عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوقفوا نهب فلول مبارك لسماء مصر

تشي التصريحات الأخيرة للواء طارق مهدي المشرف علي اتحاد الإذاعة والتليفزيون بحقيقة المأزق المالي والإداري والفني الذي تعانيه هذه الآلة الإعلامية العريقة والمترهلة في آن واحد، فهو وان كان قد أعلن عن سلسلة من الخطوات التي تستهدف المعالجة الإدارية والفنية إلا أنه أعلن أيضاً عن اعتزام إنشاء وكالة أنباء مصورة وهو جد أمر رائع وأجدني تلقائياً أشد الناس حماسة له لا سيما وأنني قد تقدمت بهذا المقترح منذ سنوات طويلة إلا أنه وجد طريقه إلي أدراج المسئولين وذلك قبل أن تتحمس مؤسسة الأهرام للفكرة ثم وجدت طريقها إلي الأدراج أيضاً، ومع ذلك فإنني اليوم لا أعتقد أن مشروعاً كهذا كفيل بأن يوفر مورداً مالياً محترماً للاتحاد، تماماً كاعتقادي بأن حلاً آخر موضوعياً يمكن أن يساهم بشكل قاطع في حل الأزمة ألا وهو كسر الاحتكار القابع كالسرطان في جسد الآلة الإعلامية المصرية. وهو احتكار مكن عهد مبارك أشخاصاً من ممارسته وللأسف مازالوا، فحين أنشئت المدينة الإعلامية وأطلقت أقمار النايل سات بتكاليف باهظة من جيب الشعب، تم انشاء شركات للإدارة وتم تكليف طاهر حلمي محامي علاء وجمال مبارك ووكيل وشريك شركة المحاماة الأمريكية ماكينزي في هذه المنظومة وكان عضواً في الهيئة التي وضعت قانون العمل بالمنطقة الحرة الإعلامية، فجاءت بعض بنودها لصالح شركة CNE التي شارك فيها حلمي بنسبة مبالغ فيها الدولة لتحتكر التشفير داخل مصر، وذلك بعد وضع بند تفعيل في القانون السالف الذكر يحدد احتكار شركة البنية الأساسية للتشفير.

هذا المثال الصارخ علي الاحتكار الذي أسال الملايين وبشكل تلقائي الي جيب هذه الشركة نضم إليه مثالاً آخر وهو حصول الإعلامي عماد الدين ديب علي إذاعتين «FM» أيضاً طاهر حلمي شريك فيها، وبغض النظر عما يقال في أروقة الإعلام المصري عن أسباب منحهم هاتين الإذاعتين كمكافأة وتقدير دور أديب في تلميع الرئيس المخلوع إعلامياً، فإن ما يهمنا هنا هو استحواذ هؤلاء علي بث إذاعي يحتكرونه تماماً كاحتكارهم للإعلانات وهو ما ضرب إذاعات الدولة في مقتل.

وهو الاحتكار «أي احتكار سوق الإعلانات» شمل شركات بعينها مرضياً عنها من قبل رجال مبارك ومتربحي عهده علي حساب إذاعات ومحطات الشعب واسألوا عن شركة صوت القاهرة ـ مثال سريع آخر يوضح مدي استغلال المحتكرين في مجال الإعلام للبنية الأساسية المملوكة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون بمدينة الإنتاج الإعلامي والذي يذهب معظم ريعها للمحتكرين رغم انها ملك للدولة وبالتالي للشعب.

إن  كسر احتكار طاهر وشركاه في شركة البنية التحتية وغيرها وإعادتها إلي الدولة يبقي ضرورة ملحة، ويمكن تنفيذ ذلك قانوناً بعرض التخارج عليه مع التأكد من حصول القائمين علي الأمر علي جميع الملفات المالية والعقود المخفية ودون رقابة الدولة كأنها سر حربي لديه ولدي آخرين نعلمهم جيداً، هذا التخارج السلس يمكن تحديد قيمته والتي لن تكون ضخمة إذا ما حددت القيمة عليأساس حسابات أرباح الشركة وخسائرها علي مدي الثلاث سنوات الأخيرة ووفق ملفهم الضريبي والأرقام التي قدموها رسمياً والتي سجلت حسب علمي خسائر، ساعتها لن يستطيع ادعاء المكسب بغرض الحصول علي أكبر سعر ممكن نظير احتكاره الذي صب في خزائنه

الكثير علي مدي سنوات طويلة.

بعد ذلك يمكن لاتحاد الإذاعة والتليفزيون وعبر استخدام مقررات الهيئة القومية للاتصالات تصميم نظام تشفير كيبل باشتراك شهري يتراوح ما بين «20 ـ 40» جنيهاً وباستخدام خطوط الإنترنت أو بتوزيع ديكوتر بمبلغ رمزي تخدم علي الأقل عشرين مليون بيت في مصر، وهذا سيمكن الاتحاد من تحقيق دخل خيالي وعائد سنوي يغطي مصروفاته.

أيضاً من المهم للاتحاد أن يبادر بفتح المجال أمام انطلاق القنوات الخاصة تليفزونية أو إذاعية لكسر الاحتكار ولكن في اطار قانون يحكم العملية وللتأكد من عدم استغلال تيارات أوجماعات بعينها هذه القنوات،مثل التأكد من هوية أصحابها الوطنية «مصريين» والتزامهم بميثاق حظر الإباحية والتعاطي الديني والسياسي المثير للنعرات، ومعلومية مصادر التمويل.. إلخ والتأكد من سحب رخصة المخالف وتغريمه.

ولا بأس من طلب مبالغ محددة ولكن لا تتعدي المليون جنيه علي سبيل المثال حتي لا تصير حكراً علي فئة معينة وهذا لن يستقطع من أرباح الاتحاد ذلك ان العائد المالي الحقيقي سيتحقق من حصول الاتحاد والدولة علي نسبة لا تقل عن عشرين بالمائة من عائد الاعلانات.

وبالطبع لن يكون الباب مفتوحاً علي مصراعيه وذلك عبر كسر أهم احتكار وهو تحديد نطاق البث الإذاعي والتليفزيوني بتقسيم مصر الي مناطق علي مستوي المدينة والمحافظة، وعلي كل من يرغب في مد بثه عبر أكثر من نطاق جغرافي شراء حق بث يجدد سنوياً.

هذه نقاط بسيطة يمكن تنفيذها بالتوازي علي تكليف مصريين من ذوي الخبرة والكفاءة ـ لا فقط الأسماء اللامعة ـ في المجال الإداري والإعلامي لتنفيذها، فكسر الاحتكار سيوفر عائداً مالياً لائقاً، كما أنه سيمكن من إعادة إعلام مصر الرسمي الي الريادة التي فقدها علي مدي ثلاثين عاماً ولكن ليس للأبد، أيضاً وهذا هو الأهم سترسخ هذه الخطوة الضرورية، وبالقانون حق أساسي لكل مواطن في سماء بلاده أي أجواء البث الإذاعي والتليفزيوني فهو حق عام لا يستفيد منه سوي أصحابه وحان الوقت لاستثماره لصالح المواطن المصري لا فلول واشخاص احتكرت هذا الحق في عهد الرئيس المخلوع، هذا العبث حان الوقت لوقفه وفوراً.