رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مرشح عسكري على أكتاف الفلول

الفريق أحمد شفيق، الذي تسلم منصب رئيس الوزراء بعد الثورة، وأغضب الثوار بتصريحاته، التي كانت – مع البلوفر الشهير – مادة للسخرية والدعابات القوية، وأدت إلى عدم المكوث طويلاً في هذا المنصب،

كشف عن تفكيره الجاد في الترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، ونظراً لأنه لن يستطيع الحصول على دعم كاف من الجيش، فإن السؤال المطروح هو: هل يصعد الفريق شفيق إلى المنصب على أكتاف فلول الحزب الوطني والمؤسسات الأمنية السابقة وخصوصاً جهاز أمن الدولة المنحل؟.

هذا السؤال تداعى إلى ذهني عندما قابلت وفداً أهلياً مصرياً في البحرين، شارك في فعاليات جائزة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة للعمل التطوعي (15 – 18 سبتمبر الجاري"، وذلك ضمن 11 وفداً خليجياً وعربياً.

وفي أحد الجولات دخلت مع أحد المشاركين في الوفد المصري في نقاش ساخن حول الثورة المصرية، وأعتقد أنه كان خطأى منذ البداية أن أسأله أمام الوفود عن أحوال الثورة المصرية، حيث تحدث بصوت يسمعه الجميع أنها لم تكن ثورة وأن الثوار بعضهم بلطجية أما الشهداء فبعضهم قتل في حوادث طرق وأصبحوا بقدرة قادر شهداء!!.

وكان شخصان من الوفد المغربي يصدقان على كلامه ويترحمان على أيام المخلوع، مما اضطرني إلى الدخول في نقاش ساخن ليس للدفاع عن الثورة فحسب بل للدفاع عن حق الشعب المصري بأن يعيش في كرامة ويتخلص من التركة الثقيلة لحكم المخلوع التي أذلته وأفقرته وكبلت دور مصر العربي، متساءلاً: يبدو أنك لا تعيش في مصر.

فما كان من الرجل إلا أن استعمل الوسائل المعروفة لدى جواسيس أمن الدولة حيث صرخ أمام الجالسين في الباص ساخراً: إنه يقول أننى لا أعيش في مصر وهو يعيش خارج مصر منذ سنوات.!

إذا عرف السبب بطل العجب!

عرفت من الرجل وأحد زملاءه أنهم كانوا قادة في أسرة حورس بالجامعة، وهي أسرة طلابية سيئة الذكر، تأسست بتشجيع من الأجهزة الأمنية والإدارية في النصف الأول من عقد التسعينيات، ثم تم استبدالها بعد ذلك بأسرة شباب المستقبل، حيث كانوا يفوزون دائماً في الانتخابات الطلابية التي يتم تزويرها كل عام، أما رئيس الوفد فكان رئيس أندية حورس على مستوى الجمهورية.

ورغم أن جمعيتهم التطوعية لم تتأسس سوى قبل أقل من عام إلا أنهم استطاعوا الانضمام للاتحاد العربي للعمل التطوعي في فترة وجيزة جداً ويستضيفوا مؤتمراً عربياً عن العمل التطوعي برعاية السيد عمرو موسى بمقر جامعة الدول العربية في الآونة الأخيرة.

وكشف لي هذا الرجل، قبل معركة الباص بيننا، أن لديهم تواصلاً قوياً مع أعضاء الاتحادات الطلابية وعدد من طلاب الجامعات، ويخططون لأن تكون جمعيتهم مظلة لكثير من الجمعيات التطوعية والروابط الشبابية في مختلف المحافظات، وهذا جهد كبير لا يقوم به مجموعة صغيرة من شباب رجال الأعمال، إلا إذا كانت هناك جهود أخرى تسعى لتوحيد هذه الكتلة من المنظمات الأهلية تحت مظلة واحدة.

