهذا ما جعل «منال» تقسو عليهم، فشيطانها الذى عشش فى عقلها المريض أوهمها بأن الطفلين ملك لها وحدها ويجب

ألا تسمح لأحد بأن ينازعها فيهم حتى لو كانت والدتها.

وفى يوم الحادث الأليم، لعب القدر لصالح «محمود» ابنها الأكبر وأنقذته عناية الله من مقصلة يديها، كان متواجداً لدى جدته، أما شقيقاه «حمدى» 6 سنوات، و«حسن» 4 سنوات، فطلبا من والدتهما الذهاب إلى منزل جدتهما كالعادة، ولكنها رفضت وبكى الطفلان ولم تفلح محاولات «منال» فى ردعهما ليتوقفا عن بكائهما المستمر الذى أصابها بحالة من الجنون فانهالت عليهما ضرباً وعندما زادت حدة بكائهما أمسكت بهما وحاولت كتم أنفاسهما بالقوة وخلعت «الإيشارب» ولفته بشدة حول رقبة «حمدى» حتى جحظت عيناه ولم تتركه حتى أصبح جثة هامدة وتوجهت ببرود أعصاب إلى «حسن» الذى أصابه الرعب من نظراتها وأخذ يصرخ بشدة حتى طالته يداها، وتكرر المشهد حتى صمت للأبد وهى غائبة عن رشدها ولا تدرى أنهما فارقا الحياة، ثم حملتهما إلى فراشهما وغطتهما على أمل أن يستيقظا عند عودة والدهما إلى المنزل.

توجهت «منال» وأعدت طعام الغداء، ثم نامت بجوار الطفلين القتيلين نوماً عميقاً وكأن شيئاً لم يحدث حتى عاد زوجها والذى فوجئ بصمت رهيب وهدوء لم يعتده من أطفاله الذين يملأون البيت ضجيجاً وصياحاً.

بمجرد أن يضع مفتاحه فى باب الشقة وقبل حتى دخوله يهللون فرحاً بعودة والدهم، وعندما هم بسؤال زوجته عن أطفاله أخبرته بأن «محمود» لدى جدته وشقيقيه نائمان، فأسرع إلى غرفتهما ليوقظهما لتناول الغداء معه، ولكنه فوجئ بأن طفليه لا يحركان ساكناً، فصرخ على زوجته الذى دخلت عليه الغرفة بأعصاب باردة وكأن الأمر لا يعنيها وأخبرته بأنها قامت بكتم أنفاسهما بسبب بكائهما المتواصل، فوقع كلامها كالصاعقة على رأس الأب الذى أسرع إلى إبلاغ اللواء خالد الشاذلى، مدير إدارة البحث الجنائى بالواقعة وتم نقل جثتى الطفلين لمستشفى المنشأة المركزى والقبض على الأم التى تحولت إلى قاتلة، وبمواجهتها اعترفت بعينين زائغتين لا تعرف ماذا تقول كل ما تردده أنها أرادت أن تتخلص من بكائهما المستمر على جدتهما ورفضهما البقاء معها، الكل لا يدرى هل يكره «منال» ويستنكر فعلتها الشنعاء، أم أنها مجرد أم مريضة بحب أطفالها، وصور لها عقلها أشياء غير موجودة وكانت ترغب فى الحفاظ عليها؟