رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

برغم كل الإحباطات، مازلت متفائلا!

ينصح الحكيم الصيني القديم تشوانغ تسي باتباع ما يسميه بالمسار الطبيعي للأحداث. ويمكن أن نقول باطمئنان، إن ما يحدث في مصر مسار طبيعي للأحداث. والصينيون يرون أنه كما أن الأزمة تشتمل على مصاعب، فإن فيها أيضا فرصا هائلة. والأزمة التي تمر بها مصر حاليا،

وهي أزمة ثقة في الأساس، حبلى بفرص واعدة. ولعل من أفضل الفرص التي أتاحتها الأزمة المصرية الممتدة منذ الخامس والعشرين من يناير أنها فتحت عيون المواطن البسيط على حقائق عديدة كان يجهلها، وجعلته يسمع بأذن واعية ويقرأ بعين ناقدة. والذين يكلفون أنفسهم عناء الانخراط بين المواطنين البسطاء سوف يتعلمون أشياء كثرا ويرون صورة مختلفة تماما عن((تحاليل)) استوديوهات الفضائيات. لقد سقط كثيرون كان العامة من الشعب يعتبرونهم رموزا. ولا أنسى مشهد السيدة الوقورة التي كانت تحرص على متابعة برنامج إعلامي فذ ((لهف)) كثيرا في زمن مبارك، ومازال يلهف حتى الآن، لا أنسى مشهدها وهي تبصق على وجهه في شاشة التلفاز. سقطت أقنعة كثيرة، ومازالت تسقط. تعرت عقول وأفكار وأجساد كانت تتستر خلف ((فضيلة)) معارضة النظام، فلما سقط النظام لم تجد ما تواري به سوءتها، فعارضت أي شخص وأي مؤسسة، لأي سبب. صار الشعار الأعلى لمنتفعي الثورة ((يسقط، يسقط))، حتى بدا للمرء أن أسنان المصريين هي الشيء الباقي الذي لم يسقط. بيد أن الحقيقة غير ذلك، فبينما هتافات السقوط تدوي في جنبات التحرير والأربعين والقائد، وغيرها من ميادين ((الثوار))، هناك فلاحون صامدون تحت الشمس يحصدون القمح ويبذرون الأرز، لتخرج الأرض حبا ونباتا لثوار التحرير، ويرعون الماشية والدواجن، ليأكل الثوار وضيوف الاستديوهات لحما أحمر وابيض. التفاؤل الذي يملؤني نابع من الأيدي الخشنة لفلاحي مصر وعمالها، فقد سأمت العيون ساعات اليد الضخمة البراقة ودبابيس الأساور اللامعة في أيدي ((محللي الاستوديوهات)).
قال كونفوشيوس، حكيم الصين العظيم: "من الضروري أن يكون قلقك على نقص العدالة والاضطراب أكثر من قلقك على الفقر". وفي تاريخ الصين، فضّْل قو دان فو، مؤسس أسرة تشو الإمبراطورية، أن يتنازل عن بعض من

إقليمه السياسي على الدخول في صدام مع أبناء دي، وهم أقلية قومية على الحدود الشمالية، عندما كان على خلاف معهم. لَمَ كان ذلك؟  قال قو: "إن ما طلبه أبناء دي لم يكن شيئاً غير الأرض والناس. كان من الأفضل أن نسلّْم لهم الأرض والناس وندعهم يتولون ذلك، وليس أن نشن حرباً من أجل الأرض والناس. إن الأمر لن يختلف بالنسبة للناس، بصرف النظر عن الذي يحكمهم." 
نعم، يبدو أن الأجواء صارت مسمومة ولا مكان لشهقة هواء نقي، ولكن فطنة المصريين، وجهود المخلصين من أبنائها الذين أسقطوا نظاما فاسدا عاتيا، تبشر بأننا على درب المسار الطبيعي للأحداث.
مصر تغيرت، وتسير إلى الأمام، ولن يستطيع أحد أن يجرها إلى الخلف مرة أخرى. وسواء أصبح الدكتور أحمد أو الدكتور محمد رئيسا لهذا البلد لن يمكنه أن يحولها عن المسار الطبيعي للأحداث. أما ((ثوار التحرير)) فعليهم أن يدركوا أنه إذا لم يتحرك الشارع معهم فإنهم يحرثون البحر. والشواهد كلها تقول إن الشارع- وإن بدا غاضبا لأسباب كثيرة- فإنه مازال قادرا على تحمل هذا الغضب، وأن حافز الذهاب إلى الميدان يتآكل وأن ما يحدث في التحرير بات بالفعل باعثا للاشمئزاز، وأن وحدة الميدان التي كان عليها في يناير 2011 غير قائمة، فالكل يعلم أن كل من في الميدان يلعب لمصلحته الخاصة والضيقة جدا.