رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الإخوان والرئيس أبو الفتوح

عقب تصريح فضيلة المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين عن معايير الجماعة لاختيار رئيس مصر القادم، وفي مقدمتها أن يكون "توافقياً"، انطلقت موجات الجدل والانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي

لتؤكد أن هذا المعيار يشوبه الغموض. وكان ثمة مفارقة وهي أن قوى علمانية وثورية تعتبر أن د. أبو الفتوح يعتبر هو المرشح التوافقي الأنسب للمرحلة فيما تقول المؤشرات أن الإخوان المسلمين يريدون بديلاً آخر.
قد صرح د. محمد بديع أن الجماعة "ستبحث عمّن تفضله من بين المرشحين، بعد أن يستوفي المرشحون الشروط"، وأبرزها، ألا ينتمي إلى أي تيار إسلامي، ولكنه يحترم التيار الإسلامي وفكره وثقافته، وأن يكون توافقياً في تركيبته السياسية، وأن تكون سلطاته منضبطة برقابة شعبية.
ومن الواضح أن الإخوان يفضلون أن يكون لديهم متسع من الوقت وينتظرون أن يترشح اسم جديد، ولديه برنامج انتخابي عنوانه إعادة مصر إلى مكانتها وتحقيق أحلام الإنسان المصري في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبالطبع هم يفضلون ألا يكون هذا المرشح التوافقي شخصية عسكرية، أو ينتمي لأحد التيارات الإسلامية، وله فكر يتفق مع رؤى الإسلاميين، وبالطبع شخصية لها ثقل سياسي واجتماعي، وخبرة إدارية وسياسية، ويحظى بقبول عام لدى الشعب المصري، فضلاً عن كونه يتمتع بمصداقية في الشارع السياسي.
ويطالب البعض بعدم تحديد "اسم الرئيس التوافقي" حتى تكون هناك فرصة لاختيار الشيخ حازم صلاح أو إسماعيل أو د. عبد المنعم أبو الفتوح حيث إن قطاعات سلفية تقف وراء الأول فيما تقف قطاعات شبابية وعلمانية وإسلامية خلف أبو الفتوح، الذي تزيد حظوظه بسبب حركته الدؤوبة ودعم "الرموز له"، فعلى سبيل المثال نجد أن الشيخ يوسف القرضاوي، قد صرح أنه "سيدعم عبد المنعم أبو الفتوح في الانتخابات الرئاسية"، معتبراً أنه أفضل المرشحين المحتملين لرئاسة مصر.
لكن من غير المتوقع أن يقبل الإخوان المسلمون ذلك البديل القائم على إفساح المجال للأعضاء لكي يختاروا الأنسب من وجهة نظرهم، بل سيتجهون لتكليف الأعضاء وتنظيم حملة تشمل مصر لدعم المرشح الذي سيقع عليه الاختيار، وذلك يرجع لسبب واضح وهو أن الرئيس القادم سوف يكلف رئيس حزب الأكثرية في البرلمان بتكليف الحكومة الجديدة، ولابد أن يكون هناك تفاهم وانسجام بينه وبين رئيس الحكومة المقبلة.
ومن المعروف أن الإخوان فضلوا عدم خوض معركة مع المجلس العسكري، لأن البلد – من وجهة نظرهم - لا تحتمل، معتبرين أن من حقهم المشروع تشكيل حكومة دائمة بعد اكتمال انتخاب مؤسسات الدولة وتنصيب الرئيس.
والتساؤل الآن هو: هل  أن بالإمكان أن نفترض أن الإخوان المسلمين قد يقررون اعتماد هذا البديل في حال ارتأوا أن المرشح التوافقي لم يظهر؟!. والإجابة هي أن هذا البديل سوف يعني تصاعد حظوظ أبو الفتوح لأنه سيكون الأقرب للمعيار التوافقي من وجهة نظر القوى الليبرالية والثورية وقطاعات واسعة داخل الجماعة.
لكن من المتوقع أن تقوم الجماعة بطرح اسم أحد المرشحين وتحشد أعضاءها والرأى العام للتصويت له، ليس لأنه من سيتخذ القرار بتشكيل حكومة الإخوان المقبلة ولكن أيضاً لأسباب تعود للعلاقة مع الدكتور أبو الفتوح نفسه.
إن د. أبو الفتوح "ترك" الإخوان بعدما قررت الجماعة عدم ترشيح شخصية إسلامية لمنصب رئيس الجمهورية، كما أنه كان يحسب إعلامياً ونخبوياً كزعيم للجناح "الليبرالي" في الجماعة، وله مواقف جريئة أحياناً ومخالفة للتيار السائد في الجماعة أحياناً أخرى منذ قضية حزب الوسط وحتى الآن، وربما ترفض قيادة الجماعة

