رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رسالة من سائح «سابق»

في زمن يذهب فيه الأطفال الى مدارسهم تحت حراسة الشرطة، ويتقاتل فيه أبناء الوطن الواحد بسبب «أغنية» أو إشارة بكف اليد، وتختفي فيه الابتسامة من فوق شفاه المصريين، وتضيع ملامح الإشراق والتفاؤل لتحلّ محلها علامات العبوس واليأس والقنوط، وتتداخل أكوام القمامة مع الآثار في أعرق مناطق قاهرة المعز، دون أن يشعر مسؤول بالخزي والخجل.

في مثل هذا الزمن كيف تريدون أن تنتعش السياحة، ويأتيكم السائحون أفواجاً.. أفواجاً؟..
مثير للشفقة حال «أهل السياحة» في مصر: القاهرة القديمة لا تجد من يزور شوارعها، ويتلمس حوائط مبانيها، ويصلي ركعتي التحية في مساجدها العتيقة، شارع المعز لدين الله الفاطمي عادت الكآبة الى مبانيه الأثرية – وتفريعاته الثرية، بعد أن شهد زمان نور وبهاء.
الحواري القديمة حول الحسين، حارة المسك والعنبر وحارة الوطاويط التي كان طائر «السنونو» يلف في أجوائها ليل نهار، لم تعد لهما نفس «العبق» القديم الذي تمتزج فيه رائحة حوائط البيوت العتيقة، بخشب أبوابها ومشربياتها القديمة، برائحة البشر الذين يقطنونها أباً عن جد منذ مئات السنين.
ماذا حدث لشوارع «تحت الربع» والمغربلين والنحاسين والخيامية وبوابة المتولي وباب الخلق؟.. هل ضاقت الشوارع بسبب توسعة المباني وتجاوزاتها، أم «ضاقت» من سكانها وسياراتهم والأصوات المنبعثة من ممارستهم حرفهم وصناعاتهم وخناقاتهم؟
وما هذا الصمت المريب حول أهرامات الجيزة، وحارسها المهيب أبو الهول؟، أين ذهب الزوار المنبهرون بشموخ وعظمة وهيبة مقابر الأجداد؟.. لم يعد حولها سوى صبية يرتعون بجيادهم بحثاً عن ظل سائح أو أسرة مصرية ربما يعودون من زيارتها بثمن إطعام الحصان!
وهل هذه هي «شرم الشيخ» التي نعرفها؟!.. من هؤلاء الذين يتسكعون في مدينة الذهب.. ودرة سيناء؟
ومن سمح لهم بمضايقة من حاول قضاء بضع ليال فيها، ربما بهدف إثبات أنها مازالت حية بين بقاع السياحة في الأرض؟ أين ابتسامات موظفي الفنادق، والنكات والقفشات التي تملأ

مقاهي خليج نعمة؟
حتى الإسكندرية.. لم تعد «رمالها زعفران»، وتوقف شارع الكورنيش عن الاغتسال صباحاً بمياه البحر الهائج في «نوّات» بداية الشتاء، واختفى عشاق لحظات الإشراق الأولى للشمس الوليدة ونسمات هوائها التي لا مثيل لها من فوق أرصفة العصافرة وميامي وسيدي بشر، وازداد شارع «خالد بن الوليد» زحاماً، وصخباً دون أن يعرف أحد لماذا غادرته «روح الإسكندرية»؟... أيووووه يا جدعان.. أين ذهبت هذه الروح الآسرة.. المميزة؟ هل ضاعت في المشاحنات اليومية بين المتظاهرين لعودة مرسي.. والداعين لاستمرار الحياة في «الثغر» الذي كان باسماً.. قبل «مرسي»؟
وكيف هانت علينا «الأقصر» نتركها تحتضر وهي تضم ثلث آثار العالم المسجلة في اليونسكو، وتضم «أطيب» وأنقى القلوب المصرية.. قلوب أهل الأقصر «البيضاء»، وابتسامة أبناء «أسوان» الساحرة صاحبة أدفأ وأجمل فصل شتاء في الدنيا؟.. فمن لم يرتشف كوب الشاي في شرفة «الأولد كاتراكت» في الشتاء، وهو يمتّع عينيه بالمراكب الشراعية وهي تحاور جلاميد الصخر الأحمر وسط النيل، فقد فاته الكثير.. والكثير.
أعيدوا لنا مصر التي نعرفها، وسارعوا بحل مشاكلكم فقد تعبنا طوال العامين الماضيين ونحن ننتظر من يقول لنا: مصر عادت شمسها الذهب فعودوا إليها، وافترشوا نيلها.. فالبيت بيتكم!
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.


[email protected]
[email protected]