رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حوار مع صديقي الشيعي

حاورت صديقي الشيعي عن عدم قدرة الحكومة والمعارضة في البحرين على فتح صفحة جديدة، مما يفتح الباب واسعاً أمام التدخل الخارجي، ويجعل كل طرف يسارع إلى عواصم الدول العربية والأوروبية لحشد المؤيدين له من خلال العمل الإعلامي والحقوقي.. فقال لي: " اكتب مقالك وارحل عن البلد"!.

فأجبته بأن السياسة الحكومية بعد أحداث 14 فبراير تهدف إلى لم الشمل واتخاذ الإجراءات التي تعيد الإستقرار السياسي والاجتماعي والإقتصادي للبلاد، ومن المؤكد أنها تسعى من وراء ذلك إلى زيادة شرعيتها بعدما تأكدت أن التيار الشيعي الذي يسعى لإسقاط النظام لا وزن له في الشارع الشيعي البحريني، وأن غالبية شيعة البحرين هم من العرب ومتمسكون بهويتهم العربية وولائهم الوطني وهو ما ظهر في استفتاء الاستقلال 1970م والاستفتاء على الميثاق الوطني 2001م الذي دشن مشروعاً إصلاحياً سابقاً على الكثير من المشاريع الإصلاحية التي ظهرت في ظل ضغوط خارجية.
قلت له: لماذا تصمتون ولا تبذلون جهداً فكرياً ومدنياً لترسيخ المواطنة وتجفيف مستنقع الطائفية؟ فرد بالقول: جميع الأطراف إما تأخرت في معالجة الأزمة أو أخطأت ولا تريد أن تسمع تقييماً لما حدث أو تسمح بظهور رأى ثالث في هذا التوقيت!.
فكرت ملياً وقلت في قرارة نفسي: إن كلامك صحيح مئة بالمئة، فمجرد إعلاني أن لي صديقا،ً شيعياً هو مجازفة وـ"العقلاء" إذا تحدثوا سينتقدون سلوك القوى السياسية في طائفتهم أولاً، خصوصاً أنني لمست أن هناك قوى سنية ترفض التعايش مع الطائفة الأخرى، بعد أن قرأت الحركة الاحتجاجية في 14 فبراير بأنها تجيء في إطار مؤامرة شيعية كبرى ممولة إيرانياً.
فقال صديقي: إذا كنت تريد أن تكون من العقلاء الآن.. سوف ترحل لا محالة!.
فأجبته بالقول: إن المعارضة الشيعية ارتكبت أخطاء قاتلة – وما زالت بتحركاتها خارج البلاد – مثل: عدم قيادتها الشارع أثناء الحركة الاحتجاجية التي طالبت بحقوق إقتصادية وسياسية، وشخصنة الصراع مع رموز في العائلة المالكة التي تنال شعبية واسعة في الشارع السني، والسماح باختطاف الاحتجاج من جانب تيار جديد يدعو لاسقاط النظام وإقامة جمهورية إسلامية "شيعية". لكن القوى السنية أخطأت بدورها؟.
فرد صديقي قائلاً: تقصد أنها تغذي الشارع السني بالطائفية ومقولات التكفير وتروج بأن هذا من مصلحة سنة البحرين؟.
فأجبت: ليس هذا فحسب، فقد استغربت جداً من دعوة أحد الأشخاص الذي ينتمي لأحد التيارات الإسلامية بإعلان الجهاد ضد شيعة البحرين، لأنه إن أعلن ذلك ضد إيران فربما يجتذب مؤيدين كثيرين في دول الخليج العربي أما أن يعلنه ضد مواطنيه فهذا أمر لا تفسير له، كما استغربت من مسارعة هذه القوى، قبل أو بعد المعارضة، لعواصم عربية لحشد الرأي العام، وربما للحصول على صك موافقة بقمع الحركة الاحتجاجية وتقديمها للحكومة التي ارتأت أن مصلحة البلاد تقتضي لم الشمل وتعويض المتضررين من الأحداث.
فقال لي صديقي الشيعي: هل تقصد تصريحات الشكر في الصحف هنا للإخوان المسلمين بمصر عن موقفهم الذي أعلنوه بأن الحركة الاحتجاجية كانت ثورة طائفية تساندها إيران.
فقلت: إن القوى الإسلامية الخليجية لا تملك رؤى إستراتيجية وربما تتمايز بمواقفها الإقصائية تجاه طائفة من مواطنيها لدرجة أنها تعتقد أنهم عملاء لإيران التي أصبحت "العدو الأول" وهم أحرار في خياراتهم السياسية والفقهية شريطة ألا يؤثر ذلك بالسلب على العملية الديمقراطية أو أن يقنعون "مركز الحركة الاسلامية" بتبني هذه الخيارات، وهو ما يحول بينها وبين القيام بدور في "المصالحة" و"الإصلاح".
وكشفت لصديقي أن صاحب تصريحات الإخوان في مصر، وفقاً لبعض الروايات، كان يستقبل كتباً لا تحصى من أصدقاء في البحرين عن عقائد الشيعة ومؤامراتهم، وبصراحة لا يهمنى إذا كان اتخذ موقفاً تكفيرياً أو لا؟ ولكن ما يشغلني ألا تتورط الحركة الاسلامية في خطط الحرب المذهبية أو تنكر على طائفة أخرى مواطنتها كما يحلو للبعض أن يقوم بذلك.
...ز طلبت منه مواد وكتب لإرسالها لمصر؟!
فقال: إن في عمق "الانسان العربي عموما،

