عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

"محاكمة المخلوع".. كيف انتقلت من الاعجاب إلى التشكيك؟

في الشهور القليلة التالية لثورة الخامس والعشرين من يناير كانت النتيجة الملموسة الوحيدة لهذه الثورة البيضاء هي محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك  وأبناءه ووزير داخليته حبيب العادلي وكبار مساعديه في اتهامات تتعلق بقتل المتظاهرين والفساد الذي انتشر في عهده، وتوقفت هذه المحاكمة لمدة ثلاثة أشهر بسبب قيام أحد المدعين بالحق المدني في رد المحكمة.

خلال الأسبوع الماضي استأنفت هذه المحاكمة وخلال متابعتها في هذه المرحلة تبدلت رؤية كثير من الشعب المصري وعدد ليس قليل من المتابعين والمحللين من الإعجاب والإشادة بالمحاكمة الغير مسبوقة إلي التشكك في إمكانية انجازها بطريقة متكاملة تحقق العدالة التي يطلبها أهالي الشهداء.
الأسباب التي دفعت الكثيرين إلى الإعجاب بهذه المحاكمة كثيرة أولها: أن مصر بهذه المحاكمة تكون أول دولة عربية تقدم رئيسها للعدالة بتهم تتعلق بالفساد وثانيها: أن المحاكمة تؤسس لعهد جديد تكون فيه السيادة للقانون وتشكل رادعا أمام أي حاكم أما ثالث هذه الأسباب فهو أن بهذه المحاكمة يمكن استرداد مليارات الدولارات التي تم تهريبها خلال 30 عاما مضت.
الرياح تأتي دائما بما لا تشتهي السفن فكل تلك المظاهر تحولت إلى النقيض مع مرور الأشهر فبعد استئناف المحاكمة الأسبوع الماضي ظهر إحساس الشك في إكمالها بالشكل المطلوب الأمر الذي دفع صحيفة "الجارديان" البريطانية  إلي القول أنه من المتوقع  استمرار محاكمة مبارك لأشهر أو سنوات, بسبب عجز المحكمة حتى الآن عن جلب أدلة تدين مبارك في الاتهامات الموجهة إليه من التواطؤ في قتل المتظاهرين، والفساد الذي انتشر خلال عهده , في ضوء اختلاف وتعقيد هذه الاتهامات.
وبالتالي أصبح هناك سؤال يشغل بال كثيرين وهو هل تأجيل محاكمة مبارك لمدة ثلاثة شهور ووقوع أحداث ماسبيرو ثم شارع محمد محمود ثم مجلس الوزراء كانت لعبة كبيرة لخروج مبارك نظيف اليدين من التهم الموجهة إليه.
وثمة سبب مهم يعزز شعور الشك لدى المواطن في عدم جدية المحاكمة وهي صورة الرئيس المخلوع أثناء المحاكمة مستلقيا على ظهره وقدميه في مواجهة المنصة وجمهور المحامين والحاضرين، وارتداؤه ترينج جديد بلون مختلف مع كل جلسة من جلسات المحاكمة.
ناهيك عن الطائرة وسيارة الإسعاف والحراسة المشددة وحالة الطوارئ التي تحيط بيوميات المحاكمة أو حتى المستشفى السبع نجوم التي يعالج

فيها، فقط أنظر هنا إلى هيبة المحكمة التي ينتقص منها هذا المشهد، هذه الأمور وإن بدت شكلية إلا أنني أرى أن التدخل لمنعها أمر في غاية الأهمية. وأتعجب من هيئة المحكمة التي تسمح له بحضور الجلسات في هذه الصورة المستفزة والتي تعطي نموذجا صارخا في التمييز، خاصة وأن مبارك لم يعد رئيسا وإنما هو الآن مواطنا عاديا متهما.
أيضا صورة جلوس حبيب العادلي في قفص الاتهام ووضعه بين مساعديه على النحو الذي كان عليه في وزارته. فهو يجلس في صف منفرد وكل مساعديه يجلسون على صفين، وكأنه ما زال في ديوان وزارته وليس في قفص اتهام يكون فيه كل المتهمين متساوين.
جلوس العادلى بهذه الطريقة في جلسات المحاكمة يعطي انطباعا لكل المصريين بأنه لا يأبه بالمحاكمة لكونه ما زال يتمتع في محبسه بمستلزمات مكانته الوظيفية السابقة. بل أكثر من ذلك نشاهد مساعديه يقبعون خلفه وكأنهم في انتظار أن يوزع عليهم أعمالهم، وفي عيونهم انكسار المرءوس لرئيسه.
يضاف إلى كل ذلك حرية حركة جمال وعلاء مبارك بدون كلابشات خلال تحركاتهم من وإلي قاعة المحاكمة ما يعطي انطباع بأنهما مازالا يتمتعان بحصانة أولاد الرئيس.
وماذا بعد؟ .. كل الأطراف الفاعلة والمؤثرة في هذه المحاكمة مطالبة الآن باحترام مشاعر الشعب المصري واحترام القضاء المصري واحترام ثورة 25 يناير واحترام التضحيات التي قدمها أبنائها وعليها أيضًا أن تعي جيدا أن من يقبع في قفص الاتهام الآن هو "المواطن محمد حسني مبارك" !