عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

باي.. باي.. رشدي

ترى ما الذي دفع بصورة هذا الرجل إلى بؤرة تفكيري بهذا الشكل؟.. وما الذي جعل قصته تتداعى أمام ناظري كفيلم درامي ينجح «الأشرار» في التخلص من بطله الأسطوري الذي أيقظ الشعب من سباته ونجح في انقاذه من الهلاك، قبل أن يتآمر الأشرار مع الفاسدين ليضعوا نهاية تراجيدية لأسطورة الرجل الذي أزعج الكثيرين،.. وحطم أصنام الشر، وكان خطأه القاتل أنه نسي أن يصوب سهامه إلى صانع الأصنام نفسه!

انه سيادة اللواء المحترم أحمد رشدي، وزير داخلية مصر في بداية عهد حسني مبارك (17 يوليو 1984 إلى مارس 1986).
.. لن أنسى ابدا هذا اليوم من بداية شتاء عام 1984، عندما كنت عائدا من مبنى «روز اليوسف» بشارع قصر العيني، متوجها الى مبنى وكالة أنباء الشرق الاوسط بشارع هدى شعراوي،.. واثناء عبور ميدان طلعت حرب من أمام جروبي متوجها لـ«فرشة» الحاج محمد مدبولي للتزود بالزاد اليومي، وجدت من يضع يده على كتفي بهدوء قائلا بلهجة حاسمة: «خلاص مفيش عبور «عشوائي».. العبور من عند خطوط عبور المشاة اللي هناك دي، أو هتدفع غرامة فورية 2 جنيه»..
رفعت عيني للمتحدث فوجدته«لواء».. أي والله ضابط شرطة برتبة لواء يقف في الشارع نهاراً ليوجه المشاة إلى أماكن عبورهم، وبالمناسبة كانت أول وآخر مرة أسمع تعبير «العبور العشوائي» قبل أن تنتشر العشوائية» لتغلف جميع مناحي حياتنا.
المهم.. انتبهت وقتها إلى أن الميدان أصبح به فجأة خطوط بيضاء لامعة، سهر العمال لتلوينها ربما طوال الليل، وكانت تلك بداية احتكاكي باسم «اللواء أحمد رشدي وزير الداخلية».
وأعتقد أنه وزير الداخلية الوحيد الذي حظي بحب واحترام شعب مصر، والوحيد الذي كسر قاعدة كراهية المصريين لوزير داخليتهم، بل حظي اللواء رشدي بشعبية جارفة، لما عرف عنه من صرامة في الحق حتى على رجاله، ومع ذلك احترم الضباط وقتها عسكرية الرجل «الناشفة»، وأحبه العقلاء.. المحترمون..، وبغضه أشد البغض المتربحون الذين أغلق في وجوههم أبواب الرزق الحرام.
.. في خلال الـ 21 شهراً التي تولى خلالها رشدي الوزارة كان «المصريون» يعبرون الشارع من أماكن عبور المشاة، وكان قادة

السيارات يتوقفون عند الإشارة الحمراء (تصوروا.. والله حدث ذلك)،.. ولكن من كان يحاول العبور من غير الأماكن المخصصة للمشاة كان يجد «أمين شرطة» قد خرج من تحت الأرض جارياً.. لاهثاً خلفه وفي يده دفتر أبيض صغير يقطع منه ورقة المخالفة ويأخذ الجنيهين فوراً.
أما قائد السيارة الذي يتجاوز الخط العرضي امام الاشارة الحمراء فيجد «أمين الشرطة» واقفاً أمام السيارة ليرجعه خلف الخط.. ماذا وإلا!!.. والغريب أننا «انضبطنا» وفرحنا بالانضباط وقتها.
في زمن «أحمد رشدي» توقف قادة السيارات عن «تطويح» الزبالة خارج نوافذ سياراتهم لتستقر متبعثرة في عرض الطريق.
.. في زمن «أحمد رشدي» تم القضاء على كبار تجار المخدرات، والحد من دخولها إلى مصر، وارتفع سعر «قرش» الحشيش، و«شح» من السوق، وكانت معركة «الباطنية» ضربة قاضية للتجارة المحرمة.
- في زمن أحمد رشدي خرج «الباشوات» من مكاتبهم المكيفة ونزلوا الشارع من اللواء إلى الملازم،.. وشهدت العلاقة بين «الباشوات» ورجل الشارع تطوراً إيجابياً مبنياً على الحزم.. والانضباط.. والاحترام..
وانتهى الأمر بـ«أسطورة» أحمد رشدي بأن تكالب عليه أصحاب المصالح، وتجار المخدرات، وبعض الضباط الفاسدين الذين تضرروا.. وكانت أحداث «الأمن المركزي» التي انتهت باستقالة الرجل – واعتزاله، وفرح تجار المخدرات.. وأغرقوا السوق بالحشيش ماركة «باي.. باي.. رشدي»!
كم نحن بحاجة لأمثال «أحمد رشدي» الآن في الداخلية.. وكل مواقع المسؤولية في مصر المحروسة. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
[email protected]
[email protected]