ترشيحه لأن ذلك يعني "مكافأة" له في غير محلها، كما أنها قد تتوقع أنه لن يكون "توافقيا" مع حكومة الإخوان المنتظرة.
وعدم التوافق المنشود ربما لا يرجع إلى الرئيس عبد المنعم أبو الفتوح، وإنما يرجع لبعض القادة النافذين بالإخوان وحزب الحرية والعدالة، الذين لا يضعون هذه الأمور كخلفية في تعاملهم معه فحسب، وإنما لأن لدى بعضهم "رؤية" لمصر بعد الثورة، يريدون تطبيقها، والتي تأخذ في أحد أبعادها التعاون مع الحكومات الإسلامية الجديدة إلى جانب دول الخليج وتركيا، في مشروع للنهضة"، لا يشمل مصر فقط بل المنطقة بأسرها. ومن المؤكد أن أبو الفتوح سيكون له مبادرات ورؤى أخرى يريد تطبيقها من موقعه.
إن تصريح د. أبو الفتوح الذي قال فيه أنه متأكد أن مرشد الإخوان المسلمين سيصوت له في انتخابات الرئاسة، تكشف جانباً من التحدي الذي يمثله هذا المرشح حيث إن هناك نسبة من أعضاء الجماعة ترى أنه الأنسب وربما "التوافقي" الحقيقي، كما أنه بدأ يجتذب قطاعات وساعة من النخبة والشارع، مما يعني أن المعركة المقبلة لن تكون سهلة لكلا الطرفين..
إن هناك إصرار من "رجل الجماعة القوي"على عدم انتخاب أبو الفتوح، لكن ما هو الطريق الذي ستتوجه إليه الجماعة للوصول إلى المرشح التوافقي؟ إن الإخوان سيدعون كافة الأحزاب للحوار حول هذه النقطة لكن المؤكد أن التوافق على تسمية مرشح سوف يمر بتفاهم مع قوتين وتهميش قوة ثالثة.
فلابد أن يتفق الإخوان مع السلفيين لتسمية هذا المرشح ومن المعروف أن هناك صعوداً سلفياً في المنطقة بأسرها يوازي الصعود الإخواني وربما تسعى قوى دولية وإقليمية إلى أن يكونوا منافساً شرساً للإخوان في المدى القريب، ولابد كذلك أن يكون هناك نوع من التفاهم، ولو الضمني، مع المجلس العسكري، ومن المعروف أن معظم قادته من بقايا النظام القديم، ويهمهم إجهاض أهداف الثورة، وبالتالي سيعوقون الإخوان عن تحقيق أهدافهم. أما القوة الثالثة التي لن تكون حاضرة في هكذا توافق فهي القوى الشبابية والثورية، إذ يبدو أن هناك ما يشبه المفاصلة من كل طرف تجاه الآخر.
لكن ترى: من سينجح منهما للوصول إلى هدفه ثم تحقيق رؤاه؟ وهل إجهاض حلم أبو الفتوح سيكون له علاقة بعدم تطبيق رؤى وأحلام الإخوان؟ لنرى!.

[email protected]