رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بل محاكمته بتهمة الخيانة العظمي

سالة أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة الاثنين الماضي كانت واضحة، حين اختاروا برنامجا تليفزيونيا شهيرا ليكون منصة حديثهم المباشر للمصريين وكانت تصريحاتهم أشبه ما تكون بخطاب نوايا وهم يدركون جيدا أنهم وعلي مدي ستة أشهر يخطون بقراراتهم مستقبل مصر علي مدي خمسين عاما قادمة علي الأقل، وحين أكدوا أنه لا توجد قيود علي تحويل الرئيس السابق مبارك وأسرته للمحاكم كإجراء احترازي يمهد لاتخاذ قرار نهائي تصدره محكمة الجنايات فهذه الرسالة كانت موجهة وبشكل مباشر للرئيس السابق شخصيا، وقد فهمها الأخير وسارع بعدها بساعات بتقديم إقرار الذمة المالية المتعلقة بنهاية خدمته كرئيس، ذلك في نفس اليوم الذي كان مساعد وزير الخارجية الأمريكية وليام بيرنز في زيارة لمصر قابل خلالها مسئولين ومرشحين للرئاسة وناشطين من جماعات حقوقية،وهي الزيارة التي تعول عليها واشنطن كثيرا لاستشراف مستقبل العلاقات مع مصر في عهدها الجديد،

وكنت أتمني أن يتطرق أولو الأمر في مصر مع بيرنز لما هو أهم علي الأقل حاليا بالنسبة لنا، أعني بذلك ملف ثروات الرئيس السابق وأسرته، فحسب علمي فلدي واشنطن معلومات دقيقة وأكاد أجزم أنها شاملة حول حركة أحوال العائلة في الولايات المتحدة وحول العالم هذا ما ذكره لي أحد المتنفذين في واشنطن في بداية الشهرالحالي والثورة المصرية في أوجها حين أبلغني بشكل مقتضب بأن مبلغا خياليا تم تحويله من خارج مصر الي إحدي الممالك الصغيرة في الخليج، وألمح الي وجود ثروات في أماكن أخري ناهيك عن الموجود في الولايات المتحدة، لم أستبعد الأمر خاصة أن واشنطن ومنذ بدء حربها علي ما يسمي بالإرهاب وتحديدا وفق برنامج تجفيف منابع الإرهاب الذي أدرجته الولايات المتحدة ونجحت الي حد غير مسبوق في إقناع معظم دول العالم بالتعاون مستفيدة من تداعيات حوادث الحادي عشر من سبتمبر وبالتالي أصبح لها اليد الطولي في تتبع حركة الأموال حول العالم وعلي كافة المستويات وكلها مسجلة أمريكيا وبالتالي فكل الأموال التي يتم تحويلها من وإلي وخلال منطقتنا وعلي المستوي العالمي بحوزة الولايات المتحدة لذا وحين يأتي مسئول أمريكي ليناقش مع المصريين ما يتعلق بمستقبل العلاقات أجد أنه لن يكون من الصعوبة بمكان طلب ملفات الرئيس مبارك وعائلته لاستعادة المليارات التي هي حق للشعب المصري، نفس الكلام يندرج علي ثروات أقطاب هذا النظام والمقربين منه.

وإذا كانت السمكة تفسد من رأسها فلا أقل من البدء بها ولا أحسب أن واشنطن في نهاية الأمر ستمتنع لا سيما مثلنا وقعت علي الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد والتي تنص علي أحقيتنا في طلب الحصول علي معلومات وإجراء التحفظ واسترداد الأموال المتحصلة من جرائم الفساد، ناهيك عن التعاون المصري الأمريكي في مجال الشفافية والنائب العام عبدالمجيد محمود سبق له وحضر اجتماعات في هذا الشأن بواشنطن مع الجانب الأمريكي وتحديدا في مجال مكافحة غسيل الأموال.

علي أي حال فإن مليونية الغد التي عنونها الشباب باسم »جمعة التطهير« وبهدف أساسي وهي الدعوة إلي تطهير الحكم من بقايا النظام السابق، تبدو متوازية والدعوة إلي محاكمة رأس هذا النظام بقائمة اتهامات ليس لها نهاية، وهي لا تخلو من اتهامات بالخيانة العظمي حين

حُكِمَ المصريون علي مدي ثلاثين عاماً بقانون طوارئ حول مصر إلي دولة بوليسية بامتياز.

بينما استمر مسلسل خيانة الأمانة من تكريس للفساد في كافة القطاعات وبيع القطاع العام بشكل ممنهج حرصوا فيه علي أن يكون أول ما يباع مصنع المراجل البخارية لشركة عالمية معروفة صلاتها بأعداء مصر كي تتأكد من التخلص من هذا المصنع الوحيد الذي يمكنه صنع أوعية بالسمك المطلوب في الصناعات النووية.

وحين سمح ببيع الغاز المصري لإسرائيل بسعر رمزي، وحين سمح وهو المسئول والقائد بأن تهدر مقدرات ونفوذ مصر الدبلوماسي والسياسي والذي بذلت مصر الغالي والرخيص من أجل مد هذا النفوذ في القارة الأفريقية وعلي مستوي عالم كان ثالثا وسبقنا لنتراجع مائة عام إلي الوراء، فرأينا تقلص نفوذنا إلي درجة الصفر وهي نتيجة باتت سيفاً مسلطاً علي حدود أمننا القومي جنوباً حيث منابع النيل وحيث قبلنا بل ساعدنا في الوصول إلي تقسيم السودان عمقنا الاستراتيجي الأول الذي لم يفرط فيه الأجداد ولا حتي الحكام المتمصرون كمحمد علي، ولقد كانت حدود مصر الآمنة علي مدي آلاف السنين تبدأ في العمق الأفريقي جنوباً وحتي فلسطين شمالاً، هذا النظام خان الأمانة حين سمح بالنهب المنظم والمقنن لثروات مصر والاحتكاكات، فتم تدمير الطبقة المتوسطة عماد الأمة واحتكرت أقلية الثروات عبر فساد ممنهج بينما تحولت الأغلبية إلي ما بين جانبي خط الفقر، فاستشرت الأمراض وتوطن الكبد الوبائي، وسجلت أعلي نسب الإصابة بالسرطان في العالم للطفل المصري أي المستقبل وبقيت نسبة الأمية 35٪ عاراً علي جبين مصر وتحولت مصر التي كانت قوة تحرك قارات ودول إلي دولة تابع لا ند، وخرب كل ركن شهد نهضة.

إن الفقر الذي نحر الأغلبية وتدهور التعليم وفقدان الزعامة وإضعاف الدولة يؤكد أن الرئيس السابق باعتباره المسئول الأول عن نظامه يؤكد تعمد الإضرار بالوطن، وتقديم العون لتحقيق مخططات أعداء الأمة، لتقديم مصر وتحويلها إلي خادم طري منساق لما يملي عليه من الخارج هو »الخيانة العظمي« ذاتها، لذا فالمحاكمة واجبة ليكون حكم القضاء عبرة أبدية تجعل من حقبة مبارك سابقة وحيدة لا تتكرر.