رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من يشتـري شبابنـا؟!

مقولات لسياسيين، من جميع الطيف الوطني، تعرضوا لمظالم فاضحة من نظام المخلوع، تعكس حالة من الإنكار وعدم الإعتراف بفضل الشباب المصري

، بعد فضل الله تعالي، في تفجير ونجاح واحدة من أعظم الثورات في التاريخ المصري الحديث... في مقابل مقولات أخرى تدعوهم لأخذ إستراحة المحارب.. والإنتظار حتى يقوم النظام الانتقالي والقوى السياسية بإكمال الثورة.

من هذه المقولات أن هذه الحركة السياسية أو تلك لم تكن "مورد أنفار" لشباب الثورة حتى تذعن لمطالبهم، أو أن البلاد الآن بها فراغ حيث لا يوجد بها رئيس أو مجالس تشريعية أو مجالس محلية وبالتالي ليس المطلوب منا أن نذهب إلى ميدان التحرير لنقول للشباب: تفضلوا خذوا البلد.. إحكموها!.

أستاذنا الدكتور سعد الدين إبراهيم يعالج الإشكالية بمنظور أكثر حكمة بالإشارة إلى أنه إذا كان الشباب المصري هم صانعو الثورة، فقد شارك فيها أيضاً المفكرون خلال العقود الماضية، محذراً الشباب من "إدمان" ميدان التحرير!.

ولكي نضع النقاط فوق الحروف، علينا أن نقرأ أحداث الثورة من وجهة نظر صانعيها الأبطال، فتسلسل الأحداث يقول إن الشباب، الإسلاميين والعلمانيين، في حادثة لا تتكرر إلا نادراً في العمل السياسي، اتفقوا على صناعة حدث كبير خلال الاحتفالات بعيد الشرطة 25 يناير، في الوقت الذي كان فيه هؤلاء السياسيون إما سجناء أو مغتربين، جسداً أو عقلاً، أو صامتين عن جرائم النظام.. أو حتى متعاونين معه.

بعد ذلك، التحقت القوى السياسية، أحزاباً وتنظيمات بركب الثورة، وساهمت بفعالية في تحقيق الإنجاز التاريخي، المتعلق بإسقاط نظام المخلوع، قبل أن تدخل في مساومات مع النظام الإنتقالي، لترتيب أوراق المرحلة الانتقالية.

وبدعاوى مختلفة، حزبية أو تنظيمية أو وطنية، تم تهميش الشباب شيئاً فشيئاً، وأصبح المشهد كأن القوى الإسلامية والعلمانية تريد معالجة التحديات الإقتصادية والأمنية التي تواجه البلاد خلال المرحلة الانتقالية، لكن ما يعوقهم هو العودة الدائمة للشباب إلى ميدان التحرير.. إضافة إلى المظاهرات الفئوية (المقيتة) التي تعطل الإنتاج!.

لكن الحقيقة هي أن الشباب، الذين قادوا الثورة الشعبية، وأوصلوها إلى بر الأمان، كانوا مصرين على إكمال دورهم، حتى تتحقق مطالب الثورة، الخاصة بالحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية، إذ كيف تنجح الثورة دون تغيير الموازين الداخلية وإحداث تغيير جذري في السياسة الخارجية يتناسب مع حجم ودور مصر؟!.

برأيي، إن أخطر ما يواجه الثورة الآن، ليس هو تحقيق الآية الكريمة، "أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف"، أو التدخلات الخارجية من أجل أن

تستمر السياسة الخارجية لمصر الثورة كما كانت عليه في عهد الرئيس المخلوع، وإنما هو "السلطة الأبوية" التي تفوح رائحتها في سلوكيات جميع القوى السياسية الحالية دون إستثناء.

يرى الكواكبي أن الاستبداد هو أساس جميع الفساد وأن عاقبته لا تكون إلا الأسوأ، ويعرف الاستبداد بأنه: " يعني اكتفاء الشخص برأيه في موضوع يحتاج إلى الشورى"، ولا يتوقف الأمر عند حد الإنفراد بالرأي وإنما يتبعه التصرف في حقوق الناس دون خوف من المحاسبة أو العقاب.

إن الاستبداد والتسلط وفق هذا التعريف يقف على طرف نقيض من حرية الإنسان ومن قدرته على تحقيق الاختيار السليم، ويشل طاقة التفكير واستخدام العقل.. وهنا تتكرر الكوارث والإخفاقات والتراجعات، وتغيب المراجعات التي تعني أن نضع أنفسنا دوماً قبالة المرآة لنساءلها.

وعلى جميع القوى السياسية، أن تعمل على إستعادة شبابها، حتى لا تزداد الفجوات أو الصراعات الجيلية بداخلها، ولا يجد الشباب المصري يداً حانية سوى جهات التمويل التي تبحث عن مزيد من الحلفاء والأصدقاء الآن.

إن القوى الإسلامية والعلمانية، مطالبة بالمراجعة.. وهي هنا ليست مدعوة فقط، لبناء مصر الحرة.. مصر التنمية.. مصر العدالة الاجتماعية.. وفقاً لسيناريو قائم على التآزر فيما بينها،  وإنما عليها كذلك أن تدرس كل السبل الكفيلة ببناء التواصل الجيلي بين شيوخها وشبابها، ومراجعة نفسها فيما يتعلق بزيادة المشاركة الحقيقة لشبابها وقبول الاختلاف معهم، مع الالتزام بالمحاسبة والشفافية، واكتشاف قدرات الأعضاء عموماً والشباب خصوصاً من خلال النشاط الجماعي وآليات الممارسة القيادية.

هذا وإلا.. (إدمان) ميدان التحرير.. والنضال الشبابي في إطار التيار الرئيس.. لتطهير الثورة من أي إستبداد سياسي أو فكري.