رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عار.. زينة

.. أخذ ابنته الصغيرة في حضنه وشد الجورب الصوفي على قدميها، وجذب القبعة لتغطي أذنيها، ومد يده يرفع درجة مدفأة الزيت الإيطالية لأقصى درجة قبل أن يضع قدميه بملاصقتها ويحرك أصابعه بين فتحاتها حتى لا «تلسعها» حرارتها،

.. وأمسك بالهاتف صارخاً على شركة التكييف التي لم تقم بعملها في صيانة الأجهزة المنتشرة في بيته لتقوية تدفئتها لمواجهة انخفاض درجة الحرارة وموجة الصقيع التي تضرب المنطقة..
ثم.. وبأطراف أصابعه ضغط على ريموت التلفزيون ليجد صورة «خير» السوري.. الحمصي، وهو يسير وسط الثلوج العاصفة، حاملاً «جثة» ابنه ماجد ذي السنوات الست «مجمدة» وفي عينيه نظرة تحرق فؤاد كل ذي إحساس، وتفطر قلب كل أب وأم،.. نظرة تحمل ألف معنى وألف سؤال:.. لماذا تركتم «ماجد» يموت برداً؟.. لماذا تخليتم عن طفل صغير ليواجه وحده عاصفة ثلجية أسميتموها «زينة».. لتحملوا جميعاً عار ما فعلته بأشقاء لكم في الإنسانية؟
«ماجد».. ابن «حمص» الجميلة.. ودَّع عالمنا القاسي إلى مكان أفضل، لكنه نثر «ثلوج» العار فوق رؤوسنا جميعاً،.. حمل براءته ورحل تاركاً عالماً انعدم فيه الإحساس بالآخر،.. وتراجعت فيه صفات النخوة والمروءة.
سوريون.. إخوة لنا.. حباهم الله ببقعة من أجمل بلاد الدنيا، جمعت بين الطبيعة الخلابة، والجو المعتدل، والتاريخ الذي تشم عبقه من سوق الحميدية في دمشق القديمة، وخلال كل حجر وزاوية في قلاع حلب وحمص، ويفيض جمالاً في طرطوس واللاذقية ومشتى الحلو وغابات «الفرلق» والزبداني.. أينما وليت وجهك فثم جمال أسبغه الله على سورية.
سوريون.. إخوة لنا.. فقدوا منازلهم.. وأموالهم.. وتجارتهم.. ومدخراتهم.. وممتلكاتهم.. وقعوا ضحية للعبة سياسية «قذرة»، تشردوا بسببها في مخيمات.. ذات خيام من

البلاستيك لا تقي برد شتاء قارساً، ولا لفح هواء بارد، ولا عاصفة ثلوج قاتلة، تركناها تعصف بأجساد أطفالهم الرقيقة، وتطيح بأجسام شيابهم الواهنة،.. وتزهق أرواحهم عائدة الى بارئها شاكية تخاذل الإخوة.. وظلم ذوي القربى.. ونسيان الانسان لأخيه الانسان.
أين نحن من قول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: «ليس منا من بات شبعان وجاره جائع».
فما بالك بـ«جارك» الذي لا تغمض له عين من قسوة البرد.. ونحن «نرفل» في كل انواع التدفئة.. وما بالك بجارك الذي يموت اطفاله بين يديه «تجمدا».. واطفالك يتدثرون بكل ما يدفئهم؟
أدعو وفورا الى «اطلاق» حملة وطنية نشارك فيها جميعا تحت مظلة «الهلال الاحمر» لجمع تبرعات لهدف واحد هو «اقامة مبان مؤقتة».. والله العظيم مؤقتة.. حتى لا تجزع الدول المضيفة من احتمال استطالة فترة الضيافة!! على أن تكون بمواصفات تتحمل زمهرير برد الصحراء القارس، ويستطيع اخوتنا السوريون الذين ابتلاهم الله بهذا الشتات ان يعيشوا فيها دون ان يخشوا على اطفالهم من التجمد.. وعلى شيوخهم ونسائهم من الاختناق.
وحفظ الله مصر وأهلها.. وسوريا وشعبها من كل سوء.


[email protected]
[email protected]