عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يا شيخ حسان!

شيخنا الجليل محمد حسان له مكانة كبيرة في قلوب الكثير من المصريين، نظراً لأنه متخصص في لم شمل القلوب على كلمة التوحيد، دون الدخول في مساحات التناقضات الفرعية التي تجعل العمل الدعوي يبدو كجزر منعزلة، وتجر الدعاة إلى معارك جانبية، يخسر فيها الجميع، لكن بعض اجتهاداته أثناء الثورة وبعدها، تثير التساؤل التالي: ماذا يجني الشيخ من دفاعه عن نظام المخلوع ثم نظام العسكر؟ بل وتدفعنا للقول: "لقد أخطأت يا شيخنا الجليل.. ولك أجر!".

استضافت قناة الحياة خلال الأيام الماضية، فضيلة الشيخ ليتحدث في الشأن العام، وليس - كما عودنا – عن الدار الآخرة، وثمرات الإيمان في الدنيا والآخرة، حيث قال في معرض حديثه المطول إنه تحدث من فوق منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب أحداث فتنة إمبابة مؤكداً أن مصر مهددة بالتقسيم إلى أربع دويلات، وأن هذه خطة موضوعة في أدراج الكونجرس الأمريكي، وناقشتها إحدى لجانه في جلسة سرية مغلقة مع المستشرق برنارد لويس.
بالطبع لن أسأل الشيخ: ما هو مصدر معلوماتك؟ لأننا تعلمنا منه توثيق المعلومة أو الخبر، بل قد أزيد عليه أن العلامة حامد ربيع وغيره من أساتذة العلوم السياسية العرب والغربيين تحدثوا عن مثل هذه المخططات، مشيرين إلى أن (إسرائيل) تنتهز الفرصة لتقسيم العالم العربي والإسلامي، المقسم أصلاً، من خلال نظرية الموزاييك أو "الفسيفساء".
وتعتبر هذه النظرية أن العالم العربى الاسلامى هو بمثابة (برج من الورق) أقامه الاحتلال البريطاني والفرنسي فى عشرينيات القرن الماضي، فلا تجمع سكان الإقليم من أعراق ومذاهب مختلفة، الهوية الاسلامـــية والعربية المشتركة، وإنما يجب إبراز كل فئوية قومية أو دينية أو مذهبية أو جهوية أو قطرية باعتبارها ذرات أو اجزاء منفصلة عن بعضها، وبالتالي تمزيق الوحدة القطرية الراهنة بالنسبة الى الدول العربية، كما يحدث في لبنان وسوريا والعراق والسودان، والدول الإسلامية كإيران وتركيا وباكستان وأندونيسيا، وهذا التقسيم – إذا تحقق - يصبح بإمكان الكيان الصهيوني أن يلعب دور الدولة الكبرى فيما تكون الشعوب العربية والاسلامية قد تمزقت بطريقة أسوأ من انقسامها الراهن.
والسؤال هنا لفضيلة الشيخ هو: هل بامكان عالم السياسة أن يكون عالم دين أو مفتياً؟ وهل بإمكان عالم الدين أن يتعاطى في الشأن العام ومشهده المعقد بهذه الطريقة التي توحي بمساندة المؤسسة العسكرية وكأنها المؤسسة الوحيدة المنوط بها الحفاظ على وحدة مصر؟.
لقد تحدثتم عن مخطط تقسيم مصر في مشهد مليء بالأخطاء للمجلس العسكري الحاكم، فهناك قتل للشباب، وسحل للنساء، وفشل في فك الاعتصام بالطرق السلمية الحضارية، ناهيك عن حديث غامض عن "طرف ثالث" يريد إشعال مصر وإسقاط الدولة.
وحديث الشيخ يصب في مصلحة الطرف المسئول عن البلاد، وينتقل بها من كارثة إلى كارثة، ويشيطن الثوار، بحيث يجعل من حركتهم الاحتجاجية يوم 25 يناير المقبل، أوقبل وبعد ذلك، نوعاً من جر الوضع في البلاد إلى مزيد من التأزم، وربما التقسيم، بالرغم من أنهم يريدون إنجاز الثورة، وبدلاً من أن يواجههوا بالحوار، تصوب إلى رؤوسهم فوهات البنادق، وتداس كرامتهم وإنسانيتهم.
بالطبع إن الحركات الشبابية الثورية ليسوا ملائكة أو معصومين من الأخطاء، لكن ألا تشعرون معي أن حديثكم المؤيد للعسكر على طول الخط هو نوع من استبطان

نظرية "ولي الأمر" في غير محله على الإطلاق؟.
ولماذا لم نسمع رأيكم في الأخطاء المتكررة لمجلس العسكر؟ وأخطرها أنه أراد دوماً أن يجعل المؤسسة العسكرية فوق الدولة فلا يناقش نواب الشعب ميزانيتها؟ وهل تعلمون فضيلتكم أن المشير ورفاقه لم يقصدوا بذلك التسليح وغيره من الأمور العسكرية الفنية التي تكشفها المؤسسات ووسائل الإعلام الأمريكية سنوياً، وإنما الميزانية الضخمة التي يتحصلون عليها من الاستثمارات في المكرونة والحليب والمياه المعدنية ومحطات البنزين وقاعات الأفراح والأجهزة المنزلية والكهربائية... إلخ؟!.
كما نود أن نسمع رأي فضيلتكم في تسريبات وثائق ويكليكس عن علاقة بعض القيادات العسكرية بجهات خارجية إسرائيلية وأمريكية، وسعي واشنطن طيلة أكثر من عشرين عاماً إلى (الاستثمار) في الجيش المصري من أجل تغيير عقيدته العسكرية حتى لا يعتبر أن (إسرائيل) هي العدو الأول للأمن القومي المصري؟.
إن مثل هذا السلوك السياسي المؤيد للمجلس العسكري لن يزيد من حالة الاستقطاب السياسي في البلاد وعدم إنجاز الثورة فحسب، بل قد يمهد التربة للخارج لكي يجد مواطىء قدم في الداخل، ويبدأ التحلل والتشرذم بأيدينا لا بأيدي عمرو!، لأننا فشلنا في تعزيز المشاركة الشعبية والرقابة على الحاكم ومحاسبته إن أخطأ. بالمناسبة يا شيخنا: أتمنى أن تذكر لي أحد المرات التي وجهت حديثكم فيها لمجلس المشير ورفاقه وقلت لهم: أخطأتم.
إن دعم الجيش المصري لا يكون أبداً بمساندة قيادات تجره إلى مواجهة خاسرة مع شعبه، بل بدعوتها إلى العودة إلى ثكناتها لكي تمارس دورها المنوط بها في إدارة الحروب والدفاع عن الوطن ووحدته، والمساهمة في بناء نظام جديد يعمل على تقوية هذ الجيش بكل السبل الممكنة حتى يكون مثل الجيشين الإيراني والتركي مثلاً، من حيث الاعتماد على نفسه في تسليحه وخططه. 
وبكلمة أخيرة: إن موقعكم يا فضيلة الشيخ محمد حسان كقائد رأي، أو زعيم داخل أحد التيارات المصرية، لا يجب أن يبيح لكم التجرؤ بهذا الشكل واتخاذ مواقف سياسية قد تحيد عن منطق الحق والعدل، ويجب أن يكون لفضيلتكم أو لمجلس شورى العلماء مستشارون سياسيون ومراكز بحثية ترفدكم بالرؤى والسياسات التي يجب عليكم اتخاذها.. إذا كنتم تنوون الإنخراط في العمل السياسي.