رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة إلا حتة.. حتة كبيرة

عندما قامت ثورة الصدفة ثورة الشباب في 25 يناير التي بدأت بمسيرات مناهضة للنظام في يوم عيد الشرطة وذلك رغبة من الشباب في التهكم علي الجهاز الأمني القمعي للنظام وتطورت المظاهرات سريعاً لتصبح مليونية وتسقط النظام العجوز الذي كان يتكئ علي عصا الشرطة التي انكسرت ولم تستطع تحمل ثقل وزن عجوز السلطة الذي سرعان

ما أتي بالمؤسسة العسكرية لحمايته وأسرته من مصير دموي محتم أو هروب مهين غير مقبول من شخصية مثله عنيدة ومتعالية.
وأصبح ثوار التحرير في مواجهة المؤسسة العسكرية التي لم تعترض مسيرة الثورة في بدايتها بل أنها اغتبطت لان الثورة انجزت مهمة إزاحة جمال مبارك من المسرح السياسي باعتباره «الوريث المحتمل» وهي المهمة التي عجزت المؤسسة العسكرية أن تنجزها طوال عشر سنوات نتيجة ولائها العسكري للقائد الأعلي للقوات المسلحة، هذا الولاء الذي مازال قائماً في شكل الحفاظ علي حياة حسني مبارك وأسرته، فقد ارتأت المؤسسة العسكرية أن الثورة التي قامت قد استنفذت الغرض منها ألا وهو إزاحة جمال مبارك لذا أصبح استمرار هذه الثورة غير ضروري بعد اتمام المهمة.
أكان التخلص من جمال مبارك يستوجب التضحية بأرواح كل هؤلاء الشهداء الذين سقطوا في سبيل الحرية؟! ناهيك عن الخسائر التي لحقت بالاقتصاد القومي من جراء الصدام بين مؤسسات الفساد وجماهير الشعب الراغبة في الانتقام!
إن ثورة 25 يناير أهدرت فرصة تاريخية لإرساء قواعد نظام جديد عندما لم تستند إلي مبدأ الشرعية الثورية واستدرجت من قبل المؤسسة العسكرية «الحامية للثورة»؟! إلي احترام مبدأ الشرعية القانونية التي كان يجب إهدارها فور قيام الثورة حتي تتمكن الثورة من إرساء قواعد النظام الجديد خاصة أن القادمين علي تطبيق الشرعية القانونية هم من رموز النظام السابق، إن ضحالة فكر الثوار وانعدام رؤيتهم السياسية واستئثار الشباب بثورتهم خوفاً عليها من أن يستولي عليها آباؤهم الذين عانوا مثلهم من مساوئ النظام المتهاوي قد أدي إلي تحجيم الثورة وحصارها في مساحة ضيقة لم تسمح للثورة أن تتطور لتصبح ثورة كاملة.
إن استعانة المؤسسة العسكرية في بدايتها برموز حركة الإسلام السياسي وما أعقب ذلك من استفتاء موجه دينياً وصراع علي دستور وانتخابات متسرعة تمثل رغبة من المؤسسة العسكرية في التخلص من مسئولية إدارة الدولة وإلقاء المسئولية علي عاتق جهاز إداري صارم ومنظم. خاصة أن المهمة الرئيسية للثورة من وجهة نظر المؤسسة العسكرية هي إزاحة التوريث قد تمت بواسطة آخرين، وقد آن للقوات المسلحة ان تعود إلي أداء مهمتها الرئيسية ألا وهي الدفاع عن الدولة التي كانت قد شارفت علي السقوط نتيجة لمفهوم خاطئ وهو ان «النظام السابق هو الدولة».
إن إحساس الشباب بأن الثورة التي قاموا بها استفاد منها أطراف آخرون لم يكونوا أصلا جزءاً من الثورة قد يؤدي إلي محاولة استعادة الشباب لثورتهم في ظل حكومة قد تكون حكومة دينية النزعة وقد يؤدي ذلك إلي صدام بين جماهير الشباب المتطلعة لاستعادة الثورة والقوي السياسية الدينية التي قد

تكون في موقع السلطة نتيجة عملية انتخاب ديمقراطية شرعية قانونية وهما النقيض لشرعية الثورة التي حرمت منها الثورة المصرية.
وسوف تجد المؤسسة العسكرية نفسها في مأزق جديد بعد أن منت نفسها بانتهاء الثورة وذلك عند حدوث مواجهات بين شباب الثورة الذي بلا شك يمثل مصر الحديثة التي نتطلع إليها جميعاً وبين القوي السياسية الدينية التي وصلت إلي المجالس النيابية والنقابات.. بإنتهازية غير إسلامية.
عندئذ سوف تكون المواجهة بين شباب مصر الغض الذي سوف يعامل معاملة الكفار في مواجهة القوي الدينية المدربة التي وصلت إلي سدة الحكم وتمثل المؤمنين (المهاجرين والأنصار) سوف يكون الخروج من هذا المأزق السياسي بالنسبة العسكرية أكثر صعوبة من مأزق التخلص من جمال مبارك.
هذا المأزق نشأ عندما لم تستطع المؤسسة العسكرية التنصل من ولائها العسكري للنظام السابق واكتفت بإزاحة جمال مبارك ولم تستطع استيعاب فكر الشباب مع الاحتفاظ بقدرتها علي احترام تعهداتها واستراتيجيتها العالمية في آن واحد.
إن المؤسسة العسكرية لم تتدخل في المواجهات التي حدثت في بداية الثورة بين الشباب والشرطة واقتحام مبني أمن الدولة وذلك تأديبا للشرطة وبالتحديد جهاز أمن الدولة الذي تقرب من النظام السابق علي حساب العلاقة بين المؤسسة العسكرية والنظام سوف تستعين المؤسسة العسكرية بحكومة الأحزاب الدينية في مواجهة وتأديب الشباب وبعد انتهاء المهام التأديبية سوف تتدخل المؤسسة العسكرية لفرض القانون والنظام بعد أن يكون تم تأديب الجميع بأيديهم وبعضهم البعض.
إن المرحلة القادمة سوف تكون شديدة الوطأة علي كل الأطراف التي شاركت في الثورة ما لم تفرز الانتخابات الجارية مجلس شعب متوازناً قادراً علي استيعاب فكر الشباب الذين قاموا بالثورة وحرموا من العدالة والمساواة التي طالما كانت رمزاً للإسلام السياسي والعدالة والمساواة والحرية والكرامة والمواطنة وعدم التمييز الديني التي طالما نادت بها القوي الليبرالية الحرة.
أرجو ألا يكون الوقت قد تأخر بالشباب الذي احتكر الثورة لإرساء قواعد النظام الجديد الحر فقد كانت «ثورة إلا حتة.. حتة كبيرة».
-----------
مساعد رئيس حزب الوفد