رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

المصري.. الحـائر (4)

.. هي قناة السويس إذاً، .. بالأمس كانت مطمع الاستعمار مع مشروع «دالاس» لتدويلها في منتصف الخمسينيات، ثم احتلال إسرائيل لسيناء والسيطرة على الجانب الشرقي في السبعينيات لترسخ وضعاً يسمح لها بالمطالبة بالمشاركة في الإشراف عليها، ثم في نهاية العقد الأول للألفية الثالثة تخرج علينا «خزعبلات» مشاريع «تأجير» الممر الملاحي الأهم في العالم، وإدارته وتطويره..

قناة السويس وسيناء ومصر، لا غنى لأي قوى دولية عنها، وإلا فكيف تفرض أمريكا – مثلاً – نفوذها على العالم، وكيف تصل حاملات طائراتها الى الخليج وبحر العرب وأفغانستان واليابان والهند، وكيف يصل إليها نفط الخليج؟، كل ذلك لن يتم دون وجود «تفاهمات» مع النظام الذي يحكم مصر، أياً كان، والأفضل هو السيطرة المباشرة أو غير المباشرة على القناة.
وتواصلاً مع حالة الشك والحيرة التي تعرضت لها في المقالات الثلاثة السابقة نصل الى عهد مبارك بعد أن قتل «أشاوس» الجماعة الإسلامية السادات – ثم أعلنوا ندمهم في عهد مرسي!! -.
أعجب ممن يسعدون بمحاكمة مبارك بتهمة التربح، وأضحك على من ينتظرون «سجنه» لاستغلاله القصور الرئاسية!!.. يا جماعة أنتم عبط والا بتستعبطوا؟!.. فلوس وقصور؟!.. لا والله؟!
حكمنا الرجل 30 عاماً، وترك مصر.. أو بالأدق أجبر على تركها وهذه حالها وحالنا.. ثم تحاكمونه على تركه الثوار يقتلون وتتهمونه بالتربح واستغلال القصور.. لا والله إن «القصور» لفي عقولنا وإدراكنا، 30 عاماً، انتهت بثورة، وبلد تهلهل اقتصادها وفقدت مكانتها ومكانها ودورها الذي تستحق بين الأمم، وأهلكت الأمراض صحة أهلها، ونخرها الفساد حتى النخاع، وشُوِّه ماضيها، واسودّ حاضرها، وأظلم مستقبل أبنائها فيها، كل ذلك وتحاكمونه من أجل «القصور» الرئاسية؟! ابتلاكم الله بـ«قصور» في أعضائكم، كما هو في بصائركم!!
ومع سقوط دولة مبارك، وصعود «دولة الإخوان»، زادت حرب الشك والتشكيك، وعرفنا مصطلحات جديدة مثل «الشهيد البلطجي»، و«الثائر القبيض»، و«الثورجي الشنطة»، الذي يحمل بضاعته ويتنقل بها بين فضائيات السبوبة، ويتهم غيره من رفقاء الثورة بأنهم «يتموّلون إرادياً» من الخارج، حتى «يتحوّلون» في الداخل، وشككنا في كل شيء، وتحوّل نموذج الثائر في أذهاننا من «جيفارا» الى «الثائر الحصالة»، كلما «موَّلته» أمريكا أكثر.. ثار أكثر وأكثر!
وبدأنا نفرز «الورد اللي فتح في جناين مصر»، لنكتشف أن جزءاً منه كان ورداً بلدياً فواحاً أصيلاً، والباقي «صنع في الولايات المتحدة».. ما علينا، وحتى لا نخوض في أعراض «ولايا» سترهن الله، ففضحن أنفسهن!!
نقول إن دولة الإخوان ساعة.. عفواً أقصد «سنة» وانتهت، بعد أن احترنا في أثنائها حيرة ما بعدها حيرة، ودُخنا مع الإخوان دوخة الأرمن بعد أن شتت شملهم الأتراك جدود أردوغان.
ففي غمرة الفرحة الثورية بعد تنحي مبارك، انفجرت في خيالاتنا أحلام طائشة وغير مسبوقة، خير اللهم اجعله خيراً.. كأن سيأتي على حكم مصر حاكم عادل، يرفع الظلم ويملأ المحروسة قمحاً وعدلاً وخيراً، ويقضي على دولة الفساد المتجذر الى غير رجعة، وينشر المحبة والأمن والسلام، ويسود القانون، وتنقهر الأمراض، ويتزاحم المستثمرون على أبواب مصر، وتتغيّر الأخلاق فتتسع الأرزاق، وتقفز مصر الى مصاف الدول المتقدمة، وتنطلق الى رحاب الـ...... وفجأة انكفأت على وجهها – ولا مؤاخذة – وتكالبت عليها الفصائل من كل حدب وصوب في مشهد «تحرش سياسي» جماعي حقير، يذوب أمامه خجلاً جميع الصبية المتحرشين في حديقة الفسطاط، أول أيام العيد! أنشبوا كلاليبهم وأظافرهم في لحمها، «لينهضوها» من عثرتها، وهي تصرخ «مش عايزة أنهض» بالشكل ده، .. شيل ايدك يا بن الـ...، محدش بيمسك حد من هنا عشان «ينهض»!!.. عام كامل والجميع ينهش في الجسد المنكفئ، ليحقق غرضاً رخيصاً، وضاع صوت أبناء «بهية» المخلصين وسط هتافات كل الأطياف: الثائرين المستأجرين، والفلول العائدين، والمتأسلمين تجار الدين، واليساريين الحنجوريين، واليمينيين المتمصلحين، والإعلاميين المفسدين.. حتى وقع «الانقلاب» الذي كان صدمة للجميع،.. نعم «الانقلاب» الذي كاد يسقط مصر في بئر بلا قرار، «الانقلاب» الذي سيعيدنا الى عصر العبودية والتخلف والاضمحلال.
.. تستغربون.. انتظروا فالمقال القادم نتحدث.. حديث.. «الانقلاب».. فلا تستعجلوا؟!
وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.


[email protected]
[email protected]