رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فينظر كيف تعملون؟

كلمة رئيس مجلس الشعب د. محمد سعد الكتاتني، التي أعلن فيها "أن ثورتنا مستمرة وسنعيد بناء مصر الجديدة، وسنقتص للشهداء"، تضع خريطة عمل توافقية للقوى السياسية، وتؤكد في الوقت نفسه أن مجلس الشعب المنتخب بعد الثورة يواجه تحديات ضخمة، تحتاج لحشد دائم لطاقات القوى الفكرية والسياسية كافة في ميدان العمل.

وبالرغم من طول الفترة الانتقالية وما صاحبها من إحباطات للمواطنين والقوى الشبابية، فإن المجلس أمامه الفرصة لمواجهة تحدي بناء مصر الجديدة من خلال صياغة أجندة تشريعات وقوانين تحل المشكلات التي يعاني منها الشعب المصري، الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا مرهون بقدرة المكونات البرلمانية على التوافق وعدم الانجرار إلى التناقضات الفرعية التي سادت طوال العام التالي على نجاح الثورة في إسقاط المخلوع بين الإسلاميين والعلمانيين ثم بين الإسلاميين والقوى الثورية.
أما التحدي الآخر، الذي يرسم معالم النظام الديمقراطي بعد الثورة، فيتمثل في إعادة تشكيل العلاقة بين السياسي- المدني والعسكري، أو دور الجيش في الدولة الجديدة، حيث إن المؤسسة العسكرية، كما يقول المتخصصون، ظلت منذ ثورة 1952 أشبه بدولة داخل الدولة، وبالرغم من إعلان المشير تخويل المجلس الصلاحيات التشريعية والرقابية إلا أنه لا يحق لمجلس الشعب – وفق رؤية المجلس العسكري – تشكيل الحكومة، أو الرقابة عليها، أو وضع الدستور منفرداً، بمعني افتقاده لآليات الرقابة البرلمانية، ومحدودية صلاحياته التشريعية.
وهذا الأمر يتطلب من القوى الممثلة داخل البرلمان البحث عن صيغة مثلى لإبعاد الجيش عن السياسة، وتعزيز صلاحيات المجلس التشريعي المنتخب في آن، من خلال تعزيز التوافق الوطني داخل وخارج البرلمان، وإنهاء حالة الاستقطاب والانقسام، بين القوى الإصلاحية والقوى الثورية، والقوى الإسلامية والقوى العلمانية، وبين القوى الثورية والمؤسسة العسكرية.
إن القوى الثورية والشبابية ترى أن المجلس العسكري خالف خارطة طريق المرحلة الانتقالية، وأسال الدماء أمام ماسبيرو وفي شارعي محمد محمود ومجلس الوزراء، وهي ما زالت تتمتع بأدوات متعددة للتأثير في الواقع السياسي، خاصة أدوات الاحتجاج والتظاهر للضغط على شاغلي السلطة السياسية بعد الانتخابات، ولعل خطاب رئيس مجلس الشعب هو بداية للحوار

الذي كاد أن ينقطع معها.
أما التحدي الأبرز الذي يواجه برلمان الثورة، فيتمثل في تردي الأوضاع الاقتصادية، لاسيما مع تآكل الاحتياطي النقدي، وفقدان الاقتصاد المصري لموارد النقد الأجنبي، بعد تراجع إيرادات القطاع السياحي والاستثمارات الأجنبية، وزيادة عجز الموازنة، فضلاً عن تصاعد معدلات البطالة، وكل ذلك بالتزامن مع استمرار الانفلات الأمني... وهنا يجب أن نفك الارتباط بين الحق في التظاهر والاعتصام من جهة وبين التأثير في أداء الإقتصاد حيث أن التجربة البريطانية مثلاً تؤكد أن هذا الأمر يعتبر من منظومة أوهام تسيطر علينا، وتعطي البعض مبرراً لقمع الحراك الشبابي، الذي ما زلنا بحاجة إليه في مواجهة قادة عسكريون ينظرون للدولة على أنها غنيمة حرب!.
وعشية انعقاد الجلسة الأولى أظهر الإخوان المسلمون، وهم الحاصلون على النسبة الأكبر من المقاعد البرلمانية، اجتهادات هامة حول التعليم والسياحة والزراعة والصناعة والعلاقة بمؤسسات التمويل الدولية، لكنهم ما زالوا بحاجة إلى طرح مبادرة "النهضة" إلى النقاش المجتمعي والإعلامي، حتى يردوا على اتهامات موجهة لهم، بأنهم لن يحرروا الاقتصاد المصري من أفخاخ التبعية والاحتكارية، ويحشدوا الدعم لهذه المبادرة التي تهدف لتحرير بلادهم من التبعية بكافة أشكالها.
ختاماً.. هي كلمة خالدة لموسى عليه السلام خلّدها القرآن، لتبقى درساً لكل الأجيال ولكل المصلحين في الأرض، في قوله تعالى: "قال عسى ربكم أن يهلك عدوّكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون".