رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حرية.. «التعبيـ...ط»


.. أعتقد أنه من شبه المستحيل أن يخرج علينا كاتب عاقل أو إعلامي متزن مدافعاً عن خنق حرية التعبير أو تكميم الأفواه أو منع نشر أو بث الرأي الآخر!.. لأنه في هذه الحالة يعطي السلطة الحق في منعه هو شخصياً من التعبير عن رأيه، وبالتالي يكون كمن يضع بيده حبل المشنقة حول عنقه.

كما لا أعتقد أن حاكماً عادلاً، أو مسؤولاً فاضلاً يسعى الى خلق صورة ذهنية انه لا يطيق النقد ولا يتحمل الرأي الآخر، وبالتالي يعطي خصومه مبررات اغتياله معنوياً، ويمنح معارضيه أسلحة مقاومته شعبياً وجذب الناس الى صفوفهم.
كان لابد من توضيح ما سبق قبل الخوض في «مصادفة» إعلان الأديبين المحترمين علاء الأسواني وبلال فضل توقفهما عن الكتابة في الزميلتين «المصري اليوم» و«الشروق» بعد أن منعت إدارتا الجريدتين نشر مقالين لهما ينتقدان إدارة الحكم الحالي في مصر.
ولا أعتقد أن الحاكم –أياً كان- يتدخل في منع المقالات والبرامج ولكن ربما أصبح بعض أصحاب الصحف والفضائيات، ملكيين أكثر من الملك!
ولا أدري لماذا تعوّدنا أن «نصعِّد» خلافاتنا المهنية ونعتبرها دائماً «قضية أمن قومي»، واعتداء على الحريات العامة، وقمعاً فاشياً، وكبتاً نازياً، واغتيالاً معنوياً لقيمة هذا الكاتب أو قامة ذاك الروائي؟!
في عصر الفضائيات المفتوحة، والصحف الالكترونية و«تويتر» و«فيس بوك» تتم قراءة المقالات الممنوعة من النشر في الصحف الورقية، بعدد مرات يتجاوز رقم توزيع الجريدة الورقية نفسها، وخصوصاً عندما يحصل المقال على خاتم «ممنوع من النشر»!!.. تماماً كما كان المنتجون السينمائيون في الماضي يتعمدون وضع بعض المشاهد «الساخنة» غير المبررة للحصول على خاتم «للكبار فقط» من الرقابة، لضمان أعلى مشاهدة!
وبالتالي فإن منع إدارة تحرير الجريدتين لنشر المقالين لن يمنع «إطلاقاً» وصولهما الى الناس، بل ربما ساهم في زيادة «انقرائية» المقالين، وشعبية الكاتبين.
ولكن ماذا إذا ارتأى رئيس تحرير الصحيفة أن نشر مقال ما سيضر الصحيفة وتوزيعها وإعلاناتها وولاء قرائها أو انه سيؤدي بالجهة المتضررة منه الى رفع الأمر للقضاء، ويتوقع أن تربح القضية ضده وضد الكاتب والجريدة؟
هنا على رئيس التحرير تحمّل المسؤولية كاملة، إما بالنشر وتحمل العواقب، أو بالمنع وتحمل التبعات، ومنها اتهامه بوأد الحريات، وكبت الآراء، .. وربما النفاق ومداهنة المسؤول الذي تم انتقاده في المقال!
ومسألة «تقدير» الأمر تعود لرئيس التحرير، وهو حر في اتخاذ القرار وتحمّل العواقب، والمسألة «تقديرية» تحكمها أمور كثيرة تدخل تحت بنود عديدة

منها القانون والعرف وغير ذلك.
وأيضاً هناك حالات تتحول فيها حرية التعبير الى حرية «التعبيط».. من العَبَط أحياناً، أو «الاستعباط» أحياناً أخرى، بما يعتقد رئيس التحرير أنه يضر بمصالح الصحيفة أو مصالح البلاد العليا حتى –من وجهة نظره- ويكون منع النشر، وتحمل تبعاته أيضاً هو الحل، .. والمسألة تقديرية لا قواعد لها، وحساسة تحكمها عوامل عديدة، كسقف الحرية في المجتمع، ومدى تطور الديموقراطية في الدولة، ونزاهة القوانين التي تحكم ممارسة العمل الإعلامي، وشجاعة رئيس التحرير نفسه.
وأسوأ الأمور تحدث عندما يتصور الكاتب أن سقف الحرية مرتفع جداً، بينما يدرك رئيس التحرير أنه دون ذلك بكثير، ولا يصلان الى نقطة التقاء متقاربة، في عمل هو في النهاية «وجهة نظر» يحمل توقيع كاتبه، غير أن القانون – للأسف - يلزم رئيس التحرير بتحمل المسؤولية التي قد تصل الى إغلاق الصحيفة مؤقتاً أو سحب ترخيصها نهائياً بحكم قضائي.
في المجتمعات التي سبقتنا للديموقراطية، ذات سقف الحرية المرتفع جداً، والتي لا تعاني من نسبة أمّية عالية، لا يجد الكاتب غضاضة في التعبير عن رأيه بحرية كاملة، مع تحمّل مسؤوليته أمام المجتمع والقانون،.. أما عندنا فلا بديل –حتى الآن وفي ظل القانون الحالي- عن اللجوء لتقدير الزميل «المسكين» رئيس التحرير، الذي إذا منع المقال تم اتهامه بقمع الرأي وكبت الحريات، وإذا سمح بنشره يُجَرّ الى ساحات المحاكم، ويتحمل تهمة تقويض دعائم الدولة، وخلخلة قواعد النظام، وربما الخيانة العظمى!!
أما علاء الأسواني وبلال فضل، وباسم يوسف قبلهما، ففي فضاء الانترنت متسع للجميع!!
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.


[email protected]
[email protected]