رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لماذا تأخرت محاسبة مبارك ونظامه؟

 

استوقفتني عبارة داخل تقرير لخبراء أمريكيين ينصحون فيه الرئيس الأمريكي بإعادة صياغة علاقات الولايات المتحدة مع شارع عربي متفجر بالثورات، حين نصح أحد هؤلاء الخبراء بالمنطقة الرئيس أوباما بالاهتمام بمصر تحديداً لأنها صرة المصالح الأمريكية في نطقة بكاملها هي بؤرة تلك المصالح في القرن الماضي والحالي علي السواء، وذلك قبل أن يضيف - أيضاً ناصحاً أوباما - بأن يقدم عربون صداقة إلي مصر »الجديدة« بأن يدل المصريين علي ثروات الرئيس السابق مبارك وسدنة حكمه، بل أن يساعدوا مصر علي استرداد الأموال المنهوبة، وذلك قبل أن يقدموا المزيد من المساعدات الاقتصادية التي يدرسون حالياً جديا حجمها. في نفس الوقت جاءتني مكالمة من أصدقاء بلندن وفيها خبر عززه زميلنا بالـ »بي بي سي« علي صفحته بالفيس بوك مفاده رؤية يوسف بطرس غالي وزوجته علي رصيف إحدي محطات القطار بلندن، المعني واضح من هاتين الواقعتين، ففي الوقت الذي مازالت علامات الاستفهام في الشارع المصري حول »الحساب« ماثلة مع مرور الشهرين علي اندلاع ثورة 25 يناير فإن الرئيس المخلوع وأسرته وسدنة حكمه مازالوا طلقاء عدا نفر قليل ما ثبت عليهم من تجاوزات لا يساوي شيئاً بالمقارنة مع جرائم الفساد وإهدار مقدرات دولة وشعب.

لا أفهم كغيري من المصريين أسباب تأخر قيام المدعي العام عن استدعاء الرئيس المخلوع وسدنته! هل هي فعلاً إجراءات تمشي كالسلحفاة أم هي مسألة أخري، الشعب يريد معرفة ما يدور في الغرف المغلقة حول هذا الأمر، لأن الشعب ببساطة يريد محاسبة النظام، فدون المحاسبة لن يغلق باب الفساد أبداً في مصر ولعقود طويلة قادمة، نريد فقط أن نفهم من المدعي العام أسباب تعطل محاكمة الرئيس المخلوع فإن كان السبب نقصاً في الأدلة والبلاغات بسيطة، لدينا ثمانون مليوناً مستعدون للتقدم ببلاغات يتهمون فيها الرئيس المخلوع باعتباره المسئول الأول ليس لها آخر، فالفساد والقتل العمد لشباب المحروسة والتعذيب والتصفية، ناهيك عن ثلاثين عاماً من محاولات النظام برئاسته وإشرافه إسقاط مصر من علي خارطة التاريخ، وتحويلها إلي تابع مقاد، وبيع مقدراتها ونهب ثرواتها، كلها اتهامات ولها أدلة لا تقبل النكران.

ودعوني أتوقف مجدداً عند نصيحة الخبير الأمريكي لأوباما، ودلالاتها التي لا تخفي علي أحد، أهمها: أن واشنطن تعلم جيداً بواقع تفعيلها منذ أكثر من عقد لقوانين فرضتها علي العالم وبإيجاز أممي تمكنها من معرفة أين ذهب كل دولار خرج من مصر أو تم تحويله إليها، وكل شركة يتم تسجيلها في العالم ورأس مالها وهوية

أصحابها، واسألوا عن قوانين مكافحة غسيل الأموال وتجفيف منابع الإرهاب، ومحاربة الإرهاب... إلخ. وسبق أن طالبت المسئولين في مصر بمطالبة واشنطن - لاسيما مع كل زيارة يقوم بها مسئول أمريكي - بمساعدتنا علي معرفة مصير هذه الأموال، بل واستردادها. وأحسب أن وجود وزير نعلم وطنيته جيداً كالسفير نبيل العربي قد يساهم في إفهامنا: لماذا تدخلت الخارجية المصرية منذ البداية ولماذا تعطلت الأمور أو سارت ببطء يثير الشك في تعمده مع أمريكا والغرب ودول أخري في الكاريبي وأوروبا احترفت تخزين أموال الطغاة.

إن محاكمة مبارك ونظامه مطلوبة حتي لا نصادر حق الأجيال القادمة في الحماية من ظهور طاغية جديد ولو جاء للحكم عبر عملية ديمقراطية، فمحاسبة هذا النظام سيسجل عبرة تاريخية لن يجرؤ أي حاكم يعتلي سدة الحكم في المحروسة علي تكرار الحقبة البائسة التي ركلت مصر إلي خارج مصاف الدول المحترمة بعد أن تآمر ذلك النظام علي أمن مصر الاقتصادي والسياسي والاستراتيجي ولم يتركوا شيئاً دون أن يوغلوا في إفساده.

وأخيراً إنني أقترح أيضاً أن تقوم مصر بصنع تاريخ آخر كعادتها بأن تتقدم عبر الأمم المتحدة لاستصدار قانون أممي جديد علي نسق قانون مصري قديم كان يستخدم لأغراض أخري وهو »من أين لك هذا« أي قانون يسمح للدول بتتبع أموال قادتها واستردادها، ويعطي للسلطات الوطنية الحق في تتبع هذه الثروات، وهو أمر متبع مع الأفراد العاديين وللأسف يستثني منه الكبار الذين تحتفظ الدول العظمي بملفاتهم لوقت اللزوم.

وإلي حين دراسة هذا الأمر فإن المصالح الأمريكية في رضا مصر الحالية الكثير مما لا يعيق تقديمها عربون صداقة عبارة عن ملفات ثروات مبارك وسدنة نظامه.