ما لم يعرفه البعض ..عن الفارس "سعد هجرس"
حقا .. أنه فارس بأخلاقه وتواضعه وعلمه وبساطته .. أنه الكاتب الكبير الذى ودعناه إلى عالم الآخرة " سعد هجرس " .
فقد عرفت هذا الفارس منذ عام 1991 عندما كان أحد مؤسسى جريدة " العالم اليوم " أول جريدة اقتصادية يومية فى الشرق الأوسط ، وهو احد أبناء جريدة الجمهورية .
وتتلمذت أنا وزملائى من الصحفيين الشباب على يديه لنعرف أصول ومبادىء الصحافة بصفة عامة، والصحافة الاقتصادية بصفة خاصة . وظللنا طيلة هذه المدة وحتى أيام قريبة قبل اشتداد المرض عليه ودخوله المستشفى ، ننهل من علمه واخلاقه.
وفى ظل ظروف مرضه القاسية ، وبعد ان تعرضت جريدة " العالم اليوم" لأزمة مالية قبل 3 سنوات ، استمر الفارس فى عمله مدير عاما لتحرير الجريدة ، ولم يقفز من المركب الغارقة كما فعل الكثيرون ، رغم العروض التى تنهال عليه من كل صوب وجاه .
وعندما كنا نشكو له الوضع والحال ، كان يقول لنا اصبروا ، ولم يتقاضى راتبه منذ فترة طويلة ولكنه كان يذهب الى مكتبه بالجريدة ويمارس عمله وسط ابنائه من الصحفيين .
وظل هجرس وفيا لعائلة " إديب" ( عماد اديب ) رغم كل ظروفه ومحنته. وكم كان متواضعا بسيطا ، حتى ان مكتبه لم يكن كتلك المكاتب التى يجلس فيها صحفيون أقل منه شأنا وقيمة . فلم يشعر احد يوما ما من الصحفيين الشباب والعمال بأى نوع من التكبر .. يضحك مع الجميع ومكتبه مفتوح دائما .
وفى الوقت الذى كنا نسمع فيه عن صحفيين ومديرى تحرير شباب يتقاضون رواتب خرافية ، وهم أقل قيمة وحرفية من الفارس ، كان هو يرضى بالقليل من جريدته التى شارك فى تأسيسها وظل بها حتى مماته ، حتى أنه لم يجمع ثروات كما جمع الآخرون ولم يسكن
وكم وقف هذا الفارس المتواضع لدعم مطالب الصحفيين فى العالم اليوم ، وتذليل العقبات أمامهم .
ولا يخفى على أحد أنه كان من أكبر داعمى الحريات والديمقراطية فى مصر وكان واحدا من المشاركين بقوة فى ثورة 25 يناير 2011 ، وشارك فى العديد من الفعاليات والندوات والمؤتمرات المطالبة بالحريات ، ولم يكن يوما ما مغاليا فى آرائه أو عدوانيا تجاه الخصوم ، رغم توجهه اليسارى.
وكثيرا ما أثرى الحياة السياسية والاجتماعية فى مصر بآرائه فى البرامج الحوارية ومقالاته فى الصحف .
وأنا شخصيا أدين له بالفضل فى كثير من الأمور ، فقد رشحنى للعمل مندوبا ومحررا برلمانيا ، ودعمنى بقوة ووقف بجوارى ، حتى انه اقترح ان يجرى هو وانا حوارا مع الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق ، فى سبيل دعم تواجدى بالمجلس وتم بالفعل الحوار ، مرتين.. والحديث عن هذا الفارس كثير والمواقف الطيبة لا تنتهى.
ولكن لا يمكن إلا أن نقول رحم الله الفارس المتواضع المحبوب ، ونعزى انفسنا ومصر وعالم الصحافة فى رحيله.