رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هامات الخارجية المصرية.. وأقزامها

 

عندما ينشر مقالي هذا، قد تكون مسألة اختيار وزير خارجية جديد لمصر قد حسمت، وأحسب أن اختيار شخصية بعينها لتولي هذا المنصب الخطير قد أخذ روية وتعمقا من القائمين علي أمر البلاد، فالمنصب حساس لاعتبارات كثيرة والأمة في معترك محاولة النهوض من عثرة استمرت لثلاثة عقود، وكما تأثرت البنية الإنسانية والسياسية والاقتصادية في الداخل المصري خلال هذه الفترة الحالكة، فإن مقدرات الدبلوماسية المصرية العريقة تأثرت هي الأخري، وحيث تحولت أداة مهمة كالدبلوماسية المصرية إلي أداة في يد مفسدة لتدمير مقدرات هذا البلد العريق، فقدت مصر نفوذها المستمر منذ آلاف السنين في المنطقة بأسرها وحول العالم وتنازلت طواعية عن مقدرات استراتيجية منحها إياها التاريخ والجغرافيا، لذا يصبح اختيار مسألة اختيار من يقود آلة عريقة كالخارجية المصرية شأناً له أولوية بالغة في هذه المرحلة الحساسة، ولحسن الحظ فإن خارجية مصر لم تعدم رجالها وهامتها وهي الخارجية التي أنجبت عظاماً بارعين ومازالت تحتفظ بديوانها وبسفاراتها بالخارج وأبناء لم ينتقص داخلهم أبداً الحس الوطني والخبرة وولاؤهم الأول والأخير لمصر، وكما كان وجود الدبلوماسي العظيم نبيل العربي مهماً في سدة جامعة الدول العربية لتحتفظ بها مصر كما كان الأمر دوماً، فإن اختيار وطنيين من أبناء مؤسسة الخارجية المصرية لتولي هذه الحقيبة المهمة يظل هو المحك.

فمصر تريد وزيراً للخارجية يضع سياسات تبني علي أساس المصالح المصرية أولاً وأخيراً نريد وزيراً للخارجية يدرك قيمة مصر ويعيد إليها هيبتها، إن رجل الشارع العادي رغم معاناته يدرك جيداً أهمية هذا الأمر وكما أسلفنا فإنني لا أعرف أيا من المرشحين الذين ترددت أسماؤهم سيقع عليه الاختيار لشغل هذا المنصب المهم، لكنني هنا أريد أن أسجل شهادتي كمحررة دبلوماسية وقبلها كمشروع دبلوماسية، علي مدي ما يزيد علي العقدين شهادتي عن شخص نبيل فهمي ذلك السياسي المخضرم البارع، والذي كنت أشعر بفخر كمصرية وأنا في واشنطن في كونه سفيراً لبلدي يتعامل بندية غير مسبوقة مع الأمريكيين، ومازلت حتي الآن ألحظ وأشهر نظرات الإعجاب والتقدير والاحترام لهذا الرجل

الذي كان يحمل كرامته الوطنية أمامه أينما ذهب، فالوقائع والظروف والأحداث التي كنت شاهدة عليها أكثر من أن تصاغ في بضعة سطور، هذا الرجل كان يتعامل كما قلت بندية وكبرياء رفيع مع الجميع، وشهادتي هنا غير مجروحة فلم أعرف جيداً قيمة نبيل فهمي إلا بعد أن أتي سفيراً لمصر في واشنطن بعد العظيم الراحل أحمد ماهر وإن كنت قد عرفته قبلها بسنوات في ديوان الوزارة بالقاهرة، حيث كنت أول محررة صحفية لجريدة »الوفد« في أواخر الثمانينيات، لقد رأيت كيف كان نبيل فهمي يتعامل بندية ويحصل علي كل ما يريد من إدارات أمريكية متعاقبة لكل أجندتها وكونجرس يحكمه لوبي مؤيد لإسرائيل في الوقت الذي كان معظم وزراء مبارك يتعاملون فيه بهرولة وكتابعين، والذي لا يعلمه كثيرون أن الأمريكيين كانوا ومازالوا يكنون احتراماً شديداً لهذا الرجل الذي كان يشعرنا بأنه يمثل وطنا كبيرا وحضارة عظيمة اسمها مصر، وما أحوجنا لمثله كي يقود سياسات مصر الخارجية، ويعيد إلي الخارجية المصرية هاماتها لا أقزامها وهم والأخيرون لحسن الحظ قلة.

ما أحوجنا لوزير خارجية يعيد ترتيب ملفات تمثل أمن مصر القومي، ما أحوجنا لدبلوماسي مخضرم يعيد إلي الخارجية المصرية هيبتها ويكمل ما بدأه الوزير الوطني نبيل العربي ليعالج أزمة مياه النيل ويلملم جراح عمقنا الاستراتيجي جنوباً وفي أفريقيا وفي الجوار العربي وحول العالم.