أما رئيس الوفد، وهو رئيس تلك "الجمعية المصرية للعمل التطوعي"، فحدث ولا حرج، إذ يذكرك بالشخصيات الوصولية في الحزب الوطني المنحل، الذي يتدرج في المناصب بسرعة البرق، دون مؤهلات أو سمات قيادية واضحة، اللهم إلا أنه "مرضي عنه أمنياً". سمعته يتحدث مع راعي الجائزة أثناء تعريفه بنفسه قائلاً أنه المستشار السياسي لرئيس الوزراء الدكتور عصام شرف. فهل هذه معلومة صحيحة؟ وإذا كان ذلك كذلك فكيف تم إختياره؟ وما هي الاستشارات الفريدة التي يقدمها وهو لا يجيد سوى الترحيب والحديث عن الإنجازات؟!.

الأخطر من ذلك أن أحد الأصدقاء البحرينيين حدثني أن رئيس الجمعية البحرينية المنظمة للجائزة كان يتشاور معهم في مطالب لرئيس الوفد المصري، وهي: الأول: أن الجمعية المصرية ترتب لمساندة الفريق أحمد شفيق من خلال العمل الدؤوب، ودون دعاية، في مختلف محافظات الجمهورية. الثاني: أن رئيس الوفد المصري طلب ترتيب لقاء بين رئيس الوزراء البحريني وبين الفريق شفيق، ولا أعلم هل شفيق على علم بهذا الترتيب؟ وهل يحتاج من الأساس إلى من يرتب له إذا أراد مقابلة قيادات خليجية أو عربية؟ ولماذا يحتاج لهذه الزيارة في هذا التوقيت؟

الأمر الثالث: أنه طلب أن يتبرع الشيخ عيسى بن علي آل خلفية، راعي الجائزة، بمستشفى أو أى مرفق خدمي في أحد العشوائيات التي أطلق من أجلها الفنان محمد صبحي حملة المليار لتطويرها. وهذا بدوره يستدعي التساؤل: ما هو دور الرجل في الحملة؟ وإذا لم يكن له دور، فلماذا يصرح بهذا الطلب؟.

وفي هذا السياق لابد أن أذكر أن الوفد المصري جاء بصحبة الفنان محمد صبحي الذي تم ترشيحه من جانب نفس  الجمعية للفوز بالجائزة عن حملته لتطوير العشوائيات، وخلال هذه الزيارة تحدث الفنان صبحي أكثر من مرة عن الثورة بطريقة غاضبة وسلبية، ولابد أن هذا من تأثير سحر الفلول! (وهذا لم يؤثر شيئاً في مقدار حبي للفنان وعشقي لأعماله إذ يكفي أنه جسد شخصية ونيس التي تحبها ابنتي الصغيرة).

وهذا السحر، ربما يجده الفريق شفيق علاجاً ناجعاً لغياب االشعبية في أوساط الناخبين، وربما يسعى من خلاله إلى تمرير دعاية، تذكرنا بدعايات أمن الدولة وجواسيسها في كل مكان، بأنه رجل نظيف قادم من الجيش، وسوف يعيد الاستقرار إلى مصر، بعيداً عن الشباب الثائرين والسياسيين المتنازعين.

وبعد.. لقد استبشرنا بعد نجاح الثورة أن آلة القمع قد انهارت، وأن الفساد تلقى ضربة ساحقة بمحاكمة رموزه، وكل ذلك بعد أن قطعت رأس النظام المستبد الفاسد، إلا أنه يبدو أن هناك مخاوف حقيقية من عودة "الفلول" من بوابة جديدة هي العمل الأهلي والتطوعي، لرسم مستقبل مصر، بأسلوب يعيد إنتاج ذات النظام السابق.. ولا ألوم الفلول! .. بل ألوم من يدير المرحلة الانتقالية، والقوى السياسية، وشباب الثورة، لأنهم لم يتسطيعوا حتى الآن قيادة البلاد في هذه المرحلة بسلام.