نتيجة للثقافة التي تشربناها منذ الصغر نوازع لشيطنة كل ما هو مخالف سواء كان هذا شيعي أو سني، إسلامي أو مسيحي، علماني أو ديني وأحسب الإخوان أكبر من هذه التوجهات الصبيانية "الاستجابة للشيطنة" خصوصاً وأن لديهم استحقاق بناء الدولة المدنية التي تساوي بين مواطنيها، ونظرة بهذا الضيق كفيلة بمحوهم سريعا من ديوان القبول لدى عامة المصريين حتى وان فازوا باغلبية ساحقة في الانتخابات.
لكن الرد لم يقنعني فسألته: بماذا تفسر موقف الإخوان وبعض القوى المصرية من أحداث 14 فبراير في البحرين والذي جاء بعد "الهنا بسنة"؟
فأجاب بسؤال هو: هل يمكن أن تصل وتؤثر في الإخوان المسلمين رؤية إنسان في بلد صغيرة كالبحرين مبتلاة بحراك من سماته التجاذب الطائفي الحاد الذي وصلت أصداءه لمسمع إخوان مصر، قلب العروبة، وهم مشغولون في هذا الوقت بخوض معركة الانتخابات؟!.
فقلت له ضاحكاً: الكلمة أمانة ومسئولية.. والله يسامحهم هم من علموني ذلك.. ولكنهم قد يغضبون من هذه الكلمات بمبررات كثيرة!!
فأجاب: وجهة نظري في كل فعل يصدر منا في هذا الزمن الصعب "ليس على الإخوان ولا السنة ولا الشيعة ولا اليسار ولا الليبراليين.. إلخ: إن حَكَمَ لنا الناس والحق علينا لأننا "ألحن بحجتنا"  في أي موقف كان، فإنما "نقتطع قطعة من جهنم".
وإن تجلى الأمر في غلبة أو نفود أو مجموعة مصالح نحققها مؤقتا فكل هذا "متاع الحياة الدينا" ولا يلبث أن يزول ويتبخر، فالأيام دول في الحياة الدنيا، أما الآخرة فلا تنفع فيها "عشيرة" بل كل أمرئ آتيه يوم القيامة "فردا"، يتبرأ كلٌ من الآخر" إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا".
وحين لا يكون لنا نور "قيم وأخلاق ومبادئ" تحكم سلوكنا هنا فلا تغرنا كثرتنا "طائفية كانت أو عرقية أو سياسية" فهناك في الآخرة ليس لنا من نور يوم نحتاج لنور يسعى بين أيدينا يقودنا على الصراط.. وتأمل معي قول الإمام علي "كرم الله وجهة" وهو يقول "هيهات أن أصلحكم بفساد نفسي" وما أحوجنا اليوم لمثل هذا الفهم.
قلت له: أعتقد أن هذه بداية جيدة للحوار؟ ويجب أن نتكلم الآن عن دوركم كنشطاء مدنيين يعملون بالفكر وحقوق الإنسان، ويستطيعون أن يكونوا همزة وصل بين نظام الحكم، بحكم علاقتكم الجيدة به، وبين عقلاء القوم من الطائفتين.. حيث إنني أعتقد أن السياسات الحكومية الداخلية أصبحت أكثر تقدمية بكثير من رؤى وممارسات بعض القوى السياسية.
هنا سكت الرجل وأخذ يرسل لي عبر الإيميل تحليلات وبحوث منشورة عن أحداث البحرين، وحاولت أن أجد له عذراً بالقول إن: "أهل مكة أدرى بشعابها"!.